۱۸ شهریور ۱۴۰۳ |۴ ربیع‌الاول ۱۴۴۶ | Sep 8, 2024
رمز الخبر: 370653
١٨ يوليو ٢٠٢٤ - ١٨:٤٠
خطبة السيّدة زينب في الكوفة

وكالة الحوزة - خطبة السيدة زينب (ع) في الكوفة، هي الخطبة التي ألقتها بعد واقعة الطف في مجلس عبيد الله بن زياد، وقد وجهت فيها الذم والتوبيخ إلى أهل الكوفة؛ لخذلانهم وتقصيرهم في نصرة الإمام الحسين (ع).

وكالة أنباء الحوزة - لقد أوضحت ابنة أمير المؤمنين (عليه السلام) للناس خبث ابن زياد ولؤمه في خطبتها، بعد ان أومأت الى ذلك الجمع المتراكم فهدؤوا حتى كأنّ على رؤوسهم الطير. وليس في وسع العدد الكثير ان يسكن ذلك اللغط او يرد تلك الضوضاء لولا الهيبة الالهية والبهاء المحمدي الذي جلل عقيلة آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).

قال حذيم بن شريك الأسدي: لما أتى علي بن الحسين زين العابدين بالنسوة من كربلاء، وكان مريضا، وإذا نساء أهل الكوفة ينتدبن مشققات الجيوب، والرجال معهن يبكون. فقال زين العابدين عليه السلام - بصوت ضئيل وقد نهكته العلة -: إن هؤلاء يبكون علينا فمن قتلنا غيرهم، فأومت زينب بنت علي بن أبي طالب عليهما السلام إلى الناس بالسكوت. قال حذيم الأسدي: لم أر والله خفرة قط أنطق منها، كأنها تنطق وتفرغ على لسان علي عليه السلام، وقد أشارت إلى الناس بأن انصتوا فارتدت الأنفاس وسكنت الأجراس، ثم قالت - بعد حمد الله تعالى والصلاة على رسوله صلى الله عليه وآله - أما بعد يا أهل الكوفة يا أهل الختل (1) والغدر، والخذل!! ألا فلا رقأت العبرة (2) ولا هدأت الزفرة، إنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا (3) تتخذون أيمانكم دخلا بينكم (4) هل فيكم إلا الصلف (5) والعجب، والشنف (6) والكذب، وملق الإماء وغمز الأعداء (7) أو كمرعى على دمنة (8) أو كفضة على ملحودة (9) ألا بئس ما قدمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون، أتبكون أخي؟! أجل والله فابكوا فإنكم أحرى بالبكاء فابكوا كثيرا، واضحكوا قليلا، فقد أبليتم بعارها، ومنيتم بشنارها (10) ولن ترحضوا أبدا (11) وأنى ترحضون قتل سليل خاتم النبوة ومعدن الرسالة، وسيد شباب أهل الجنة، وملاذ حربكم، ومعاذ حزبكم ومقر سلمكم، واسى كلمكم (12) ومفزع نازلتكم، والمرجع إليه عند مقاتلتكم ومدرة حججكم (13) ومنار محجتكم، ألا ساء ما قدمت لكم أنفسكم، وساء ما تزرون ليوم بعثكم، فتعسا تعسا! ونكسا نكسا! لقد خاب السعي، وتبت الأيدي، وخسرت الصفة، وبؤتم بغضب من الله، وضربت عليكم الذلة والمسكنة، أتدرون ويلكم أي كبد لمحمد صلى الله عليه وآله فرثتم؟! وأي عهد نكثتم؟! وأي كريمة له أبرزتم؟! وأي حرمة له هتكتم؟! وأي دم له سفكتم؟! لقد جئتم شيئا إدا تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا! لقد جئتم بها شوهاء صلعاء، عنقاء، سوداء، فقماء خرقاء (14) كطلاع الأرض، أو ملأ السماء (15) أفعجبتم أن تمطر السماء دما، ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون، فلا يستخفنكم المهل، فإنه عز وجل لا يحفزه البدار (16) ولا يخشى عليه فوت الثار، كلا إن ربك لنا ولهم لبالمرصاد، ثم أنشأت تقول عليها السلام:

ماذا تقولون إذ قال النبي لكم ** ماذا صنعتم وأنتم آخر الأمم

بأهل بيتي وأولادي وتكرمتي ** منهم أسارى ومنهم ضرجوا بدم

ما كان ذاك جزائي إذ نصحت لكم ** أن تخلفوني بسوء في ذوي رحم

إني لأخشى عليكم أن يحل بكم ** مثل العذاب الذي أودى على ارم

ثم ولت عنهم.

قال حذيم: فرأيت الناس حيارى قد ردوا أيديهم في أفواههم، فالتفت إلي شيخ في جانبي يبكي وقد اخضلت لحيته بالبكاء، ويده مرفوعة إلى السماء، وهو يقول: بأبي وأمي كهولهم خير كهول، ونساؤهم خير نساء، وشبابهم خير شباب ونسلهم نسل كريم، وفضلهم فضل عظيم، ثم أنشد:

كهولكم خير الكهول ونسلكم ** إذا عد نسل لا يبور ولا يخزى

فقال علي بن الحسين عليه السلام يا عمة اسكتي ففي الباقي من الماضي اعتبار، وأنت بحمد الله عالمة غير معلمة، فهمة غير مفهمة، إن البكاء والحنين لا يردان من قد أباده الدهر، فسكتت.

المصدر: الاحتجاج للشيخ الطبرسي، ج2، صص 29-31


(1) الختل: الخداع.

(2) رقأت: جفت.

(3) أي حلته وأفسدته بعد إبرام.

(4) أي خيانة وخديعة.

(5) الصلف: الذي يمتدح بما ليس عنده.

(6) الشنف: البعض بغير حق.

(7) الغمز: الطعن والعيب.

(8) الدمنة: المزبلة.

(9) الملحودة: القبر.

(10) الشنار: العار.

(11) أي لن تغسلوها.

(12) أي دواء جرحكم.

(13) المدرة زعيم القوم ولسانهم المتكلم عنهم.

(14) الشوهاء: القبيحة. والفقهاء إذا كانت ثناياها العليا إلى الخارج فلا تقع على السفلى. والخرقاء: الحمقاء.

(15) طلاع الأرض: ملؤها

(16) يحفزه: يدفعه.

ارسال التعليق

You are replying to: .