بحسب ما أفاد مراسل وكالة أنباء الحوزة، تم عقد ندوة بعنوان "الثورة الإسلامية؛ التقدم القائم على الاستقلال" بالتزامن مع أيام الله العشرة من فجر الثورة، في مساء يوم الاثنين ۱۵ بهمن ۱۴۰۳ هجري شمسي، بحضور حجة الإسلام و المسلمين محمد جواد نوروزي، عضو الهيئة التدريسية في مؤسسة الإمام الخميني (ره) التعليمية و البحثية، و الدكتور حميد رضا مقصودي، عضو الهيئة التدريسية في جامعة قم، و بإدارة الدكتور حسن محمدي، من قبل مركز الإعلام و الفضاء الافتراضي في الحوزات العلمية في وكالة الحوزة - قم.
نوروزي: التقدم والنمو ينبع من الثقافة
في هذه الندوة، صرح حجة الإسلام والمسلمين نوروزي قائلاً: في تحليل الثورة الإسلامية، تم دراسة عوامل متعددة، لكن المفكرين الإسلاميين يركزون على عنصر الثقافة التي تتمحور حول العناصر الإسلامية، وإذا قبلنا هذا الافتراض، فإن من الضروري توضيح العلاقة بين التقدم والثقافة بشكل عام، ويبدو أنه توجد ثلاثة أنواع من العلاقات بين هذين العنصرين.
تابع عضو الهيئة التدريسية في مؤسسة الإمام الخميني (ره): بعض الثقافات التي لا ينتج منها التقدم، مثل الثقافات التي تتسم بالعزوف عن الدنيا، و من ناحية أخرى، هناك بعض الثقافات المرتبطة بالتنمية، و لكن هذه التنمية تنبني على الأسس المادية، و هو ما نراه في المجتمعات الغربية.
و أضاف: لدراسة العلاقة بين الثقافة والتقدم، يجب فصل مكونات الثقافة المختلفة و تحليلها، حيث أن التقدم هو أحد المكونات التي يتطلب الوصول إليها الالتزام بالمبادئ الثابتة، و أي مجتمع يولي اهتمامًا لهذه المبادئ يمكنه توفير بيئة ملائمة للتقدم.
أشار عضو الهيئة التدريسية في مؤسسة الإمام الخميني (ره) إلى أن: عند دراسة الثقافة الإسلامية، يتبين أنها تحتوي على مؤشرات متعددة يمكن أن تؤدي إلى التقدم.
نوروزي تابع: الثقافة الإسلامية تتمتع بقدرة فطرية على التقدم، وهذه القدرة ستصبح قابلة للتنفيذ فقط عندما يسعى شعب المجتمع والمسؤولون إلى تحقيقها، في الواقع، إذا تم اتباع هذا المسار بشكل صحيح، فإن التقدم سيكون أمرًا حتميًا.
تأسيس نظام سياسي قائم على الشعب
أشار عضو الهيئة التدريسية في مؤسسة الإمام الخميني (ره) إلى أن الثقافة الإسلامية لها أبعاد إيجابية و سلبية، ففي البعد الإيجابي، تركز على مشاركة الشعب السياسي، تأسيس نظام سياسي قائم على الشعب، تحقيق العدالة، توفير الحريات المشروعة، و الاهتمام بالعلم والرزق، و في البعد السلبي، يتم التخلص من العزلة و الابتعاد عن الدنيا بشكل سلبي.
و أضاف: مجموعة هذه المكونات بلا شك توفر الظروف التي تجعل التنمية تنبثق من هذه الثقافة، و عند دراسة مؤشرات الثقافة الإسلامية مع النظر في مفهوم التقدم، نجد أن بعضها أساسي و مرتبط بالنتائج.
نوروزي تابع قائلاً: هناك مكونات مثل المقاومة، الصمود، الاستقلال، الهوية الدينية و الاجتماعية، الوحدة، و الانسجام الاجتماعي في الثقافة الدينية، و الاهتمام بهذه الأبعاد سيكون بلا شك تمهيدًا للتقدم.
و أكد على أهمية الثقافة الإسلامية في تحقيق التقدم، قائلاً: هذا الأمر هو نتيجة وجود القدرات الفريدة التي تكمن في هذه الثقافة. الثقافات الأخرى، بما في ذلك تلك التي تتسم بالجمود والتحجر، لا تمتلك هذه السمات، والاتباع منها لا يمكن أن يؤدي إلى تقدم حقيقي.
نوروزي أضاف: في قلب الثقافة الإسلامية، توجد نماذج مثل التوجه الروحي، والاهتمام المشترك بالأبعاد المادية والروحية، وتحقيق العدالة الحقيقية، وهذه المكونات تتجاوز المعايير المعتادة في الثقافات المادية، وتقدم نموذجًا شاملًا للتنمية الإنسانية.
