۱ آذر ۱۴۰۳ |۱۹ جمادی‌الاول ۱۴۴۶ | Nov 21, 2024
رمز الخبر: 370630
١٦ يوليو ٢٠٢٤ - ٠٨:٢٩
عاشوراء

وكالة الحوزة - ..فوقف يستريح ساعة وقد ضعف عن القتال، فبينما هو واقف إذ أتاه حجر، فوقع على جبهته ، فأخذ الثوب ليمسح الدم عن جبهته ، فأتاه سهم مسموم له ثلاث شعب، فوقع على قلبه، فقال عليه السلام: «بسم الله وبالله وعلى ملّة رسول الله صلّى الله عليه وآله»..

وكالة أنباء الحوزة - ما يلي مقتبس مما نقله السيد بن طاووس:

قال الراوي: واشتدّ العطش بالحسين عليه السلام ، فركب المسناة يريد الفرات ، والعبّاس أخوه بين يديه ، فاعترضتهما خيل ابن سعد ، فرمى رجل من بني دارم الحسين عليه السلام بسهمٍ فأثبته في حنكه الشريف ، فانتزع صلوات الله عليه السهم وبسط يده تحت حنكه حتّى امتلأت راحتاه من الدم ، ثمّ رمى به وقال : « اللهم إنّي أشكوه إليك ما يفعل بابن بنت نبيّك ».

ثمّ اقتطعوا العباس عنه ، وأحاطوا به من كلّ جانب ومكان ، حتّى قتلوه قدّس الله روحه، فبكى الحسين عليه السلام بكاءً شديداً. وفي ذلك يقول الشاعر:

أحق الناس أن يبكى عليه

فتىً أبكى الحسين بكربلاء

أخوه وابن والده علي

أبو الفضل المضرج بالدماء

ومن واساه لا يثنيه شيء

وجادله على عطش بماء

قال الراوي: ثمّ أنّ الحسين عليه السلام دعا الناس إلى البراز ، فلم يزل يقتل كلّ من برز إليه ، حتّى قتل مقتلة عظيمة ، وهو في ذلك يقول :

« القتل أولى من ركوب العار

والعار أولى من دخول النار »

قال بعض الرواة : والله ما رأيت مكثوراً قطّ قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جأشاً منه ، وإن الرجال كانت لتشدّ عليه فيشدّ عليها بسيفه فتنكشف عنه انكشاف المعزى إذا شدّ فيها الذئب ، ولقد كان يحمل فيهم ، وقد تكملوا ثلاثين ألفاً ، فينهزمون بين يديه كأنّهم الجراد المنتشر ، ثمّ يرجع إلى مركزه وهو يقول : « لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ».

قال الراوي: ولم يزل عليه السلام يقاتلهم حتّى حالوا بينه وبين رحله.

فصاح بهم: « ويحكم يا شيعة آل أبي سفيان ، إن لم يكن لكم دين وكنتم لاتخافون المعاد فكونوا أحراراً في دنياكم هذه وارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم عرباً كما تزعمون ».

قال: فناداه شمر: ما تقول يابن فاطمة ؟

قال: «أقول : أنا الذي أقتاتلكم وتقاتلوني والنساء ليس عليهنّ جناح ، فامنعوا أعتاتكم وجهالكم وطغاتكم من التعرض لحرمي ما دمت حيّاً ».

فقال شمر: لك ذلك يا بن فاطمة.

وقصدوه بالحرب، فجعل يحمل عليهم ويحملون عليه ، وهو مع ذلك يطلب شربة من ماء فلا يجد ، حتّى أصابه اثنتان وسبعون جراحة.

فوقف يستريح ساعة وقد ضعف عن القتال ، فبينما هو واقف إذ أتاه حجر ، فوقع على جبهته ، فأخذ الثوب ليمسح الدم عن جبهته ، فأتاه سهم مسموم له ثلاث شعب ، فوقع على قلبه ، فقال عليه السلام : « بسم الله وبالله وعلى ملّة رسول الله صلّى الله عليه وآله ».

ثمّ رفع رأسه إلى السماء وقال : «اللهم إنّك تعلم أنّهم يقتلون رجلاً ليس على وجه الأرض ابن بنت نبي غيره».

ثمّ أخذ السهم، فأخرجه من وراء ظهره، فانبعث الدم كأنّه ميزاب ، فضعف عن القتال ووقف ، فكلّما أتاه رجل انصرف عنه ، كراهية أن يلقى الله بدمه.

حتّى جاءه رجل من كندة يقال له مالك بن النسر لعنه الله ، فشتم الحسين وضربه على رأسه الشريف بالسيف ، فقطع البرنس ووصل السيف إلى رأسه وامتلأ البرنس دماً.

قال الراوي: فاستدعى الحسين عليه السلام بخرقة ، فشدّ بها رأسه ، واستدعى بقلنسوة فلبسها واعتمّ عليها.

