وكالة أنباء الحوزة - عُقد أول مؤتمر دولي لتكريم العلامة الملا عبد الله البهابادي اليزدي في جامعة الكوفة، بمشاركة العتبة العلوية المقدسة، يومي 16 و17 فبراير 2025. وقد ألقى الدكتور سليم الجصاني، عميد كلية الفقه، كلمة الترحيب في افتتاحية المؤتمر، مؤكدًا على أهمية إحياء تراث العلماء الأعلام والاستفادة من إنجازاتهم العلمية والدينية.
وأشار الدكتور الجصاني إلى أن المؤتمر يهدف إلى تسليط الضوء على جهود العلامة البهابادي اليزدي في خدمة العلم والمعرفة، ودوره البارز في نشر علوم أهل البيت (عليهم السلام) في أروقة النجف الأشرف وخارجها. كما أكد على أن هذا المؤتمر يعد وفاء لجهود العلماء الذين كرسوا حياتهم لخدمة الإنسانية.
وشهد المؤتمر مشاركة نخبة من الأكاديميين والحوزويين والباحثين من إيران والعراق، حيث ناقشوا حياة العلامة البهابادي وأعماله وأفكاره العلمية، مما أظهر استقبالًا واسعًا لهذا الحدث الثقافي الهام.

وفيما يلي نص كلمته الترحيبية:
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الحمدُ للهِ الّذي يطيبُ الحديثُ بحمدِهِ, وتطمئنُّ القلوبُ بذكرهِ، وبذكرِ الصَّلاةِ على الرَّسولِ الكريمِ وآلهِ الطَّيبينَ الطَّاهرينَ.
سعادةَ الباحثينَ منَ المُشاركينَ الأفاضِلِ والمُشاركاتِ الفُضلياتِ؛ الأكارمُ الذينَ تجشّموا عناءَ السَّفرِ من فُضلاءِ العلمِ فأكرمُونا بحضورِهمِ البهيِّ ... السَّادةُ أعضاء مجلسِ جامِعةِ الكوفةِ الأفاضلُ.. الفُضْلَياتُ... خدَمَةَ أميرِ المؤمنينَ الأجِّلاءَ؛ زملائي الأساتذةَ... الأستاذاتِ... الطّلابُ الأعِزَّاءُ ... الطَّالباتُ العزيزاتُ... معَ حفظِ جميعِ المقاماتِ والألقابِ ... الحضورُ الكريمُ السَّلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ؛ وطِبْتُمْ وطَابَتْ أوقاتُكمْ بكلِّ خيرٍ وسلامةٍ وتوفيقٍ.
العلماءُ الأعلامُ، قالَ عزَّ شأنُهُ: (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ)؛ وقالَ تعالى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ) آياتٌ كريماتُ هي وغَيْرها تُشيرُ إلى دعمٍ ملحوظٍ للعلمِ والعلماءِ، وهو دعمٌ نلمسُهُ منَ الحثِّ السَّماوِيِّ للأنبياءِ كافَةً؛ وكذلكَ الدَّوافِعُ الذَّاتيَّةُ.
العلماءُ الذين استحقّوا هذهِ المكانةَ المُميَّزةَ في خشيتهِم منَ اللهَ عزَّ وجلَّ لِنهجِهم على وفقِ ما اختارَ رسولُ اللهِ (ص) مِمَّا وردَ عنهُ: (خُيِّرَ سُلَيمانُ بَينَ المُلكِ والمالِ والعِلمِ فَاختارَ العِلمَ، فَاُعطِيَ العِلمَ والمالَ والمُلكَ بِاختِيارِهِ العِلمَ)؛ ولِاقتدائِهم بالعلمِ على وفقِ ما وردَ من توجيهِ أميرِ المؤمنينَ (عليهِ السَّلامُ): (أيُّهَا النّاسُ، اِعلَموا أنَّ كَمالَ الدّينِ طَلَبُ العِلمِ والعَمَلُ بِهِ ... إلى قولهِ (عليهِ السَّلامُ) .. والعِلمُ مَخزونٌ عَلَيكُم عِندَ أهلِهِ قَد اُمِرتُم بِطَلَبِهِ مِنهُم). وأهلهُ بعدَ النَّبيّ وآلِهِ هُمْ العُلمَاءُ؛ ومَن نحتفي بهِ هو واحدٌ منهم.
