الثلاثاء 13 مايو 2025 - 11:29
شروط ومقدمات ظهور الإمام المهدي (عليه السلام)

وكالة الحوزة - كل ظاهرة في الوجود تحدث عندما تتوفر شروطها ومقدماتها، وبدون تحقق هذه المقدمات، لا يمكن لأي كائن أن يوجد.

وكالة أنباء الحوزة - لظهور الإمام المهدي (عليه السلام) شروطٌ وعلامات تُعرف بالمقدمات (الشروط) وعلامات الظهور. والفرق بينهما أن المقدمات تؤثر تأثيرًا حقيقيًا في تحقيق الظهور، بحيث إذا توفرت يتحقق ظهور الإمام، وبدونها لا يحدث الظهور. أما العلامات فلا دور لها في وقوع الظهور، بل هي مؤشرات تدل على حتميته أو اقترابه.

وبناءً على هذا الفرق، يتضح أن المقدمات والشروط أهم من العلامات؛ لذا يجب أن نركز على تهيئة المقدمات بدلًا من الانشغال ببحث العلامات، ونبذل قصارى جهدنا لتحقيقها. ولهذا سنبدأ بشرح مقدمات وشروط الظهور.

مقدمات الظهور

كل ظاهرة في العالم تحتاج إلى شروطها ومقدماتها، وبدونها يستحيل وجودها. ليست كل تربة صالحة لزراعة البذور، ولا كل مناخ مناسبًا لنمو كل نبات. لا يتوقع المزارع حصادًا جيدًا إلا إذا هيأ الظروف المناسبة لنمو المحصول.

وبالمثل، كل حدث اجتماعي يعتمد على مقدماته وشروطه. وقِيام الإمام المهدي (عليه السلام)، باعتباره أعظم حركة إصلاحية، يخضع لهذا القانون الكوني، ولن يتحقق دون توفر شروطه.

ومقصودنا من هذا الكلام ألّا يُظن أن قيام الإمام المهدي (عليه السلام) مستثنى من السنن الإلهية، أو أن حركته الإصلاحية تتم عبر المعجزة دون أسباب طبيعية، بل وفقًا لتعاليم القرآن والأئمة المعصومين (عليهم السلام)، فإن السنّة الإلهية تقتضي أن تجري أمور العالم عبر الأسباب الطبيعية.

قال الإمام الصادق (عليه السلام): «أَبَى اللَّهُ أَنْ يُجْرِيَ الْأَشْيَاءَ إِلَّا بِأَسْبَابٍ.» (الكافي، ج1، ص183)

ولا يعني هذا الكلام عدم وجود الإمدادات الغيبية في القيام المهدوي، بل المقصود أنه إلى جانب هذه الإمدادات، لا بد من توفر المقدمات والأسباب الطبيعية.

أهم مقدمات القيام والثورة العالمية للإمام المهدي (عليه السلام)

هناك أربعة مقدمات أساسية، نبحث كلًا منها على حدة:

أ. الخطة والبرنامج

كل حركة إصلاحية تحتاج إلى برنامجين:

1- برنامج شامل لمكافحة الانحرافات القائمة عبر تنظيم القوى.

2- قانون كامل يلبي جميع احتياجات المجتمع، ويضمن الحقوق الفردية والاجتماعية في نظام حكم عادل، ويحدد مسار التقدم نحو المجتمع المثالي.

وتعاليم القرآن الكريم وسنة المعصومين (عليهم السلام) – أي الإسلام الأصيل – هي أفضل قانون وبرنامج متاح لإمام العصر (عليه السلام)، وسيعمل وفق هذا المنهج الإلهي الخالد. فالقرآن نزل من لدن حكيم عليم بكل تفاصيل حياة الإنسان واحتياجاته المادية والمعنوية. وبالتالي، فإن ثورته العالمية تمتلك دعمًا قانونيًا وحضاريًا لا مثيل له، ولا تقارن بأي حركة إصلاحية أخرى. والدليل على ذلك أن العالم اليوم، بعد تجربة القوانين الوضعية، أقر بضعفها، وأصبح يتجه تدريجيًا نحو تقبُّل التشريعات السماوية.

ب. القيادة

في كل القيامات، تُعد القيادة من الأساسيات، وكلما كبرت الحركة واتسعت أهدافها، زادت الحاجة إلى قائد قدير يتناسب مع تلك الأهداف.

وفي المسار العالمي لمكافحة الظلم وإقامة العدل، يُعتبر وجود قائد واعٍ قدير، يتمتع بإدارة حكيمة وحازمة، ركنًا أساسيًا للثورة. والإمام المهدي (عليه السلام) – وهو خلاصة الأنبياء والأولياء – هو القائد الحي الحاضر لهذا القيام العظيم. فهو القائد الوحيد الذي، بفضل اتصاله بعالم الغيب، يمتلك العلم الكامل بكل شيء، وهو أعلم أهل زمانه.

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «أَلَا إِنَّهُ وَارِثُ كُلِّ عِلْمٍ وَالْمُحِيطُ بِكُلِّ فَهْمٍ.» (خطبة الغدير)

ج. الأنصار

من المقدمات الأساسية الأخرى لتحقيق الظهور وجود أنصار أكفاء لدعم القيام وإدارة شؤون الحكومة العالمية. فالثورة العالمية بقيادة إلهية تحتاج إلى أنصار بمستواها، وليس كل من ادعى النصرة يكون أهلًا لهذا المقام.

د. الاستعداد العام

عبر التاريخ، نلاحظ أن الأمة لم تكن تمتلك الاستعداد الكافي للاستفادة المثلى من وجود الأئمة (عليهم السلام). فلم يقدر الناس في كثير من الأحيان نعمة وجود المعصوم، ولم يستفيدوا من هدايته كما ينبغي. ولذلك أخفى الله تعالى حجته الأخيرة حتى يحين الوقت الذي يتوفر فيه الاستعداد الجماعي لقبوله، فيظهر ويُشرِف العالم بفيض معارفه الإلهية.

إذن، يُعد الاستعداد العام من أهم شروط ظهور المصلح الموعود، وعبره تتحقق النتائج المرجوة من حركته الإصلاحية. فالظهور سيحدث عندما يتوق الناس من أعماق قلوبهم إلى العدالة الاجتماعية، والأمن الأخلاقي والنفسي، والازدهار الروحي.

ويبلغ الشوق لرؤية الإمام ذروته عندما تدرك البشرية، بعد تجربة الأنظمة الوضعية، أن المنقذ الوحيد من الفساد هو خليفة الله في الأرض الإمام المهدي (عليه السلام)، وأن القانون الإلهي هو وحده القادر على تحقيق الحياة الطيبة. عندها سيدرك الجميع حاجتهم إلى الإمام، وسيعملون على تهيئة مقدمات ظهوره وإزالة العقبات، وحينها يأتي الفرج.

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «... حَتَّى لَا يَجِدَ الرَّجُلُ مَلْجَأً يَلْجَأُ إِلَيْهِ مِنَ الظُّلْمِ، فَيَبْعَثُ اللَّهُ رَجُلًا مِنْ عِتْرَتِي... .» (إثبات الهداة، ج5، ص244)

وللحديث بقية ستأتي في الأجزاء التالية إن شاء الله.. والجدير بالذكر أن النص مُقتبس من كتاب "نگین آفرینش" (جوهرة الخلق) مع بعض التعديلات.

لقراءة النص باللغة الفارسية اضغط هنا.

المحرر: أ. د

المصدر: وكالة أنباء الحوزة

سمات

تعليقك

You are replying to: .
captcha