الجمعة 4 يوليو 2025 - 16:16
صحة وجود الطفل الرضيع السيّد علي الأصغر والسيّدة رقية (عليهما السلام) في واقعة كربلاء

وكالة الحوزة - يتناول هذا الردّ مناقشةً حول وجود حضرة علي الأصغر (عليه السلام) وحضرة رقيّة (سلام الله عليها) في واقعة كربلاء. أمّا بالنسبة إلى علي الأصغر (عليه السلام)، فتستند الروايات إلى مصادر معتبرة كأبي مخنف، وابن طاووس، وابن أعثم، حيث وردت فيها روايات متعددة تصف استشهاده بسهمٍ أطلقه حرملة بن كاهل الأسدي. كما يُشار في بعض المصادر إلى أنّ اسم هذا الطفل هو «عبدالله»، ما يفتح المجال لاحتمالين: إمّا أنّ الأسماء المختلفة تعود إلى شخصٍ واحد، أو أنّ طفلين صغيرين كانا حاضرين في كربلاء واستُشهدا، ممّا يستدعي دقّة في التمييز بين الروايات وتحليلها تاريخياً.

وكالة أنباء الحوزة - من بين الروايات الكثيرة المتعلقة بواقعة عاشوراء، تظلّ شهادة الطفل الرضيع للإمام الحسين (ع)، وهو علي الأصغر (ع)، وكذلك وجود السيدة رقيّة (س)، من المواضيع التي طالما كانت محلّ بحثٍ ودراسةٍ من قِبَل المؤرّخين والباحثين الدينيين.

السؤال:

هل توجد أدلّة تاريخيّة موثّقة تُثبت وجود علي الأصغر (عليه السلام) ورقيّة بنت الحسين (عليها السلام) في واقعة كربلاء؟

الجواب:

وردت واقعةُ استشهاد الطفل الصغير للإمام الحسين (عليه السلام) يومَ عاشوراء في المصادر القديمة المعتبرة والموثوقة. وقد روى أبو مخنف قائلاً: قال الإمامُ الباقر (عليه السلام) لعقبة بن بشير الأسدي: إنّ لنا فيكم يا بني أسد دمًا؛ قال عقبة للإمام: فما ذنبي أنا في ذلك رحمك الله يا أبا جعفر! و ما ذلك؟ قال أتِيَ الحسين بصبيّ له، فهو في حجره إذ رماه أحدكم يا بني أسد بسهم فذبحه.

يروي ابن طاووس أنّ الإمام الحسين عليه السلام، حينما جاء إلى الخيام ليودّع النساء والأطفال، توجّه إلى السيدة زينب (عليها السلام) وقال لها: «ناوليني ولدي الصغير حتى أودّعه فأخذه و أومأ إليه ليقبّله فرماه حرملة بن الكاهل الاسدي (لعنه اللّه تعالى) بسهم فوقع في نحره فذبحه» [2]

وقد أورد ابن أعثم الكوفي هذا التقرير نفسه. [3] وفي ترجمة كتاب «الفتوح» – وهي الترجمة التي أُنجزت في القرن السادس الهجري – وردت إضافة على الرواية ، جاء فيها ما يلي: إنّ الإمام الحسين (عليه السلام) حمل طفله الرضيع أمامه، وقد وضعه أمام سرجه، ثم تقدّم به بين الصفين، ونادى بصوتٍ عالٍ: «يا قوم، إن كنتم ترونني مذنباً، فما ذنب هذا الطفل؟ فاسقوه شربةً من الماء». فلمّا سمع القوم صوت الحسين (عليه السلام)، أطلق أحدهم سهماً نحو الإمام، فأصاب السهم نحر الطفل الرضيع، واخترقه وأصاب عضد الحسين (عليه السلام) من الجهة الأخرى. فأخرج الإمام السهم من جسد الطفل، ففاضت روحه الطاهرة في تلك اللحظة. [4]

وكذلك السيّد ابن طاووس، بعد أن نقل الرواية التي أُشير إليها آنفاً، يورد رواية مشابهة لما ورد في كتاب (الفتوح)، ويعتبرها أصحّ وأدقّ، و هي كما يلي:

... جاءت السيدة زينب (سلام الله عليها) بالطفل إلى الإمام (عليه السلام) وقالت: يا أخي ، هذا ولدك له ثلاثة أيام ما ذاق الماء ، فاطلب له شربة ماء. فأخذه على يده وقال : «يا قوم قد قتلتم شيعتي وأهل بيتي، وقد بقي هذا الطفل يتلظَّى عطشاً، فاسقوه شربةً من الماء». فبينما هو يخاطبهم إذ رماه رجل منهم بسهم فذبحه. [5]

