وكالة أنباء الحوزة _ قال خطباء جمعة لبنان في خطبة صلاة الجمعة أن الرد الايراني على الجرائم الاميركية يثبت من جديد قوة الجمهورية الاسلامية الايرانية وعزيمتها وقدرة امكانياتها بما يرسخ الاعتماد عليها في مواجهة الغطرسة الاميركية والصهيونية.
السيد فضل الله: لتسهيل تأليف الحكومة عمليا لا بالكلام فقط
ألقى السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية:
"عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بما أوصت به الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء ولدها الإمام الحسن، فقد ورد في سيرتها أنها كانت جالسة يوما في مصلاها تدعو الله كعادتها، وكان إلى جانبها ولدها الإمام الحسن، وهو آنذاك لم يتجاوز السنوات السبع، فكانت تدعو لجيرانها كل جار باسمه، المسافر منهم تدعو له بالعودة غانما سالما، والمحتاج تدعو له بسد حاجاته، والمريض بشفائه، والمهموم بكشف غمه، والضال بالهداية له. لم تنس أحدا منهم. الكل كان حاضرا في بالها وهي بين يدي ربها. سألها الإمام الحسن يوما مستغربا: يا أماه، أراك لا تدعين لنفسك وأنت أحق بالدعاء لما أنت عليه من مرض وكرب وغم، ولما تواجهينه من ظلم، فأجابته الزهراء بكلمتها التي أرادت أن تطبعها في قلب ولدها الصغير، وأن تطبعها في قلوبنا، لتكون مسارا لنا وقدوة: "يا بني، الجار قبل الدار". إننا في ذكرى وفاة السيدة الزهراء التي مرت علينا في الثالث عشر من شهر جمادى الأولى أحوج ما نكون إلى أن نعبر عن وفائنا لها، لا بدموعنا فقط، بل بأن نستهدي سيرتها، بأن نحسن إلى جيراننا بكل دواعي الإحسان، كما كانت تحسن، وقد أشار رسول الله إلى موارد هذا الإحسان، فقال: "أذا استعانك فأعنه، وإذا استقرضك أقرضه، وإذا افتقر عد عليه، وإذا مرض عدته، وإذا أصابه خير هنيته، وإذا أصابته مصيبة عزيته، وإذا مات اتبعت جنازته، ولا تستطيل عليه بالبناء فتحجب عنه الريح إلا بإذنه، ولا تؤذه بقتار ريح قدرك إلا أن تغرف له منها، وإذا اشتريت فاكهة فاهد له، فإن لم تفعل فأدخلها سرا، ولا يخرج بها ولدك ليغيظ بها ولده. إننا أحوج ما نكون إلى استهداء هذه القيمة، لنعزز علاقاتنا الاجتماعية ونقلل من التوترات التي تحدث بين الجيران، ولنعبر في ذلك عن إيماننا. وبذلك نكون أكثر تماسكا وقدرة على مواجهة التحديات".
وقال: "البداية من لبنان، الذي تزداد فيه معاناة اللبنانيين على الصعيد الاقتصادي والمعيشي، وفي توفير الخدمات من طبابة وكهرباء ومحروقات وغاز، وفي التدني المستمر وغير المسبوق في سعر صرف الليرة اللبنانية لدى الصرافين أمام الدولار الأميركي، الذي بات يترك تأثيراته في ارتفاع سعر السلع التي يحتاج إليها المواطنون، وعدم قدرتهم على تحصيل المدخرات التي أودعوها في البنوك سوى ما تتصدق به عليهم، والذي أصبح سببا للمشاكل والتوترات داخلها، ويخشى من آثارها وتداعياتها على المصالح والمؤسسات. ويضاف إلى ذلك الخوف المتزايد من تطورات ما قد يجري على مستوى المنطقة، والتي لن يكون لبنان بمنأى عنها بشكل مباشر أو غير مباشر، ومما قد يقدم عليه العدو الصهيوني الذي ينتظر الفرصة السانحة للانقضاض على مواقع القوة في هذا البلد وعلى مناحي الاستقرار فيه".
