شوقٌ لا يُحتمل وفراقٌ عسى أن ينتهي بلقاء

وكالة الحوزة - أيها الإمام المنتظر، أيها الحُبّ الذي لا ينتهي، أيها الشّوق الذي يُحرق الأفئدة! هل سيأتي اليوم الذي تُشرق فيه شمس الوصال وتُبدّد ظلام الانتظار؟

وكالة أنباء الحوزة - في قصيدته الرائعة، يُعبّر الشيخ البهائي عن أسمى معاني الاشتياق للإمام الغائب (عج)، حيث تتأرجح الأبيات بين لوعة الفراق وحلاوة الرجاء، لتُحيي القلوب وتُلهب المشاعر. والقصيدة هذه ليست مجرد أبيات شعرية، بل هي لوحة فنية تُجسّد شوق المؤمنين للإمام المنتظر (عج).

وإليكم نص القصيدة(۱):

يا كراماً صَبْرُنا عَنْهم مُحَالْ ** إِنَّ حالي مِنْ جَفاكُم شرُّ حالْ

إن أتى من حيّكم ريحُ الشَّمالْ ** صِرْتُ لا أدْري يَميني مِنْ شِمَال

حَبَّذا ريحٌ سَرَى مِن ذي سَلَمْ ** مِنْ رُبى نَجْدٍ وَسَلْعٍ وَالعَلَمْ

أَذْهَبَ الأَحزانَ عَنَّا والأَلَمْ ** والأَماني أُدْرِكتْ والهَمُّ زَالْ

يا أَخِلَّائي بِحُزْوَى والعَقيقْ! ** لا يُطيقُ الهَجْرَ قَلْبي لا يُطيقْ

هَل لمُشْتاقٍ إِليْكمْ مِنْ طَريقْ ** أَمْ سدَدتُمْ عنهُ أبْوابَ الوِصَالْ؟!

لا تَلومُوني على فَرْطِ الضَّجَرْ ** لَيْس قَلبي مِنْ حَديدٍ أوْ حَجَرْ

فَاتَ مَطلوبي وَمَحْبوبي هَجَرْ ** والحَشَا في كلِّ آنٍ في اشْتِعالْ

مَنْ رأى وَجْدي لسُكَّانِ الحَجُونْ ** قَال: ما هذا هَوًى هذا جُنُونْ

أَيُّها اللُّوَّامُ مَاذا تَبْتَغونْ ** قَلْبيَ المُضْنَى وَعَقْلي ذو اعتِقَالْ؟

يا نُزُولاً بَين سَلْعٍ والصَّفَا! ** يَا كِرَامَ الحَيِّ يا أَهْلَ الوَفا!

كانَ لي قلبٌ حَمُولٌ للْجَفَا ** ضَاعَ منِّي بينَ هَاتِيكَ التِّلالْ

يَا رَعَاكَ اللهُ يا ريحَ الصَّبا! ** إِنْ تَجُزْ يوماً على وادي قُبا

سَلْ أُهَيْلَ الحيِّ في تِلْكَ الرُّبى ** هَجْرُهُمْ هَذا دَلالٌ أَمْ مَلاَلْ؟

جيرةٌ في هَجْرِنَا قَدْ أَسْرَفوا ** حَالُنا مِنْ بَعْدِهِمْ لا يوصَفُ

إِنْ جَفوا أوْ واصَلوا أو أتْلَفوا ** حُبُّهم في القلبِ باقٍ لا يَزالْ

هُمْ كِرَامٌ مَا عَلَيهِم مِنْ مَزيدْ ** مَنْ يَمُتْ في حُبِّهم يَمْضي شَهِيدْ

مثلَ مَقْتولٍ لَدَى المَوْلَى الْحَميدْ ** أَحْمَديَّ الخُلْقِ مَحْمودَ الفِعَالْ

صَاحِبُ الْعَصْرِ الإِمَامُ المُنْتَظَرْ ** مَنْ بِمَا يَأْبَاهُ لا يَجْري الْقَدَرْ

حُجَّةُ اللهِ عَلَى كُلِّ البَشَرْ ** خَيْرُ أهْلِ الأَرْضِ في كُلِّ الخِصَالْ

مَنْ إِلَيْه الكَوْنُ قَد أَلْقَى الْقِيَادْ ** مُجْرِياً أَحْكَامَه في ما أَرادْ

إِنْ تَزُلْ عَن طَوْعِهِ السَّبْعُ الشِّدادْ ** خَرَّ مِنْها كُلُّ سَامي السَّمْكِ عالْ

شَمْسُ أَوْجِ المَجْدِ مِصْبَاحُ الظَّلامْ ** صَفوَةُ الرَّحمنِ مِن بَيْنِ الأَنامْ

الإِمامُ بنُ الإِمَامِ بنِ الإِمَامْ ** قُطْبُ أَفْلاَكِ المَعَالي والْكَمالْ

فَاقَ أَهْلَ الأَرْضِ في عِزٍّ وَجَاهْ ** وارْتَقَى في المجْدِ أَعْلَى مُرْتَقاهْ

لَوْ مُلُوكُ الأَرْضِ حلّوا في ذُرَاهْ ** كانَ أَعْلَى صَفِّهم صَفُّ النِّعَالْ

ذو اقْتِدَارٍ إنْ يَشَأْ قَلْبَ الطِّبَاعْ ** صَيَّرَ الإظْلاَمَ طَبْعاً لِلشُّعاعْ

وارْتَدَى الإمْكانُ بُرْدَ الامْتِنَاعْ ** قُدْرَةٌ مَوْهُوبَةٌ مِن ذِي الجَلالْ

يَا أَمينَ اللهِ يا شَمْسَ الهُدَى! ** يَا إِمامَ الخَلقِ يَا بَحْرَ النَّدَى!

عَجِّلَنْ عجِّلْ فقدْ طالَ المَدى ** واضْمَحَلَّ الدّينُ واسْتَوْلى الضَّلالْ

هَاكَها مَوْلايَ يا نِعْمَ المُجِيرْ ** مِنْ مواليكَ البَهائيّ الفَقيرْ

مِدْحَةً يَعْنو لِمَعْنَاها جَرِيرْ ** نَظْمُها يُزْري عَلى عَقْدِ اللّآلْ

يا وليَّ الأمْرِ يا كهْفَ الرَّجا ** مسَّني ضُرٌّ وأنْتَ المُرْتجى

والكريمُ المستجارُ المُلْتَجى ** غيرُ محتاجٍ إلى بسْطِ السُّؤالْ


(۱) الكشكول، ج١، ص ١٤٩ إلى ١٥١ - الغدير، ج١١، ص٢٧٢

المصدر: وكالة أنباء الحوزة

سمات

تعليقك

You are replying to: .
captcha