الأربعاء 10 ديسمبر 2025 - 20:33
آية اللّه الأعرافيّ يقدّم 12 محورًا إستراتيجيًّا للأنشطة القرآنيّة في الحوزات العلميّة

وكالة الحوزة - أكّد مدير الحوزات العلميّة في إيران، آية اللّه الأعرافيّ، خلال اجتماعٍ مع أساتذة ومفسّري القرآن الكريم، أنّ القرآن هو النصّ السماويّ الأصيل الوحيد وهو الحاجة المشتركة للبشريّة جمعاء، مبيّنًا أنّ الحوزات العلميّة - على الرغم من إنجازاتها الواسعة في مجال التّفسير والعلوم القرآنيّة- لا تزال أمامها طريقٌ طويلٌ تجاه عظمة القرآن والاحتياجات العالميّة، وعليها أن تخوض الميدان بمنهجٍ حضاريٍّ واجتهاديٍّ ودوليٍّ.

وكالة أنباء الحوزة - في كلمةٍ له خلال اجتماع أساتذة ومفسّري القرآن الكريم المتخصّصين، الذي انعقد في مكتب إدارة الحوزات العلميّة، هنّأ آية اللّه علي رضا الأعرافيّ عضو المجلس الأعلى للحوزات العلمية بمناسبة الميلاد المبارك للسيّدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) وذكرى ميلاد الإمام الخمينيّ (رضوان اللّه عليه)، مشدّدًا على ضرورة إحياء هذه المناسبات العظيمة وتعظيم مقام سيّدة نساء العالمين.

تكريم مقام السيّدة الزهراء (عليها السلام) وإدانة السلوكيّات الجاهلة

وأشار مدير الحوزات العلميّة إلى بعض الأقوال المسيئة التي وُجّهت إلى الساحة القدسيّة للسيّدة الزهراء (عليها السلام)، موضحًا أنّ كلّ كلمةٍ جاهلةٍ تمسّ هذا المقام الرفيع، إن صدرت عن ذوي المعرفة القليلة، فإنّها تبعث على الأسف والأسى، مشدّدًا على أنّ الجميع مكلّفون بالدفاع عن أمّ الأئمّة ومنبع الفضائل الإلهيّة دفاعًا علميًّا وحكيمًا وشجاعًا.

الإمام الخمينيّ (رضوان اللّه عليه)؛ الشّمس الّتي أضاءت الفكر الإسلاميّ

وأشاد عضو المجلس الأعلى للحوزات العلميّة بذكرى الإمام الخمينيّ (رضوان اللّه عليه) ومسيرته، مبيّنًا أنّ عظمة الإمام الرّاحل هي كالشّمس المشرقة التي لا يمكن العثور على مثيلٍ لها بسهولةٍ على مدى قرونٍ، موضحًا أنّه رفع راية الإسلام في العالم وأوجد موجةً عظيمةً من الحياة الدّينيّة والحضاريّة. كما أضاف أنّ ذكرى ميلاد الإمام (رضوان اللّه عليه)، تذكّرنا بميلاد مؤسّس نهضةٍ عظيمةٍ وصانعةٍ للتحوّل وبانيةٍ للحضارة.

آية اللّه الأعرافيّ يقدّم 12 محورًا إستراتيجيًّا للأنشطة القرآنيّة في الحوزات العلميّة

تبجيل الشهداء والتأكيد على الركائز الجوهريّة للثورة الإسلاميّة

وفي إشارةٍ إلى المكانة السامية للشهداء، أكّد آية اللّه الأعرافيّ على ضرورة إحياء ذكرى شهداء الدفاع المقدّس [حرب نظام صدام على إيران للفترة 1980-1988]، وشهداء العامين الأخيرين، وما يزيد على خمسة آلاف شهيدٍ من الحوزويّين، معتبرًا أنّ منظومة الشهادة هي منظومةٌ مشرقةٌ وركيزةٌ أساسيّةٌ للحوزة العلميّة، وأنّ الإمام الخميني (رضوان اللّه عليه) والشهداء يمثّلون الركائز الجوهريّة للثورة الإسلاميّة. كما عبّر عن تقديره لقائد الثورة الإسلاميّة الإمام الخامنئيّ على دعمه وتوجيهاته المستمرة للحوزة، وتوجّه بالشكر للمراجع العظام بوصفهم المرشدين الرئيسيّين للمسيرة الحوزويّة.

