وكالة أنباء الحوزة - ما زال يحيى السنوار رئيس المكتب السياسيّ لحركة (حماس) يؤرِّق الإسرائيليين، قادةً ومستوطنين، وذهب العديد من المختّصين والمستشرقين إلى القول إنّه بفضل الحرب على غزّة بات الأشهر عالميًا، وأعاد القضية الفلسطينيّة إلى الواجهة، وأفشل التطبيع مع السعوديّة، وهو ينتظر الآن تحقيق “حلمه” باندلاع حربٍ إقليميّةٍ متعددة الجبهات لإنهاك الكيان، أكثر ممّا بات منهكًا في الطريق لشطبه عن الخريطة.
وكشفت قناة عبرية النقاب عن تشكيل وحدةٍ إسرائيليّةٍ خاصّةٍ في جهاز الأمن العام (شاباك) مهمتها الأساسيّة اغتيال السنوار.
وذكرت القناة الـ12 بالتلفزيون الإسرائيليّ في تقريرٍ مطولٍ بعنوان: “في انتظار خطأ واحد: هكذا تُدار مطاردة يحيى السنوار”، مؤكّدةً أنّ جهاز الشاباك خصص وحدة استخباراتية لمراقبة تحركات السنوار منذ بداية الحرب على قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي.
وأوضحت أنّ هذه الوحدة تعمل على مدار الساعة، وتمّ تخصيص موارد هائلة لتعقب السنوار، منوهة إلى أنّه نجح في كلّ مرّةٍ من الإفلات قبل الوصول إليه بساعاتٍ، رغم الجهود الإسرائيليّة المكثفة والتصريحات المتواصلة حول ملاحقته.
ونقلت القناة تصريحًا سابقًا للجنرال دان غولدفوس، قائد (الفرقة 98) في الجيش الإسرائيليّ، قال فيه: “كنا قريبين من السنوار. دخلنا إلى نفقٍ تحت الأرض، وجدنا الكثير من المال والأسلحة، وكانت القهوة لا تزال ساخنة”.
وذكرت القناة أنّ السنوار تخلّى منذ فترةٍ عن استخدام الهواتف ووسائل الاتصال الإلكترونيّة، ويعتمد بدلاً من ذلك على شبكةٍ متفرعةٍ من المراسلين لإدارة العمليات العسكرية لحماس.
وقال ميخا كوبي، الذي خدم سابقًا في (شاباك)، وقام بالتحقيق مع السنوار خلال سجنه في الكيان، قال للتلفزيون العبريّ إنّ الأحاديث عن موافقة السنوار على نفيه من قطاع غزّة مقابل عدم المسّ فيه هي مجرّد إشاعات لا تمُتّ بصلةٍ للواقع، وأضاف: “إنّ الحديث يدور عن شخصٍ يكره اليهود بشكلٍ غريبٍ، ولا يهتّم بأيّ شيءٍ آخر، لا مشكلة لديه أنْ يكون شهيدًا إذا تبينّ له أنّ هذا هو الحلّ الذي بقي أمامه، وكان قد قال لي ذلك خلال التحقيق، لذا فإنّه لن يهرب إلى مصر، ولن يُوافق على النفي”، على حدّ تعبيره.
ويعتبر الاحتلال السنوار مهندس عملية (طوفان الأقصى) في السابع من أكتوبر، والتي أسفرت عن خسائر إسرائيلية بشرية وعسكرية كبيرة، أثرت بشكل سلبي على سمعة الأجهزة الأمنية والاستخباراتية الإسرائيلية على المستوى العالمي.
في السياق عينه، قال الخبير في الشؤون الاستخباراتيّة، د. رونين بيرغمان، وهو مراسل صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة و (نيويورك تايمز) الأمريكيّة، إنّ إسرائيل فشلت حتى اللحظة في تحقيق الإنجاز الكبير في العدوان المُستمِّر على قطاع غزّة، والذي يتمثّل في اغتيال السنوار، كاشفًا النقاب عن أنّ دولة الاحتلال بمُساعدةٍ كبيرةٍ من الولايات المُتحدّة الأمريكيّة تقوم بجهودٍ حثيثةٍ وكبيرةٍ للوصول إلى الرجل رقم واحد في حركة (حماس).
