قال الشيخ حميد معلة الساعدي رئيس المؤتمر العام التأسيسي لتيار الحكمة الوطني العراقي في حوار مع مراسلنا في وكالة أنباء الحوزة: لا يمكن اختصار انجازات اربعة عقود من الكفاح والجهاد والمقاومة الخ... في عدد من السطور وبهذه العجالة، ولكن يمكن الجزم وباطمئنان ان الدولة والثورة ما زالتا في اوج قوتهما وعنفوانهما، وانه برغم الاستياء الذي يمكن ملاحظته في الشارع الشعبي الايرانى، فان مظاهر الوفاء للثورة واهدافها ما زالت تعيش في قلوب وعقول هذا الشعب الغيور، حيث يتجلى ذلك في الحضور الشعبي الفاعل في المنعطفات الخطيرة والتظاهرات المساندة لقيم الثوره والشهادة، كما حصل مؤهلا في التظاهرات المليونية في تشييع الشهيد سليماني ورفاقه رحمهم الله تعالى.
و فیما یلي نص الحوار:
الحوزة: كيف تقيم مسار الثورة الإسلامية في ايران منذ أكثر من أربعين سنة حتى الآن من جهة الشعارات والقضايا وتحقيقها والإنجازات لها؟
لقد احرزت الجمهورية الاسلامية خلال العقود الاربعة الماضية تقدما ملحوظا على طريق تطبيق شعاراتها، سواء على مستوى ادائها الداخلي، او تاثيرها الخارجي...
لقد اطلقت ثورة بهمن المباركة عددا من الشعارات والاهداف من قبيل (العدالة الاجتماعية ونصرة المستضعفين، والحرية من الاستبداد، ومقاومة الاستكبار العالمي، والاستقلال التام وعدم الانحياز الى محاور الشرق او الغرب، ومكافحة الصهيونية والارهاب، وتحرير القدس الخ)..كما لا يمكن لاي منصف ان يتغاضى بسهولة عما تحقق في الداخل من انحياز واضح الى جانب الفقراء والمحرمين ورفع مستوى المعيشة لديهم، وكذلك الارتفاعات الرائعة في مستويات التعليم والصحة والخدمات المصرفية والعامة وكذلك نمو الدخل القومي والناتج الوطني، وتطور البنية التحتية للبلد في قطاعات البناء والاعمار والصناعة والزراعة والتجارة الخ وكذا مختلف الصناعات العسكرية والالكترونية، فضلا عن التطور الهائل في المجالين الذري والكهربائي،الامر الذي يرشح ايران للدخول الى النادي الذري الدولي، حصل هذا كله في اطار حملة ظالمة من الحصار والتقييد قامت بها الدول الاستكبارية ضد هذه التجربة الفريدة في المنطقة.
والخلاصة : انه لا يمكن اختصار انجازات اربعة عقود من الكفاح والجهاد والمقاومة الخ في عدد من السطور وبهذه العجالة، ولكن يمكن الجزم وباطمئنان ان الدولة والثورة ما زالتا في اوج قوتهما وعنفوانهما، وانه برغم الاستياء الذي يمكن ملاحظته في الشارع الشعبي الايرانى، فان مظاهر الوفاء للثورة واهدافها ما زالت تعيش في قلوب وعقول هذا الشعب الغيور، حيث يتجلى ذلك في الحضور الشعبي الفاعل في المنعطفات الخطيرة والتظاهرات المساندة لقيم الثوره والشهادة، كما حصل مؤهلا في التظاهرات المليونية في تشييع الشهيد سليماني ورفاقه رحمهم الله تعالى..
الحوزة: ما هو رأيكم عن التداعيات وتاثيرات الثورة في ايران على المنطقة والعالم الإسلامي واستلهام الشعوب منها وتشكيل الجبهة المقاومة في الظروف الحالية؟
لقد أوجدت الثورة الاسلامية في ايران تحولاً كبيرا في المنطقة والعالم الاسلامي، سواء على مستوى الوعي الهادف، او على مستوى الحركة الجهادية والمقاومة..
