وكالة أنباء الحوزة - رأى قائد الثورة الإسلامية، الإمام الخامنئي، أنّ ابتكار نظرية الجمهورية الإسلامية وتحققها، أي «تشكيل حكومة على أساس الإسلام الخالص والمستند إلى السيادة الشعبية الناشئة من أعماق الإسلام»، هو «أهم ابتكار للإمام (الخميني) العظيم الراحل». وربط، في خطاب متلفز بمناسبة الذكرى 32 لرحيل الإمام الخميني اليوم الجمعة (4/6/2021)، بين «دوام الجمهورية الإسلامية ونظام الإمام الخميني رغم تنبؤات الأعداء كافة بزوال هذا النظام»، وبين «اجتماع كلمتي "جمهورية" و"إسلامية"، أي الحاكمية التوأم للإسلام والناس»، قائلاً: «من الآن فصاعداً إنّ الاجتماع بين هاتين الكلمتين سيكون ضمانةً للتقدم المستمر».
وفي إشارة إلى تجدد الشعور بذكرى الإمام في أيام وفاته، قال الإمام الخامنئي: «الشعب والبلاد بحاجة دائمة إلى حراسة ذكرى تلك الشخصية العظيمة وتوجيهاتها، ذلك القائد الذي لا يمكن تعويضه، ذلك الحكيم ذو الإرادة الفولاذية وذو القلب العطوف والإيمان العميق». واسترجع سماحته «بداية الثورة الإسلامية والحجم غير المسبوق للتنبؤات المتكررة للطامعين في العالم بدمار الجمهورية الإسلامية في غضون شهرين أو ستة أو بحد أقصى سنة»، قائلاً: «صلابة الإمام وعزمه، والانتصارات المشرقة للشعب في الحرب وغيرها من القضايا، خففت هذه الضجة، لكن بعد رحيل الإمام الخميني كرر الأعداء والمغرضون أمنيتهم: زوال الجمهورية الإسلامية». وتأكيداً لـ«الهزيمة الكاملة لتوقعات الأعداء، وللاقتدار والتقدم والتطور المستمر للجمهورية الإسلامية»، أضاف: «السرّ العظيم والمشرِّف لديمومة نظام الإمام الخميني هو الاجتماع بين كلمتي جمهورية وإسلامية».
لذلك، وصف قائد الثورة الإسلامية «ابتكار نظرية الجمهورية الإسلامية» بأنه «العمل العظيم للإمام الخميني»، قائلاً: «قدّم الإمام العظيم هذه النظرية إلى ميدان النظريات السياسية الدولية، وبقوة الشعب ومعرفته العميقة به، أضفى عليها العينية وحقّقها»، وذلك بناء على «المعرفة والإحاطة الشاملة للإمام الخميني بالمعارف الإسلامية التي كانت تمثّل الركيزةَ لخلق نظرية الجمهورية الإسلامية وتحقيقها... فتوصّل الإمام إلى ضرورة أنْ يحكم الإسلام، وأنّ الإيمان بالناس هو من قلب الإسلام الأصيل، وقد كان لديه (الإمام الخميني) إيمان عميق بذلك».
وحول المعارضين الشرسين للجانبين الإسلامي والشعبي للجمهورية الإسلامية، قال الإمام الخامنئي: «بعض معارضي الحكم الإسلامي هم العلمانيون غير المتدينون، وهؤلاء يعتقدون أن الدين ليس لديه شأن في تشكيل نظام سياسي وإدارة البلاد، وإنما ينحصر في المسائل الفردية والعبادات، وبعض العلمانيين كانوا يعتقدون أصلاً أن الدين مضرّ أساساً وأنه أفيون المجتمع». وتابع سماحته: «تؤمن فئة أخرى من معارضي الحكم الإسلامي بالدين لكنهم يقولون إن الإسلام لا ينبغي أن يُلوّثَ بالسياسة، وهؤلاء في الواقع هم علمانيون متدينون لا يؤمنون بتدخل الدين وحاكميته في شؤون الحياة السياسية والاجتماعية».
أما المعارضون لمبدأ شعبية الجمهورية الإسلامية، فهم فئتان أيضاً في رأي سماحته، إذ «يرى بعض هؤلاء المعارضين، وهم ليبراليون علمانيون، أنّ الديموقراطية والسيادة الشعبية يجب أنْ يصنعها الليبراليون والتكنوقراط، وأنّ هذه المسألة لا علاقة لها بالدين»، مضيفاً: «المجموعة الثانية من معارضي السيادة الشعبية الدينية يؤمنون بالدين لكنهم يقولون إنّ الناس لا شأن لهم في الحكم الديني وإنّ الدين يجب أنْ يشكّل حكومة دون الاستناد إلى الناس ودورهم... ظهر النموذج الإفراطيّ لهذه الوجهة في السنوات الأخيرة عبر تشكّل "داعش"». ومقابل ذلك كله، وصف سماحته «حاكمية الدين استناداً على الناس بأنها استنباط ونظرية علمية لا عاطفية، فالسيادة الشعبية الدينية نشأت من قلب الإسلام، ومن ينكر ذلك، لم يطالع القرآن ولم يتدبّر فيه».
