۲ آذر ۱۴۰۳ |۲۰ جمادی‌الاول ۱۴۴۶ | Nov 22, 2024
سماحة حجة الإسلام والمسلمين السيد هاشم الحيدري

وكالة الحوزة ـ أجرى الباحث الإسلامي العراقي سماحة السيد هاشم الحيدري سلسلة حوارات حول قضية عاشوراء والنهج الحسيني، إذ تطرق في القسم الرابع من الحلقة الرابعة إلى أن نصرة الحق ليست الخطوة الأخيرة للوصول إلى النصرالإلهي، مبينا أن  الأمر بحاجة إلى ثبات واستقامة.

أفادت وكالة أنباء الحوزة أن الباحث الإسلامي العراقي سماحة السيد هاشم الحيدري أجرى سلسلة حوارات حول قضية عاشوراء والنهج الحسيني،  إذ تطرق في القسم الرابع من الحلقة الرابعة إلى أن نصرة الحق ليست الخطوة الأخيرة للوصول إلى النصرالإلهي، مبينا أن  الأمر بحاجة إلى ثبات واستقامة، وفيما يلي نص الحوار.
المقدم: سماحة السيد، يتصور أكثر الناس أن نصرة الحق واتباعه هي الخطوة الأخيرة، لماذا أولاً هذا التصور الموجود عند اغلب الناس؟ وإن لم تكن هي الخطوة الأخيرة فما هي الخطوة التي تأتي بعد نصرة الحق؟ ولماذا نصرة الحق ليست هي الخطوة الأخيرة للوصول إلى النصر الالهي؟ 
السيد: الكثير من الناس عندما يأتون إلى الحق يريدون إنجاز القضية بسرعة، والمهم عندهم أن يأتي النصر، ولكن ما هو الشيء المطلوب بعد ذلك؟ يطرح القران عنواناً آخر وهو الاستقامة. فالنصرة جيدة ولكن الأصعب هي مواصلة الطريق، إذ تارة تستغرق المواجهة ساعات وتارة سنوات، وأحياناً هذه الساعات تعدل تلك السنوات، ولكن الأصل هو قرار الإنسان وإيمان الإنسان وعمق الإنسان. فإن القرآن الكريم يعد بالنصر قائلاً: ﴿إِنْتَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ﴾، وهذا وعد إلهي وليس مزاحاً، ولكن الله في آية أخرى يقول: ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ﴾، فالنصر آت لا محالة، ولكن الصبر صعب؛ ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا﴾ وتعرفون في اللغة العربية أن «ثم» يعني فيها تتابع، كما نقول: جاء زيد ثم عمر، وهذه الـ«ثم» هي التي تسقط فيها الأمم دائماً. وهذا التتابع في ثم الذي جاء في هذه الآية قد يطول ساعات وقد يطول أيام وقد يطول أشهراً، فكل إنسان عنده طاقه وتحمل، لذلك أنا أعتقد أنّ امتحان كربلاء وامتحان عاشوراء ليس في يوم العاشر، وإنما بدأ من المدينة ثم في مكة وفي ليلة العاشر وهي من أصعب الامتحانات. فلو قال لك القائد وأنت وصلت إلى الذروة: أنت في حلّ من بيعتي، يكون الامتحان صعب جداً، وأما يوم العاشر فهو يوم النتائج وليس الامتحان. 
يجب باعتقادي أن نوطّن أنفسنا على الاستقامة وعلى الثبات. ولذلك عنوان الاستقامة هو العنوان الذي يجلب النصر. إذن فالخطوة الرابعة بعد البحث عن الحق وبعد معرفته وبعد نصرته هي البقاء والثبات والاستقامة. لقد طالت حرب الجمهورية الإسلامية مع العراق 8 سنوات، في حين طالت معركة صفين بين أمير المؤمنين ومعاوية سنة وعدة أشهر بحسب الروايات، ومع ذلك بدأ أصحابه يبدون ضجرهم وتبرّمهم. 
إذن فالاستقامة صعبة على الدوام. الاستقامة تعني عدم انخفاض مستوى المعنويات وبقائها عالية. . الاستقامة تعني الثبات في طريق الجهاد. . الاستقامة تعني عدم السقوط أمام التهديدات والترغيبات، فالاستقامة لا تقتصر على التهديد، بل لا بد من الاستقامة أمام الترغيب أيضاً وأمام الدولار. . الاستقامة تعني عدم الانشغال بالمصالح الذاتية، فأحياناً أنا أقاتل وعندي شركة وعندي بيت، ولكن أن أقاتل ولا من رواتب ولا من إمكانيات مادية فهذه تحتاج إلى استقامة. . بل الاستقامة في بعض الأحيان تعني أن تعطي أنت مالاً ودماً وماء وجهٍ وتأتي بالأطفال والنساء كما فعل الإمام الحسين (ع). . الاستقامة أكثر من ذلك تعني الاستبشار بالشهادة وتعني الاستبشار بالنصر أيضاً، فلا بد أن نستعد لأي واحدة منهما إما النصر وإما الشهادة. ولذلك يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾، لم يقل الله بأنه مع المقاتلين ومع المجاهدين؛ نعم هو معهم ولكن المجاهد الصابر والمقاتل الصابر والمقاوم الصابر والمصلي الصابر. فإن شرط الصبر ضروري جداً، ولكن أرجع وأقول قد تنتهي المعركة وينتهي الامتحان بساعات وقد ينتهي بسنوات، ولكن في كلتاهما هناك حاجة ماسة إلى الصبر، فهو النجاة وهو الوصول إلى الحق وإلى نهاية المطاف. 
