وکالة أنباء الحوزة - أفاد مراسلنا بأنّه التقی قبل سنوات مع سماحة السید علی حسین العلاق رئیس مجمع العراقي للوحدة الإسلامیّة والذي کان نائبا في مجلس النواب العراقی ورئیسا للجنة الوقف حین الحوار وتکلم مع سماحته حول شئون رجال الدین ومتطلبات العالم الحدیث وفیما یلي نص الحوار:
ما هي ردة فعلکم بالنسبة إلی هذا الخبر: رجل الدين ایرانی لابس زیّ العلماء ذهب إلی شاطئ بحر وقام بأداء برامج ثقافیة ودینیة؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الإنسان المسلم بشكل عام، مسؤوليته الدعوة إلى الله عز وجل بقوله تعالى ﴿ادعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن﴾، وكل بقعة أرض في العالم هي مادة للدعوة الى الله، لا يقتصر عمل الدعوة إلى الله على مكان دون مكان آخر، لذلك ان يستثمر عالم دين بالذات هذه المناطق سواء كانت مناطق البحر او المقاهي او الكوفي شوب، او حتى المنتديات الرياضية والفنية فضلاً عن المساجد والحسينيات وغيرها،فهذه تكون مهمة وجيدة جداً ومثيرة إلى الاهتمام وتجذب أكبر عدد من الناس، لأن رجل الدين منفتح ومتفهم ومتنور ويستطيع أن يوصل رسالته إلى قطاع واسع من الناس.
نعم، هنالك ضوابط شرعية يجب أن تراعى من قبل رجل الدين ومن قبل كل دعاة الإسلام، وهنالك ضوابط شرعية، تعلمون أن البحر احياناً قد يكون خاليا من المظاهر السلبية المحرمة كالتعري وغير ذلك فلا إشكال في أن يدعو إلى الله في ذلك المكان، أما اذا كان مليء بالنساء العاريات أو الرجال العراة كما هي المظاهر في الغرب، فعلى رجل الدين أن يبتعد عن هذه المناطق رعايةً للحرمة الشرعية ورعايةً لكرامة الدعوة الإسلامية ويختار من البحر المكان المنفتح الخالي من المحرمات.
علی هذا وحسب رأیکم لا بأس لدخول رجل الدين لابس زيّ العلماء في ملعب کبیر لمتابعة مباریات کأس کرة القدم؟
برأيي رجل الدين هو إنسان كسائر البشر، هنالك حريات عامة يستطيع أن يمارسها ضمن إطار الأخلاق وضمن إطار القيود والضوابط الشرعية، كرة القدم لا يوجد حكم بتحريمها ولا بحضورها ولكن احياناً هنالك معوقات مجتمعية وليست معوقات ذات طابع فقهي ديني، المعوقات المجتمعية كما لو أن الناس قد لا تستطيع ان تتفهم حضور رجل الدين لملعب الكرة باعتبار أن لها نظرة تقضي عامة بأن رجل الدين لا يحضر في هذه الأماكن أو أن حضوره شاذ وغريب في أمنكة محددة، فربما سيواجه حضوره بلون من ألوان الرفض أو السخرية من البعض طبعاً،وقد بالعكس ينال احترام الكثيرين،انا شخصياً اشرف على إقامة مباريات لكرة القدم في العراق للشباب في ساحات كرة القدم، أنا أجلس أشاهد وأحضر بعد انتهاء المباريات لأقدم الهدايا والكؤوس على الفريق الفائز، لكن في الملاعب العامة الكبيرة في برشلونا وريال مدريد وغيرها أو في استقلال وپيروزي [بيروزي] وغيرها ربما سيواجه من قبل بعض الناس، هذا يدعو وحفاظاً على مكانته وحفاظاً على شخصيته وكرامة العمامة بأن لا يحضر من هذا الباب، يعني ليس هنالك مسألة شرعية، هذا تقريباً العامل الأساسي وإلا أنا شخصياً احب فريق برشلونة.
ما هي وجهة نظرکم فی موضوع رجال الدین والحداثة؟
الحداثة أو تطور الأحكام لها علاقة بالزمان والمكان هذا جزء اساسي في عملية الاستنباط الفقهي وقيمة الإجتهاد الإسلامي انه يراعي ظروف الزمان والمكان طبقاً للأصول والضوابط الإسلامية، هنالك ثوابت إسلامية على ضوئها يستنبط الحاكم أو الفقيه الشرعي الأحكام الإلهية، الحداثة إذا كانت تعني هذا اللون من ألوان التطور التكنلوجي والعلمي والتطور في الرؤى والأفكار والمشاريع والمخططات وطريقة الادارة والقيادة وغير ذلك، تطور فهم النصوص بطريقة علمية اكبر لا مانع من ذلك في ان يكون حداثياً وان يكون متنوراً، ولكن ايضاً اكرر انه بشرط ان لا ينعكس ذلك على الثوابت فيخسر الثوابت بعنوان الحداثة، لأن ما دامت الحداثة تخضع للثوابت الدينية والإسلامية ولقواعد الاستنباط الفقهي الشرعي فلا مانع منها، بل مطلوبة لأنه نحن في الحقيقة نعيش في عصر متطور يحتاج الى افكار جديدة ورؤى تستحضر التطور العلمي والتكنلوجي الحديث وتأخذ ذلك في طريقة فهم النصوص وعرض الافكار. وعلى جامعاتنا أن تتطور، الان طرق التدريس تطورت، طرق ايصال المعلومة تطورت فهم النصوص تطور، قلت كل ذلك ممكن بشرط أن يكون تحت إطار الثوابت الإسلامية.