فلبثوا هنيئة ، ثمّ عادوا إليه وأحاطوا به، فخرج عبد الله بن الحسن بن علي ـ وهوغلام لم يراهق ـ من عند النساء ، فشهد حتّى وقف إلى جنب الحسين عليه السلام ، فلحقته زينب ابنت علي لتحبسه ، فأبى وامتنع امتناعاً شديداً وقال : والله لا أفارق عمّي.

فأهوى بحر بن كعب ـ وقيل : حرملة بن الكاهل ـ إلى الحسين بالسيف.

فقال له الغلام : ويلك يا بن الخبيثة أتتقل عمّي.

فضربه بالسيف ، فاتقاها الغلام بيده ، فاطنها إلى الجلد ، فإذا هي معلقة.

فنادى الغلام: يا عمّاه.

فأخذه الحسين عليه السلام فضمّه إليه وقال: « يا بن أخي ، إصبر على ما نزل بك واحتسب في ذلك الخير ، فإن الله يلحقك بآبائك الصالحين ».

قال : فرماه حرملة بن الكاهل لعنه الله بسهم ، فذبحه وهو في حجر عمّه الحسين عليه السلام.

ثمّ أن شمر بن ذي الجوشن لعنه الله حمل على فسطاط الحسين عليه السلام فطعنه بالرمح ، ثمّ قال : علي بالنار أحرقه على من فيه.

فقال له الحسين عليه السلام : « يابن ذي الجوشن ، أنت الداعي بالنار لتحرق على أهلي ، أحرقك الله بالنار ».

وجاء شبث فوبخه ، فاستحى وانصرف.

قال الراوي: وقال الحسين عليه السلام : « إيتوني بثوب لا يرغب فيه أجعله تحت ثيابي ، لئلّا أجرد منه ».

فأتي بتبان ، فقال: « لا ، ذاك لباس من ضربت عليه الذلة ».

فأخذ ثوبا خلقاً ، فخرقه وجعله تحت ثيابه ، فلمّا قتل جرّدوه منه عليه السلام.

ثمّ استدعى عليه السلام بسراويل من حبرة ، ففرزها ولبسها ، وإنما فرزها لئلّا يسلبها ، فلمّا قتل سلبها بحر بن كعب لعنه الله وترك الحسين عليه السلام مجرّداً، فكانت يدا بحر بعد ذلك تيبسان في الصيف كأنّهما عودان يابسان وتترطبان في الشتاء فتنضحان قيحاً ودماً ، إلى أن أهلكه الله تعالى.

قال : ولمّا أثخن الحسين عليه السلام بالجراح ، وبقي كالقنفذ ، طعنه صالح بن وهب المزني لعنه الله على خاصرته طعنة ، فسقط الحسين عليه السلام عن فرسه إلى الأرض على خدّه الأيمن ، ثمّ قام صلوات الله عليه.

قال الراوي: وخرجت زينب من باب الفسطاط وهي تنادي: وا أخاه ، وا سيّداه ، وا أهل بيتاه ، ليت السماء انطبقت على الأرض ، وليت الجبال تدكدكت على السهل.

قال: وصاح شمر بأصحابه: ما تنتظرون بالرجل.

قال: فحملوا عليه من كلّ جانب.

فضربه زرعة بن شريك لعنه الله على كتفه اليسرى ، فضرب الحسين عليه السلام زرعة فصرعه.

وضربه آخر على عاتقه المقدّس بالسيف ضربة كبا عليه السلام بها على وجهه، وكان قد أعيى ، فجعل عليه السلام ينوء ويكبو.

فطعنه سنان بن أنس النخعي لعنه الله في ترقوته ، ثمّ انتزع الرمح فطعنه في بواني صدره.

ثمّ رماه سنان أيضاً بسهم ، فوقع السهم في نحره ، فسقط عليه السلام ، وجلس قاعداً ، فنزع السهم من نحره ، وقرن كفيه جميعاً، وكلّما امتلأتا من دمائه خضب بها رأسه ولحيته وهو يقول : « هكذا ألقى الله مخضباً بدمي مغصوباً على حقّي ».

فقال عمر بن سعد لعنه الله لرجل عن يمينه : إنزل ويحك إلى الحسين فأرحه.

فبدر إليه خولي بن يزيد الأصبحي ليحتزّ رأسه ، فأرعد.

فنزل إليه سنان بن أنس النخعي لعنه الله فضربه بالسيف في حلقه الشريف وهو يقول : والله إنّي لأحتز رأسك وأعلم أنك ابن رسول الله وخير الناس أباً وأمّاً !!! ثمّ احتزّ رأسه الشريف صلّى الله عليه وآله.

وفي ذلك يقول الشاعر :

فأي رزية عدلت حسيناً

غداة تبيره كفا سنان

وروي : أن سناناً هذا أخذه المختار فقطع أنامله أنملة أنملة ، ثمّ قطع يديه ورجليه ، وأغلى له قدراً فيها زيت ، ورماه فيها وهو يضطرب.

