أفادت وكالة أنباء الحوزة أن الباحث الإسلامي العراقي سماحة السيد هاشم الحيدري أجرى سلسلة حوارات حول قضية عاشوراء والنهج الحسيني، إذ تطرق في القسم الثاني من الحلقة الثالثة إلى قضية تأثير الحركتين؛ حركة الإمام الحسين (ع) وحركة الإمام الخميني (قدس سره) على مستوى العالم والأمة الإسلامية، وفيما يلي نص الحوار.
المقدم: سماحة السيد ما هو تأثير الحركتين؛ حركة الإمام الحسين (ع) وحركة الإمام الخميني (قدس سره) على مستوى العالم والأمة الإسلامية؟
سماحة السيد: نعم هنا لابد أن نعطي التأثير لأصل الثورة وليس للنتيجة كما ذكرنا في قضية الإمام الحسين (ع)، رغم أن الإمام الحسين واجه الشهادة وكان مستعداً للشهادة هو وأصحابه، ولكن أنتج هذا التأثير المبهر العجيب. إذن الهدف كان هو المؤثر؛ يعني أداء الواجب هو صاحب التأثير. نعم الشهادة لها تأثيرها كدمٍ والحكومة لها تأثيرها كنتيجة، ولا إشكال في ذلك، ولكن التأثير الأول لأصل القيام. فالإمام الخميني عندما جاء وثار بنية خالصة لم يبحث عن نتيجة، بل كان مستعداً للحكومة ومستعداً للشهادة، إلا أنّ الله سبحانه وتعالى هيّأ السبل ووصل إلى الحكم. وهنا نقطة مهمة وهي من المتشابهات أو السنخيات بين الثورتين، وهي أنّ الخطاب لم يكن خطاباً إقليمياً أو وطنياً أو مناطقياً، بل كان خطاب ثورة الإمام الحسين خطاباً عاماً قد تخطّى الزمان والمكان حيث يقول: «وعلى الإسلام السلام إذ قد بليت الأمة براعٍ مثل يزيد»، وهذه نقطة مهمة إذ لم يقل يزيد، بل أي واحد يأتي مثل يزيد فاقرأ على الإسلام السلام. والإمام الخميني كذلك قد تأسى بجده، وخطابه كان للمستضعفين في مقابل المستكبرين. وقول «يملأ الأرض» كلام عن الأرض وعن قائد عالمي نائبُه يجب أن يكون قائداً عالمياً، فكان الخميني كذلك واليوم الخامنئي كذلك. فلابد أن يكون الخطاب للأمة. الإمام الخميني بتعبير بعض العلماء وأظن القائد أيضاً كان كالكأس البسيط نسبة إلى البحر لايقاس بأهل البيت، ولكن إذا نصرت الأمة وتوحدت وأطاعت وضحّت وصبرت واستقامت، عندئذ تُرفع راية الإسلام إلى مديات عالية، ولكن بتعبير أمير المؤمنين وهو القائد الذي لامثيل له في التأريخ بعد رسول الله: «لا رأي لمن لايُطاع». فإذا كان لايطاع ولايأتي إليه أحد ولايطيعه أحد ولايبايعه أحد يجلس في البيت.
الإمام الخميني قام من أجل الهدف الذي ذكرناه ولكن بعد ذلك وجد الأمة فتحققت النتيجة الأخرى وهي الحكومة. والإمام الحسين قام وبأعلى المستويات لأنه لايقاس بالمعصوم أحدٌ حتى في نيته وإيمانه ولكن لأنه لم يجد الأمة إلا قليلاً ذهب إلى نتيجة الشهادة. فالإمام الخميني وجد الأمة المطيعة وهي الشعب الإيراني الذي كثيراً ما يُظلم في التقييم لأنه حاضنة الولاية وهو مصدر إشعاع للكل، لأنه احتضن الولي الفقيه والقائد، فأُسست الدولة التي جاءت بالبركات، لأن الدولة الإسلامية لها بركات خاصة بها فاجتمعت بركة الثورة وبركة الدولة بسبب الأمة، وبالطبع امتدّ شعاع الإمة إلى لبنان وإلى البحرين وإلى العراق وبقية الأماكن. ولكن لم يجد الإمام الحسين إلا الناصر القليل فذهب إلى مسلخ الشهادة مستعداً لها فائزاً بها وهو المعصوم، ولكن كما في الرواية إن صحت «إنّ لك درجة لن تنالها إلا بالشهادة».
المقدم: هل هناك من أوجه شبه بين حركة السيد القائد منذ استلامه إلى اليوم والإمام الحسين (ع)؟ أم ليس هناك مجال للمقارنة؟
سماحة السيد: أنا أعتقد أن الشبه هو نفس الشبه، لأنه هي نفس الحركة، وحرارة الثورة باقية ومبادئ الثورة باقية، بل أنا اعتقد أكثر من ذلك وهو أن مرحلة السيد القائد هي أصعب في إدارة دفة الجمهورية الإسلامية خصوصاً إدارة الصراع العالمي ضد أمريكا مع شدة المؤامرات وصعوبة المؤامرات وتحالف الأحزاب. . أنا أعتقد أن إدارة القائد لاتقل إن لم تكن هي أرفع مستوى من الإمام، ولكن أنا اقول للوضوح أكثر، بأن الإمام الخميني جاء في مرحلته فكان الإمام الخميني، والإمام الخامنئي جاء في مرحلته فكان الإمام الخامنئي.
هناك شعار إيراني عند البسيج والتعبويين يقول بأن الخامنئي هو نفسه الخميني؛ كلاهما ولايتهم مستقاة من ولاية حيدر أمير المؤمنين، لأنه امتداد للغدير، ولأن الولاية هي امتداد لتلك الولاية التي بلغها رسول الله لأمير المؤمنين. وأنا أعتقد الذي يصطاد في التفريق بين الإمامين القائدين المؤسس والخليفة في الواقع لايفلح، وهو ضدهما. فلا ينبغي التمييز بينهما، نعم الظروف تختلف، لكن الإمام كان رائعاً وحسينياً في ثورته، والإمام الخامنئي رائعٌ وحسينيٌ في إدارته واستمراره، وخير مثال على ذلك نتائج حزب الله، وانتصارات غزة، وما يحدث في العراق، فهذا الانتصار هو بفضل قيادة القائد بوعيٍ وبصيرةٍ، فهو القائد الفعلي بما للكلمة من معنى.