أشار عضو الهيئة التدريسية في مؤسسة الإمام الخميني (ره) أيضًا إلى إحدى المؤشرات الرئيسية للتقدم، وهي الاستقلال، قائلاً: "يمكن لمجتمع ذو خصائص الثورة الإسلامية أن يمهد الطريق للتقدم فقط إذا كان يتمتع بهذه السمة.
إيران استطاعت أن تحتفظ بهوية مستقلة
و أكد على أهمية دمج الاستقلال مع التنمية قائلاً: في مختلف المجتمعات، نرى أن الدول التي كانت في وقت ثورتها في وضع مشابه لإيران في مجال التقدم، انتهت إلى التبعية، بينما استطاعت إيران الحفاظ على هوية مستقلة لنفسها.
أشار عضو الهيئة التدريسية في مؤسسة الإمام الخميني (ره) إلى أن مصر، مثل إيران، تمتلك تاريخًا حضاريًا غنيًا وكانت في الماضي جزءًا من الكتلة الشرقية، ولكن على عكس إيران، فإن مصر في فترة ثورتها اتجهت نحو التبعية ووقعت حتى اتفاقية تعاون مع النظام الصهيوني.
و أضاف: في مصر، استمر هذا المسار التبعي إلى درجة أن البلد يحتاج الآن إلى مساعدات اقتصادية من الولايات المتحدة كل عام، بينما واجهت إيران منذ بداية ثورتها الإسلامية أقسى العقوبات، بعضها كان مدمراً. و مع ذلك، لم تستسلم الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بل تمكنت من الحفاظ على مكانتها و حققت تقدمًا مذهلاً في العديد من المجالات.
نوروزي، مشيرًا إلى مقارنة القدرات الثقافية ومدى تقدم الدول، أضاف: بعد أربعة عقود من الثورة الإسلامية، أصبحت إيران من بين أفضل عشر دول في العالم في مختلف المعايير التي تتعلق بالتقدم.
النجاحات الإيرانية في ظل الحفاظ على الاستقلال
و أشار إلى أن هذه النجاحات تحققت في الغالب في ظل الحفاظ على الاستقلال، و قال: الاستقلال الثقافي كان أحد أهم أركان هذه النجاحات و له دور حاسم في نجاحات البلاد. و قد صرح قائد الثورة في خطابه الأخير أن الجمهورية الإسلامية هي الدولة الوحيدة التي تستطيع بحرية و دون خوف أن ترفع شعار "الموت لأمريكا".
و أكد عضو الهيئة التدريسية في مؤسسة الإمام الخميني (ره) أن السعي نحو الاستقلال ليس فقط جزءًا لا يتجزأ من الثقافة الإسلامية، بل هو أيضًا تجسيد واضح في الهوية الفردية والاجتماعية للمجتمع. على المستوى الوطني، يعني هذا الاستقلال الابتعاد عن الاعتماد على الأجانب والتركيز على الإمكانيات الداخلية، بالإضافة إلى أن المؤسسات والهيئات في البلاد يجب أن تواصل اتباع السياسات القائمة على الاستقلال بجدية.
كفاءة الفكر الثوري الإسلامي وقال نوروزي
السعي نحو الاستقلال لم يعزز هوية الأمة الإسلامية على المستوى الإقليمي فحسب، بل ساعد أيضًا في خلق هوية قوية للمستضعفين في جميع أنحاء العالم. كما أكد قائد الثورة على أنه حيثما تم تطبيق القيم الإسلامية، تحققت نتائج إيجابية. وهذا يعكس كفاءة الفكر الثوري الإسلامي، رغم أنه أشار أيضًا إلى وجود بعض النقائص. بعض الطبقات الإدارية وصانعي القرار لا يزالون متأثرين بالأفكار الليبرالية التي تتناقض مع مبدأ الاستقلال.
و أضاف: على الرغم من أن بعض المجالات شهدت تقدمًا ملحوظًا نحو قمة التقدم، فإن السرعة اللازمة لتحقيق هذه الأهداف أحيانًا تكون أقل من المتوقع بسبب ضعف الإدارة وقلة الدعم اللازم.
و أشار إلى أن دخول الثورة الإسلامية في المجال النووي كان نتيجة للاستقلال، لأن الحكومة التي تعتمد على الآخرين لا يمكنها تجربة الاستقلال الحقيقي. الغرب، من خلال سياساته الاستعمارية وثقافة الهيمنة، خاصة بعد الحرب العالمية الثانية، حاول تصميم المعايير والمؤشرات العالمية وتقييم الدول بناءً عليها.
