الخميس 24 أبريل 2025 - 14:36
الإمامة منصب إلهي.. لا مجال للاختيار البشري

وكالة الحوزة - الحاكم المطلق على كل شيء هو الله تعالى، وعلى الجميع أن يطيعوه وحده. ومن البديهي أن هذه الحاكمية يمكن أن يُفوّضها الله تعالى إلى أي شخص وفقًا لأهليته والمصلحة. لذلك، كما أن النبي يُختار بإرادة الله، فإن الإمام أيضًا ينال ولايته على الناس بتعيين إلهي.

وكالة أنباء الحوزة - بحسب الرؤية الشيعية، فإن الإمامَ (الذي هو خليفةُ النبي) لا يتم اختياره إلا بأمر الله وتعيينه، حيث يعلن النبي عن الإمام الذي يخلفه. وبالتالي، لا يحق لأي فرد أو جماعة التدخل في هذا الأمر.

ولتنصيب الإمام من قِبَل الله تعالى حِكَمٌ عديدة، منها:

أ. كما يقول القرآن، فإن الحاكم المطلق هو الله، والجميع مُلزمون بطاعته. ومن المنطقي أن يمنح الله هذه الحاكمية لمن يراه مناسبًا وفقًا لأهليته والمصلحة. وهكذا، كما أن النبي يُختار من قبل الله، فإن الإمام أيضًا يُعيَّن بإرادة إلهية لقيادة الناس.

ب. سبق أن ذكرنا صفات الإمام، مثل العصمة والعلم وغيرهما. ومن الواضح أن تحديد شخص يمتلك هذه الصفات — وبأعلى درجاتها — لا يمكن أن يتم إلا بواسطة الله العليم بما في الصدور وما خفي عن العيون. وهذا ما تؤكده الآيات الكريمة التي تظهر أن التنصيب الإلهي هو الأصل في اختيار الأئمة والهداة عبر التاريخ؛ قال الله تعالى لإبراهيم عليه السلام: ﴿إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا﴾ (البقرة: ١٢٤) وقال عن آدم عليه السلام: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ (البقرة: ٣٠) وقال لداود عليه السلام: ﴿يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ﴾ (ص: ٢٦) وقال لنبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا﴾ (الأحزاب: ٤٥) وأيضًا قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾ (السجدة: ٢٤)، فالآيات تُثبت أن الله تعالى هو الذي يختار أئمته مباشرةً، دون تدخل بشري، مما يعني أن تعيين الإمام الهادي هو من حقوقه تعالى وحدَه.

كلمة جامعة من الإمام الرضا عليه السلام

قال الإمام الرضا عليه السلام في شأن مقام الإمام وصفاته: "... هَلْ يَعْرِفُونَ قَدْرَ الْإِمَامَةِ وَمَحَلَّهَا مِنَ الْأُمَّةِ فَيَجُوزَ فِيهَا اخْتِيَارُهُمْ؟ إِنَّ الْإِمَامَةَ أَجَلُّ قَدْرًا وَأَعْظَمُ شَأْنًا وَأَعْلَى مَكَانًا وَأَمْنَعُ جَانِبًا وَأَبْعَدُ غَوْرًا مِنْ أَنْ يَبْلُغَهَا النَّاسُ بِعُقُولِهِمْ أَوْ يَنَالُوهَا بِآرَائِهِمْ أَوْ يُقِيمُوا إِمَامًا بِاخْتِيَارِهِمْ. إِنَّ الْإِمَامَةَ أُسُّ الْإِسْلَامِ النَّامِي وَفَرْعُهُ السَّامِي، بِالْإِمَامِ تَمَامُ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ وَالْجِهَادِ، وَتَوْفِيرُ الْفَيْءِ وَالصَّدَقَاتِ، وَإِمْضَاءُ الْحُدُودِ وَالْأَحْكَامِ، وَمَنْعُ الثُّغُورِ وَالْأَطْرَافِ. الْإِمَامُ يُحِلُّ حَلَالَ اللَّهِ وَيُحَرِّمُ حَرَامَ اللَّهِ، وَيُقِيمُ حُدُودَ اللَّهِ، وَيَذُبُّ عَنْ دِينِ اللَّهِ، وَيَدْعُو إِلَى سَبِيلِ رَبِّهِ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَالْحُجَّةِ الْبَالِغَةِ. الْإِمَامُ وَاحِدُ دَهْرِهِ، لَا يُدَانِيهِ أَحَدٌ، وَلَا يُعَادِلُهُ عَالِمٌ، وَلَا يُوجَدُ مِنْهُ بَدَلٌ، وَلَا لَهُ مِثْلٌ وَلَا نَظِيرٌ، مَخْصُوصٌ بِالْفَضْلِ كُلِّهِ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ مِنْهُ لَهُ وَلَا اكْتِسَابٍ، بَلِ اخْتِصَاصٌ مِنَ الْمُفْضِلِ الْوَهَّابِ. فَمَنْ ذَا الَّذِي يَبْلُغُ مَعْرِفَةَ الْإِمَامِ أَوْ يُمْكِنُهُ اخْتِيَارُهُ؟!..." (أصول الكافي، ج١، ص١٩٨)

يُتبع هذا البحث في الأجزاء التالية بمشيئة الله تعالى.. والجدير بالذكر أن النص مُقتبس من كتاب "نگین آفرینش" (جوهرة الخلق) مع بعض التعديلات.

لقراءة النص باللغة الفارسية اضغط هنا.

المحرر: أ. د

المصدر: وكالة أنباء الحوزة

سمات

تعليقك

You are replying to: .
captcha