ونقل د. بيرغمان عن مصادر أمريكيّةٍ وصفها بالمطلعة جدًا، بما في ذلك مستشار الأمن القوميّ جاك سوليفان، قولها إنّ واشنطن تقوم بتفعيل طواقم خاصّة من أجل مساعدة إسرائيل في العثور على السنوار وتصفيته، بما في ذلك استخدامها للرادارات التي تُستعمل للكشف عمّا يدور تحت الأرض، بهدف تحديد موقع قائد حماس الذي يختفي في الأنفاق، على حدّ تعبيرها.
وقال السياسيّ الإسرائيليّ إيلي غولدشميت موجهًا كلامه لرئيس الوزراء: “السنوار، ابن مخيّم اللاجئين، الذي قمتَ أنتَ بإطلاق سراحه في العام 2011 بصفقة شاليط، هذا الرجل وخلال حرب الأدمغة بينه وبينك، أنت الملك من قيساريا مع بركة السباحة، ومع لغتك الإنجليزيّة الممتازة، قام بهزيمتك شرّ هزيمة، إنّه جعل منك ترابًا ورمادًا، لقد كان أذكى منك بعشرات المرّات”، على حدّ قوله.
وأردف غولدشميت في تسجيلٍ على حسابه في منصّة (تيك توك): “من ناحية العقل، أثبت السنوار أنّه أذكى منك على الأقّل بألف مرّةٍ، وبالتالي كان عليه من السهل يا نتنياهو أنْ يوقعك في الفّخ، إنّه عمليًا جنّدك من أجل احتياجاته”، كما قال.
واختتم: “نتنياهو استفاق متأخرًا وبات مقتنعًا بأنّ الرجل من مخيّم اللاجئين انتصر عليه، وهو الذي يرى نفسه تشرتشل الصهيونيّ، السنوار جعل منك إنسانًا صغيرًا بكلّ ما تحمل هذه الكلمة من معانٍ، ولذا فإنّه من ناحيتك يجب أنْ يموت السنوار قبل أنْ تتّم صفقة التبادل، فقط عند ذلك ستوافق على الصفقة، لأنّك تُريد أنْ تُرمم الكرامة الشخصيّة التي أفقدك إيّاها السنوار، وأنتَ تفعل ذلك على حسابنا وظهورنا كما تفعل دائمًا”، كما قال.
إلى ذلك، رأى المحلل في صحيفة (هآرتس) العبريّة روغل ألفر أنّه يتحتّم على الإسرائيليين، قيادة ومستوطنين الاعتراف بأنّ السنوار يتفوّق على جميع قادة الكيان من سياسيين وعسكريين.
ويُشار إلى أنّ دولة الاحتلال كانت قد أعلنت أنّ القضاء على السنوار يُعتبر أحد أبرز أهداف حربها الحالية على غزة، ورغم اختفاء السنوار منذ بدء الحرب، إلّا أنّه ظهر في 3 مناسبات عبر بيانات ورسائل رسمية.
ففي 28 أكتوبر، أصدر بيانًا أعلن فيه جهوزية حركته لصفقة تبادل أسرى مع إسرائيل. وفي 11 سبتمبر (أيلول) الجاري، بعث برسالة تهنئة إلى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، بمناسبة إعادة انتخابه.
ووجّه الرسالة الأخيرة إلى الأمين العام لـ “حزب الله” اللبناني، حسن نصر الله، لشكره على مشاركته في المواجهة ضد إسرائيل ضمن معركة (طوفان الأقصى)، وهي الرسالة التي أكد (حزب الله) تلقيها الجمعة الماضي.
وكانت حركة حماس قد أعلنت في 6 آب (أغسطس) الماضي، اختيار السنوار رئيسًا لمكتبها السياسي، خلفًا لإسماعيل هنية، الذي تعرض لعملية اغتيالٍ إسرائيليّةٍ في العاصمة الإيرانيّة، طهران، بتاريخ 31 تموز (يوليو) الماضي.
المصدر: رأي اليوم