السبت 27 ديسمبر 2025 - 20:32
آية اللّه الأعرافيّ: آية اللّه الميلانيّ كان من روّاد دعم نهضة الإمام الخمينيّ (رحمه اللّه)

وكالة الحوزة - أشار آية اللّه الأعرافيّ إلى البصيرة السياسيّة والثوريّة التي تمتّع بها آية اللّه الميلانيّ، مؤكّدًا أنّ هذا المرجع الكبير كان من أوائل المراجع الداعمين لنهضة الإمام الخمينيّ (رحمه اللّه)، حيث أدّى، بفهمه العميق لمتطلّبات العصر، دورًا مؤثّرًا في تعزيز تيّار الثورة الإسلاميّة.

وكالة أنباء الحوزة - شارك آية اللّه عليرضا الأعرافيّ، مدير الحوزات العلميّة في إيران، في مؤتمر تكريم الذكرى الخمسين لرحيل آية اللّه العظمى السيّد محمّد هاديّ الميلانيّ، الذي انعقد يوم الخميس (4 دي 1404 الموافق لـ 25 ديسمبر 2025) في قاعة القدس لمكتبة العتبة الرضويّة المقدّسة بمدينة مشهد، حيث أشار إلى الأبعاد المختلفة لشخصيّة هذا المرجع الكبير، مؤكّدًا على دوره الخالد في التاريخ العلميّ والاجتماعيّ والسياسيّ للتشيّع.

تكريم علماء الدين ودورهم في النهضة الإسلاميّة

وفي مستهل كلمته، تطرّق مدير الحوزات العلميّة إلى مكانة علماء الدين في تشكيل النهضة الإسلاميّة، مبيّنًا أنّه يجب، قبل كلّ شيءٍ، استذكار الإمام الخمينيّ (رحمه اللّه)، والعلماء الكبار، والشهداء الأجلّاء الذين كانوا طليعة هذه النهضة العظيمة، معتبرًا أنّ جميع الحركات المباركة التي نشهدها اليوم، تعود جذورها إلى تلك النهضة الإلهيّة التي انطلقت بتأسيس الإمام الخمينيّ (رحمه اللّه) واستمرّت بتوجيهات سماحة القائد الأعلى الإمام الخامنئيّ.

وبعث سماحته بتحيّةٍ على الروح الملكوتيّة لآية اللّه العظمى الميلانيّ، مضيفًا أنّ تكريم مثل هذه الشخصيّات يُعدّ في حقيقته صونًا للهويّة العلميّة والمعنويّة والتاريخيّة للحوزات العلميّة.

المكانة التاريخيّة لحوزة مدينة مشهد العلميّة

وشدّد آية اللّه الأعرافيّ على الدور المحوريّ لحوزة مشهد العلميّة، موضحًا أنّ الحوزة العلمية في محافظة خراسان ومركزها مدينة مشهد كانت، على مرّ تاريخ البلاد، حوزةً عريقةً ومؤثّرةً وصاحبة دورٍ رياديٍّ، وقد بلغت في عصر آية اللّه العظمى الميلانيّ ذروة مجدها ومكانتها المميّزة، بحيث امتدّ تأثيرها إلى سائر الحوزات العلميّة. وأضاف أنّ هذه المكانة المحوريّة التي انبثق من رحمها القائد الأعلى للثورة الإسلاميّة الإمام الخامنئيّ، يجب أن تستمرّ بمزيدٍ من العمق والإشعاع المعرفيّ.

تابع أيضًا:

قائد الثورة: رسالة آية الله الميلاني الداعمة للإمام الخميني (قدس سره) بعد نفيه إلى تركيا وثيقة تاريخية

ستّة محاور أساسيّةٍ في شخصيّة آية اللّه الميلانيّ

وأشار مدير الحوزات العلميّة إلى أنّ شخصية آية اللّه الميلانيّ تتّسم بأبعادٍ متعدّدةٍ، مبيّنًا أنّه يمكن إبراز ستّة محاور أساسيّةٍ في شخصيّة هذا المرجع الكبير، يحتاج كلٌّ منها إلى دراسةٍ عميقةٍ ومستقلّةٍ.

المحور الأوّل؛ الشموليّة العلميّة والفقاهة الاستراتيجيّة

اعتبر آية اللّه الأعرافيّ أنّ المحور الأوّل يتمثّل في البعد العلميّ والفقهيّ، موضحًا أنّ فقاهة آية اللّه الميلانيّ كانت شاملةً وعميقةً، وهو يُعدّ من المراجع المتميّزين في علم الأصول، حيث قام بتربية أجيالٍ من الفضلاء في هذا المجال، وأثراه بأبحاثٍ مستفيضةٍ، وقد تخرّج على يديه تلامذةٌ بارزون أصبحوا اليوم من كبار الأساتذة والعلماء في الحوزات العلميّة.

وأضاف أنّه لم يكن فقيهًا محصورًا في الأحكام الفرعيّة، بل كان يمتلك رؤيةً قويّةً وفكرًا عميقًا في الفقه الأكبر، والمسائل العقديّة، والكلام، والتفسير، والحديث، وخلّف آثارًا قيّمةً في كلٍّ منها تخلّد ذكره.

وأكّد أنّ الفقيه القادر على قيادة المجتمع هو من يتحلّى بنظرةٍ شاملةٍ إلى المعارف الإسلاميّة ومدرسة أهل البيت (عليهم السلام)، وهي ميزةٌ تجلّت بوضوحٍ في شخصيّة آية اللّه الميلانيّ.

