۳۰ فروردین ۱۴۰۳ |۹ شوال ۱۴۴۵ | Apr 18, 2024
كيف تقي نفسك من فيروس كورونا ؟

وكالة الحوزة - كشفت آخر حصيلة للإصابات بفيروس كوفيد ـ 19 في البحرين عن وجود أزمة حقيقية في السياسة المتبعة لاحتواء هذا الوباء، الأمر الذي أثار مخاوف من تفشيه بشكل كبير في البلاد، وخاصة داخل السجون المكتظة بالسجناء السياسيين.

وكالة أنباء الحوزة - تم الإعلان عن إصابة 100 شخص يوم الأحد 19 أبريل لترتفع حصيلة الإصابات التي تم اكتشافها في البلاد إلى 1871 حالة. وإذا ما أخذنا بنظر الإعتبار عدد سكان البحرين البالغ حوالي 1.3 مليون نسمة، فإن نسبة الإصابات في البحرين هي الأعلى بين معظم الدول الخليجية. فنسبة الإصابة في السعودية وعمان تبلغ قرابة 3 إصابات لكل 10 آلاف نسمة، وفي الكويت فتبلغ 4 ، والإمارات 7 ، أما في البحرين فتقفز إلى 15 حالة إصابة لكل 10 آلاف نسمة! وهو ما يثير تساؤلات عديدة عن الأسباب التي تقف وراء هذا الإنتشار الواسع، وخروج الوضع عن السيطرة مع هذا الوباء القاتل.
وللإجابة على ذلك لا بد من العودة قليلا إلى الوراء، وتحديدًا مع بدء الإعلان عن وصول الفيروس إلى منطقة الخليج الفارسي. فقد ادعت السلطات الحاكمة في البحرين آنذاك بأن لديها استراتيجية واستعداد للسيطرة على الوباء، كما ورد ذلك على لسان محمد عبدالله الخليفة رئيس المجلس الأعلى للصحة، ورئيس مايسمى بالفريق الوطني للتصدي لفيروس كورونا كوفيد 19، حيث زعم بأن “ لدينا استراتيجية وطنية شاملة لاحتواء ومنع انتشار الفيروس“، مؤكدا بأن تلك الإستراتيجية اقرت بقيادة وإشراف مباشر من ولي العهد سلمان الخليفة، وأن السلطات ”اتخذت كافة الإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية“.
لكن تلك الإدعاءات لم تصمد طويلا أمام الواقع، فقد تبين لاحقا بأن السلطات ليست لها استراتيجية لتطويق الوباء بالصورة المثالية التي تم ترويجها، ولم تتخذ الإجراءات الإحترازية المطلوبة، أو التدابير الوقائية الكافية، وتبين فيما بعد أن الهدف من تلك التصريحات كان حرص ولي العهد الخليفي على تنظيم سباق الجائزة الكبرى للسيارات فورمولا 1 في شهر مارس الماضي. فقد حرصت السلطات على حجب كثير من المعلومات، مكتفية بادعائها انها تفحص كافة القادمين إلى البلاد من المنافذ الحدودية.
لكن هذه الإدعاءات لم تنجح في ضمان تنظيم السباق الذي ألغي هذا العام، وذهب بآمال وأحلام ولي العهد أدراج الرياح، وحينها بدأت تتضح الصورة الحقيقة، وهي أن السلطات غير مستعدة كما ينبغي لمواجهة هذا الوباء. ومن هنا وتغطية على هذا التقاعس، استخدمت السلطات سياسة الهروب للأمام، وألقت بالنائحة كعادتها نحو إيران والشيعة، متهمة إياهم بنقل الفيروس إلى البحرين.
وانطلقت حينها الأقلام المسمومة تشن حملة طائفية خبيثة، اعتادت عليها الصحف الصفراء ووسائل الإعلام الخليفية، وصلت إلى حد طأفنة فيروس كورونا، الذي انتشر من الصين أساسا إلى مختلف أنحاء العالم. جرى التركيز في هذه الحملة على القادمين من إيران، الذين جرى عزلهم في مخيم بجزيرة سترة، أشبه ما يكون بمخيمات للاجئين، بينما خُصصت المنتجعات السياحية وفنادق الخمس نجوم لمواطني دول مجلس التعاون.
وسرعان ما تبين أن الكثير من الإصابات في البحرين تسبب بها قادمون من مصر والسعودية وإيطاليا وجنوب شرق آسيا، لكن السلطات تكتمت عليها إمعانا منها في استهلاك ورقة الفيروس طائفيا.
