وكالة أنباء الحوزة - قال الدكتور راشد الراشد الناشط والمحلل السياسي البحراني خلال مقابلة مع مراسل وكالة أنباء الحوزة: إن وجود قيادة متصدية ومؤهلة تحمل مشروع التغيير في الأمة، وتمثل قمة طموحاتها وتطلعاتها وتكون خير مدافع عن مشروعية حركتها وثورتها ومطالبها العادلة واحدة من أهم القضايا التي أدت إلى الإنتصار الكبير الذي حققته الثورة الإسلامية في ايران. إن وحدة الإرادة الشعبية خلفت قيادة تحمل مؤهلات التصدي وتبني مشروع التغيير في المجتمع هو السبيل لتحقيق الإنتصار. ولعل واحد من أهم أسباب فشل ثورة ما أصطلح عليه بالصحوة الإسلامية هو عدم تمخض هذه الثورات عن قيادة تمثل إرادة المجتمعات التي إنطلقت منها الثورة. على العكس من الثورة الإسلامية في ايران في إلتفت الأمة حول الإمام الخميني العظيم ”قدس سره“ بعد أن تحمل المسؤولية وتصدى لمشروع الثورة في وجه النظام الديكتاتوري الشمولي وبعد أن وجدت فيه الأمة أنه خير ممثل لتطلعاتها وطموحاتها وآمالها في التغيير، فإنطلقت خلف قيادته في وحدة إرادة شعبية قل نظيرها في تاريخنا المعاصر وسجلت أروع صور إلتفاف الأمة حول قيادتها وهو السر الأكيد لإنتصارها وتحقيقها هذه الإنجاز الكبير.
و فیما یلي نص المقابلة:
الحوزة: كيف تقيم مسار الثورة الإسلامية في ايران منذ أكثر من أربعين سنة حتى الآن من جهة الشعارات والقضايا وتحقيقها والإنجازات لها؟
كثيرة هي الإنجازات التي حققتها الثورة الإسلامية في ايران، ولعل أهم إنجازاتها غير الإنتصار الكبير الذي حققته على قوى الهيمنة والإستكبار العالمي هو أنها كرست ثقافة جديدة في حياة الأمة، بل والبشرية جمعاء بأن إرادة الشعوب أقوى من ما يمتلكه الإستبكار وأدواته من وسائل للهيمنة والإخضاع والسيطرة، أثبتت بأن لدى الشعوب طاقة وإمكانية هائلة لتحقيق الإنتصارات الساحقة على قوى الهيمنة والسيطرة مهما إمتلكت من وسائل وإمكانات البطش والقتل والتنكيل.
إن أكبر تحدي تواجهه الأمم ناحية التغيير هو ثقافة الهزيمة التي تم تكريسها في عقل ووجدان الأمة على مدى قرون هو أنها عاجزة وقادرة على الدفاع عن نفسها وعن كرامتها وعن مقدساتها. إن ثقافة الهزيمة والفكر الإنهزامي الذي تم تغذيته ليصبح ثقافة متأصلة أدت إلى هذا الإستسلام المريع لقوى الهيمنة والإحتلال والسيطرة بذرائع عدم إمكانية مجابتها بما لديها من إمكانات وقدرات وبما يفرزه محاولة المقاومة من مصير مجهول أمام قدرة وإمكانية قوى السيطرة على القتل والبطش والتنكيل.
لقد قامت القوى المعادية بزرع حالة الرهاب والخوف والهلع تجاه أي محاولة تستهدف مقاومة الأمر الواقع وتغييره إلى حيث الحرية والإستقلال وحفظ الكرامة حتى اضحت هي القاعدة والأرضية والركيزة التي يقوم عليها الإستبكار وأدواته في إنجاز مهمة السيطرة والهيمنة. لكن ها هي الثورة الإسلامية في ايران أثبتت بأن لدى الأمة ما تستطيع من خلاله حفظ كرامتها وحماية سيادتها.
لقد حققت الثورة أهم أهدافها والتي تكمن في أولاً الإنتصار على الإستكبار وفرض الإرادة عليه وعلى أدواته في المنطقة. وثانياً أقامت نظام الجمهورية الإسلامية الذي يمثل الإرادة الشعبية ويستمد شرعيته منها وحدها ودون تدخل من قوى الإستكبار والهيمنة في العالم. وقدّمت أنموذجاً يعتبر اليوم من أرقى التجارب البشرية القائمة التي تتم دراستها وبحث تجربتها، هذا رغم كل الحملات الضخمة المتواصلة لتشويها صورتها ومكانتها في العالم.