المحور الثاني؛ الأخلاق والإخلاص والسلوك المعنويّ المتوازن

وتطرّق آية اللّه الأعرافيّ إلى البعد الأخلاقيّ لشخصيّة آية اللّه الميلانيّ، مبيّنًا أنّ أخلاقه كانت متميّزةً وفريدةً، حيث كان الإخلاص، والزهد، والقناعة، والابتعاد عن حبّ الشهرة والألقاب، والسلوك المعنويّ الرشيد من الخصائص البارزة لهذا العالم الربّانيّ.

وأضاف أنّ الكثير من الأدوار والمساندات التي قام بها في الساحات العلميّة والاجتماعيّة كانت تجري في طيّ الخفاء خالصةً لوجه اللّه تعالى، مؤكّدًا أنّ هذا الإخلاص جوهرةٌ ثمينةٌ يجب على طلّاب العلوم الدينيّة تعزيزه في نفوسهم اليوم.

وأشار إلى أنّ سلوكه المعنويّ كان سلوكًا متوازنًا منبثقًا من الكتاب والسنّة، بعيدًا عن الإفراط والتفريط، ممّا جعله نموذجًا خالدًا للأجيال الشابّة في الحوزات العلميّة.

المحور الثالث؛ البعد الاجتماعيّ والصلة الوثيقة بالناس

وأوضح آية اللّه الأعرافيّ أنّ المحور الثالث يتمثّل في البعد الاجتماعيّ والشعبيّ، مبيّنًا أنّ آية اللّه الميلانيّ عالمٌ نشأ في النجف الأشرف، وترعرع في كربلاء المعلّى، وبلغ قمّة التألّق الاجتماعيّ والمعنويّ في مشهد المقدّسة.

وأضاف أنّ الصلة القريبة والحميمة بجماهير الشعب، والحضور الفاعل بين مختلف شرائح المجتمع، وعدم الانفصال عن المجتمع، كانت من السمات البارزة لهذا المرجع الكبير، إلى جانب علاقاته العلميّة والنخبويّة الواسعة مع الجامعيّين والمفكّرين.

المحور الرابع؛ الإدارة والتوجيه وإحداث التحوّل الحوزويّ

وأوضح مدير الحوزات العلميّة في شرحه للمحور الرابع أنّ آية اللّه الميلانيّ، إلى جانب مرجعيّته العلميّة والمعنويّة، كان متمتّعًا بقدرةٍ عاليةٍ على التوجيه وإدارة التيّارات العلميّة والاجتماعيّة، وأدّى دورًا تأسيسيًّا ومفصليًّا في تحوّلات حوزة مشهد العلميّة.

وصرّح بأنّ أسلوبه الإداريّ كان أسلوبًا متوازنًا؛ فلم يقع في فخ الحداثة التي لا أساس لها، ولم يكن أسيرًا للتحجّر والجمود، بل جمع بين حفظ المبادئ والأصول وفتح آفاقٍ علميّةٍ وتعليميّةٍ جديدةٍ في آنٍ واحدٍ.

المحور الخامس؛ الشخصيّة الدوليّة وهمّ الوحدة الإسلامية

وأشار آية اللّه الأعرافيّ إلى البعد الدوليّ لشخصيّة آية اللّه الميلانيّ، مبيّنًا أنّ تجربته في النجف وكربلاء وعلاقاته العلميّة الواسعة تدلّ على أنّ هذا المرجع الكبير كان متمتّعًا بشخصيّةٍ عابرةٍ للحدود الجغرافيّة.

وأضاف أنّ مراسلاته وتعاملاته العلميّة ومواقفه في العالم الإسلاميّ، بل وحتّى في تواصله مع أوروبا، كانت ترتكز على الوحدة الإسلاميّة والحوار الدينيّ والتعامل العقلانيّ، مع التزامٍ دقيقٍ بالضوابط الفقهيّة وأحكام الشريعة، مؤكّدًا أنّ مواقفه الصريحة ضد الكيان الصهيونيّ كانت واضحةً لا لبس فيها.

المحور السادس؛ البعد السياسيّ والثوريّ

وعدّ مدير الحوزات العلميّة المحور السادس هو البعد السياسيّ والثوريّ، مبيّنًا أنّ آية اللّه الميلانيّ يتبوّأ مكانةً ممتازةً بين مراجع الشيعة الكبار في مجال الفكر السياسيّ ودعم نهضة الإمام الخمينيّ (رحمه اللّه).

وأضاف أنّ الثورة الإسلاميّة نقلت العالم الإسلاميّ من حالة الانفعال والاستلاب إلى مرحلة الفعل والمقاومة الواعية وإنتاج الفكر، وكان آية اللّه الميلانيّ من المراجع الذين استوعبوا الرسالة العظيمة للنهضة الإسلاميّة وساندوها بقوّةٍ.

وفي ختام كلمته، أعرب آية اللّه الأعرافيّ عن أمله في أن تواصل حوزة مشهد العلميّة وسائر الحوزات العلميّة، المسار النورانيّ للثورة الإسلاميّة، باستلهام السيرة العلميّة والعمليّة لآية اللّه العظمى الميلانيّ، وأن يضطلع الطلّاب الشباب بدورٍ فاعلٍ في تحقيق تطلعات الثورة الإسلاميّة والشهداء الأبرار.

آية اللّه الأعرافيّ: آية اللّه الميلانيّ كان من روّاد دعم نهضة الإمام الخمينيّ (رحمه اللّه)

آية اللّه الأعرافيّ: آية اللّه الميلانيّ كان من روّاد دعم نهضة الإمام الخمينيّ (رحمه اللّه)

آية اللّه الأعرافيّ: آية اللّه الميلانيّ كان من روّاد دعم نهضة الإمام الخمينيّ (رحمه اللّه)

لمراجعة التقرير باللغة الفارسيّة يرجى الضغط هنا.

المحرر: أمين فتحي

المصدر: وكالة أنباء الحوزة

سمات

تعليقك

You are replying to: .
captcha