السبت 18 أكتوبر 2025 - 16:06
الأدلة العقلية على ولاية الفقيه في عصر الغيبة

وكالة الحوزة - الأدلة على ولاية الفقيه تنقسم إلى دلائل عقلية وأخرى نقلية؛ فإلى جانب النصوص الواردة في الروايات، فإنّ العقل نفسه يَحْكُمُ بلزوم طاعة الفقيه في عصر غيبة المعصوم.

وكالة أنباء الحوزة - من أبرز المحاور في بحث ولاية الفقيه، بيانُ الأدلة عليها. وقد طُرح هذا السؤال دائمًا: بأي دليلٍ يُقَدَّمُ الفقيه في المجتمع الإسلامي على غيره، وتثبت له الولاية على الجميع؟

والجواب أنّ الدليل على ولاية الفقيه يُحَلَّلُ من وجهتين: عقلية ونقلية؛ فالعقل يوجب على المسلم طاعة الفقيه في زمن الغيبة، وكذلك تفيد النصوص الإسلامية.

تحليل الدليل العقلي على ولاية الفقيه

إنّ الإنسان، بما أنه كائن اجتماعي بطبيعته، ويسعى من خلال حياته الجماعية إلى بلوغ كماله المعنوي، فهو محتاج إلى عنصرين جوهريين:

  • تشريع إلهي، يكون بموجب كونه صادرًا من الله عز وجل، مُبَرَّأً من كل نقصٍ أو عيبٍ أو خطأ، كفيلاً بتنظيم المجتمع وضمان سعادة الأفراد في الدنيا والآخرة. وهذا التشريع هو الكتاب والسنة، اللذان يشكلان البرنامج الكامل والحياة البشرية حتى قيام الساعة.
  • منفّذٌ عادلٌ وعالم، يتحمّل مسؤولية تطبيق هذا التشريع تطبيقًا كاملاً ودقيقًا.

وإذا ما فُقِدَ هذان العنصران، أو حتى أحدهما، فإن النتيجة ستكون الفوضى والفساد والانهيار في المجتمع البشري.

ونتيجة هذا البرهان العقلي تثبت أولاً ضرورة النبوة، وتبعًا لها، تثبت بعد نبيّ الإسلام (صلى الله عليه وآله) ضرورة الإمامة وقيادة الأئمة المعصومين (عليهم السلام)؛ إذ إن الأنسب لتنفيذ القوانين الإلهية وتحقيق أحكام الله هو الإمام المعصوم وحده.

والمعصوم هو الذي لا يعتريه خطأ أو نسيان أو معصية، لا في فكره ولا في سلوكه. وهنا يطرح السؤال نفسه: ماذا يقتضي العقل عند عدم التمكن من الوصول إلى المعصوم؟

جواب العقل: بما أنّ ضرورة النظام الاجتماعي وحاجة الإنسان إلى السعي نحو كماله الإنساني والإلهي، تبقى قائمةً ولازمة، فلا بد من أن يُقَامَ الأقربُ منزلةً إلى المعصوم مَقامَه.

ويُفَسَّرُ ذلك بأن علّة أحقية المعصوم بالولاية والقيادة تنبع من:

  • امتلاكه العلم الشامل بالدين وأحكامه.
  • تحلّيه بـالتقوى والعصمة، مما يمنع تقديم المصالح الشخصية والأهواء على مصالح الأمة.
  • امتلاكه الفطنة والإدراك لشؤون المجتمع والقدرة على إدارتها.

وعليه، إذا تعذر في فترةٍ ما –كعصر الغيبة– الوصولُ إلى المعصوم، فإنّ العقل يقتضي الرجوع إلى مَن يتوفر فيه هذه الصفات بأعلى درجة ممكنة بين الناس، وهذا الشخص ليس سوى الفقيه العادل الكفؤ.

والعلّة في اختصاص الفقيه بهذا المقام هي:

  • غير الفقيه يفتقر إلى العلم الكافي بأحكام الشريعة، فلا يمكنه أن يكون منفذًا لها.
  • العالم غير العادل معرّضٌ لأن تتغلب أهواؤه الشخصية أو أهواء الآخرين على قراراته، ولا يجوز أن يُسلّم أمرُ المسلمين لمثله.
  • انعدام الكفاءة الإدارية يعني العجز عن تدبير شؤون الناس واتخاذ القرارات الصائبة في المواقف الحرجة.

فينتج مما سبق أن الأقدر على تولي الأمور في عصر الغيبة، والأحق بمقام الولاية والقيادة، هو الفقيه العادل العالم بالشريعة، القادر على إدارة شؤون المجتمع.

وللحديث بقية ستأتي في الأجزاء التالية إن شاء الله.. والجدير بالذكر أن هذا الجزء مُقتبس من كتاب "نگین آفرینش" (جوهرة الخلق) مع بعض التعديلات.

لمراجعة المبحث باللغة الفارسية يرجى الضغظ هنا.

المحرر: أ. د

المصدر: وكالة أنباء الحوزة

سمات

تعليقك

You are replying to: .
captcha