ومن عجائب الثورة الإسلامية في ايران انها رغم مرور أكثر من أربعين عاماً من الحروب والمؤامرات والدسائس والضغوطات الهائلة التي لم تواجهها أي دولة في تاريخنا المعاصر إلاً أنها لا زالت تواصل تألقها ووتضاعف قيمتها الأخلاقية. وليس أدل على ذلك هو مشهد التشييع المهيب الذي جرى للشهيد الحاج قاسم سليماني ”رحمه الله تعالى“، والذي كان حدثاً تاريخياً غير مشهود إطلاقاً في تاريخ البشرية برمتها. وقد جرت وقائع هذا التشييع في مشهد تاريخي كشهادة حية على قدرة الثورة الإسلامية وشرعية وجودها بحجم هذا الثقل الشعبي والجماهيري الذي مثله هذا التشييع التاريخي والذي مثل صفعة إقتدار مدّوية للإستكبار الذي كان يراهن على كسر إرادة الشعب ونظام الجمهورية الإسلامية في ايران الحر والأبي.
الحوزة: ما هو رأيكم عن التداعيات وتاثيرات الثورة في ايران على المنطقة والعالم الإسلامي واستلهام الشعوب منها وتشكيل الجبهة المقاومة في الظروف الحالية؟
لقد أعطت الثورة الإسلامية زخماً هائلاً للروح والمعنويات في الأمة وإعادة الثقة إلى نفس الأمة بأنها قادرة وتمتلك كل مقومات القوة من أجل الدفاع عن كرامتها وحماية مقدراتها ومقدساتها، وأعطت مثالاً صارخاً يحتذى به في إمكانية تحقيق النصر على أقوى الأنظمة الطاغوتية والفرعونية من خلال الإرادة والصمود والتحدي، وزرعت في الأمة ثقافة الثقة بالذات وبالقدرة على الإنتصار على الإستكبار وأدواته في السيطرة.
ومن بين أهم إنجازات الثورة الإسلامية بقيادة واحد من أبرز فقهاء ومراجع الدين في العالم الإسلامي هو أنها أسقطت جميع أقنعة الإستكبار العالمي وكشفت وجهه القبيح في هوس السيطرة والهيمنة، وها هي أكثر من أربعين عاماً على الإنتصار الكبير للثورة والإستكبار يواصل حملاته المتوحشة والمسعورة ضد ايران وشعبها الأبي، وكل جريمته أنه أراد التحرر من ربقة هيمنة الإستكبار وسيطرته على البلاد ومقدراتها.
ورغم الإنجازات العديدة للثورة يبقى أنها اليوم أستطاعت بفكر الكرامة التي ضختها في عقل ووجدان الأمة من أن تخلق من أبناء الأمة قوة لا يستهان بها من أجل مقاومة كافة أشكال وأنواع الهيمنة على مقدرات الأمة ومواردها، ويمتد هذا المحور ليشغل اليوم مساحة واسعة من الأراضي العربية والإسلامية من العراق ولبنان واليمن وسوريا وغيرها من البلدان التي أنطلقت سواعد أبنائها من أجل الحرية والكرامة. وأصبحت المقاومة رقماً صعباً في المعادلات القائمة الراهنة لا يمكن تجاوزها بحال من الأحوال وهي ثمرة من ثمرات الثورة الإسلامية المنتصرة في العام ١٩٧٩.
بل يمكننا الإدعاء اليوم، ورغم كل محاولات الإستكبار لتشوية صورة الثورة الإسلامية في ايران وإتهامها بمختلف صنوف الإتهامات والتشكيك في سلامة توجهاتها وإتجاهاتها إن الإمة وحتى تلك الشعوب التي لم تنهض لحد الآن أصبحت تدرك بشكل واضح حقيقة هذه الثورة كما تدرك تماماً طبيعة الإستكبار وأهدافه الخبيثة في السيطرة على الأمة.
