وكالة أنباء الحوزة - استهلّ سماحة آية اللّه عبد اللّه جواديّ الآمليّ درسه الفقهيّ بالإشارة إلى الذكرى المباركة لميلاد السيّدة زينب الكبرى (س)، مستعرضًا رواياتٍ تبيّن المكانة السامية للشيعة في منظور أهل البيت (ع)، ثمّ انتقل إلى تحليل خطبة السيّدة زينب (س) في الكوفة، مبيّنًا عمق مضامينها وموقفها الفكري في مواجهة الانحراف العقائديّ المتمثّل في الجبريّة.
وأشار سماحته إلى ما أورده ابن إدريس في كتابه «مستطرفات السرائر»، حيث جمع في خاتمة الجزء الثالث من هذا الكتاب رواياتٍ لطيفةً بديعةً مبشّرةً، تشير إلى المكانة السامية للشيعة الحقيقيّين. ومنها ما رواه الإمام الصادق (ع): «إنّ الكرّوبيّين قومٌ من شيعتنا من الخلق الأوِل جعلهم اللّه خلف العرش، لو قسّم نور واحدٍ منهم على أهل الارض لكفاهم، ثمّ قال: إنّ موسى عليه السلام لمّا أن سأل ربّه ما سأل أمر واحدًا من الكرّوبيّين فتجلّى للجبل فجعله دكًّا». وتابع سماحته موضحًا أنّ ابن إدريس، رغم شدّة احتياطه في النقل، أقرّ بهذه الرواية معلّقًا بأنّ هذا الملك الذي هو من الشيعة ومن صنف الكروبيّين، قد تجلّى بأمرٍ إلهيٍّ للجبل، فحلّت بذلك مشكلة أصحاب موسى (ع).
وبيّن آية اللّه جواديّ الآمليّ أنّ السيّدة زينب (س) كانت عالمةً غير معلّمةٍ، تمتلك علمًا إلهيًّا لم تحصّله من المدارس البشريّة، وأنّ ما نالته من علوم أهل البيت (ع) كان ببركة النبوّة والإمامة.
وأوضح سماحته أنّ خطبة السيّدة زينب (س) في الكوفة لم تكن مجرد حديثٍ عن الحزن والمصيبة، بل كانت خطابًا عميقًا في مواجهة فكر الجبريّة المنحرف. فعندما سألها عبيد اللّه بن زياد: «هل رأيتِ ما صنع اللّه بأخيك الحسين؟» أو عندما قال: «إنّ اللّه قتل عليّ بن الحسين في كربلاء!»، لم يكن كلامه سوى تلبّس بلبوس الجبر لتبرير جريمةٍ بشريّةٍ نكراء. فأجابته السيّدة زينب (س) بقولها الخالد: «ما رأيت إلّا جميلًا»؛ أي إنّ فعل اللّه جميلٌ، ولكن أنتم القتلة، وأنتم من سفك دم عليّ بن الحسين. وبذلك، هدّمت السيّدة زينب (س) فكر الجبر الأمويّ، وكشفت عن مبدأ الاختيار ومسؤوليّة الإنسان أمام أفعاله.
وأضاف سماحته أنّ بني أميّة، ومن بعدهم بنو العباس وغيرهم من السلاطين، لقد روّجوا مذهب الجبريّة لتبرير مظالمهم والحفاظ على سلطتهم؛ فنسبوا جميع الحوادث إلى القضاء والقدر ليعلنوا براءتهم من المسؤوليّة. لكنّ أهل البيت (ع)، وخاصّةً السيّدة زينب (س) تصدّوا لهذه الفكرة المنحرفة، وأكّدوا على مسؤوليّة الإنسان أمام اللّه والمجتمع.
وختم سماحة آية اللّه جواديّ الآمليّ حديثه بالقول إنّ مسألة الجبر والتفويض من أدقّ المباحث العلميّة والكلاميّة، ولا يمكن فهمها إلّا بعمقٍ علميٍّ وبُعدٍ عن التسطيح، كما جسّدته السيّدة زينب (س) في ذروة المصيبة؛ حين أثبتت بحججها الراسخة أنّ الإنسان حرٌّ ومسؤولٌ عن أفعاله.
لمراجعة التقرير باللغة الفارسيّة يرجى الضغط هنا.
المحرر: أمين فتحي
المصدر: وكالة أنباء الحوزة





تعليقك