أقدم مصدر وجدنا فيه اسم علي الأصغر هو كتاب «الفتوح» لابن أعثم، حيث يذكر أنّ الإمام الحسين كان لديه طفل رضيع اسمه علي. وتتشابه رواية استشهاده مع ما رواه أبو مخنف. [6]

ورد في التاريخ أنّ اسم الطفل الصغير للإمام الحسين (ع) هو عبد الله، وقد استشهد في يوم عاشوراء. يذكر الشيخ المفيد، عند تعداد أبناء الإمام الحسين (ع)، أنّ عبد الله بن الحسين، الذي كان في طفولته، استشهد بسهم أطلقه العدو بينما كان في حجر أبيه الإمام الحسين (ع)، حيث أصاب السهم نحره فذبحه. [7]

وقد سجّل كل من خليفة بن خياط، والطبري، والقاضي النعمان، وابن الأثير، والذهبي، اسم هذا الطفل الرضيع باسم «عبد الله». [8]

من المحتمل أن يكون هذا الطفل هو نفسه «علي الأصغر»، حيث سُجّل اسمه في التاريخ بشكلين مختلفين. كما يمكن افتراض وجود طفلين صغيرين للإمام في كربلاء. ويرى الشهيد القاضي الطباطبائي أنّ «عبد الله الرضيع» شخص مختلف عن «علي الأصغر». [9]

السيدة رقية (عليها السلام):

أشار كتاب «كامل البهائي» إلى الطفلة الصغيرة للإمام الحسين (عليه السلام) دون التصريح باسمها، وتناول قصتها المؤلمة في خربة الشام. [10] ومع أنّ معظم المؤرخين لم يذكروا اسم «رقية» عند تعداد أولاد الإمام الحسين (عليه السلام)، إلا أنّ العلّامة ابن فندق (المتوفى سنة 565 هـ) قد ذكرها بالاسم في كتابه «لباب الأنساب»، معدًّا إياها من بنات الإمام الحسين (عليه السلام).

قال محمد بن أبي طالب (في القرن العاشر الهجري) إنه رأى في دمشق، في الجهة الشرقية من الجامع الأعظم (الجامع الأموي)، حجراً لقبـرٍ في خرابٍ قد نُقِش عليه: «هذا قبر السيدة ملكة بنت الحسين عليه السلام بن أمير المؤمنين». وقد بيّن أّنّ هذا الموضع كان في السابق مسجداً ومشهداً يُزار، ولكن بسبب العداء لأهل البيت (عليهم السلام)، أُهمل وتُرِك حتى صار خراباً. ثمّ بعد ذلك جاء أحد بذل جهده وقام بإعادة بناءَ المشهد والمسجد من جديد.

الهوامش:

1. نصوص من تاريخ أبي مخنف، ج1، ص 487.

2. اللهوف على قتلى الطفوف، ص 67 وتاريخ اليعقوبي، ج2، ص 245.

3. الفتوح، ج 5، ص 209 - 210.

4. ترجمة الفتوح، ص 908.

5. اللهوف على قتلى الطفوف، ص 169.

6. الفتوح، ج 5، ص 209 - 210.

7. الإرشاد، الشيخ المفيد ج 2، ص 137.

8. تاريخ الطبري، ج 5، ص 468؛ شرح الأخبار ، القاضي النعمان، ج3، ص178؛ الكامل في التاريخ، ج 3، ص 429؛ تاريخ الإسلام، الذهبي، ج 5، ص 21؛ أنصار الحسين (ع)، شمس الدين، ص 130 - 131

9. «تحقيق درباره اولين اربعين»، ص 670 ومابعدها

10. كامل البهائي، عماد الدين الطبري، ج 2، ص 179.

11. الإرشاد، الشيخ المفيد، ج 2، ص 135؛ مناقب آل أبي طالب، ابن شهر آشوب، ج 4، ص 77؛ أعلام الوري، الطبرسي، ج 1، ص 478، ؛ نسب قريش، مصعب الزبيري، ص 59؛ أنساب الأشراف، البلاذري، ج 3، ص 1288؛ تذكرة الخواص، سبط ‌بن الجوزي، ص 249؛ كشف الغمة في معرفة الأئمة، الإربلي، ج 2، ص 38.

12. لباب الأنساب، ابن فندق، ج 1، ص 355

13. تسلية المجالس، ج 2، ص 93 ـ 94.

المأخذ: المركز الوطني للإجابة على الأسئلة الدينية

لمراجعة المبحث باللغة الفارسية اضغط هنا

المحرّر: أمين فتحي

المصدر: وكالة أنباء الحوزة

سمات

تعليقك

You are replying to: .
captcha