الحوزة: كيف ترى دور القيادة في تحريك و تحقيق الثورة الإسلامية مقارنة بالثورات الأخيرة في العالم الإسلامي؟
إن وجود قيادة متصدية ومؤهلة تحمل مشروع التغيير في الأمة، وتمثل قمة طموحاتها وتطلعاتها وتكون خير مدافع عن مشروعية حركتها وثورتها ومطالبها العادلة واحدة من أهم القضايا التي أدت إلى الإنتصار الكبير الذي حققته الثورة الإسلامية في ايران. إن وحدة الإرادة الشعبية خلف قيادة تحمل مؤهلات التصدي وتبني مشروع التغيير في المجتمع هو السبيل لتحقيق الإنتصار. ولعل واحد من أهم أسباب فشل ثورة ما أصطلح عليه بالصحوة الإسلامية هو عدم تمخض هذه الثورات عن قيادة تمثل إرادة المجتمعات التي إنطلقت منها الثورة. على العكس من الثورة الإسلامية في ايران في إلتفت الأمة حول الإمام الخميني العظيم ”قدس سره“ بعد أن تحمل المسؤولية وتصدى لمشروع الثورة في وجه النظام الديكتاتوري الشمولي وبعد أن وجدت فيه الأمة أنه خير ممثل لتطلعاتها وطموحاتها وآمالها في التغيير، فإنطلقت خلف قيادته في وحدة إرادة شعبية قل نظيرها في تاريخنا المعاصر وسجلت أروع صور إلتفاف الأمة حول قيادتها وهو السر الأكيد لإنتصارها وتحقيقها هذه الإنجاز الكبير.
الحوزة: كيف يمكن إحباط المخططات الأعداء خاصة أمريكا والصهاينة ضد محور المقاومة؟ و كيف ترى مستقبل المقاومة والعالم الإسلامي؟
هناك العشرات بل المئات من الغرف السوداء التي تخطط وتعمل ليل نهار ضد العالم الإسلامي وخصوصاً ضد محور المقاومة الذي بدأ يمثل رأس الرمح الذهبي الصادق في الأمة الذي يدافع عن عزتها وكرامتها، والذي بات يشكل تهديداً مباشراً ضد قوى الهيمنة والسيطرة والتحكم في العالم ضد مصالح الشعوب العربية والإسلامية. ومن الطبيعي أن تنتفض قوى الهيمنة وعلى رأسها الشيطان الأكبر الولايات المتحدة الأمريكية وربيبتها حركة الصهيونية الإرهابية العالمية وتوظف كل إمكانياتها وطاقاتها لكسر إرادة شعوبنا المتطلعة للحرية والإستقلال الحقيقي.
ينبغي الإشارة إلى أن مخططات الدوائر الإستكبارية لا تقف عند بعد محدد وإنما هي حركة نشطة دؤوبة في كل الإتجاهات من أجل السيطرة والهيمنة والنفوذ، ومن أدواتها غير الحروب الساخنة التي تغذيها وتحركها في أكثر من بقعة من بقاع عالمنا الإسلامي هناك الحروب الناعمة وحروب التفتيت والتدمير التي تقودها من خلال إثارة النزاعات والفتن الطائفية والعنصرية وغيرها من الأدوات، خاصة في المناطق التي تشهد حركة مقاومة صادقة من أجل مجابهة كافة أشكال الهيمنة والإحتلال والسيطرة.
ولإحباط مخططات الإستكبار العالمي المتواصلة لإستهداف إرادة الأمة وكرامتها وخاصة محور المقاومة لابد من التالي:
أولاً: إدراك حقيقة أن الإستكبار العالمي هو العدو الأول لمصالح الأمة وأن لديه آلاف الغرف السوداء التي تخطط وتعمل ليل ونهار لإشعال الحروب والفتن بمختلف أنواعها وأشكالها التي تستهدف السيطرة والهيمنة على الأمة ومقدراتها ومواردها.
ثانياً: عدم الثقة في اي مشروع يقدمه الإستكبار العالمي وأدواته في المنطقة مهما تغلف تحت عناوين الديمقراطية وحقوق الإنسان والتعايش، ذلك إن مثل هذه العناوين تمثل خطوط الدفاع الأمامية عن مشاريع السيطرة على عالمنا العربي والإسلامي.
ثالثاً: دعم وإسناد خيار المقاومة والتحرر والإستقلال كخيار وحيد للمحافظة على كرامة الأمة وسيادتها وإستقلالها الحقيقي.