وكالة أنباء الحوزة - إنّ أهل بيت النبيّ (ع) هم تجلّيات الرحمة الإلهيّة التي لا حدود لها، وهم أبواب النجاة التي انفتحت على الخلق، فأنارت دروبهم، واحتضنت آلامهم، كما أنّ كراماتهم قد تجاوزت حدود الزمان، وخلّدت آثارها في صفحات التاريخ.
ومن بين هذه السلالة الطاهرة، تتلألأ السيّدة فاطمة المعصومة (س) كجوهرة ٍكريمةٍ، تتفيّأ في ظلّها الأرواح، وتلوذ بجوارها القلوب؛ فحرمها الشريف في مدينة قم المقدّسة، مأوى للغرباء، وملجأٌ للمحتاجين، ومهوى أفئدة الملهوفين، لا يُطرق بابها إلّا ويُرجى الفرج، ولا يُرفع فيها الدعاء إلّا ويُرتجى القبول.
وما يلي بين يديك، هو إحدى تلك الروايات الناطقة، التي تسرد كرامةً من كراماتها العظيمة، وتُهديك مشهدًا من مشاهد العناية الربّانية التي تجلّت ببركتها.
يروي آية اللّه السيّد شهاب الدين المرعشيّ النجفيّ (1) قائلًا:
«حينما هاجرنا من النجف الأشرف إلى مدينة قم، استأجرنا بيتًا متواضعًا في أطراف المدينة، وكنّا نعيش في غاية الفقر، نقتات على القناعة، ونصبر على ضيق الحال. وكانت صاحبة البيت امرأةً سيئة الخلق، لا تترك أمرًا إلّا وتُثير حوله الجدل. حتى في غسل الثياب، كانت تتشاجر مع زوجتي، وتقول لها بحدّةٍ: "اغسلي الملابس عند النهر، كي لا يمتلئ بئر البيت".
وذات يومٍ، اشتدّ النزاع بينهما وارتفعت الأصوات، فضاق صدري وامتلأ قلبي بالحزن والضيق، ولم أجد ملاذًا إلّا أن أخرج، مثقلًا بالهمّ، متوجّهًا إلى حرم السيّدة المعصومة (س)، كي أطرق بابها وأبثّها الشكوى وأتوسّل بها إلى اللّه.
وبعد السلام والزيارة والصلاة، توسّلتُ بها وجعلتُها شفيعةً عند اللّه، وقلتُ: "يا سيّدتي، أنا ضيفك، وقد لجأتُ إلى رحابك، فاسألي اللّه أن يفرّج عنّي كربتي، ويخلّصني من هذا البلاء".
فدعوتُ وبكيتُ ثمّ عدتُ إلى بيتي. ولم تمضِ أيامٌ قليلةٌ حتى وصلتني رسالةٌ من عمّي المقيم في مدينة تبريز. ففتحتُها ووجدتُه يكتب:
"كنتُ قد نذرتُ أنّه إن قُضيت حاجتي، سأشتري بيتًا لطالب علمٍ في قم لا يملك مأوى. والآن، بما أنّ حاجتي قد تحقّقت فأردتُ أن أفي بنذري، ولما علمتُ أنّك بلا بيتٍ، آثرتُك على غيرك، وأرسلتُ لك حوالةً بمبلغ ستمائة تومان، لتستلمها من الحاجّ محمّد حسين اليزديّ في سوق قم".
وهكذا، ببركة السيّدة فاطمة المعصومة (س) أنقذنا اللّه من محنة الاستئجار، وفتح لنا بابًا من أبواب رحمته».
(1) آية الله السيد شهاب الدين المرعشي النجفي (رحمه الله) (1315 هـ - 1411 هـ) من كبار مراجع الإمامية وعلماء الرجال، ومؤسس إحدى أعظم مكتبات المخطوطات الإسلامية في العالم، وكان معروفاً بالتقوى والزهد وعمق البحث العلمي. تصدّى لمقام المرجعية بعد رحيل آية الله السيد حسين البروجردي.
لمراجعة الكرامة باللغة الفارسية يرجى الضغط هنا.
المحرر: أمين فتحي
المصدر: وكالة أنباء الحوزة
تعليقك