الشمس خلف السحاب

وكالة الحوزة - مسألة الغيبة لا تُنقض فلسفة ضرورة وجود الإمام المعصوم عليه السلام؛ لأن الإمام المعصوم موجودٌ أثناء الغيبة، وتصل فوائده إلى الآخرين. إنما هناك جزءٌ من منافعه لا يصل إليهم خلال فترة الغيبة بسبب تقصير الناس أنفسهم، وهنا يتحتم على الناس أن يهيئوا الظروف المناسبة لظهوره عبر الاستعداد اللازم.

وكالة أنباء الحوزة - في أحاديث الأئمة المعصومين عليهم السلام حول فوائد الإمام الغائب، ورد تشبيهٌ بديعٌ للإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف أثناء غيبته بالشمس خلف السحاب. وهذا التشبيه ـ بلا ريب ـ ينطوي على حكمةٍ بالغةٍ، لذا أشار علماء الشيعة إلى نقاطٍ قيّمة في تفسيره، نذكر بعضها:

  1. الشمس محور المجموعة الشمسية، وكذلك الإمام المهدي عليه السلام هو محور حياة البشر وأساسها.
  2. للشمس فوائد عديدة في الكون، وأحدها إنارته. وكذلك للإمام المهدي عليه السلام منافع كثيرة في نظام الخلق، والقليل منها فقط مرتبط بظهوره.
  3. السحاب يحجب وجه الشمس عن الأرض، لكنه لا يحول دون إنارتها. كذلك الغيبة تحرم الناس من رؤية الإمام مباشرةً، لكنها لا تمنع فيض نوره عليهم.
  4. تكون السحاب عارضٌ أرضي، وليس عيباً في الشمس. والغيبة أيضاً نتيجةٌ لسلوك البشر.
  5. السحاب حاجزٌ فقط لمن تحته، أما من ارتفع فوقه، فلن يعيقه. وفي الغيبة، من تجاوز شهوات الدنيا وارتقى روحياً، قد يتخطى حجاب الغيبة وينال لقاء ذلك الشمس المُستترة.
  6. الاستفادة من الشمس لا تختلف بين المؤمن بها والمنكر لها، وكذلك فوائد الإمام التكوينية تشمل الجميع بلا تفريق.
  7. الانتظار الحقيقي لزوال السحاب يكون لمن عرف فوائد الشمس، والمعرفة بالإمام في زمن الغيبة تجعل الانتظار أكثر صدقاً.

..إلخ.

فلا ريب أن استفادة المخلوقات من شمس الوجود تكون أكمل عند انعدام الحواجز، لكن هذا لا يعني أن وجود حاجزٍ أمام الشمس يلغي جميع المنافع، بل يُقلل بعضها فقط.

وجود الإمام الظاهر في عصر الحضور يعني إمكانية وصول جميع منافعه للناس. وإذا حالَ عائق دون اكتمال فيضه، فلا يعني ذلك عدم جدوى وجوده. فوجود الإمام خلف حجاب الغيبة مفيدٌ كوجودهِ في سجون الظالمين، مع فروقٍ بين النوعين من الحجابين، لكن كليهما يُحدّ من اكتمال فيض الإمام على العالَم.

إذن الغيبة لا تنفي ضرورة الإمام المعصوم عليه السلام، فهو موجودٌ وتصل بركاته، إلا أن بعضها لا يتحقق بسبب تقصير الناس، وواجبهم تهيئة الظروف لظهوره.

وللحديث بقية ستأتي في الأجزاء التالية إن شاء الله.. والجدير بالذكر أن هذا الجزء مُقتبس من كتاب "فرهنگ مهدویت" (ثقافة المهدوية) مع بعض التعديلات.

لقراءة النص باللغة الفارسية اضغط هنا.

المحرر: أ. د

المصدر: وكالة أنباء الحوزة

سمات

تعليقك

You are replying to: .
captcha