أفاد مراسل وكالة أنباء الحوزة، أنّ آية الله علي رضا الأعرافي مدير الحوزات العلميّة في إيران قد أصدر قراراً يقضي بتعيين حجة الإسلام الحاج شیخ حبیب الله غفوري مساعداً خاص له في مكافحة فيروس كورونا المستجد، وجاء نص القرار كالتالي:
بسم الله الرّحمن الرّحيم
بلطف الله تبارك وتعالى وعناية وشفاعة الرسول الأكرم (ص) والأئمة الهدى(ع) خاصة سيدنا صاحب العصر والزمان (أرواحنا له الفداء)، ونظراً للأهمية الاستراتيجية الشاملة وضرورة التنسيق لمواجهة تحديات فيروس كورونا (كوفيد 19)، ونظراً للمهام الجسام الملقاة على عاتق الحوزة ورسالتها العظيمة المصيرية في مواجهة هذا البلاء تم تكليف سماحتكم بصفة المساعد الخاص في مكافحة فيروس كورونا وإدارة كل ما يتعلق بهذا الامر بعد الأخذ بعين الاعتبار تجاربكم وفضائلكم وجميع مؤهلاتكم، وفي هذا السياق لابد لي من أن أتوجه بفائق الشكر والأمتنان لأعضاء خلية الأزمة في الحوزة وجميع الدوائر والمراكز المرتبطة وغير المرتبطة بها الفعالة في هذه المجال.
إضافة إلى ما طرح من توجيهات ومواقف سابقة وما تقرر من قبل خلية الأزمة في الحوزة والخطط التي اتخذناها في المجالات العلمية والثقافية لا بد لنا من التركيز على بعض النقاط المهمة، وهي:
1- أسوة بالسيد القائد والمراجع العظام دامت بركاتهم أكدت الحوزة في الأساس على أهمية تنظيم جميع الأمور والخطط بناء على رؤى وتوصيات الخبراء والمختصين والمسؤولين، وقد كانت الحوزة بجميع كوادرها ومؤسساتها ومراكزها منذ البداية في المقدمة بالمشاركة والتكافل وخلافاُ لبعض الآراء الخبيثة والملتوية والشبهات المغرضة لأعداء علماء الدين والحوزة فقد كان التنسيق كاملاً في جميع الأمور منها الإجازات وحضور طلبة العلوم الدينية الكرام والمناضلون في المستشفيات وباقي الأماكن ولم يكن للحوزة العلمية في قم المقدسة حول موضوع الحجر الصحي أي رأي أو ممانعة وكانوا جميعاً ولا زالوا تحت راية القرارات القانونية المهنية والتخصصية والوطنية وسيستمرون على هذا المبدأ.
2- إظهار مثل هذه الحوادث والإبتلاءات وفلسفتها وأسرارها وكيفية مواجهتها بصدق وعقلانية إنطلاقاً من المنطق السامي للإسلام وإبرازه وترويجه هو واجب الحوزة ولا ينبغي إهماله، كما أن الرؤية المنيرة وعلم اللاهوت وكلام الوحي الفكري الإسلامي أجابوا على جميع الأسئلة ووجهوا جميع الافكار آخذين الوحي والعقل والعلم بعين الإعتبار ولم ولن يكونوا أسرى للقطبين الوهميين الفاصلين بين العلم والدين والعلاج والدعاء أيضاً، والإنسان المؤمن أيضاً في منطق الإسلام يهتم بالنظام الصحي والعلاج ومن الناحية الفقهية فهو ملتزم بأحكام الشريعة الإسلامية في هذا الصدد متعبراً في الوقت ذاته أن السلطة الإلهية هي السائدة وأنها الأعلى فيرفع يده للتوسل والدعاء لله تعالى جالعاً أولياء الله شفعاء له راضياً بالمشيئة الإلهية والقضاء والقدر والسببية دون أن يغفل عن الإمدادات الغيبية الإلهية، في المنظور الإسلامي فإن هذه الحوادث هي المنذرة والموجدة المعرفة للبداءة والميعاد كما أنها سبب في التطور العلمي للبشر وكذلك هي ساحة امتحان وتجلي للخصال الإنسانية والإجتماعية وإزدهار روح التعاضد والإيثار والتضحية والروح التعبدية والمعنوية وإصلاح النفس والتضرع إلى الله تعالى.
