۲ آذر ۱۴۰۳ |۲۰ جمادی‌الاول ۱۴۴۶ | Nov 22, 2024
حجت الاسلام والمسلمین محمدتقی سبحانی

وكالة الحوزة - صرّح الشيخ الدكتور محمد تقي سبحاني في معرض إشارته إلى الشخصية العلمية والروحية للعلامة الحكيمي: أعتقد أنّ حياة المرحوم العلامة الحكيمي كانت عبارة عن بحث مستمر للوصول إلى الحياة الطيبة٬ بحث واقعي بكل ذرة في وجوده وعلى مدى حياته الزاخرة كلها.

وكالة أنباء الحوزة - جاء ذلك في حوار أجري مع حجة الإسلام والمسلمين محمد تقي سبحاني مدير مؤسسة البيان للتواصل والتأصيل تحدث فيه عن أفكار العلامة الحكيمي وشخصيته وقال: لقد مرّ العلامة الحكيمي في مسيرته العلمية بمراحل مختلفة وتعرّف على مفكرين وأفكار مختلفة ومما يميّز شخصيته بحثه الواسع للوصول إلى الحقيقة والسير على الصراط المستقيم للفكر والتفكير. وفي ظنّي أنّه قلّما توجد في أوساط المفكرين الدينيين المعاصرين شخصية متعددة الأبعاد والمصادر المعرفية وقد تعاطى علمياً مع مختلف التيارات الفكرية. كما نعلم فالمرحوم الحكيمي كان تلميذ آية الله العظمى الميلاني في الفقه٬ كما درس الفلسفة عند كبار الأساتذة في حوزة خراسان وكان محيطاً بأسس الفلسفة المشائية والإشراقية والحكمة المتعالية٬ وكان يدرّس نصوصها الرئيسية. وإلى جانب هذه الأمور وعلى امتداد هذه الحركة كان تلميذاً لشخصية عظيمة وأحد أساتذة المعارف بخراسان أعني المرحوم الشيخ مجتبى القزويني. بالإصافة إلى إلمامه بالعلوم الإسلامية كان له إطلاع أيضاً بالأفكار والآراء الخاصة بالمدارس الفكرية المعاصرة بالمقدار الذي كانت ظروف ذلك العصر تسمح به لعالم ديني. وكان يتعاطى مع الشخصيات الفكرية من بينهم المتنورين الدينيين وغير الدينيين في عصره وله علاقات واسعة معهم٬ فمثلاً كان من الأصدقاء المقرّبين للمرحوم الدكتور علي شريعتي ومن الملازمين له بحيث يمكن القول أنّه كان وصيّه العلمي وقد أوصى الدكتور شريعتي في الرسالة التي بعثها إليه أن يقوم بتنقيح أعماله وتصحيحها. كما كانت له علاقات وثيقة أيضاً مع سائر الشخصيات العلمية والأكاديمية وكان على تواصل علمي مستمر معهم. بشكل عام يمكن القول بأنّه قلّما توجد في العصر الحاضر شخصية بهذه الأبعاد وضليعة في العديد من المجالات.

لقد بذل المرحوم جهوداً كبيرة في بحثه ودراساته في الفكر الشيعي الأصيل وأعتقد أنّه لم يستكن حتى آخر لحظات عمره وواصل جهوده المضنية وكان يحمل روحاً علمية وثّابة. لقد كان الفكر الشيعي الأصيل بالنسبة للمرحوم الأستاذ الحكيمي أساساً وهدفاً٬ وخاصة في حقل الإمامة وكانت له معرفة لصيقة بالمفكرين المعاصرين في مجال دراسات الإمامة.

كان أول من سلّط الضوء على شخصية مثل مير حامد حسين الذي يعدّ أسطورة في دراسات الإمامة في القرون الماضية٬ وقام بتعريفه للناطقين بالفارسية حيث ترجم له في كتابه الشهير عبقات الأنوار٬ كما أنّه ألّف كتاباً عن الباحثين تحت عنوان "بيدارگران اقاليم قبله" وكان واضحاً من هذا الكتاب أنّه يبحث في شخصيات قدّمت خدمات جليلة للتشيّع ولعبت دوراً كبيراً في حقل الإمامة. فالتعريف بشخصية العلامة الأميني وكتابه الشهير الغدير باللغة الفارسية وتقديمه للشباب والجامعيين مدين ليراعه الأنيق وفكره العميق. وعدا حقل الإمامة فقد كان له باع طويل أيضاً في حقل الآراء التوحيدية٬ ولا ننسى أنّه كان تلميذ شخصية كبيرة مثل الشيخ مجتبى القزويني ونحن نعلم أنّ إحدى خصوصيات هذه الشخصية جهودها العظيمة في استخراج الفكر التوحيدي من الكتاب والسنّة. كما يمكن تصنيف المرحوم العلامة الحكيمي كشخصية بارزة في حقل المعارف التوحيدية٬ فكتابه "اللاهوت الإلهي واللاهوت البشري" يكشف عن رؤيته في مجال العقائد. لقد كان المرحوم حكيمي شخصية متماهية مع أهل البيت (عليهم السلام) وقد كتب مرثيات كثيرة في ظلامتهم ومصائبهم٬ لقد كان يعتقد أنّ ظلامة أهل البيت (عليهم السلام) ليست في استشهادهم بل في تهميش ثقافتهم وفكرهم. فمرثيته في مصيبتهم هي مرثية في ضياع تراثهم وثقافتهم في المجتمع الإسلامي.

لقد كان المرحوم العلامة الحكيمي عبارة عن بحث دائم للوصول إلى الحياة الطيبة٬ بحث حقيقي وواقعي بكل ذرة في وجوده وعلى مدى حياته الزاخرة كلها. فهو في مرحلة الفكر كان يبحث عن الفكر النقي٬ الفكر الذي يستطيع أن يهدي الإنسان إلى طريق السعادة. فتوجهاته وصداقاته ومحبته وانتماءاته وردود أفعاله كانت كلها مستندة إلى رؤية صحيحة إلى الصراط المستقيم والحياة الطيبة. كما أنّ سلوكه كان يعبّر عن هذه الرؤية. من أهم مؤلفاته كتاب الحياة حيث جمع فيه أطراف الفكر الإسلامي في ضوء القرآن وروايات أهل البيت (عليهم السلام) وقدّم منظومة لحياة طيبة في هذا الكتاب. وهذا الكتاب عبارة عن أسلوب للحياة بالمعنى المعاصر. كان كتاب الحياة مجلى لأفكاره في باب الحياة الطيبة٬ حياته كانت الوجه العملي لهذه الوصايا.

لقد ركّز جهوده على تحقيق هذه الأفكار وقد بدأ بنفسه. بمعنى أنّه كان يلتزم عملياً بما يوصي به الآخرين نظرياً. في الحقيقة إنّ كلمة الحياة الطيبة هي أول كلمة خطرت ببالي عند سماعي نبأ وفاته.

ارسال التعليق

You are replying to: .
captcha