تقريرٌ عن التطوّرات والمنجزات القرآنيّة الجديدة في الحوزات العلميّة

وأعرب آية اللّه الأعرافيّ عن تقديره للأساتذة والمفسّرين، مبيّنًا أنّ المسيرة القرآنيّة في الحوزة تشهد طفراتٍ قيّمةً للغاية؛ بدءًا من الشباب الموهوبين وصولًا إلى الأساتذة البارزين الذين قدّموا مشاريع وأفكارًا مبتكرةً في الحقول القرآنيّة. فقدّم تقريرًا عن التحوّلات القرآنيّة بعد الثّورة الإسلاميّة، مشيرًا إلى أربعة مجالاتٍ رئيسةٍ:

1. إيجاد مئات المراكز التعليميّة والبحثيّة القرآنيّة الناشطة في المستويات العليا.

2. إصدار عشرات المجلّات التخصّصيّة وإنتاج آلاف المقالات ومئات الرسائل الجامعيّة.

3. عرض عشرات البرامج الحاسوبيّة القرآنيّة وتدوين عشرات التفاسير الترتيبيّة والموضوعيّة الشاملة.

4. توسّع ترجمات القرآن وتفاسيره إلى عشرات لغات العالم.

وتابع موضحًا أنّ هذا الحجم من الأعمال لم يكن له نظيرٌ قبل الثورة، وأنّه ثمرة الثورة الإسلاميّة وجهود الأساتذة والطلّاب.

القرآن الكريم؛ النّصّ السّماويّ الأصيل الوحيد في العالم

وأشار عضو المجلس الأعلى للحوزات العلميّة إلى الدراسات التاريخيّة حول الكتب السماويّة، مبيّنًا أنّه لا يوجد في العالم أيّ نصّ يدّعي أنّه وصل من السّماء دون تحريفٍ ودون مساسٍ به، سوى القرآن الكريم، مؤكّدًا أنّ لدينا أدلّةً ناصعةً على هذه الحقيقة.

وأفاد آية اللّه الأعرافيّ بأنّ القرآن الكريم هو مرآة التكوين والتشريع معًا، لافتًا إلى أنّ في نهج البلاغة أكثر من خمسين توصيفًا بديعًا لعظمة القرآن، كلّ واحدٍ منها يحتاج إلى بحثٍ مستقلٍّ.

ضرورة النظرة العالميّة في الأنشطة القرآنيّة

وبيّن مدير الحوزات العلميّة أنّه على الرغم من كلّ الجهود والنشاطات، فإنّ ما نقدّمه إزاء عظمة القرآن وحيال الحاجة العالميّة- من سبعة مليارات إنسان اليوم (1) إلى مليارات آخر في المستقبل- ما يزال قليلًا، مضيفًا أنّ جمهور الحوزة ليس إيران والعالم الإسلامي فحسب، بل البشريّة كلّها.

آية اللّه الأعرافيّ يقدّم 12 محورًا إستراتيجيًّا للأنشطة القرآنيّة في الحوزات العلميّة

المحاور المقترحة للارتقاء بالأنشطة القرآنيّة

وتابع آية اللّه الأعرافيّ بطرح مجموعةٍ من المحاور الاستراتيجيّة لمستقبل الأنشطة القرآنيّة في الحوزة العلميّة:

1) ضرورة اعتماد النظرة الحضاريّة تجاه القرآن الكريم

إنّ القرآن الكريم نصٌّ حضاريٌّ يغطّي جميع ساحات الحياة البشريّة؛ فيجب أن تسري النّظرة الحضاريّة في جميع التخصّصات القرآنيّة وكذلك في الهيكل العام للتخصّصات الحوزويّة. كما أنّ الاستنتاجات التفريطيّة أو الإفراطيّة من الحضارة الدينيّة خاطئةٌ؛ فالقرآن الكريم يقدّم مسارًا متوازنًا وعقلانيًّا وهاديًا.

2) حضورٌ أعمق للقرآن الكريم في جميع العلوم الإسلاميّة

يجب أن يدخل القرآن الكريم بعمقٍ أكثر في الفقه والأصول والفلسفة وعلم الكلام والحديث والعلوم الإسلاميّة الأخرى. فهو حاضرٌ اليوم أيضًا ولكن إمکانیّاته أکثر من هذا بکثیرٍ.

3) تعميق المنهج الاجتهاديّ في التفسير

أتاحت اللّائحة الجديدة في الحوزة العلميّة، مسارًا رسميًّا لإقامة «الدروس الاجتهاديّة في التفسير»، فستدخل نصوصٌ تفسيريّةٌ مهمّةٌ مثل «مجمع البيان» و«الميزان» في البرنامج التعليميّ الرسميّ.