3- إن تعزيز الأسس والتقنيات العلمية للتغلب على تحديات هذا الوباء والفوضى الناشئة عنه من جهة والعمل على تعزيز البنى التحتية الثقافية والإجتماعية والدينية والأخلاقية وإرساء الأسس الروحية والمعنوية في المجتمع من جهة أخرى هي مهمة تقع على عاتق النخب والمثقفين والعلماء والمسؤولين والحوزات العلمية والجامعات، وتكون مسؤولية علماء الدين والحوزات العلمية بشكل خاص مضاعفة في مجالات عدة منها الاجتماعية والثقافية والدينية والإنعكاسات المستقبلية وهذا الأمر يتطلب التخطيط والمتابعة، والتعامل معه يحتاج أيضاً إلى رؤية شاملة مشتركة وتعاون وتعاضد الجميع.
4- لا يجب أن يتوقف النظام العلمي والتعليمي في الحوزات العلمية أو يتراجع بهذه الأحداث بل ينبغي الاستفادة من جميع الوسائل والتقنيات والفضاء الإلكتروني لاستمرارهها، ولابد من مواصلة المسار الذي بدأ والإرتقاء به كما يجب، وتعزيز العمل بنطاق الفضاء الإلكتروني في الحوزات العلمية، بحمد لله مضت الحوزة بسرعة في هذا الاتجاه، ويسير القسم الأكبر من النظام التعليمي للحوزة في الوقت الحاضر وبمساعدة الأصدقاء المميزين والمبدعين وجهودهم في الفضاء الإلكتروني على هذا النحو، وهذه الجهود تستحق الثناء وفي ذات الوقت لابد من الاستمرار بتطويره.
5- يجب أن لا تؤدي هذه الأحداث إلى توقف أو ركود عملية التبليغ والتوجيه الديني والإرشاد الثقافي، وأن يتولى رجال الدين والحوزات العلمية والهيئات المسؤولة السعي للوصول إلى آفاق وطرق جديدة بالتنسيق والتخطيط الحديثين وبالإستفادة من الأساليب والطرق المبتكرة.
6- لابد من تسهيل جميع الأنظمة الإدارية وتبسيطها وجعلها أكثر مرونة في دعم وخدمة طلاب الحوزة وأساتذتها المحترمين، وقد تم بفضل الله تعالى تحقيق بعض الخطوات في هذا الصدد وفي مجال المنح الشهرية كان للمراجع العظام دام ظلهم الوارف الدور الأبرز، نأمل أن يتم الإسفتادة من هذه الفرصة لتغيير النظام الإداري والخدمي بشكل جذري.
7- جاء حضور الطلبة الأعزاء والشباب المندفعين والمجاميع الجهادية الفعالة والمبلغة والمؤسسات الحوزوية في قم المقدسة وباقي المحافظات الأخرى في مجال الإعانة والإستشارات وجميع الشؤون الإغاثية والثقافية والإجتماعية والدينية الأخرى في هذه الأزمة بكل شجاعة وتضحية كما في الأحداث السابقة، فقد وقفوا مع الكوادر الطبية والعلاجية وموظفو المستشفيات والمسؤولين وقوات التعبئة الشعبية والقوات المسلحة جنباً إلى جنب وهذا مصدر فخر.
إن وقوف هؤلاء العظماء والأعزاء معنا بصف واحد في حركتهم وجهودهم ومساعيهم يستحق الثناء والتكريم، كما ينبغي الاستقاء من أفكارهم ورؤاهم لتحقيق أقصى إستفادة ممكنة في جميع الجوانب والمجالات خدمة للشعب الإيراني العظيم. بالتأكيد شعبنا يعلم جيداً أن الحوزات العلمية وعلمائها الأجلاء لا يفكرون سوى بما يخدمهم وكانوا وسيبقون دائماً معها وإلى جانبها في كل مكان وزمان.
