السبت 7 يونيو 2025 - 16:15
في خطبة صلاة عيد الأضحى.. آية الله الیعقوبي يسلط الضوء على مكانة ولاية الإمام علي (ع) في القرآن والسنة

وكالة الحوزة - لا شك أن ولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) تحتل مكانة مركزية في القرآن الكريم والسنة النبوية، وهو ما أكد عليه سماحة آية الله الشيخ محمد الیعقوبي، في خطبة عيد الأضحى مستعرضًا الأدلة القرآنية والروايات التي تثبت هذه الولاية ودورها الحيوي في قيادة الأمة وتدبير شؤونها.

وكالة أنباء الحوزة - أقام سماحة آية الله الشيخ محمد اليعقوبي صلاة عيد الأضحى المبارك اليوم 7 يونيو 2025 في مكتبه بالنجف الأشرف، وألقى خطبتي صلاة العيد على جموع المؤمنين الذين وفدوا لزيارة أمير المؤمنين (عليه السلام). وكانت الخطبة مشعّة بنور الآية الكريمة: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} (المائدة: 55).

واستهل سماحته الخطبة الأولى ببيان أن الآية الكريمة تُعرّف بوضوح من هو صاحب الحق الإلهي في ولاية أمر الأمة، ومن له حق تدبير شؤونها وتولي قيادتها. وأورد سماحته عدداً من الروايات التي تؤكد أن الولاية هي أعظم أركان الإسلام وأوثق أسسه.

وأوضح سماحته أن الولاية المقصودة هي ولاية أمر الأمة، وما تتضمنه من التدبير والتصرف والنظر فيما فيه صلاح المولى عليه وفلاحه عن قرب. وهي التي وردت في قوله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} (الأحزاب: 6)، بمعنى أنه أحق بأنفس المؤمنين من أنفسهم، وأمره حاكم على أمرهم. وقد أخذ إقرارهم عليها يوم الغدير إذ قال لهم: «ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟» فقالوا: «اللهم بلى». ومن باب أولى الولاية على أموالهم وسائر شؤونهم، فهي ولاية الحاكمية والسلطنة على التصرف فيهم، ومن تجب طاعتهم حيث جعل الله تعالى ولايتهم وطاعتهم كولايته وطاعته سبحانه، كما قال تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (النساء: 59).

وذكر سماحته قول الإمام الصادق (عليه السلام) في تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا}، حيث قال: «إنما يعني أولى بكم أي أحق بكم وبأموركم وأنفسكم وأموالكم... والذين آمنوا يعني علياً وأولاده الأئمة (عليهم السلام) إلى يوم القيامة... فكل من بلغ من أولاده مبلغ الإمامة يكون بهذه الصفة مثله، فيتصدقون وهم راكعون».

وأشار سماحته إلى أن الآية الكريمة تتحدث عن هذه النعمة العظيمة وهذا الأساس المتين للإسلام، فتبدأ بـ{إنما} التي تفيد الحصر، فتحصر حق الولاية بالله سبحانه وتعالى خالق الخلق ورازقهم ومدبر شؤونهم، ومنه إلى النبي (صلى الله عليه وآله) ومنه إلى جماعة مختارة من المؤمنين، وصفهم بأنهم يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة حال كونهم راكعين.

وبيّن سماحته أن الروايات المتواترة من طرق الفريقين أكدت نزول هذه الآية في شأن أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، حين تصدق بخاتمه في حال الركوع، وقد نقل هذا الحديث عشرات من الصحابة، منهم أبو ذر الغفاري وابن عباس.

وأضاف سماحته نقلاً عن «الدر المنثور» (أخرج الخطيب في «المتفق» عن ابن عباس قال: تصدق علي بخاتمه وهو راكع، فقال النبي (صلى الله عليه وآله) للسائل: من أعطاك هذا الخاتم؟ قال: ذاك الراكع، فانزل الله: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}). ولوضوح المنقبة لدى الصحابة، فقد كانت مما احتج به أمير المؤمنين (عليه السلام) عليهم يوم الشورى، فقال (عليه السلام): «نشدتكم الله، أفيمكم أحدٌ نزلت فيه: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} غيري؟ قالوا: اللهم لا».

وتابع سماحته موضحاً أن هذه الولاية هي ركن من أركان الدين، كما جاء في حديث الإمام الباقر (عليه السلام): «بُني الإسلام على خمسة: الصلاة، الزكاة، الصوم، الحج، والولاية». مضيفاً أن جميع أعمال العبد تبطل إذا لم تكن مقرونة بولايته لأهل البيت (عليهم السلام)، كما جاء عن الإمام الباقر (عليه السلام): «أما لو أن رجلاً قام ليله وصام نهاره وتصدق بجميع ماله... ولم يعرف ولاية ولي الله، ما كان له على الله من ثواب».

ودعا سماحته للتعرف على أولي الأمر الحقيقيين، وأورد رواية الكليني في «الكافي» عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أعرفوا الله بالله والرسول بالرسالة وأولي الأمر بالأمر بالمعروف والعدل والإحسان». وتابع أن هذه أولويات ولي الأمر وهذه وظائفه، وقد جسدها أمير المؤمنين بما نطقت به الآية الكريمة من الإحسان إلى الناس حتى وهو في حال الصلاة. وهذا الحديث حجة على الذين يتصدون لولاية أمور الأمة بالسيف وتزييف الحقائق والمكائد وبغير استحقاق، ويزعمون أنهم أولي الأمر الذين عناهم الله تعالى بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (النساء: 59)، لكن أعمالهم تفضحهم لأنها بعيدة عما ذكره الحديث الشريف.

وفي ختام خطبتيه ألمح سماحته قائلاً: «فلنتمسك بهذه الولاية ولنحافظ على حدودها وآدابها، ولنحذر الطرد والحرمان منها، وعدم الثبات عليها. ومن موجبات الطرد تشويه صورة المؤمن في المجتمع، والحط من منزلته، وإسقاطه من أعين الناس، خصوصاً إذا كان بأخبار مفتراة وشبهات وضلالات لا واقع لها». روى في «الكافي» بسنده عن مفصل بن عمر قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «من روى على مؤمن رواية يريد بها شينه وهدم مروءته ليسقط من أعين الناس، أخرجه الله من ولايته إلى ولاية الشيطان فلا يقبله الشيطان». وقيل في وجه عدم قبول الشيطان أن فعله أشنع من فعل إبليس الذي عصى أمر ربه بالسجود لآدم (عليه السلام)، إلا أنه لم يسقط آدم (عليه السلام) في أعين الملائكة ولم ينقل عنه ما يشينه.

في خطبة صلاة عيد الأضحى.. آية الله الیعقوبي يسلط الضوء على مكانة ولاية الإمام علي (ع) في القرآن والسنة

المصدر: موقع مكتب آية الله محمد اليعقوبي

سمات

تعليقك

You are replying to: .
captcha