العُلماءُ الأعلامُ، مِنْ أروقةِ الدَّرسِ العلميِّ في النَّجفِ الأشرفِ نحتفِي بمنْ قصدَ النَّجفَ الأشرفَ قادمًا منْ يَزْد لِينهلَ من جوارِ الأميرِ (عليهِ السَّلامُ) وطالَ مكوثُهُ في أرضِ الغريّ بِنسماتٍ علويَّةٍ تشرَّبَتْ في دواخِلِهِ أخلاقًا وعملاً؛ لِينتجَ اليزديّ تراثًا ثَرًّا ومواقفَ شغلَتْ مساحةً مِنَ العملِ في الصَّحنِ العلوِيِّ الشَّريفِ لِتستقرَ في عقولِ النُّخَبِ الواعيةِ وتعلَقَ في أفئدةِ المُحبّينَ؛ بما تضمُّهُ الغَرِيُّ وتشكِّلَهُ من مكانةٍ فرضَها الوجودُ العلويُّ؛ إذْ قالَ ابنُ أبي الحديدِ:
يا بَرقُ إنْ جئتَ الغريَّ فقلْ لهُ ** أَتُرَاكَ تَعلمُ من بأرضِكَ مودَعُ
فيكَ ابنُ عُمرَانَ الكليمُ وَبعدَهُ ** عيْسَى يُقفِّيهِ وأحمدُ يَتبَعُ
بَلْ فيكَ جبريلٌ وميكالٌ وإسرا ** فيلُ والملأُ المقدَّسُ أجمَعُ
بَل فِيك نُورُ اللَّه جَلَّ جَلالُهُ ** لِذوي البَصائرِ يستشفُّ ويلمَعُ
فيكَ الإمامُ المُرتَضى فيكَ الوَصيُّ ** المُجتبي فيكَ البطينُ الأنزَعُ
الحضور الكريم، المُلّا نجمُ الدِّينِ عبدُ اللهِ شهاب الدّينِ البهاباديّ اليزديّ المعروفُ في أروقةِ حوزةِ النَّجفِ الأشرفِ بالمُلّا عبدِ اللهِ اليزديِّ المتوفَّى سنةَ 981ه؛ هو فقيهٌ ومنطِيقٌ وعالِمٌ مُميَّزٌ، مولدُهُ في بهابادَ بيزد؛ إذ نشأ فيها وشدَّ الرِّحالَ إلى شيرازَ وأصفهانَ طلبًا للعلمِ؛ وهو صاحِبُ الشَّخصيَّةِ العلميَّةِ الموسوعيَّةِ الَّتِي عملتْ على نشرِ معارفِ أهلِ البيتِ (عليهم السَّلامُ)؛ ولشهرتِهِ العلميَّةِ وعلاقَاته معَ أتباعِ الأديانِ والمذاهبِ فضلًا عن رؤيتِهِ الواسعةِ أُسندَ إليهِ تولّي سدانةِ الحَرَمِ الشَّريفِ لِلإمامِ عليٍّ (عليهِ السَّلامُ)؛ ليستثمرَ علاقاتِهِ بالدَّولةِ الصَّفويَّةِ لنشرِ التَّشيُّعِ, لهُ مؤلفاتٌ بالعربيَّةِ والفارسيَّةِ ولكنَّهُ اشتُهِرَ بصاحبِ الحَاشيةِ اليزديّ النَّجفيّ؛ إذ عاشَ في النَّجفِ الأشْرفِ ودُفِنَ فيهِ.
