وكالة أنباء الحوزة - يُطرح سؤال حول العطش في ساحة المعركة: هل لطلب الماء من قِبَل علي الأكبر (عليه السلام) مع علمه بعدم وجود الماء معنى خاص؟ يتناول هذا المحتوى دراسة الدوافع الكامنة وراء طلب علي الأكبر (عليه السلام) الماء من الإمام الحسين (عليه السلام) في واقعة كربلاء، كما يستعرض التفاسير المختلفة لهذا الطلب ويحلل أبعاده المتنوعة.
السؤال:
لماذا، مع أنّ علي الأكبر (عليه السلام) كان يعلم بعدم وجود الماء، ذهب إلى الإمام الحسين (عليه السلام) وقال: «يا أبتِ اسقِني شربةً من الماء»؟!
ذُكر في بعض المصادر أنّ عليّ الأكبر (عليه السلام)، بعد ما قاتل قتالًا شديداً و قَتل جمْعاً كثيراً ، رجع إلى أبيه الإمام الحسين (عليه السلام) وقال: «يا أَبَتِ الْعَطَشُ قَدْ قَتَلَنِي وَ ثِقْلُ الْحَدِيدِ قَدْ أَجْهَدَنِي فَهَلْ إِلَى شَرْبَةٍ مِنَ الْمَاءِ سَبِيل» [۱]
فيما يتعلّق بهذا النقل التاريخي، يطرح سؤالٌ مهمٌّ: كان علي الأكبر (عليه السلام) يعلم أنّه لا يوجد ماء في المخيّم، وأنَّ النساء والأطفال قد شحب لونهم من العطش، فلماذا طلب من والده الكريم الماء؟!
تمّ تقديم آراء متعددة حول سبب هذا الطلب، منها ما ذُكر على النحو التالي:
1. بهذا القول، كان علي الأكبر (عليه السلام)، نظرًا لشدة حبّه لأبيه، يطلب من رؤية والده تعزيزاً لقوّته النفسية، واستمداداً لمزيدٍ من العزم والثبات في مواجهة الأعداء؛ [2] ولذلك، حينما رجع عليّ الأكبر إلى الخيام واشتكى من التعب والعطش، يبدو أنّ الإمام الحسين (عليه السلام) قد فهم مراده وأدرك أنّ عليّ الأكبر يريد في تلك اللحظات المصيرية أن يلتقي بأبيه مرّة أخرى. فانهمرت دموع الإمام (ع) وقال: «وَا غَوْثَاه يَا بُنَيَّ قَاتِلْ قَلِيلًا فَمَا أَسْرَعَ مَا تَلْقَى جَدَّكَ مُحَمَّداً ص فَيَسْقِيَكَ بِكَأْسِهِ الْأَوْفَى شَرْبَةً لَا تَظْمَأُ بَعْدَهَا أَبَداً». [3] وعليه، فإن طلب الماء، حتى وإن كان ذريعة للعودة إلى الخيام لرؤية الأب مرة أخرى، لا يعدّ ذلك مخالفاً للشرع أو العقل. بل هو تعبيرٌ عن أسمى معاني الوفاء والعاطفة الإنسانية في أحلك الظروف.
2. ولعلّ المعنى أنَّه أراد أن يستأذنَ أباه للذهاب إلى الفرات ليشرب الماء ويجلبه.
3. كان من المحتمل أيضًا أنّه في خضمّ المعركة التي كان يخوضها، قام بعض الأشخاص بإيصال كمية قليلة من الماء إلى الخيام، وبالتالي فإنّ السؤال الذي طرحه كان مجرد استفسار عمّا إذا كان هذا قد حدث بالفعل.
4. لم تكن هذه العبارة سوى بَوحٍ خاص إلى الأب، معبّرة عن شدّة الظمأ.
الهوامش:
1. ابن طاووس، علي بن موسى، اللهوف على قتلى الطفوف، ص 113، طهران، جهان، الطبعة الأولى، 1348ش؛ ابن أعثم الكوفي، أبو محمد أحمد بن علي، الفتوح، ج 5، ص 115، بيروت، دار الأضواء، الطبعة الأولى، ۱۴۱۱ق.
2. عالمي، محمد علي، حسين(ع) نفس مطمئنة، ص 259 – 258، طهران، هاد، الطبعة الأولى، 1372ش.
3. اللهوف على قتلى الطفوف، ص 113.
المأخذ: موقع اسلام كوئست
لمراجعة المبحث باللغة الفارسية اضغط هنا
المحرّر: أمين فتحي
المصدر: وكالة أنباء الحوزة
تعليقك