قائد الثورة الإسلاميّة قدّم شرحاً حول قضية السيادة الشعبية الدينية وحاجة الحكومات إلى الدعم الشعبي، فقال: «الحكومات التي لا تحظى بدعم شعبي لن يكون لها خيار سوى اللجوء إلى القمع والظلم، وبما أن الظلم لا يجوز في الحكم الإسلامي، لن يتحقّق الحكم الإسلامي ويستمرّ إلا بالدعم الشعبي»، مستدركاً: «هناك من يقولون إن الإمام أخذ السيادة الشعبية من الغربيين. هذا كلام لا أساس له، لأن الإمام لم يكن ذلك الذي يتخلى عن حكم الله بسبب الإحراج».
في المقابل، رأى أن «الإمام الخميني العظيم، بهذا التفكّر الديني الجديد القائم على المعرفة الدينية العميقة، أدخل الشعب الإيراني بعدما تأقلم مع الاستبداد قروناً إلى الميدان لينفّذوا بإيمان بقدراتهم أعمالاً عظيمة مثل الإطاحة بالنظام الملكي الذي دام بضعة آلاف سنة، ثم الصمود في حرب السنوات الثماني التي شُنّت بالاستناد إلى دعم من القوى الكبرى كافة في العالم». كذلك، أوضح سماحته أن الإمام الخميني «كان يرى في كلمتي "جمهورية" و"إسلامية"، اللتين تعنيان "حاكميّة الإسلام" و"حاكمية الناس"، حلاً للمشكلات كافة»، قائلاً: «كلما تمت الاستفادة من الناس، تمت مراعاة ضوابط الإسلام ومضينا قُدُماً، وأينما لم تتم ملاحظة أحدهما، لم نتقدّم».
في خلاصة لهذا الموقف، رأى الإمام الخامنئي أن الأخذ بالحسبان رأيَ «الناس مسألة مهمة للغاية»، موضحاً: «يمكن النظر إلى هذه المسألة من منظورين: (الأول) منظور ديني وعقدي وفي إطار المسؤولية والحق، (والثاني) أنّ التحقّق العملي لحاكمية الدين من هذا المنظور غير ممكن من دون الناس».
وفي حديثه عن بعض الكلمات للإمام الخميني حول الإسلام والسيادة الشعبية، قال: «من وجهة نظر الإمام الإسلامُ، من جهة، هو ضدّ التحجر (العقديّ) والالتقاط (الفكري) وضدّ الظلم والاستكبار والفساد والانتهازية، ومن جهة أخرى ضدّ هيمنة أمريكا وتدخل الأجانب وضدّ الأرستقراطية والاختلاف الطبقي، فيما يقف إلى جانب المحرومين، ويطلب العدالة». أيضاً، ذكّر سماحته بآراء الإمام الخميني في السيادة الشعبية والانتخابات بالقول: «كان يرى أن الانتخابات فريضة دينية... للأسف هناك من يرددون أقوال الأعداء بأدبيات مختلفة، فيتحدثون أحياناً عن الحاجة إلى نزع الأيديولوجية والتوجه نحو الليبرالية الديمقراطية، وأحياناً يأتون من موقع الحرقة على قدسية الدين، بل يقول بعضهم إن الضوابط الإسلامية لا يمكن جمعها مع السيادة الشعبية!».
في الجزء الأخير من خطابه، تكلّم قائد الثورة الإسلامية حول الشؤون الانتخابية الأخيرة ولا سيما أن بعض المسجلّين للترشح لم يحرزوا الأهلية، منبهاً إلى «تعرّض بعض الأشخاص الذين لم تُحرَز أهليتهم للظلم والجفاء، إذ نُسبت أشياء مخالفة للواقع لهم أو لعائلاتهم، وهي عائلات محترمة وعفيفة، ثم ثبت أن تلك التقارير مخالفة وغير صحيحة». وجراء نشر هذه الأمور بين الناس وفي الفضاء المجازي، رأى سماحته أن «حفظ الكرامة من أسمى حقوق الإنسان»، مطالباً «الجهات المسؤولة بالتعويض عن الحالات التي أُبلغ فيها تقرير مخالف للواقع عن ابن شخص أو عائلته».
رمز الخبر: 363184
٤ يونيو ٢٠٢١ - ٢١:٤٨
- الطباعة
وكالة الحوزة - أكد قائد الثورة الإسلامية، الإمام الخامنئي، في خطاب متلفز مباشر بمناسبة ذكرى رحيل الإمام الخميني (قده)، أن «السر العظيم لدوام الجمهورية الإسلامية» هو كلمتان، هما «جمهورية» و«إسلامية»، موضحاً أن «العمل العظيم لإمامنا الجليل هو خلق هذه الفكرة والنظرية للجمهورية الإسلامية وإضفاء العينية عليها»، وأنّ تحقيق هذه النظرية «استند إلى معرفته العميقة بالإسلام والناس».