قبول الإطارات الغربية ممنوع
و أضاف نوروزي من الضروري في إطار الاستقلال أن يتم تعريف المؤشرات المطلوبة في مختلف المجالات بناءً على أهدافنا و قيمنا الإسلامية الخاصة بنا، و الابتعاد عن قبول الإطارات الغربية التي تم تصميمها بناءً على ثقافتها.
و أكد: ثورة الإسلام سعت إلى تطبيق مفهوم الاستقلال ليس فقط على المستوى النظري الإسلامي، بل على المستوى الاجتماعي أيضًا، و تم تصميم هذا بطريقة لا تؤثر على المعتقدات الأساسية لها.
و تابع عضو الهيئة التدريسية في مؤسسة الإمام الخميني (ره): إيران متهمة في مجال حقوق الإنسان، و لكن هذه التهم تُطرح بناءً على مؤشرات غربية، و إذا تم صياغة هذه المؤشرات بناءً على العقلانية، يمكن لإيران وجبهة المقاومة أن تكون في المقدمة.
و أشار إلى القدرات الموجودة في الثقافة الإسلامية قائلاً: منذ بداية الثورة، شهدنا هجمات واسعة النطاق من القوى الغربية، سواء كانت على المستوى الصلب أو الناعم، وما زال هذا الهجوم مستمرًا.
الجهاد التبيين كاستراتيجية أساسية للتغلب على الهجوم الإعلامي للعدو
و أكد نوروزي أن الجهاد التوضيحي هو استراتيجية أساسية للتغلب على الهجوم الإعلامي للعدو، و هذا المفهوم متجذر في عمق ثقافة الثورة الإسلامية، و قال: في العقد الأخير، مع تطور التقنيات السمعية و البصرية، شهدنا موجة واسعة من الهجمات الإعلامية من قبل الغرب، و هو أمر ليس له نظير في العالم.
الحوار المستقل للثورة الإسلامية
أكد عضو الهيئة التدريسية في مؤسسة الإمام الخميني (ره) التعليمية والبحثية، قائلاً: إن الخطاب المستقل للثورة الإسلامية، بالاعتماد على قدراتها الذاتية، قد شكل تحديًا كبيرًا للغرب، و قد ظهرت آثاره بوضوح. من أهم القضايا التي طرحها قائد الثورة في مجال الاستقلال هي مكافحة المنتجات الثقافية والإعلامية الغربية من خلال "الجهاد التبييني.
مقصودي: الاقتصاد مرتبط بشكل عميق بالقضايا الثقافية
أشار الدكتور حميدرضا مقصودي، عضو الهيئة التدريسية في جامعة قم، في هذا اللقاء إلى أن كل بنية تحتية ثقافية تلعب دورًا رئيسيًا في تشكيل الاقتصاد، وأن إحداث تغييرات جذرية في الاقتصاد دون تحولات ثقافية أمر مستحيل، وقال: الاقتصاد مرتبط بشكل عميق بالثقافة ويعد جزءًا من النظام الثقافي الذي يظهر تأثيره المباشر على معيشة وحياة الناس.
أضاف عضو الهيئة التدريسية في جامعة قم: إن أسلوب الحياة، و المعتقدات، و اهتمامات الناس تُشكل نوعًا خاصًا من العلاقات الاجتماعية التي تؤدي في النهاية إلى نتائج اقتصادية، كما أن هناك ثقافة عالمية واحدة أو موحدة، ولكن في العديد من الفترات، كانت بعض الثقافات أو الاقتصادات هيمنت ثم تراجعت، وهذا مرتبط بالجذور الثقافية.
الثورة الإسلامية قائمة على نظام ثقافي
و قال مقصودي: لقد تأسست الثورة الإسلامية على نظام ثقافي، وقد تناول الإمام الخميني (ره) تأثير الثقافة المباشر في المجال الاقتصادي من خلال استخدام كلمات مثل المستضعفين، والمستكبرين، والطغاة، حيث شكلوا حركة ثقافية عميقة كان لها أهداف اقتصادية أيضًا.
في الأربع سنوات الماضية، اختفى ۳۰۰ ألف طفل في أمريكا
انتقد مقصودي الوضع الحالي في العالم الغربي وقال: أعلن وزير الصحة في حكومة ترامب أن ۳۰۰ ألف طفل اختفوا في أمريكا خلال السنوات الأربع الماضية؛ وهو رقم صادم، ويصعب مقارنته مع عدد سكان إيران، و وفقًا لما قاله، فإن هؤلاء الأطفال كانوا ضحايا الاتجار بالبشر و الاستغلال الجنسي؛ و هذه مأساة كبيرة للمجتمع البشري.
