الجمعة 17 أكتوبر 2025 - 13:55
آية اللّه العظمى السبحانيّ: النساء فاعلاتٌ ومؤثّراتٌ في الفضاء الاجتماعيّ.. الإسلام رسّم مسارًا مشرقًا لكرامة المرأة

وكالة الحوزة - وجّه سماحة آية اللّه جعفر السبحانيّ رسالةً إلى المشاركين في المؤتمر الوطنيّ الأوّل تحت عنوان «المرأة والأسرة؛ دراساتٌ وحيانيّةٌ وعقلانيّةٌ» المنعقد في مدينة كرمانشاه الإيرانيّة، وصف فيها هذا الحدث خطوةً كريمةً وجديرةً بالتقدير، ونموذجًا يُحتذى به في أوساط الأمّة الإسلاميّة.

وكالة أنباء الحوزة - أُقيمت مراسم اختتام المؤتمر الوطنيّ «المرأة والأسرة؛ دراساتٌ وحيانيّةٌ وعقلانيّةٌ» صباح يوم الخميس 24 من شهر مهر (الموافق لـ 16 أكتبر)، برسالةٍ من سماحة آية اللّه الشيخ جعفر السبحانيّ، وذلك في قاعة المؤتمرات التابعة لمركز التنمية الفكريّة للأطفال والناشئين الواقعة في شارع الشهيد بهشتي بمدينة كرمانشاه الإيرانيّة. وفيما يلي نص الرسالة:

بسم اللّه الرحمن الرحيم

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً﴾ [سورة النساء: 1]

إنّ المرأة في الرؤية الإسلاميّة كائنٌ إلهيٌّ يوازي الرجل في أصل الخِلقة، وشريكٌ له في رسالة بناء الإنسان. يؤكّد القرآنُ الكريم أنّ كليهما خُلِقا من «نفسٍ واحدةٍ»، إذ يقول تعالى: ﴿خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾، ليُبيّن أنّه لا فرق بينهما في جوهر الإنسانيّة ولا في القابليّة لبلوغ الكمال.

لقد رسمت مدرسة الإسلام السامية، من خلال تقديم السيّدة فاطمة الزهراء (س) نموذجًا أعلى للمرأة المؤمنة والمفكّرة، مسارًا مشرقًا لكرامة المرأة؛ فكانت تلك السيّدة الجليلة، إلى جانب عفّتها وحيائها، رائدةً سبّاقةً في ميادين العلم، والإيمان، والدفاع عن الولاية، وتربية الجيل المؤمن. وبذلك، أثبتت أن «المرأة» يمكن أن تكون محور الهداية واليقظة للمجتمع.

وفي مقابل هذه الحقيقة المشرقة، عمدت المدارس المادّيّة والثقافة الغربيّة، بانفصالها عن الوحي والفطرة والعقلانيّة النقيّة، إلى اختزال منزلة المرأة في حدودٍ ضيّقةٍ من اللذة والمنفعة، وإلى تجريد الأسرة من قدسيّتها ومعناها؛ فكانت النتيجة انهيار الروابط الأخلاقيّة وضعف بنيان الأسرة في المجتمعات المعاصرة.

وبناءً على تعاليم الدين الإسلاميّ الحنيف، فإنّ النساء فاعلاتٌ ومؤثّراتٌ في الفضاء الاجتماعيّ، وعليه، فإنّ كلًّا من الرجال والنساء يساهمان معًا في تلبية الاحتياجات الاجتماعيّة، ويجب أن يكون كلاهما في خدمة المجتمع، غير أنّ مجال الخدمة يختلف لكلٍّ منهما، ويُعَدُّ الإقرارُ بهذا الاختلاف والسعي لمراعاته عينَ العدالةِ وجوهرَ التكريم للمرأة والرجل.

في يومنا هذا، ونظرًا لـسيل التساؤلات وطوفان الهجمات في مجال قضايا «المرأة والأسرة»، بات المجتمع الإسلاميّ أحوج من أيّ وقتٍ مضى إلى إعادة نظرٍ حكيمةٍ في مجال «هويّة المرأة والأسرة ومكانتهما»، في ضوء المعارف القرآنيّة والعقل النقيّ.

وإنّ انعقاد المؤتمر الوطنيّ تحت عنوان «المرأة والأسرة؛ دراساتٌ وحيانيّةٌ وعقلانيّةٌ» في مدينة كرمانشاه الحاضنة للعلماء، يُعدّ خطوةً كريمةً ومبشّرةً في هذا المسار. ولا شك أنّ الحوارات العلميّة والأبحاث المتعمّقة، إذا انبثقت من العقل والوحي، يمكن أن تكون مشعلًا يُنير الطريق للمجتمع ونموذجًا تستلهمه الأمّة الإسلاميّة في مسيرتها.

وإنّي أعبّر عن خالص الشكر والتقدير لجميع المفكّرين والأساتذة والباحثين، وخاصّةً النساء الفاضلات اللاتي يشاركن بأفكارهنّ في هذا المؤتمر حول «المرأة والأسرة»، راجيًا أن تكون ثمرة هذا التبادل الفكريّ مصدرًا لبركاتٍ علميّةٍ وثقافيّةٍ تُسهم في ترسيخ دعائم الأسرة المقدّسة والارتقاء بمنزلة المرأة المسلمة في المجتمع.

وأسأل اللّه تعالى أن يمنح جميع القائمين على هذا العمل القيّم مزيدًا من التوفيق، وأن يُسدّد خُطاهم في خدمة القرآن والعترة، والقيم الأسريّة الأصيلة.

والسلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته.

جعفر السبحانيّ

قم - الحوزة العلميّة

لمراجعة الرسالة باللغة الفارسيّة يرجى الضغط هنا.

المحرر: أمين فتحي

المصدر: وكالة أنباء الحوزة

سمات

تعليقك

You are replying to: .
captcha