وكالة أنباء الحوزة_ استضافت إيران قبل أيام مؤتمر الحوار الثقافي بين إيران والدول العربية بمشاركة ضيوف من مختلف الدول العربية. وفي هامش هذا المؤتمر عقدت ندوة علمية بحضور النخب الثقافية والفكريه من إيران والدول العربية في مركز المصطفى للدراسات (التابع لجامعة المصطفی (ص) العالمية) في مدينة قم المقدسة أدارها الدکتور محمدعلي میرزائي وقد ناقش المشاركون في هذه الندوة السبل والحلول العملية لتنشيط العلاقات بين إيران والدول العربية. وتعمد وكالة أنباء الحوزة إلى نشر المداخلات والمناقشات المطروحة في هذه الندوة في حلقات.
عداوة بعض العرب مع إيران إنما بدأت منذ انتصار الثورة
الدكتور عباس خامه يار النائب الدولي لرابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية كان من المشاركين في الندوة حيث قال خلال مداخلته: نشكر جامعة المصطفى العالمية وسماحة الشيخ ميرزايي الذي يعتبر من رواد الحركة التقريبية وحركة الحوار على عقد المؤتمر.
وأضاف خامه يار أن مجرد الحديث عن الحوار يدل بأن هناك خلل نريد أن نتحاور لنرفع هذا الخلل وهذه نقطة أساسية. عندما نراجع التاريخ الاسلامي على مدى القرون الماضية وندرس دائرة الحضارة الإسلامية لا نجد أي خلل و نرى أن هناك تكامل في كافة المجالات وعلى كافة الأصعدة وفي كل مكان وعلى مدى قرون مختلفة ولا نرى خلأ بارزا في العلاقات الإيرانية العربية في التاريخ الإسلامي بل كانا يكملان بعضهما البعض بحيث يمكن أن نستنتج بأن هذا الخلل شيء حديث يتطلب هذا الحوار.
ولفت النائب الدولي لرابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية أن قراءتنا من الأوضاع المعاصر والمرحلة المعاصرة تدل على تأجيج سياسي بامتياز وأن بعض العرب يبحث عن مكتسبات سياسية ويريد أن يؤجج الوضع لكي يكسب الكثير من الوضع السياسي والصراع السيساسي بامتياز و يريد تبديل الموضوع مذهبيا وطائفيا وحتى قوميا.
وأضاف خامه يار قائلا هنا أريد أن أطرح هذا السؤال الأساسي و هو أين كان هؤلاء العرب قبل انتصار الثورة عندما كان الشاه يقيم المشروع الشوفيني وعندما أطبق التاريخ الشاهنشاهي و شكل لجنة تطهير اللغة الفارسية من مفردات العربية وعندما كان ينشر الفكر الشوفيني في المجتمع الإيراني و أنا أخجل أمامكم أن أقرأ بعض الأبيات الفارسية التي كانوا يعلموننا في المدارس الإبتدائية.
وأکد خامه يار أتصور أنه عندما جاء الإمام الخميني بدّل الرؤية وكافح الشاه في القضية الفلسطينية وخالف مواضع الشاه بالنسبة للعرب بكافة أطيافهم وفي القضايا المصيرية وحينما أتى الإمام الخميني غيّر النظرة الإيرانية تجاه العرب وتجاه الكيان الصهيوني وكثير من المسائل الأخرى. في بداية الثورة كان قد جاء إلى إيران ضيوف كبار من كافة الدول العربيه من بينهم الشيخ راشد الغنوشي وكنا في باص أمام جامعة طهران وكان بجانبي الشيخ راشد الغنوشي وكان الشارع الإيراني حولنا يمد يده ليصافح الشيخ ويقبل يده وكان الشيخ بزي التونسي. أنا قلت له تعرف هؤلاء؟ إنهم يعرفون بأنك سني ولكن يتبركون بتقبيل يدك. هذه ليست خطوة بل قبضة نوعية عملها الإمام الخميني ضد الفتنة وتأجيج الطائفية التي يمارسها الشاه وهكذا في المسائل الأخرى كالتقريب والقومية. عندما جاء الإمام الخميني بهذه الخطة قامت القيامة عند البعض ووصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم.
وشدد أخيرا والنقطة الأخيرة هي القدس وهو أقدس الأقداس عند المسلمين وفي إطار العدو القريب والعدو البعيد والمستند على موضوع فقهي يعتبره هؤلاء الجهلة لتغيير المسألة الفلسطينية إلى مسألة داخلية بينما هي المحور الأم للخلل الموجود والنزاع الطائفي المؤجج إقليميا و دوليا.