بدأت في لبنان منذ سنة 1982 حرباً أهلية شرسة، ودبّ الاختلاف في لبنان بين بعضهم الآخر، رغم وجود إسرائيل. بيد أنّ حزب الله شخّص العدو منذ البداية، ولم يدخل في الصراعات، فإن العدو إسرائيل، وهذا بأمر الولي. . هنا جاءت التسعينات واستشهد السيد عباس الموسوي وكانت هذه كسرة صعبة، ولكن حزب الله استفاد من هذ الدم وأبدله إلى فرصة، فجاء بأمين جديد وهو السيد حسن نصر الله، وهو اسم على مسمى، حيث جاء النصر معه أكثر فأكثر. واستمر الحال إلى الألفين، وأنا باعتقادي بعد الألفين كانت الصعوبة أكثر، لأنه حينما يكون جهاد ودماء تستطيع أن تصبّر شعبك، أما الآن فلا من دماء ولا من شهداء إلا في بعض الأحيان وهذا أصعب، والجمهورية الإسلامية مرت بهذه المرحلة بعد الحرب المفروضة في الدفاع المقدس. 
لقد انطلق حزب الله كحزب عقائدي، حزب يلتزم بالتكليف، حزب يخوض الحرب بإنصاف وبإخلاص، ويخوض السلم أيضاً بإخلاص. في سنة 2006 حيث الهجوم الإسرائيلي المهول والمدمّر، نقل لي سماحة السيد في لقاء خاص قائلاً: نحن في كل عام نطلق هذا الشعار «ألا وإن الدعي بن الدعي قد ركز بين اثنتين، بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة» ولكن شعرت بها حقيقة هنا، إذ جاء الخبر من الأمريكان أن نسلم السلاح، لينتهي كل شيء ويتم إيقاف الحرب، ولكن أن تتخذ قرار المواصلة والاستقامة فهذا صعب، وهو يتحمل الدماء وهذا يحتاج إلى صبر وإلى يقين وإلى استقامة طبعاً مع القائد الذي من خلفه، وهذه الاستقامة هي التي أدت إلى نصر تموز وما بعدها وإلى اليوم. إذن حزب الله مثال رائع للاستقامة والصبر والثبات، وبالطبع المثال الأكبر هو الجمهورية الإسلامية. 
فالنتيجة هي أن الأمة إذا تخلت عن الاستقامة يبقى القائد لوحده، وإذا تركت الأمة قائدها يصبح جليس الدار. فلربما تحقق الأمة الخطوة الأولى والثانية والثالثة والرابعة، يعني تفتش وتعرف وتنصر وتستقيم، ولكن في الاستقامة إذا تأخر النصر، قد تتلكأ الأمة وترجع القهقرى. ولذلك قد يضطر الإمام الحسن المجتبى (ع) إلى توقيع الصلح، فالأصحاب كانوا معه ولكن لم يستقيموا. فالأمة إذا تركت القائد إما أن يجلس في البيت، وإما أن يوقع، وإما أن يستشهد كما الامام الحسين (ع). طبعاً الفرق هنا أن الإمام الحسين (ع) هو بالأساس لم يجد الأمة بل وجد الثلة القليلة فقام بها، وهو لم يقم لأجل حكم أو شهادة، بل قام لأجل إنقاذ وخلاص الأمة والإصلاح. 
علماً بأن المشكلة هي أن الأمة لا تعلم الغيب، وكلنا لا نعلم الغيب، فلو علمنا أن النصر يأتي في هذا الشهر وفي هذا اليوم وفي هذه الساعة نصبر ونتحمل، فهي ليست مباراة كرة قد حتى نعرف أنها تسعين دقيقة، ولذلك الامتحان هنا يصعب، إذ يجب أن نستقيم إلى نهاية المطاف، ونحن لا نعلم أين هي نهاية المطاف، وكيف هي نهاية المطاف، ولذلك يبقى الإنسان هو والتكليف. ونرجع إلى الهدف وإلى قيام الأمة وقيام الأصحاب وقيام الإمام الحسين (ع) وقيام الإمام الخميني، حيث كان من إجل الإنقاذ، فإذا صلح الهدف، بمعنى أن الأساس كان صحيحاً، سهلت الاستقامة، كما بالنسبة إلى حزب الله، فإنه قام من البداية وهو لا يعلم أنّ النصر آتٍ أم لا، وكان المهم عنده أداء التكليف، والقيام بهذا الواجب الصعب الذي قال عنه الإمام القائد بأنه أهم حتى من الحكومة، فالمهم أن تؤدي هذا الواجب ولا تهم بعد النتيجة سواء كانت الحكم أو النصر أو الشهادة. فإنك أمام الله تكون قد أديت التكليف، وعلى حد قول الإمام الخميني، من يؤدي التكليف فهو المنتصر وهو الفاتح. 
أنا اعتقد بأن هذه النقطة مركزية، فالكثير من شعوبنا والكثير من مؤمنينا والكثير ممن كانوا عبر هذه القرون الطويلة، واجهوا صعوبة في امتحان معرفة الحق ونصرته ولكن الأصعب هو امتحان الاستقامة. وبالتالي فالدنيا دار امتحان وابتلاء، ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّ كُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾. 

 

ارسال التعليق

You are replying to: .
captcha