حيث ساد المنطقة مدٌ ثوري جارف منذ اندلاع ثورة بهمن عام 1979م والى الان، بل ظل هذا الموج متصاعدا ومتواصلا
تمثل في جملة ظواهر اساسية نذكر منها ما يلي :
1- اعادة الثقة في نفوس ابناء الأمة الاسلامية وارجاعهم الى ذاتهم الأصيلة (ظاهرة العودة للذات) برغم كل مظاهر الافساد والتضليل.
2- اتساع رقعة الصحوة الاسلامية في صفوف المسلمين وبمختلف مذاهبهم الفقهية، وألوانهم الاثنية ومواقعهم المناطقية وهو ما يمكن الاصطلاح عليه بظاهرة
( الصحوة الاسلامية)
3- وتأسيساً على ظاهرتي (الاصالة والصحوة) فقد انتشر وبشكل واسع، اداء رفض الظلم والقهر والاستكبار تجلى بمظاهرات شعبية، وانتفاضات جماهيرية وتشكيل فصائل المقاومة الثورية ، الخ اي بروز (ظاهرة المقاومة الشعبية).
هذا فضلا عن شيوع فعاليات اخرى، سياسية وثقافية واعلامية ودبلوماسية الخ عبرت عن تلك المتغيرات.
اذن فان تاثير الثورة وتداعياتها في المنطقة والعالم كان واسعا وفاعلا، وهو مما يشهد به الخصوم قبل الاصدقاء ولا ادل على ذلك، هو مدى تاييد المحبين، وشدة خصومة الذين احرجهم اداء الدولة الإسلامية واخزاهم صمودها بوجه اعدائها..
الحوزة: كيف ترى دور القيادة في تحريك وتحقيق الثورة الإسلامية مقارنة بالثورات الأخيرة في العالم الإسلامي؟ كيف يمكن إحباط المخططات الأعداء خاصة أمريكا والصهاينة ضد محور المقاومة؟ وكيف ترى مستقبل المقاومة والعالم الإسلامي؟
ابتداء لا يوجد وجه مقارنة بين قيادات المشروع الالهي (العلماء-الفقهاء) وبين رموز الحركات الثورية والشعبية، وذلك للفارق الواضح بين المنظومتين الفكريتين، من جهة، ولطبيعة العلاقة بين القائد الرباني والجمهور من جهة اخرى.
ولكن وبنوع من المقاربة السريعة يمكن القول ان دور القيادة العلمائية (المرجع- الامام) ليس هو قيادة الجموع من اجل تحقيق النصر فحسب وانما هو التوجيه المسؤول، وتحديد الواجب والتكليف، وتشخيص المصلحة، وايجاد البديل الصائب الخ..
بينما رمز المعارضة او الحراك الشعبي لا يتمتع بمثل هذه الادوار، ولو توفر على بعضها فليس له حق فرضها على الناس، الا بحدود ما هو متفق عليه.
من جانب اخر فان علاقة الجماهير مع القائد المرجع، هي علاقة روحية، وابوية وانقياد فكري مرتبط ببناءات عقائدية، وواضح انها ليست ذاتها مع الرمز الثائر..
ان العلاقة مع الأول هي علاقة دين، ومصلحة ثابتة، والطاعة فيها تكتسب صفة شرعية والمخالفة لها تعد معصية، بينما لا تتوفر مثل هذه العناصر في علاقة الناس مع الرموز الثورية، سواء في في اطار الانتفاضة والحراك الجماهيري او خارجه..
ومن هذا التقديم يمكن ادراك كيف كانت بيانات وخطابات الامام الخميني (رض) -وما زالت - تقود قلوب الناس وعقولها قبل اجسادهم، وكيف ان منهج القيادة ما زال حاضرا بخلفائه، ويزداد رسوخًا، بينما نرى القيادات من النوع الثاني تتهاوى سريعا، او تزول بمجرد انهيار الهدف، او حتى تحقيقه.