وروى أبوطاهر محمّد بن الحسين البرسي في كتابه معالم الدين، عن الصادق عليه السلام قال : « لما كان من أمر الحسين ما كان ، ضجت الملائكة وقالوا : يا ربّنا هذا الحسين صفيّك وابن صفيّك وابن بنت نبيّك. قال : فأقام الله ظل القائم عليه السلام وقال: بهذا أنتقم لهذا ».

قال الراوي: وارتفعت في السماء في ذلك الوقت غبرة شديدة سوداء مظلمة فيها ريح حمراء لا يرى فيها عين ولا أثر ، حتّى ظنّ القوم أن العذاب قد جاءهم ، فلبثوا كذلك ساعة ، ثمّ انجلت عنهم.

وروى هلال بن نافع قال: إنّي لواقف مع أصحاب عمر بن سعد إذ صرخ صارخ: أبشر أيّها الأمير، فهذا شمر قد قتل الحسين عليه السلام.

قال: فخرجت بين الصفين، فوقفت عليه، فإنه ليوجد بنفسه، فوالله ما رأيت قتيلاً مضمخاً بدمه أحسن منه ولا أنور وجهاً ، ولقد شغلني نور وجهه وجمال هيأته عن الفكر في قتله.

فاستسقى في تلك الحال ماءً، فسمعت رجلاً يقول له: والله لا تذوق الماء حتّى ترد الحامية فتشرب من حميمها !!!

فقال له الحسين عليه السلام : « لا ، بل أرد على جدّي رسول الله صلّى الله عليه وآله وأسكن معه في داره في مقعد صدق عند مليك مقتدر ، وأشرب من ماء غير آسن ، وأشكو إليه ما ارتكبتم منّي وفعلتم بي ».

قال: فغضبوا بأجمعهم ، حتّى كأن الله لم يجعل في قلب أحد منهم من الرحمة شيئاً ، فاحتزوا رأسه وإنّه ليكلّمهم ، فعجبت من قلّة رحمتهم وقلت : والله لا أجامعكم على أمر أبداً.

قال : ثمّ أقبلوا على سلب الحسين عليه السلام ، فأخذ قميصه إسحاق بن حوبة الحضرمي لعنه الله ، فلبسه فصار أبرص وامتعط شعره.

وروي: أنه وجد في قميصه عليه السلام ماءة وبضع عشرة ما بين رمية وضربه وطعنه.

قال الصادق عليه السلام : « وجد بالحسين عليه السلام ثلاث وثلاثون طعنة وأربع وثلاثون ضربة ».

وأخذ سراويله بحر بن كعب التيمي لعنه الله ، وروي : أنّه صار زمناً مقعداً من رجليه.

وأخذ عمامته اخنس بن مرثد بن علقمة الحضرمي لعنه الله ، وقيل : جابر ابن يزيد الأودي لعنه الله ، فاعتمّ بها فصار معتوهاً.

وأخذ نعليه الأسود بن خالد.

وأخذ خاتمه بجدل بن سليم الكلبي لعنه الله ، فقطع إصبعه عليه السلام مع الخاتم ، وهذا أخذه المختار فقطع يديه ورجليه وتركه يتشحط في دمه حتّى هلك.

وأخذ قطيفة له عليه السلام كانت من خز قيس بن الأشعث لعنه الله.

أخذ درعه البتراء عمر بن سعد لعنه الله ، فلمّا قتل عمر بن سعد وهبها المختار لأبي عمرة قاتله.

وأخذ سيفه جميع بن الخلق الاودي، وقيل : رجل من بني تميم يقال له الأسود بن حنظلة لعنه الله.

وفي رواية ابن سعد أنّه أخذ سيفه الفلافس النهشلي ، وزاد محمّد بن زكريا : أنّه وقع بعد ذلك إلى بنت حبيب بن بديل.

وهذا السيف المنهوب ليس بذي الفقار : فإن ذلك كان مذخوراً ومصونا مع أمثاله من ذخائر النبوّة والإمامة ، وقد نقل الرواة تصديق ما قلناه وصورة ما حكيناه.

قال الراوي: وجاءت جارية من ناحية خيم الحسين عليه السلام.

فقال لها رجل : يا أمة الله إنّ سيّدك قتل.

قالت الجارية : فاسرعت إلى سيّداتي وأنا اصيح ، فقمن في وجهي وصحن.

قال : وتسابق القوم على نهب بيوت آل الرسول وقرّة عين الزهراء البتول ، حتّى جعلوا ينتزعون ملحفة المرأة عن ظهرها ، وخرج بنات رسول الله صلّى الله عليه وآله وحريمه يتساعدن على البكاء ويندبن لفراق الحماة والأحباء.

المصدر: «الملهوف على قتلى الطّفوف»

ارسال التعليق

You are replying to: .
captcha