وكالة أنباء الحوزة - كنا نتحدث عبر شاشة التواصل الإلكتروني عن الحرب الدامية التي تجري في غزة الآن والمظاهرات التي خرجت في مختلف دول العالم ترفع العلم الفلسطيني، وتطالب بالحرية لفلسطين في مشهد غير مسبوق في تاريخ القضية الفلسطينية، وسألتني الصحفية الكندية: كيف ترى فلسطين وهي تتحرر في العالم كله؟ قلت: أرى أن فلسطين هي التي تحرر العالم من أسر النفوذ الصهيوني، الذي ساد طوال قرن كامل من الزمان مروجا السردية الصهيونية الزائفة، التي طالبت بوطن قومي لشعب لا وطن له، في أرض لا شعب لها، وهو ما مهد لإقامة الدولة اليهودية في فلسطين، والتي تلتها سردية أخرى لا تقل عنها زيفا، وهي أن إسرائيل دولة صغيرة مسالمة تريد العيش في سلام لكن جيرانها العرب يريدون إلقاءها في البحر، بينما كانت الحقائق تؤكد أن فلسطين كانت أرضا آهلة بالسكان تزخر بمظاهر التقدم والنماء، فكانت بها الفنادق والمسارح والشوارع العريضة وكان لها مطار ومحطات سكك حديدية، وكانت تصدر منتجاتها الزراعية لأوروبا، وأولها برتقال يافا، ثم جاء المهاجرون الصهاينة فهدموا كل هذا وصوروا فلسطين على أنها كانت صحراء جرداء وأنهم الذين عمروها وجلبوا لها الحضارة والتقدم، وكانت الحقائق تؤكد أن إسرائيل ليست دولة مسالمة، بل دولة عدوانية توسعية قبلت قرار التقسيم اسما فقط، لكنها لم ترض بالحدود التي رسمت لها وضمت لها بالقوة مساحات خصصها القرار للدولة الفلسطينية، ثم عادت في عام 1967 فاحتلت أراضي عربية أخرى تقوم بضم مساحات منها تباعا، وذلك عن طريق مطاردة سكانها وطردهم من ديارهم ومصادرة أراضيهم، بل وبقتلهم كلما استطاعت، لكنها تمكنت من خلال سيطرتها على أجهزة الإعلام الدولية، من إخفاء تلك القصة القبيحة عن الرأي العام العالمي، وصورت مقاومة الشعب الفلسطيني للظلم والعدوان على أنه إرهاب وخروج على القانون، وقلت للصحفية الكندية: إن ما أراه الآن أمامي في المظاهرات التي أصبحت تعم العالم هو صحوة للضمير العالمي بعد طول موات، أرى العالم يتحرر وتسقط الغشاوة الصهيونية من على عينيه ليرى الحقيقة التي كانت غائبة عنه، أرى فلسطين وهي تحرر العالم من العبودية الصهيونية.
الکاتب: محمد سلماوي
المصدر: الأهرام