أضاف: "رغم كل هذا الواقع، لم تبصر الحكومة التي ينتظرها اللبنانيون النور بعد أن وعدوا بها خلال أسابيع، وحتى خلال أيام، وهي لا تزال رهينة التجاذبات على الأسماء والحصص والمواقع، حيث يسعى كل فريق يشارك في تأليف هذه الحكومة إلى تحسين مواقعه من خلالها، وأن تكون له الحصة الأوفر فيها، بالإضافة إلى ما أثير مؤخرا من جدل حول طبيعة الحكومة التي يحتاجها لبنان في هذه المرحلة، لتكون قادرة على التعامل مع هذه التطورات ذات الطابع السياسي والأمني، وضرورة تطعيمها بالسياسيين، ما يجعل عملية التأليف في حال المراوحة مع كل التبعات التي قد تترتب على ذلك على صعيد الوطن والمواطنين. ونحن وسط كل هذه المعاناة والإحباط الذي يعيشه المواطنون، والظروف الصعبة التي ينتظرها الوطن، نعيد دعوة القوى السياسية إلى ما كنا دعونا إليه من الإسراع بتأليف حكومة تحظى بثقة اللبنانيين بكل تنوعاتهم ومكوناتهم، وتسهيل ذلك عمليا، لا من خلال الكلام فقط".
وتابع: "أيا كانت مسميات هذه الحكومة، فقد أصبح واضحا، وبما لا يقبل الشك، أن لا فريق واحدا، مهما بلغت إمكاناته وقدراته، باستطاعته العمل على حل الأزمات التي يعاني منها الوطن والمواطن، فقد جرب اللبنانيون حكومة اللون الواحد التي أثبتت التجارب فشلها وعدم قدرتها على الوصول إلى الحلول المنشودة، ولا يتحمل الوطن تجارب جديدة".
ورأى أن "هذا البلد لا يحكم إلا بالتوافق. وطبعا، لا نريد بذلك التوافق الذي أصبح مرادفا للمحاصصة وتقاسم الجبنة بين المواقع السياسية، فالمرحلة التي نمر بها لا تحتمل التجاذبات والمناكفات والصراعات والمحاصصات وتقاسم المواقع لحسابات خاصة أو طائفية أو مذهبية، فلبنان يحتاج إلى تضافر جهود كل القوى الفاعلة فيه، والعمل معا من أجل إنقاذ بلد بات يتداعى ولا يستطيع أي من القوى السياسية الهروب من مسؤوليته، فكل من كانوا في مواقع المسؤولية معنيون بإنقاذه، والذين أوصلوا البلد إلى ما وصل إليه مسؤولون عن إخراجه مما يعانيه، وإن لم يفعلوا فلن يرحمهم الحاضر، وسيكونون لعنة المستقبل".
وقال: "من لبنان، ننتقل إلى تداعيات الجريمة التي أدت إلى استشهاد قائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني ونائب رئيس الحشد الشعبي في العراق أبو مهدي المهندس ورفاقهم، حيث شاهدنا وشاهد العالم الحشود المليونية التي شاركت في تشييع الشهداء، والتي أظهرت مدى حضور هؤلاء في النفوس، وهي أكدت أن عمليات الاغتيال لن ترهب الأمة التي ترى الشهادة وساما على صدرها، بل تزيدها تماسكا وقوة وعزة وعنفوانا وحضورا أكثر في الساحات. لذا، كان طبيعيا أن يحصل الرد، وأن يكون بالصورة التي حصل فيها، وبالوضوح الذي تم فيه، فهو جاء ليؤكد خيارا أخذته الجمهورية الإسلامية في إيران على عاتقها، ومعها كل القوى التواقة إلى الحرية، بأنها لن تقبل أن تكون مكسر عصا عند أي محطات أو منعطفات سياسية".
واعتبر أن "الرد جاء حيث لم يتجرأ عليه أحد، ليؤكد أن عهد الاستضعاف والخضوع والسكوت على استباحة الأرض والمقدسات والأرواح قد ولى، وأن الزمن القادم ينبغي أن يبنى على أساس احترام إرادة الشعوب وحقها في الحياة، وأن تحقق خياراتها في أراضيها ومقدراتها وثرواتها، فهذه الشعوب تواقة إلى الأمن والسلام، وهي تريده للآخرين، ولكنها تريده الأمن العزيز والسلام الذي يؤخذ ولا يعطى بمقابل. لقد أثبت هذا الرد أن العدوان، ومهما بلغ حجمه، لن يستطيع لي ذراع الشعوب وإخضاعها إن أصرت على التمسك بمبادئ العزة والحرية والكرامة، مهما بلغت التضحيات. وينبغي لنا، وفي ظل التهاويل والانفعالات التي تفرض علينا إعلاميا وسياسيا، وحتى أمنيا، أن نحصن أنفسنا كي لا تستبيحنا التحديات وتهزمنا، وبذلك نحصن ساحتنا ونقوي مواقعنا، وليكن رائدنا قوله تعالى: {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل * فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم}".
