السبت 2 أغسطس 2025 - 22:43
خطيب جمعة بغداد: العراق ما زال تحت الهيمنة الأمريكية والمطلوب بناء دولة المؤسسات لا دولة الأشخاص

وكالة الحوزة - حذّر آية الله السيد ياسين الموسوي من استمرار الهيمنة الأمريكية على العراق ودعا إلى بناء دولة مؤسساتية قوية بدلاً من حكم الأفراد، مؤكدًا أن القرارين السياسي والعسكري لا يزالان خاضعين للسيطرة الأمريكية رغم مرور عقدين على سقوط النظام السابق.

وكالة أنباء الحوزة - أكد آية الله السيد ياسين الموسوي، إمام جمعة بغداد والأستاذ البارز في حوزة النجف الأشرف، أن العراق لا يزال يخضع لهيمنة القرار الأمريكي، رغم مرور أكثر من عشرين عامًا على إسقاط النظام السابق، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة لا تزال تتحكم في المفاصل الأساسية للقرارين السياسي والعسكري في البلاد.

وفي خطبته، شدد السيد الموسوي على أن الحديث المتكرر عن "الهيمنة الإيرانية" في العراق ما هو إلا فزّاعة يُراد منها صرف الأنظار عن الهيمنة الأمريكية الحقيقية. وأضاف: "حتى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب صرّح بأن إيران لا تمتلك أي نفوذ فعلي في العراق، لا في السياسة، ولا في الاقتصاد، ولا في الأمن. أنا لا أدافع عن إيران، بل أُحمِّل أمريكا مسؤولية التبعية والخلل المؤسسي الذي يعانيه العراق".

وأشار الموسوي إلى أن العراق لم يتمكن حتى الآن من تأسيس مؤسسات دولة حقيقية، مبينًا أنّ الوزارات تُدار بعقلية شخصية، حيث يقوم كل وزير جديد بتغيير الكوادر الإدارية بالكامل، دون أي تراكم مؤسسي. وقال: "نحن بحاجة إلى وزارات تُبنى على أساس قانوني وتراتبي كما هو الحال في إيران، حيث لا تتوقف الدولة على وجود شخص معين".

وانتقد السيد الموسوي بشدة غياب الاستقلالية في القرار الأمني، مؤكدًا أن القوات الأمنية العراقية تُدار فعليًا من قبل القيادة الأمريكية. وتابع: "القوات المشتركة في البلاد تخضع لإدارة أمريكية مباشرة، وقائد غرفة العمليات المشتركة أمريكي. لا يمكن لأي طائرة عراقية أن تُقلِع أو تهبط دون إذن من التحالف الدولي، فأين السيادة؟".

وعبّر الموسوي عن أسفه الشديد لواقع الجيش العراقي، قائلاً: "إن العراق لا يمتلك اليوم جيشًا قادرًا على حماية أراضيه، بسبب السياسات الأمريكية التي عمدت إلى تفكيك الجيش وتسريح مؤسساته الأمنية بعد عام 2003". وتساءل: "هل لدينا تدريبات عسكرية حقيقية؟ هل أجرينا مناورات فعلية؟ نحن بلد بلا أدوات دفاعية فاعلة".

وتطرق الموسوي إلى مشكلات البنية التحتية والتخطيط العمراني، مشيرًا إلى أن العراق يفتقر إلى وزارة تخطيط فعالة وقادرة على وضع رؤية حضارية لبناء المدن الحديثة. وقال: "المشاريع تُطلق دون دراسة، وتُصرف عليها المليارات، ثم تُهمَل. المواطن لا يرى تحسنًا فعليًا في الخدمات، من كهرباء وماء وشوارع، بل الحلول التي تُقدَّم مؤقتة ولا ترتقي لمستوى الحاجة".

وفي سياق حديثه عن القضية الفلسطينية، حذر السيد الموسوي من مخاطر تصويت الكنيست الإسرائيلي لصالح ضم الضفة الغربية، معتبرًا أنّ القرار لم يكن فرديًا من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بل يمثل إجماعًا يهوديًا كاملاً في الكنيست. وأوضح أن مشروع "الدولة اليهودية الكبرى" ليس جديدًا، بل يعود إلى ما قبل وعد بلفور، وهو جزء من مخطط عمره أكثر من قرن لابتلاع مزيد من الأراضي العربية.

وأضاف أن الولايات المتحدة، لا سيما في عهد ترامب، سعت لتمكين إسرائيل من هذا المشروع، عبر دعم مباشر وواسع النطاق، لكنه فشل بفضل صمود المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق.

وأكد الموسوي أن قوى المقاومة لا تزال في أوج قوتها، مشددًا على أن الشيعة في المنطقة هم الجدار الأخير بوجه المشروع الأمريكي–الإسرائيلي. وقال: "الشهداء الذين سقطوا في العراق ولبنان وإيران ما زالوا حاضرين في وجدان الأمة، يقودونها من العالم الآخر. السيد حسن نصر الله، الشهيد أبو مهدي المهندس، وكل القادة المضحين، هم رموز لصمود لا يُكسر".

وفي ختام خطبته، وجّه السيد الموسوي رسالة إلى العراقيين دعاهم فيها إلى تجاوز منطق انتخاب الأفراد بناءً على الوعود والكلام العاطفي، والبحث عن مناهج وبرامج حقيقية تنهض بالبلاد. وقال: "لا يكفي أن نختار من نحب أو من يَعِد، بل نحتاج إلى مشروع نهضوي شامل تقوده الأمة لا الأفراد".

وشدد على أن مستقبل العراق لن يُبنى إلا بتحريره من التبعية، وبناء مؤسسات قوية ذات قرار مستقل، وتخطيط استراتيجي واضح يستعيد السيادة السياسية والأمنية، وينهض بالواقع الاقتصادي والاجتماعي والخدمي.

سمات

تعليقك

You are replying to: .
captcha