وکالة أنباء الحوزة- تحل علينا الذكرى السنوية الثالثة والثلاثين لرحيل قائد الثورة الاسلامية ومؤسس الجمهورية الإسلامية في إيران الإمام روح الله الموسوي الخميني (رضوان الله تعالى عليه)، وها نحن هنا اليوم نرى كيف أصبحت ايران الثورة قوة إقليمية وعالمية، وكيف أنها استطاعات الخروج من عباءة الهيمنة والإستكبار بكل قوة واقتدار وكيف أنها أخذت مكانتها الطبيعية بين دول العالم، كبلد وحكومة ودولة مستقلة عن هيمنة الإستكبار العالمي وعلى رأسه الشيطان الأكبر الولايات المتحدة الإمريكية، وذلك بالإعتماد على النفس والإمكانات والموارد الطبيعية ذات.
ان الامام الخميني " قدس سره" قد توّج حركته التاريخية الطويلة المديدة، بانجاز عملي تاريخي كبير بانتصار الثورة الاسلامية في ايران على النظام الشاهنشاهي الملكي الإستبدادي الشمولي المطلق، وأثبتت قدرة الاسلام على أن يصنع نظاماً سياسياً، قابل للتطور والتفوق، وقادر على الإستجابة للتحديات، داحضاً بذلك كل المقولات والنظريات التي كانت تقول بأن الاسلام ليس لديه ما يقدمه للبشرية كنموذج للحكم وإدارة الدولة، وأن الاسلام ليس له نظرية سياسية واضحة ومحددة للحكم وإدارة الدولة.
لقد أسس الامام الخميني رضوان الله تعالى عليه لثقافة جديدة لإيران والعالم العربي والاسلامي، ولدول العالم أجمع بأن الشعوب بإستطاعتها بأن تقول لا لأمريكا والدول الاستعمارية الكبرى.. وقدمت الثورة الاسلامية في ذلك التضحيات الجسام، بشهادة قادتها الكبار، وشهادة الآلاف من أبنائها على يد أعداء الحرية والشرف والكرامة، كما قدمت الثورة الاسلامية مئات الآلاف من الشهداء في تثبيت دعائم الثورة الاسلامية ونظام الجمهورية الاسلامية، وتحقق ذلك عند مراحل التأسيس الأولى عندما إستطاعت في بداية الثورة أن تنتصر على الحركات الإنفصالية التي كانت تستهدف تقسيم إيران وتحويلها الى مجرد كانتونات صغيرة لا قدرة لديها على الصمود والتحدي في مواجهة قوى الهيمنة والنهب والسيطرة، وكذلك بصمودها لثمان سنوات متوالية في حربها الدفاعية المفروضة من قبل نظام البعث الصدامي المقبور.
ثلاثة وثلاثين عامًا من رحيل الإمام الخميني (قدس سره) نرى بأن دعائم وركائز الثورة الإسلامية والجمهورية الاسلامية في تقدم مستمر، وقد استطاعت الثورة الإسلامية خلالها أن تحتل مكانتها اللائقة اليوم بين دول العالم كقوة عظمى لا يستهان بها بل أصبحنا اليوم رغم كل التحديات الجسام والحصار الظالم ما وصلت إليه ايران من تقدم وتفوق في شتى الميادين بفضل المبادئ والأسس التي قام عليه نظام الحكم في ايران، وبفضل ما لها من حاضنة شعبية عملاقة، والذي حمى الثورة الاسلامية والنظام الاسلامي من جميع المؤامرات التي تستهدف أستئصال الثورة والقضاء على أهدافها العظيمة في الوصول إلى بناء نظام وأمة تمتلك كافة مقومات القوة والاقتدار، ولا زال الشعب الايراني البطل يواصل بكل ثبات واقتدار الدفاع عن كيان الثورة الاسلامية والنظام الاسلامي ومكتسباته في مختلف المجالات.