کیف تقیّمون استخدام رجال الدین وسائل الإعلام علی سبیل المثال، رجل الدين یدخل فی مجال الفن أو یکتب سناریو للأفلام أو یجری المقابلة؟
جيد جداً، بالعكس هذا من امتيازات رجل الدين المعاصر وهذه من الحداثة ان يتمتع بذوق فني عال، وان يتمتع بذوق ادبي عال ايضاً، وان تكون له شجاعة أدبية لكي يساهم في اللقاءات الإعلامية لكي يكون له قوة بيان في الجانب السياسي، الفكري،الثقافي، المجتمعي، ويستطيع أن يوصل رسالة الإسلام والرسالة الدينية المقدسة من خلال الإعلام؛ والإعلام اليوم يشهده الملايين من الناس، وأنا شخصياً أشارك في عدد كبير جداً من القاءات الإعلامية السياسية، تعلمون أنه عندنا في العراق الآن تطور سياسي كبير وتطور إعلامي كبير، وحضور سياسي، والإعلام يريد منا أن نحضر دائماً لنبين آراءنا في كل من التيارات السياسية، أنا اقول رجل الدين أولى من غيره في أن يكون حاضراً في هذه الميادين يعرض الوجهة المنيرة للعالم الديني والافكار التي يحملها بعيداً عن الاختلاط والمشاكل الفكرية والانحرافات، بعيداً عن كل ما يمسّ مصالح الامة العليا، لذلك رجل الدين الواعي يمتلك خطاب سياسي واعي، خطاب وحدوي، خطاب يجمع شمل الأمة،لا يفرق، لا يعتدي على أحد، لا يمس كرامة أحد. وإنما يعالج الظواهر المنحرفة في الإعلام فيردها،ويطرح ظواهر ايجابية في الاعلام - وإن لم تتحقق- فضلاً عن تبيان المواقف السياسية،لذلك أنا مع أي مشاركة لعالم الدين في البعد السياسي والفني والأدبي، وأكرر ضمن الثوابت الإسلامية.
بعض الأحیان نحن نسمع بعض الأصوات من الحوزة یرفضون تواجد رجال الدین في الساحات الجدیدة، ما هي مسئولیة الذین یریدون الدخول فی هذه الساحات الجدیدة تجاه هؤلاء المخالفین؟
يجب أن نتعرف على نوع هذه الساحات فليست كل ساحة ممنوعة، وليست كل ساحة أيضاً مفتوحة، يفترض أن نتعرف على حيثيات هذه الساحة، أهداف القائمين عليها، ماذا يطرح فيها من أمور، ما الغرض من تأسيسها، هل غرض تأسيسها إيجاد نهضة فكرية، نهضة ثقافية، نهضة شبابية، فكر متطور جديد ضمن إسلامنا ومذهبنا أم لا، ناس مغرضون مدفوعي الثمن أعدت لهم اقبية مخابرات دولية او اقليمية لغرض إسقاط الحالة الإيمانية في نفوسنا من خلال ترويج ثقافة جديدة منحرفة، يجب أن ندرس هذه الساحات وندرس أهدافها والمقيمين عليها ثم بعد ذلك نشترك أو لا نشترك.
ما هي کلمتکم الأخیرة لوکالة أنباء الحوزة؟
أنا ابارك لكم هذا الجهد الإعلامي المهم والكبير ولا شك أن الحوزة العلمية تمثل الأساس الديني الفكري العقيدي والعملي لأبناء الامة الإسلامية، في دوركم التربوي والأخلاقي والعلمي والفقهي قيمة مهمة جداً، أحياناً أتابع رغم قلة وقتنا لكننا نتابع احياناً، أتمنى أن صوتکم یصل إلی العراق باللغة العربیة، لان هذا سيفتح بابا كبيرا أمام الشعب العراقي للإطلاع على آخر تطورات الوضع العلمي والفقهي في الحوزة العلمية في قم المقدسة وبالتالي تتلاقح الافكار بين الحوزة العلمية في النجف الاشرف وبين قم المقدسة،وأعتقد أن هذا اقتراح مهم جداً لكم أن تطرحوا برامج باللغة العربية تعرّف بالتطور العلمي الذي حصل على صعيد الحوزة العلمية في قم المقدسة.
أجری الحوار: محمدجواد حسین زاده