8- إن تمكين القدرات والطاقات الكثيرة والقيمة للمراكز العلمية والمتخصصة والشخصيات الحوزوية الخبيرة والمثقفة الحاذقة في المجالات المرتبطة هو بحث آخر يحتاج إلى التخطيط والترتيب لكي يوكل إليهم توضيح الحقائق ومعرفة كيفية حل المعضلات الفكرية والإجابة على المسائل.
9- علينا الاهتمام بالطاقات الهائلة الموجودة في الحوزات العلمية على صعيد المحافظات وكافة أنحاء البلاد ويجب استثمارها لبلوغ الأهداف المنشودة ويعد التواصل والتنسيق معها أمراً ضرورياً ولابد من الإشادة بخدماتهم. كما يجب على مدراء المحافظات والمدارس والمراكز في جميع أنحاء البلاد بذل قصارى جهودهم لحماية ودعم الحوزات العلمية وخدمة الشعب بصدق وتفان وذلك بالتنسيق والتعاون مع المؤسسات الحوزوية والثقافية.
10- يعد اغتنام هذه الفرصة من أجل التقدم العلمي والمعنوي والثقافي وتعزيز الأسس الأخلاقية الإسلامية والفضائل الإنسانية الاجتماعية وبث روح النضال والمقاومة أمراً يحتاج إلى تفكير وتدبر من قبل الجميع وتعميقها يتطلب الإصرار والتخطيط والعزيمة.
11- قدم الأعداء والحاقدين على البلد والثورة الإسلامية والدين في هذا الإختبار أسوء ما لديهم في الوقت الحاضر، وجعلوا من هذه الظروف العصيبة أداة صبوا من خلالها جام حقدهم على الصعيد الديني والسياسي والإقتصادي والاجتماعي وحاولوا النيل من الأمة والثورة الإسلامية إلا أن أمتنا الكبيرة والفرق الصحية العظيمة وقوات التعبئة الشعبية والباسيج والقوات المسلحة وجميع فئات المجتمع ستخرج مرة أخرى من هذه المحنة منتصرة حتماً، وسيأخذون من هذا البلاء دروساً وعبر وسيحولون آمال الأعداء إلى خيبات وهزائم، ووفقا لتوصيات قائد الثورة الإسلامية دام ظله لا بد من تحويل هذا البلاء المفجع إلى فرصة لتعزيز قدرات الدفاع المدني والتأهب والاستعداد التام لمواجهة أي تهديد بيولوجي ويجب أن يكون للحوزة العلمية دوراً مهماً في هذا المجال.
12- إن جميع مديريات الحوزة وادارة خلية الازمة في المركز وشتى انحاء البلاد مكلفون بالتعاون مع جنابكم الكريم وإدارة الخلية، كما نوصيكم بالتعاون والتنسيق التام مع المؤسسات والدوائر المعنية وكذلك مكاتب المراجع العظام والمراكز العلمية والثقافية التابعة للحوزة.
13- يجب علينا من الآن فصاعداً التفكير فيما بعد كورونا والتهيئة والإستعداد لذلك وهذا الأمر يتطلب البصيرة والتخطيط الإستراتيجي.
وفي النهاية أتقدم بفائق الشكر والتقدير للجميع واتنمى من صميم قلبي الصحة والسلامة لجميع المناضلين لا سيما الكوادر الطبية والعلاجية والعاملين في المستشفيات والمقرات الوطنية والمسؤولين القديرين والطلبة وعلماء الدين وعناصر الباسيج في قم المقدسة وسائر أنحاء البلاد لاسيما خلية الأزمة في الحوزة ومديرها القدير وجميع المؤسسات والمراكز والمدارس الحوزية، في الختام أدعو الله سبحانه وتعالى أن يزيل هذا البلاء عن إيران والمنطقة والعالم وأن ينعم على الجمهورية الإسلامية والشعب الإيراني العظيم بالصحة والأمن والسلام والعزة والانتصار.
آية الله الأعرافي
مدیر الحوزات العلميّة في إيران