وكالة أنباء الحوزة - ها هي الحكومة الأمريكية نفسها التي اقترفت آلاف المآسي في دول أمريكا اللاتينية وفي مختلف بلدان العالم وفي آسيا، ولم تعرب حتّى عن استيائها إزاء مقتل آلاف المؤمنين في ”سربرنيتسا“ وفي البوسنة والهرسك، تتظاهر اليوم بادعاءات جوفاء، من غير أن تنطق بالحقّ أو تتابع القضايا بشكل جاد، ووقفت تتفرج يومذاك وهم يبيدون المسلمين بالآلاف، وكنّا نصرخ ونستغيث، وهم يقولون: ليس ثمّة شيء!
جاء في مذكرة في عام ١٩٩٥ حول ”سربرنيتسا“ اطّلعت عليها آنذاك، أنّ عدداً من الشخصيات السياسيّة المعروفة عالميّاً قالت: لا صحّة لهذا الكلام الذي يقال! وبعد مضيّ عدّة أشهر -حوالي اثنا عشر، أو ثلاثة عشر، أو خمسة عشر شهراً- كُشف عن مقابر جماعيّة في ”سربرنيتسا“، كنا -في وقتها- نصيح ونصرخ، وهم يقولون: لا صحّة لهذا الأمر، ليس ثمّة شيء!
~الإمام الخامنئي ١٤/١٢/١٩٩٦
إنّ وقوع المآسي المروّعة في المجتمعات الغارقة في وحل الماديّة والمتناسية للمعنويّات لا يحرّك الضمائر، اللهم إلا إذا وقعت مثل هذه الحوادث أمام أعينهم، فحينئذ تظهر بعض ردود الفعل التي سرعان ما تنتهي وينتهي معها كلّ شيء.
إنّ ما يجري اليوم في البوسنة والهرسك من قتل وتشريد، وبشكل خاصّ في مدينة سربرنيتسا، التي دخلتها القوات الصربيّة قبل مدّة وارتكبت فيها مجازر رهيبة، تذكّرنا بالتّتار والمغول وما قاموا به من مجازر وممارسات وأفعال شنيعة، كلّ هذا يحدث أمام مرأى دول وشعوب الغرب الماديّة، ولكن مع شديد الأسف، لم يبدر منهم أيّ ردّ فعل تجاه كلّ هذه الانتهاكات التي يرتكبها الصّرب بحقّ المسلمين في البوسنة.
هم يدّعون أنّهم ينزعجون ويتأذّون إذا ما حدث انتهاك لحقوق الإنسان في أيّ نقطة من العالم، فهل هم صادقون فيما يدّعون؟ ألا تُعدّ المجازر التي راح ضحيّتها الآلاف من الأطفال والنساء والتي أدّت إلى تدمير البيوت وتشريد العوائل، ألا تُعدّ كلّ هذه الاعتداءات انتهاكاً لحقوق الإنسان؟
على كلّ من يريد أن يكتشف كذب وزيف الشعارات التي تطلقها أمريكا وبعض الدول الأخرى في الدفاع عن حقوق الإنسان أن ينظر إلى مظلوميّة مدينة سربرنيتسا وسائر مدن البوسنة الأخرى.
وعلى كلّ من يريد أن يقف على عجز وضعف الأمم المتّحدة أن ينظر إلى مدينة سربرنيتسا ويقرأ عن المآسي التي تعرّضت إليها هذه المدينة. عندما نقلّب صفحات التاريخ وتطالعنا المجازر التي قام بها المغول وهولاكو وغيرهم من الطغاة والمجرمين يصيبنا الذهول وتعترينا الدهشة، ويبدر منا هذا السّؤال للوهلة الأولى: أحقّاً هناك من هو على هذه الدرجة من القساوة والغلظة بحيث يرتكب مثل هذه المجازر والجرائم؟
واليوم إذ تتكرّر هذه المجازر والممارسات الشنيعة أمام أنظار البشريّة جمعاء، لا نشاهد أيّ موقفٍ مشرّف للدول والشعوب الغربيّة الماديّة.
ومن هنا نكرّر ما قلناه في مناسبات سابقة من أنّ الأنظمة والحضارة الغربيّة غير قادرة على إدارة وتسيير أمور العالم، ولا يحقّ لهم أن يدّعوا قيادة العالم ولا حقّ لهم في تقرير مصير خمسة أو ستّة مليارات إنسان ينتشرون في كافّة أصقاع العالم. إذا كانوا عاجزين عن توفير الأمن والاستقرار لبلدانهم، وعاجزين عن القيام بأيّ شيء يحول دون وقوع أكبر مجزرة إنسانيّة، فبأيّ مبرر يرفعون عقيرتهم بترديد ادّعاءاتهم الواهية بخصوص قيادة العالم؟
~الإمام الخامنئي ١٢/٧/١٩٩٥