فالمُلّا عبدُ اللهِ اليزديّ هاجرَ الى النجفِ الأشرفِ محبَّةً بأميرِ المؤمنينَ (عليهِ السَّلامُ) ودُفنَ إلى جوارِهِ بعدَ خدمتِهِ في سدَنَةِ الصَّحنِ الشَّريفِ والضَّريحِ المُقدَّسِ, ممَّا يلهمُنا دروسًا ذاتَ أهميَّةٍ كبيرةٍ؛ فأميرُ المؤمنينَ (عليهِ السَّلامُ) يُقصدُ ويُشدُ اليه الرحال؛ وتُنشدُ فيه وفي ضريحهِ القصَائدُ؛ ومنها ما قالَه أستاذُ النَّحوِ في كُلِّيَّةِ الفقهِ المرحومُ عبدُ المهدِي مطرُ:
لــعـْلـِعْ بــبــابِ عــلــيٍ أيــُّهـا الــذَّهـبُ ** وأخطفِ بأبصارِ من سَرّوا ومَن غَضِبوا
مـــا قـيـمـةُ الـذَّهـبِ الـوهَّاجُ عـنَـد يــدٍ ** عــلـى الــسَّـواءِ لـديـها الـتِّـبرُ والـتَّـرُبُ
قــمْ وانـظُـرْ العدلَ قــد شـيدَتْ عِـمارتُهُ ** والـجـورُ عـندَك خِـــزيٌ بـيـتُـهُ خَـــرِبُ
العلماءُ الأجلاءُ ... الجليلاتُ، أُحييّكُمْ وأُرحِبُ بكُم أجملَ ترحيبٍ, وأزكى ترحيبٍ, أرحِّبُ بكُم باسمِ ملاكاتِ كُلِّيَّةِ الفقهِ العلميَّةِ والإداريَّةِ. ونشكرُ لكُم هذا الحضورُ الَّذي جاءَ في هذهِ الأيَّامِ المُباركاتِ من شهرِ شعبانِ المُباركِ؛ ذكرى ولادَاتِ الأئمةِ الأطهارِ (عليهِم أفضلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ). معَ مباركةٍ خاصةٍ بمناسبةِ ذكرى ولادةِ صاحبِ العصرِ(عجل اللهُ تعالى ظهورهُ)...مباركٌ لكم وللمُجتمعاتِ الإنسانيَّةِ ولجندِهِ من العُلماءِ والمحبِّينَ.
سعادةَ الذَّينَ تجشَّموا عناءَ السَّفرِ إلى العِراقِ والنَّجفِ الأشرفِ؛ إذ قصدوا مدينةَ العلمِ والعُلماءِ وجامِعتَها الأكاديميَّةَ جامِعَةَ الكُوفةِ الغرَّاءِ؛ إذ قصدوا بِالمحبَّةِ كُلِّيَّةَ الفقهِ العرِيقةَ وأروقةَ الدَّرسِ العلمِيِّ؛ والبحثِ الأكاديميّ.
الأفاضلُ ... الفُضلَياتُ، مرة أخرى وأخرى ومن تحتِ خيمةِ أميرِ المؤمنينَ(عليهِ السَّلامُ) نُرحِّبُ بكُم أجملَ ترحيبٍ, ومن الأرضِ المُباركةِ أرضِ النَّجفِ الأشرفِ نُجدِّدُ التَّعريفَ بمحبَّتِنا لكُم وسرورِنا بمجيئكُم ... ومنْ جوارِ أميرِ المؤمنينَ (عليهِ السَّلامُ)؛ ومنْ أروقةِ جامِعةِ الكوفةِ المِعطاءِ, ودواخلِ كُلِّيَّةِ الفقهِ العرِيقةِ نرحِّبُ بالعُلماءِ الأعلامِ.... نُرحِّبُ بالمشاركينَ الأفاضلِ والمشاركاتِ الفُضلياتِ ... نرحِّبُ بطلَبةِ العلمِ ... نرحِّبُ بالحضورِ الكريمِ الذينَ يدّخرونَ محبَّةَ الرَّسولِ وأهلِ بيتِهِ(عليهِم أفضلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ)؛ نرحِّبُ بمنْ يرومُ العلمَ ويسعى إلى نشرِ الفضيلةِ بِاعتمادِ المُدَّخرِ الأخلاقِيّ الَّذي نحتفِي ببعضِهِ في هذا المؤتمرِ الدَّوْليّ التّكريميّ.
