وكالة أنباء الحوزة - قال القيادي في حركة الجهاد الاسلامي في فلسطين "داود شهاب" خلال مقابلة مع مراسلنا: الامام الخميني رحمه الله كان نموذجا قياديا مغايراً في كل شيء، ومثل مدرسة قيادية نوعية وفريدة في الوعي والقدرة على توجيه الجماهير وتمتين ارتباطهم بحركة الثورة وأهدافها وشعاراتها وبرامجها ومبادئها، وهذا جعلهم يعيشون من الثورة التي باتت جزء من كيانهم واجندة عملهم. الامام الخميني رحمه الله مثل مدرسة في الاجتهاد والتجديد والاحياء، واستطاع أن يحدث حالة من الصحوة الاسلامية، وهو صاحب فلسفة اعتمدت على جعل الاسلام محركاً لنهضة الأمة ووحدتها. وقد استطاع أن يحدد أهدافاً واضحة للثورة الاسلامية في إيران، وحدد كذلك مرتكزاتها وعلاقتها بنظام الشاه المستبد وبقايا ذيوله، وعلاقاتها بالقوى الغربية والاستعمارية، ورسم خارطة مستقبل الثورة وشكل الدولة بعد الثورة ونظام الحكم الذي سيتولى قيادة الجمهورية.. لم يدع الامام رحمه الله الأمور للجانب العفوي، وساعده في ذلك صفوة من المخلصين والأمناء على الثورة. هذا الامر افتقدته تجارب أخرى حاولت استرضاء القوى العالمية، وحاولت أن تتعايش مع واقع الفساد القائم، وأرادت الاستئثار بالحكم، ما جعل تلك التجارب محل جدل ونقاش كبير..
وفیما یلي نص المقابلة:
الحوزة: كيف تقيم مسار الثورة الإسلامية في ايران منذ أكثر من أربعين سنة حتى الآن من جهة الشعارات والقضايا وتحقيقها والإنجازات لها؟
لا تزال الثورة الاسلامية متقدة، وهذا الأمر يتمثل في نهج الجمهورية الاسلامية التي تقف رأس حربة في وجه مشاريع ومخططات الهيمنة والتبعية التي تفرضها قوى الاستكبار العالمي على دول وشعوب المنطقة. لم تتنازل الجمهورية الاسلامية أمام الضغوط والحصار وحافظت على جذوة الثورة متقدة منذ 40 عاماً، واستطاعت الثورة أن تبني نظام حكم يقوم على مبادئ العدل والشورى والمساواة ونصرة المستضعفين، وتمكنت الجمهورية الاسلامية من تحقيق التوازن بين متطلبات بناء وتطوير الدولة وانظمتها الحديثة وبين المبادئ التي قامت عليها الثورة وشعاراتها والقضايا التي أخذت على عاتقها حملها وتبنيها و نصرتها.
إن الجمهورية الاسلامية بفضل الله تجاوزت محن وصعوبات كبيرة، وهذا يعود إلى تمسكها بنهج الثورة التي تحولت إلى فعل تتحدى به كل العقبات والعوائق التي وضعها الأعداء لمنع تحقيق أي إنجازات داخلية او خارجية، وبالتالي فشل الدولة والنظام تمهيدا لسقوطه. نهج الثورة شحذ نفوس الشعب الإيراني الذي حمل مبادئ الثورة، وأوجد فيهم حالة من التحدي مكنتهم من تجاوز كل العقبات وقهر المستحيل وهذا ساعدهم كثيرا في تحقيق الإنجازات الكبيرة في شتى المجالات والاعتماد على أنفسهم ومراكمة الخبرات والانجازات التي أبهرت العالم.
الحوزة: ما هو رأيكم عن التداعيات وتاثيرات الثورة في ايران على المنطقة والعالم الإسلامي واستلهام الشعوب منها وتشكيل الجبهة المقاومة في الظروف الحالية؟
الآثار الكبيرة للثورة على صعيد الداخل الإيراني جعل منها مصدر الهام لكثير من الشعوب التي تتوق للحرية والانعتاق من قيود الاستبداد السياسي الذي ترزح تحته. كما أن الثورة أحدثت هزة شديدة لقوى الاستكبار، وللحكومات والانظمة المستبدة في المنطقة.الشعوب استبشرت خيرا بالثورة والنجاحات الكبيرة التي حققتها، بينما كانت أنظمة الحكم المستبدة والطاغوتية قلقة وخائفة ومرتعشة ورأت في الثورة خطراً وجوديا عليها وهذا هو كان سببا في استعداء الأنظمة الظلامية المستبدة للثورة ونظامها. رغم حالة العداء التي واجهتها الثورة من قبل الحكومات المستبدة، الا أن الثورة كانت ملهمة للشعوب التي بدأت تتحرك لتكرار التجربة الثورية.من أكبر النجاحات كان تأسيس جبهة المقاومة ومحورها الذي اتسع أثره وتأثيره بفضل الدعم والإسناد الذي يلقاه من الجمهورية الاسلامية.