و أشار مقصودي إلى دور النظام الثقافي و قال: إذا نشأ الأطفال في بيئة بلا انتماء و تماسك، فإن النتائج الناتجة عن هذه الأزمة الثقافية العالمية ستخلق عالماً مرعبًا، و الظروف النفسية و الاجتماعية في العالم الغربي هي مثال واضح على آثار هذا النظام الثقافي المدمر.
العام الماضي، توفي ۴۰۷ آلاف شخص في أمريكا وأوروبا بسبب البرد
أضاف مقصودي: أفادت الاتحاد الأوروبي العام الماضي أن ۴۰۷ آلاف شخص توفوا في أمريكا وأوروبا بسبب البرد، وهذه الكوارث تبرز فشل الأنظمة الاقتصادية والثقافية في الغرب.
أكد عضو الهيئة التدريسية في جامعة قم قائلاً: "على الرغم من أن الثورة الإسلامية قد حققت تقدمًا في مختلف المجالات، إلا أن الجبهة المقابلة لا تزال تسعى إلى عزل الجمهورية الإسلامية من خلال إنكار الحقائق، ومع ذلك، ترى الثورة الإسلامية نفسها داعمة للمستضعفين، وحالتهم في إيران أفضل بكثير مقارنة بالعديد من البلدان الأخرى."
الثورة الإسلامية قدّمت نظامًا قيمياً يعتمد على الأخلاق
و أكد مقصودي قائلاً: اليوم، لا يوجد معنى للموت بسبب الجوع في إيران، بينما لا يزال هذا المشكلة تؤرق المجتمعات الغربية، و قد قدمت الثورة الإسلامية أيضًا نظامًا قيميا يعتمد على الأخلاق، و هو مغاير تمامًا للمعتقدات العلمانية في الغرب.
۶۰ ألف مشرد في لوس أنجلوس
و أشار عضو الهيئة التدريسية في جامعة قم إلى أزمة المشردين قائلاً: هناك ۶۰ ألف مشرد في لوس أنجلوس، بينما هذا الرقم في إيران قليل جدًا، و هذه هي واحدة من مؤشرات التقدم في إيران الإسلامية مقارنة بالدول الأوروبية و الأمريكية.
و أكد مقصودي: يجب علينا تحديد مؤشرات دقيقة لعرض هذه الإنجازات، ومعرفة كيف أن القوى الاستعمارية قد أبقت العالم في الظلام من خلال سرقة العلم والسيطرة، حتى تتمكن من التقدم.
%۶۷ من الإيرانيين يعيشون في منازلهم الخاصة؛ في ألمانيا ۴۵%
و قال عضو الهيئة التدريسية في جامعة قم: ۶۷% من الإيرانيين يعيشون في منازلهم الخاصة، و ۱۰% يعيشون في منازل حكومية أو منزل الأب أو مجانًا، و ۱۰% آخرون يعيشون في منازل يُطلق عليها اسم 'منازل ذهنية'، و البقية مستأجرون، بينما في ألمانيا، لا يملك سوى ۴۵% من الناس منازلهم، وكثير من منازلهم تفتقر إلى المطابخ، رغم أن ألمانيا تعد دولة متقدمة ومتطورة.
اعترف عضو الهيئة التدريسية في جامعة قم قائلاً: في إيران، هناك ۲۲ مليون امرأة ربة منزل، و بعضهن عاملات، وهذا يدل على المكانة الثقافية العالية للبلد، و تحتل إيران مكانة جيدة في هذا المؤشر على مستوى العالم
و أضاف عضو الهيئة التدريسية في جامعة قم: أوروبا قد أبقت بعض الدول في حالة تبعية و ظلام فكري، و من أجل تحليل مفهوم التقدم في الثورة بناءً على عقيدة المقاومة، من الضروري أن نأخذ بعين الاعتبار واقعيات العالم.
و أكد مقصودي قائلاً: المؤشرات الحديثة لا تتمتع بالشمولية الكافية، و غالبًا ما تكون هذه المنهجيات مبنية على الكمّيات. يجب أن تصمم و تُعدّ المؤشرات بناءً على المقاومة و المبادئ الخاصة بالعقائد الإسلامية
و أشار عضو هيئة التدريس في جامعة قم إلى أن أوروبا أبقت بعض الدول في حالة من التبعية و الظلام الفكري، و قال: لتحليل مفهوم التقدم في الثورة على أساس عقيدة المقاومة لابد من الاهتمام بـحقائق العالم.
و أكد مقصودي: أن المؤشرات الحديثة ليست شاملة بما فيه الكفاية و غالباً ما تتشكل هذه المناهج على أساس الكميات. و ينبغي تصميم المؤشرات و تجميعها على أساس المقاومة و مبادئ التعاليم الإسلامية.
تعليقك