ويسرُّنا أنْ نعملَ بجدٍ واجتهادٍ بِفعَّالياتٍ عِلميَّةٍ وبمشارَكةٍ واسِعَةٍ معَ نُخبَةٍ عُلمائيَّةٍ ومؤسَّساتٍ عامِلةٍ؛ لِاقامةِ المؤتمرِ الدَّوْلِيّ الأوَّلِ لِتكريمِ العلَّامةِ المُلّا عبدِ اللهِ اليزديّ الَّذي يُمثلُّ وفاءً للأمَّةِ والإنسانيَّةِ وخِدمَةً لِعُلماءِ الفكرِ الإسلاميّ الأصيلِ؛ الَّذي سَبقَهُ جهدٌ كبيرٌ تَمثَّلَ بالاجتماعاتِ والنَّدواتِ وورشِ العملِ في داخلِ العِراقِ وخارجِهِ ... كذلكَ يَسرُّنا أنْ نُسجِّلَ الشُّكرَ الموصولَ لوجودِكُم الطّيّبِ الجالِبِ لنفحاتِ قُم المُقدَّسةِ وعِطرِ خُراسانِ أنيسِ النُّفوسِ (سلامُ اللهِ عليهِ)؛ وأرضٍ قالَ فيها المُتنبيّ الكوفيُّ:
مَغانِي الشِّعبِ طِيبًا في المَغانِي ** بِمَنزِلَةِ الرَبيعِ مِنَ الزَمانِ
غَدَونا تَنفُضُ الأَغصَانُ فيها ** عَلى أَعرافِها مِثلَ الجُمانِ
فَسِرتُ وَقَد حَجَبنَ الشَمسَ عَنّي ** وَجِئنَ مِنَ الضِّياءِ بِما كَفانِي
الحضورُ الكريمُ، شكرٌ وامتنانٌ وعرفانٌ لِأمانةِ المؤتمرِ ولِجَانِهِ ولِرئاسةِ جامِعَةِ الكُوفةِ الغراء ولِمجلِسِها المُوقّرِ لِدعمهِ الكبيرِ؛ ولِملاكاتِ الجامِعةِ والكُلِّيَّةِ لعملِهِم الدَّؤُوبِ منْ أجلِ إنجاحِ هذا اللِّقاءِ المُباركِ ومِنْ أجلِ خِدْمةِ الأحبَّةِ المُشاركينَ فيهِ؛ وشكرٌ خاصٌّ لِخَدَمَةِ أميرِ المؤمنينَ (عليهِ السَّلامُ)؛ وللسّيّدينِ د.عبدي بور ود. حُسَيْن الصّافِي المُحترمينَ.
الحضورُ المباركُ، لا أودُّ الإطَالةَ وما وددْتُها ولِكنّها رغبةُ ملاكاتِ الكُلِّيَّةِ ورغبتِي في تقديمِ الشُّكرِ لكُمْ لِحضورِكم الطِّيبِ، وكذلكَ شكرٌ موصولٌ لِأفذاذِ لِجَانِ المؤْتمرِ ولِلقائمينَ عليهِ وللسَّاعينَ إلى إنجاحِهِ بمشاركاتِهم العلميَّةِ؛ لِذا كمَا بدأتُ بذكرِ اللهِ عزَّ وجلَّ أختمُ بذكرِهِ سبحانَهُ وبالصَّلاةِ على محمَّدٍ وآلِ محمَّدٍ... والسَّلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاتُه.
المحرر: ا. د
المصدر: وكالة أنباء الحوزة
تعليقك