الحوزة: كيف ترى دور القيادة في تحريك وتحقيق الثورة الإسلامية مقارنة بالثورات الأخيرة في العالم الإسلامي؟
الامام الخميني رحمه الله كان نموذجا قياديا مغايراً في كل شيء، ومثل مدرسة قيادية نوعية وفريدة في الوعي والقدرة على توجيه الجماهير وتمتين ارتباطهم بحركة الثورة وأهدافها وشعاراتها وبرامجها ومبادئها، وهذا جعلهم يعيشون من الثورة التي باتت جزء من كيانهم واجندة عملهم. الامام الخميني رحمه الله مثل مدرسة في الاجتهاد والتجديد والاحياء، واستطاع أن يحدث حالة من الصحوة الاسلامية، وهو صاحب فلسفة اعتمدت على جعل الاسلام محركاً لنهضة الأمة ووحدتها. وقد استطاع أن يحدد أهدافاً واضحة للثورة الاسلامية في إيران، وحدد كذلك مرتكزاتها وعلاقتها بنظام الشاه المستبد وبقايا ذيوله، وعلاقاتها بالقوى الغربية والاستعمارية، ورسم خارطة مستقبل الثورة وشكل الدولة بعد الثورة ونظام الحكم الذي سيتولى قيادة الجمهورية.. لم يدع الامام رحمه الله الأمور للجانب العفوي، وساعده في ذلك صفوة من المخلصين والأمناء على الثورة. هذا الامر افتقدته تجارب أخرى حاولت استرضاء القوى العالمية، وحاولت أن تتعايش مع واقع الفساد القائم، وأرادت الاستئثار بالحكم، ما جعل تلك التجارب محل جدل ونقاش كبير..
الحوزة: كيف يمكن إحباط مخططات الأعداء خاصة أمريكا والصهاينة ضد محور المقاومة؟ وكيف ترى مستقبل المقاومة والعالم الإسلامي؟
محور المقاومة بات اليوم أكثر اتساعاً وأقوى تأثيراً، رغم كل التحديات التي يواجهها المحور. لم يفقد المحور مبررات وجوده، بفضل التفاف الجماهير التي ترى في المحور تعبيراً عن تطلعاتها وطموحاتها، ونحن نرى أن أحد أهم التحديات أمام محور المقاومة أن يحافظ على التصاقه بالجماهير والتعبير عنها وتحقيق ما تصبو إليه. إلى جانب ذلك فالمحور مطالب أيضاً بحماية الحواضن الشعبية وتمتين جبهاته الداخلية وبناء شبكة حماية قوية في وجه كل المحاولات العدائية التي تحاول التأثير بأي صورة من الصور على قواعده الجماهيرية. نحن نرى أنه ما دامت جبهات المحور الداخلية صلبة ومحصنة فإن المحور سيواصل أداء دوره بفاعلية وقوة أكبر إن شاء الله تعالى. الأعداء لا ينفكون عن مساعيهم الخبيثة وأطماعهم الشيطانية، لكن بتقديرنا أن مسعاهم يصاب بالفشل المتكرر أمام قوة وصلابة المواقف والمبادئ التي نتسلح بها وأمام عدالة القضية ما نؤمن به. الهزائم التي مني بها العدو الصهيوني في جبهات القتال في فلسطين وجنوب لبنان دفعت بالعدو إلى الانكفاء والتراجع، والمقاومة في غزة رغم حصارها باتت اليوم تمثل تهديدا كبيرا للعدو وهي قادرة في كل لحظة على مواجهته وضربه. وايضاً حزب الله يقف على جبهة شديدة الأهمية ويملك قوة قادرة على الانتصار، وقد تحدث سماحة السيد نصر الله عن ملامح استراتيجية هجوم واسع سيكون فيها مقاتلو حزب الله في مواقع متقدمة داخل جبهة العدو، وهذا من الناحية الاستراتيجية يحمل دلالات كبيرة حول المستقبل إن شاء الله.
الحوزة: ما هو رأيكم حول المجاهد الشهيد الكبير الحاج قاسم سليماني الذي كرّس حياته لفلسطين ولقضايا الأمة العادلة التي جاب البلاد شرقاً وغرباً من أجل أن يزرع المجاهدين ويزرع المقاومة ويرفدها بكل أسباب التطور والصمود والثبات؟
من الصعب الحديث عن المجاهد الكبير قاسم سليماني في بضعة أسطر، فما قدمه الرجل لفلسطين تحديداً على مدار سنوات يصعب حصره أو إيجازه في اجابة على تساؤل واحد! لكن من باب الأمانة القول إن الفريق الشهيد قاسم سليماني كان شريكاً حقيقياً وفاعلاً في معارك المقاومة الفلسطينية ضد الكيان الصهيوني، وقد كان صادقاً في عمله لصالح فلسطين ووفيّاً في وعوده بتطوير المقاومة، وقد وضع بين يدي المقاومة كل ما يلزم لبناء الخطط الدفاعية في غزة بعد العدوان الصهيوني الذي وقع نهاية العام 2008، وأشرف بنفسه على إيصال الدعم والسلاح في ظل ظروف صعبة. وعاش كل لحظات حياته وهو يحلم بتحرير فلسطين والانتصار على العدو الصهيوني، وكانت قناعته بأن إزالة الكيان الصهيوني أهم أولوية لاستقرار العالم الاسلامي، وبدون ذلك سيبقى التهديد قائماً في عموم البلاد الاسلامية، ولذلك كان يرى أن أهم الاولويات في عمله دعم المقاومة الفلسطينية بكل أسباب القوة والمنعة. الفريق سليماني كان مخلصاً لمبادئ الثورة الاسلامية، وكان أميناً في الوفاء لقيمها وتحقيق أهدافها.