ان الامام الخميني (قدس سره) بقيادته للثورة الاسلامية، وإنتصارها على نظام الشاه المقبور، أسست للشعب الإيراني وللأمة العربية والاسلامية ولكافة شعوب العالم ثقافة القدرة وبأن بإستطاعتها الإنتصار على الظلم والإستبداد والإستعمار والإستحمار بعد أن تمكنت قوى الشر والهيمنة من زعزعة ثقة الأمة في قدراتها، وبعد أن أضعفت إيمانها بأن لديها من القدرة والموارد والإمكانات أت تدافع عن نفسها وأن تحمي مقدراتها وثرواتها وخيراتها وأن تصون بإمكاناتها الذاتية عزتها وكرامتها، ولذلك نجد أن الأمة الاسلامية قد تقدمت مسيرة قرون وقرون من النجاحات، بعد الإخفاقات التي واجهتها الأمة في مقابل الإستكبار العالمي وأمريكا المستكبرة، وها نحن نرى النجاحات الكبرى والعظيمة لمحور المقاومة تتصدر المشهد في أكثر من موقع وساحة على طول خارطتنا العربية والإسلامية.
لقد سجل الامام الخميني الراحل في حياته صفحة عظيمة ليس في تاريخ إيران والمنطقة وإنما في تاريخنا الإنساني برمته، وقد طرح نظرية النظام السياسي في الإسلام وأثبت أنها قادرة على قيادة الحكم وإدارة الدولة بكل جدارة وتفوق، وها هي التجربة اليوم تسجل نجاحات فارقة في التميز واصبحت محطة للدارسين والمهتمين.
إننا وإذ تمر علينا اليوم الذكرى الثالثة والثالثين لرحيل الامام الخميني رضوان الله تعالى عليه فإننا نقف أمام تجربة ثرية وغنية وفيها الكثير مما يمكن أن يمثل قدوة أو فرصة للتغيير واستعادة الثقة بما نتملكه من قدرات وموارد لكي نحمي بلداننا ونصون عزتنا وكرامتنا.
أمام هذه التجربة العظيمة فإنه لا يمكن التبرير مطلقاً للقبول بما تفرضه القوى المستكبرة من أنظمة وسلطات الأمر الواقع فبإمكان الأمة الذود عن حياضها ومقدراتها بإمكاناتها ومواردها الذاتية. ولابد من تعزيز والثقة والإيمان بإن لدينا القدرة وما يكفي من العزة والكرامة لكي نرفض الذل والعبودية في ظل هيمنة قوى الاستكبار الغاشمة. ولعل هذه هي واحدة من أعظم ثمار ما يمكن أن نستفيد منها في هذه التجربة العظيمة. إنها فرصة كبيرة للطامحين من أبناء الأمة؛ لينهلوا منها العظة والدرس في الحياة من أجل تحقيق العزة والكرامة والإستقلال، وبناء الدولة المستقلة في مقابل الدول العظمى المستكبرة والمستعمرة الأنظمة الديكتاتورية المستبدة التابعة لها.
الى يومنا هذا وخلال ۴۳ سنة من إنتصار الثورة الاسلامية تقوم الولايات المتحدة الأمريكية وهي الشيطان الأكبر كما وصفها الإمام العظيم الراحل ”رضوان الله تعالى عليه“ ومعها الدول الغربية الإستعمارية وربيبتهم إسرائيل، بفرض حصار ظالم وغاشم ومتوحش على الجمهورية الإسلامية، من أجل أن تستسلم وترضخ لشروط القوى المستكبرة، وأن تقوم بالإعتراف بالكيان الصهيوني وأن تتوقف عن دعم حركات التحرر في فلسطين ولبنان والعراق والبحرين واليمن، وسائر الشعوب العربية والاسلامية التواقة للحرية والإستقلال والكرامة، وتلك الشعوب التي تسعى للإنعتاق من عهود الذل والهيمنة على مواردها ومقدراتها وخيراتها، والتخلص من الأنظمة الرجعية الديكتاتورية الإستبدادية، وبالتالي إنعتاقها من الهيمنة الأمريكية، ولم تزيدها تلك الاجراءات إلا عزيمة وإصراراً على المواصلة في نهج التحدي والمقاومة لحماية الأوطان العزيز وصيانة الموارد والمقدرات وتحقيق الاستقلال الحقيقي الذي يضمن حفظ العزة والكرامة والتطور والازدهار.
نترحم على الإمام الخميني العظيم ”رضوان الله تعالي عليه“ الذي أسس المشروع وجعل الأمة تستعيد ثقتها بأن لديها ما يكفي من إمكانات وطاقات وقدرات للدفاع عن بلدانها ومقدّساتها ومقدراتها. ونترحم على جميع الشهداء البررة الذي رووا بدمائهم الزكية شجرة الحرية والإنعتاق من ربقة قوى الهيمنة والتسلط.