العرب لا يعرفون ماذا ينتج في إيران على مستوى الفكر والثقافة
قال الدكتور طلال عتريسي الأستاذ الجامعي و رئيس مركز الدراسات الإستراتيجية في بیروت خلال مداخلته في الندوة أنا أعتقد أن هناك عوامل مباشرة وعوامل غير مباشرة في إعاقة الحوار و العلاقات الثقافية العربية الإيرانية.
وأضاف عتريسي أن السبب غير المباشر والمعطل غير المباشر هو أن الغرب عموما يقع في منتصف النظر بين العرب والإيرانيين؛ يعني العرب عندما ينظرون إلى إيران يرون الغرب قبل إيران وعندما ينظر كثير من الإيرانيين إلى العرب يرون الغرب قبل أن يروا العرب وهذه المسألة لها علاقة بهيمنة الغرب وهيمنة النموذج الغربي بمعنى أن العربي قد يشعر بأن الولايات المتحدة الأمريكية أو أروبا أقرب إليه ثقافيا من إيران أو أي بلد مجاور؛ بمعنى أن التأثير و التأثر الثقافي يتجاوز الجغرافيا وهذه المسألة من معقّلات الحوار أو العلاقات الثقافية بين دول الجوار و الدليل على ذلك (مع أن السياسية تؤثر) لكن ما يستحق التأمل أن مواقف الكثيرين تکون ضد السياسات الغربية، لكنها متأثرة بالثقافة الغربية. هناك فرق بين الإنفتاح الثقافي وبين الموقف السياسي. وهذا يعني أن هناك ليس قاعدة ثقافية متينة مثل القاعدة الثقافية التي بناها الغرب خلال عشرات السنين بحيث أصبحنا نتأثر بهذه القاعدة الثافية ونتجاوز الموقف السياسي الرافض أو المعادي للغرب أو الذي ندين به الغرب. ما الذي يشكل القاعدة للتعامل مع هذه الحالة وذكر بعض الإخوة أكثر من بعد كالبعد السياسي والتعامل مع النخب والبعد السياسي ودور الحكومات.
وفي موضوع النخب أكد عتريسي أعتقد أن هناك فرقا بين الجانب الإيراني والجانب العربي بمعنى أن في المستوى الإيراني هناك اهتمام حكومي أكبر بموضوع الحوار أكثر مما هو عند الجانب العربي وهذا واضح رغم التفات العربي بين دولة وأخرى بسبب العلاقة السياسية الجيدة مع إيران وقد تكون العلاقات السياسية موجودة مع غياب العلاقات الثقافية لكن هذه الحالة تغيب عن العرب و هذه مسئولية النخب العربية والإيرانية.
و أضاف رئيس مركز الدراسات الإستراتيجية في بیروت قائلا هناك مشكلة أخرى أيضا وهي أن كثيرا منا لا يعرف ماذا ينتج في إيران على المستوى الفكر والثقافة. إيران أنتجت في المجالات الفكرية والثقافية والفقهية والدينية وناقشت ولاية الفقيه ناقشت المجتمع المدني والديمقراطية الدينية والديمقراطية الشعبية وكل هذا نوقش وكتب في المؤسسات والجامعات والمراكز البحثية في قم و مدن أخرى لكن نحن لا نعرف هذا النتاج الفكري الضخم إلا القليل مما ترجم في مركز الحضارة في بيروت و من خلاله تعرفنا على هذا النقاش الذي دار ويدور اليوم في إيران وجزء من هذا النقاش مطروح أيضا في العالم العربي كالعلاقة بين الدين والسياسة والدولة المدنية والدولة الدينية. فإذن في رأيي هناك تقصير في النخب العربية وتقصير في حجم الترجمة وحجم النشر وتوسيع هذه الدائرة لتصبح بمتناول الجميع.
وأشار عتريسي إلى النقطة الثالثة قائلا النقطة الثالثة هي موضوع تشكيل الرأي العام. كيف يتشكل الرأي عالم؟ الرأي العام يتشكل من خلال الإعلام لا من خلال الأعمال البحثية والتفكير الذي ذكرناه.الصورة التي صنعت عن إيران وضربت كل العلاقات وقدمت صورة مشوهة صنعها الإعلام بشكل رئيسي وهناك مهمة أساسية للإعلام الإيراني حتى يقدم صورة مختلفة عن نفسه. على سبيل المثال المسلسلات التي أنتجتها إيران كمسلسل النبي يوسف ومريم المقدسة، هذا فعل فعلا سحريا في الأوساط المختلفة سواء الإسلامية وغير إيران تأثيرا إيجابيا عليه مع أنه قد لا يعرف شيئا عن إيران.