وكان أحد أهم أهداف هذا الاستخدام، هو تهرب السلطات من النهوض بمسؤولياتها حيال مئات البحرانيين العالقين في إيران، ممن تلكأت السلطات في إجلائهم، حتى توفي سبعة منهم، وتصاعدت معها الانتقادات الدولية للسلطات الخليفية.
وحين بادرت قطر إلى استقبال عدد من العائدين على نفقتها، انتفضت العائلة الحاكمة في البحرين وأعلنت أن لديها خطة لإجلاء كافة العالقين، وأن ما حصل غير مقبول بل وصل إلى حد تخوين العالقين وفقا لبعض أقلام السلطة المأجورة.
رويدا رويدا أيقن البحرانيون بأن السلطات ليس لديها خطة واستعداد يتلائم مع التصريحات المثالية لمواجهة هذا الوباء!
وبعد أن فصلت السلطات الخليفية العديد من الكوادر الطبية البحرانية، وأبعدتهم تحت ذريعة مشاركتهم في الثورة الشعبية التي اندلعت عام 2011، واستبدلتهم بكوادر مستوردة غير كفوءة، تراجعت الخدمات الصحية كثيرا في البحرين، فضلا عن أن المرافق الصحية لم تشهد تطورا وتوسعا من مستشفيات وغير ها، كي تستوعب العدد المتنامي من السكان نتيجة لسياسات التجنيس السياسي، واستيراد العمالة الأجنبية، على حساب أبناء البلد الأصليين المحرومين من كثير من الخدمات ومن البعثات الدراسية برغم تفوقهم وكفاءتهم.
تمخضت الاستراتيجية المُدعاة، والتدابير الوقائية المثالية عن تفشي الوباء بين صفوف العمالة الوافدة التي تشكل ثلث سكان البحرين، والتي تعيش عادة في مرافق سكنية مكتظة، وتشكل بيئة مناسبة لانتشار الوباء وتفشيه في البحرين. ومع انتشار الوباء ظهر جليا وجود أزمة حقيقية لم تكن السلطات على الاستعداد للتعامل معها، حتى أن المدارس تحولت إلى محاجر لعزل المصابين من العمال الآسيويين!
من هنا فإن الخشية الحقيقية في البحرين اليوم، وبعد فشل السلطات في السيطرة على الفيروس من جهة، وتفشيه في الأماكن المكتظة من جهة أخرى، يزيد من مخاطر انتشاره وبسرعة بين السجناء وجلهم من المعتقلين السياسيين! ويزداد القلق في تعامل السلطات مع هذا الملف الحساس والخطير، فبدلًا من اتخاذ إجراءات حاسمة لمنع ذلك، فإنها عادت لتعزف ذات الأسطوانة التي عزفتها مع بدء تفشي الفيروس وهو بأن الوضع تحت السيطرة، وهي الأسطوانة التي ظهر بشكل جلي انها مشروخة!
مع وجود هذه المخاطر الحقيقية لا يوجد إجراء حاسم لمنع وقوع كارثة إنسانية في السجون، إلا إطلاق سراح كافة السجناء السياسيين، كما اكد على ذلك حقوقيون دوليون، آخرهم مدير منظمة حقوق الإنسان أولا السيد براين دولي، و 17 عضوا في الكونغرس الأميركي، أو أعضاء في البرلمان الأوروبي، والبريطاني، بالإضافة إلى المفوضية السامية لحقوق الإنسان.
إن صم السلطات آذانها عن هذه النداءات وإصرارها على إدعاءاتها التي بان هزالها وبطلانها، ينذر بوقوع كارثة إنسانية في سجون البحرين لا تحمد عقبها ولا تعرف تداعياتها على البلاد، كما حذّر من ذلك آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم في آخر بيان له حول الوضع المخيف في سجون البحرين المكتظة بالنزلاء، والمفتقرة للإجراءات الفعالة للوقاية من فيروس كوفيد 19.
أخيرا فإن السلطات الخليفية لن تتمكن من السيطرة على احتواء الفيروس، إلا بالإستعانة بالجهود الشعبية في تنظيم الحياة العامة والتعامل الواعي في هذا الظرف الإستثنائي، وهو أمر لن يتحقق ورموز الشعب وخيرة شبابه وكوادره وكفاءاته مكدسة في السجون.

ارسال التعليق

You are replying to: .