الثلاثاء 29 أبريل 2025 - 11:25
مفهوم الغيبة وتاريخها

وكالة الحوزة - الغيبة والاختفاء ليست ظاهرة جديدة أو حصرية بحجة الله الأخيرة، بل يُستفاد من الروايات الكثيرة أن عددًا من الأنبياء العظام عاشوا جزءًا من حياتهم في الخفاء والغيبة، وكان ذلك لحكمة إلهية ومصلحة ربانية، وليس رغبة شخصية أو مصلحة عائلية.

وكالة أنباء الحوزة - أولًا: يُقصد بـ"الغيبة" "الاستتار عن الأبصار"، وليس عدم الحضور. إذن، نتحدث هنا عن فترة يغيب فيها الإمام المهدي عليه السلام عن أعين الناس فلا يرونه، بينما هو حاضر بينهم ويعيش في وسطهم. وقد وردت هذه الحقيقة في روايات الأئمة المعصومين عليهم السلام بتعابير متنوعة. قال الإمام علي عليه السلام: «فَوَرَبِّ عَلِيٍّ، إِنَّ حُجَّتَهَا عَلَيْهَا قَائِمَةٌ مَاشِيَةٌ فِي طُرُقِهَا، دَاخِلَةٌ فِي دُورِهَا وَقُصُورِهَا، جَوَّالَةٌ فِي شَرْقِ هَذِهِ الأَرْضِ وَغَرْبِهَا، تَسْمَعُ الكَلَامَ وَتُسَلِّمُ عَلَى الجَمَاعَةِ، تَرَى وَلَا تُرَى إِلَى الوَقْتِ وَالوَعْدِ.» (الغيبة للنعماني، ص 144)

وذُكر نوع آخر من الغيبة للإمام المهدي عليه السلام. قال الإمام الصادق عليه السلام: «إِنَّ فِي صَاحِبِ هَذَا الأَمْرِ سُنَنًا مِنَ الأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ... وَأَمَّا سُنَّتُهُ مِنْ يُوسُفَ فَالسِّتْرُ، يَجْعَلُ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الخَلْقِ حِجَابًا، يَرَوْنَهُ وَلَا يَعْرِفُونَهُ.» (كمال الدين، ج 2، ص 350)

إذن، فإن غيبة الإمام المهدي عليه السلام تكون على نوعين: في بعض الأحيان يكون مستترًا عن الأبصار. وفي أحيان أخرى يُرى لكن لا يُعرف. لكنه في كل الأحوال حاضر بين الناس.

تاريخ الغيبة

الغيبة والاختفاء ليست ظاهرة جديدة أو خاصة بحجة الله الأخيرة، بل تُشير الروايات إلى أن العديد من الأنبياء العظام عاشوا فترات من حياتهم في الخفاء، وكان ذلك لحكمة إلهية وليس لمصلحة شخصية أو عائلية.

إذن، الغيبة سُنَّة إلهية جرت في حياة أنبياء مثل: إدريس، نوح، صالح، إبراهيم، يوسف، موسى، شعيب، إلياس، سليمان، دانيال، وعيسى عليهم السلام. وقد عاش كلٌّ من هؤلاء الرسل فترة من الغيبة حسب ظروفهم.

ولهذا، ورد في الروايات أن غيبة الإمام المهدي عليه السلام هي إحدى سُنَن الأنبياء، وأن أحد أسباب غيبته هو تطبيق هذه السُّنَّة في حياته.

قال الإمام الصادق عليه السلام: «إِنَّ لِلْقَائِمِ مِنَّا غَيْبَةً يَطُولُ أَمَدُهَا. فَقُلْتُ: وَلِمَ ذَاكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ؟ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَبَى إِلَّا أَنْ يُجْرِيَ فِيهِ سُنَنَ الأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ فِي غَيْبَاتِهِمْ.» (علل الشرائع، ج 1، ص 245)

ومن هذا الكلام يتضح أن الحديث عن غيبة الإمام المهدي عليه السلام كان مطروحًا قبل ولادته بسنين طويلة، حيث تنبأ قادة الإسلام من النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم حتى الإمام العسكري عليه السلام بغيبة الإمام وذكر بعض خصائصها وما سيحدث خلالها، كما بيّنوا واجبات المؤمنين في زمن الغيبة.

وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن غيبة الإمام المهدي عليه السلام: «المَهْدِيُّ مِنْ وُلْدِي، اسْمُهُ اسْمِي، وَكُنْيَتُهُ كُنْيَتِي، أَشْبَهُ النَّاسِ بِي خَلْقًا وَخُلُقًا، تَكُونُ لَهُ غَيْبَةٌ وَحَيْرَةٌ تَضِلُّ فِيهَا الأُمَمُ، ثُمَّ يُقْبِلُ كَالشِّهَابِ الثَّاقِبِ، يَمْلَأُهَا عَدْلًا وَقِسْطًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا.» (كمال الدين، ج 1، ص 286)

وللحديث بقية في الأجزاء التالية بمشيئة الله تعالى.. والجدير بالذكر أن النص مُقتبس من كتاب "نگین آفرینش" (جوهرة الخلق) مع بعض التعديلات.

لقراءة النص باللغة الفارسية اضغط هنا.

المحرر: أ. د

المصدر: وكالة أنباء الحوزة

سمات

تعليقك

You are replying to: .
captcha