4) امتداد التفسير نحو العلوم الإنسانيّة والقضايا المستحدثة

يجب تطوير تخصّصات العلوم الإنسانيّة المرتبطة بالقرآن الكريم؛ فيجب أن تلعب المستويات العليا بالحوزة العلميّة دورًا جادًّا في هذا المجال.

5) تدوين نظامٍ شاملٍ للتقريرات وتوسيع الدروس التفسيريّة

يجب متابعة تسجيل الدروس والتقريرات التفسيريّة بصورةٍ منهجيّةٍ.

6) تعزيز التفسير الروائيّ

إنّ الحوزة العلميّة بحاجةٍ إلى أعمالٍ أعمق وأوسع وأكثر تنظيمًا في هذا المجال.

7) اهتمامٌ خاصٌّ بالساحة الدوليّة وترجمة المفاهيم القرآنيّة

يجب أن يعرف المفسّر والباحث القرآنيّ ما يقوله العالم عن القرآن الكريم وما يحتاجه الجمهور العالميّ؛ فعرض الترجمات الجدیدة واتّخاذ الإجراءات الذكيّة في نقل المفاهيم أمرٌ ضروريٌّ.

8) الاستفادة الواسعة من الذكاء الاصطناعيّ في الدراسات القرآنيّة

إنّ الذكاء الاصطناعيّ سيغيّر معادلات المستقبل، وإنّ التقصير في هذا المجال سيؤدّي إلى التخلّف. فقد بدأت إجراءاتٌ جیّدةٌ في مرکز «نور» (2) ویجب تعزیزها أضعافًا.

9) إعداد خريطةٍ قرآنيّةٍ شاملةٍ وتقسيم العمل الوطنيّ

يجب تنسيق المراكز القرآنيّة ضمن إطار خريطةٍ شاملةٍ. كما أنّ استمرار التبادل بين الأساتذة والمراكز التفسيريّة أمرٌ ضروريٌّ.

10) التفسير والتبليغ والتواصل الفعّال مع الجيل الشابّ

إنّ إنتاج المحتوى والبرامج القرآنيّة المنسجمة مع الجيل الجديد يمثّل إحدى أهمّ واجبات الحوزات العلميّة.

11) التشخيص الموضوعيّ للقرآن الكريم وإعداد مصادر بحثيّةٍ منهجيّةٍ

يجب استكمال وإعادة بناء منظومة الموضوعات القرآنيّة ووضعها في متناول الرسائل والأبحاث.

12) إعداد نخبٍ تفسيريّةٍ من الطراز الأوّل

إنّ الحوزات العلميّة، فضلًا عن تدريب القوى المتخصّصة في مختلف المستويات، يجب أن تنشئ قممًا علميّةً في التفسير لتكون قادرةً على تلبية احتياجات المستقبل.

آية اللّه الأعرافيّ يقدّم 12 محورًا إستراتيجيًّا للأنشطة القرآنيّة في الحوزات العلميّة

التأكيد على استمرار الجلسات التخصّصيّة وتلقّي آراء الأساتذة

وأكّد آية اللّه الأعرافيّ في الختام على استمرار الجلسات التخصّصيّة وتلقّي آراء الأساتذة، مضيفًا أنّنا جميعًا مقصّرون تجاه القرآن الكريم، ولكن بالهمّة الجماعيّة والنّظرة الحضاريّة يمكننا أن نخطو خطواتٍ أكبر في تبيين معارف القرآن الكريم وإيصال الرسالة الإلهيّة إلى جميع أنحاء العالم.


(1) الإحصاء المذكور (7 مليارات) ليس بأحدث ما ورد في التقارير، إذ يبلغ عدد سكان العالم حالياً أكثر من 8.26 مليار نسمة وفقاً للمواقع الرسمية مثل Worldometers.info (راجع: worldometers.info/world-population/).

(2) مركز أبحاث الكمبيوتر للعلوم الإسلامية الذي يُعرف بـ "نور" و"نورسوفت" هو مركز أبحاث أُنشئ في عام 1989 بهدف رقمنة موارد العلوم الإسلامية.

لمراجعة التقرير باللغة الفارسيّة يرجى الضغط هنا.

المحرر: أمين فتحي

المصدر: وكالة أنباء الحوزة

سمات

تعليقك

You are replying to: .
captcha