الشيخ الخطيب دعا القادة العرب للتعاون مع ايران
إعتبر نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب ان "محور المقاومة الذي ترعى مسيرته الجهادية الجمهورية الاسلامية الايرانية وصل الى مكانة عالية من القوة والعزيمة جعلته انموذجا ورأس حربة في مواجهة الاستعمار العالمي الجديد". وقال: "هذا المحور أثبت من جديد ان حقوقنا المشروعة وقضايانا المحقة وسيادة بلادنا وحرية شعوبنا ستبقى مصانة بفعل دماء شهدائنا وتضحيات مقاومينا وصمود شعوبنا. من هنا، فإن النصر سيكون حليف شعوبنا شريطة ان نتمسك بوحدتنا وحقوقنا ولا نفرط بتضحيات شهدائنا".
ورأى ان "الرد الايراني على الجرائم الاميركية يثبت من جديد قوة الجمهورية الاسلامية الايرانية وعزيمتها وقدرة امكانياتها بما يرسخ الاعتماد عليها في مواجهة الغطرسة الاميركية والصهيونية بوصفها العامل الاساس في تحرير شعوبنا من الهيمنة الاستعمارية لإخضاع شعوبنا ونهب ثرواتنا".
ودعا الخطيب "القادة العرب الى التعاون مع ايران والتخلص من الهواجس المصطعنة التي تنسجها الادارة الاميركية لتحويل الاشقاء الى اعداء، لافتا الى أن "الاستمرار في هذا المسار يؤدي الى خسارة المنطقة ثرواتها وتغذية الفتن والنعرات المذهبية خدمة للمشروع الصهيو اميركي".
وطالب "السياسيين في لبنان بأن يواجهوا الأخطار والأعاصير التي تتهدد المنطقة ولبنان، فيحصنوا وحدتهم الوطنية بالتضامن والتمسك بالمعادلة التي حفظت لبنان وحررت أرضه وصانت أمنه واستقراره، وعليهم ان يكثفوا تشاورهم لتسهيل تشكيل الحكومة الجديدة التي نريدها قادرة ومتماسكة تصهر اللبنانيين في بوتقة الوحدة الوطنية".
وقال: "التأخر في تشكيل هذه الحكومة يؤشر الى عدم الجدية في تحمل المسؤوليات أمام الاوضاع الخطيرة في المنطقة والتردي الاقتصادي في لبنان. وعلى الحكومة الجديدة ان تضع في اولويات عملها خطة اقتصادية انقاذية تدعم القطاعات الانتاجية وتمكن لبنان من استخراج ثرواته النفطية في مواجهة التهديدات والقرصنة الاسرائيلية، وتنهض بالاقتصاد الوطني وتحفظ مكانة الليرة اللبنانية وحقوق المودعين في المصارف. هذا لا يعفي حكومة تصريف الاعمال من تحمل مسؤوليتها الوطنية في رعاية شؤون المواطنين ومعالجة الازمات المستفحلة التي تلقي بتبعات ثقيلة على كواهل اللبنانيين الذين تتفاقم معاناتهم بفعل التدهور الاقتصادي والاحتكار والتضخم في اسعار السلع الاستهلاكية، وامتناع المصارف عن دفع حقوق المودعين فلا يجوز ان يتحول المواطن الى متسكع امام المصارف للحصول على مدخراته".
الشيخ دعموش: الوجود العسكري الاميركي في المنطقة لن يكون آمنا
أعلن نائب رئيس المجلس التنفيذي في "حزب الله" الشيخ علي دعموش، في خطبة الجمعة، "أن الادارة الاميركية المتغطرسة يجب ان تعرف أن إرهابها في بحق شعوب المنطقة واغتيالها للواء قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، لن يخرجها من إحباطها وفشلها المتراكم في المنطقة، ولن يعيد إليها هيبتها المفقودة، ولن يسترجع ثقة حلفائها بها، ولن يرهب محور المقاومة، بل سيعزز من الصورة البشعة لاميركا لدى شعوب المنطقة، وستفتح دماء الشهيدين سليماني والمهندس آفاقا جديدة لمحور المقاومة لتحقيق المزيد من الانجازات، وستؤسس لإخراج القوات الاميركية بالكامل من المنطقة، لأن الثأر الحقيقي لاستشهاد سليمان والمهندس هو باخراج القوات الاميركية من المنطقة".
واعتبر "ان الرد الايراني بالصواريخ على القواعد الاميركية في العراق هو أول الغيث ومحطة أولى في مسار المواجهة وتصفية الحساب مع الولايات المتحدة ومعركة اخراجها من المنطقة".
وقال: "اليوم بفضل دماء الشهيدين سليماني والمهندس وكل الشهداء الذين ارتفعوا معهما تشهد منطقتنا فرزا واضحا وحاسما بين محورين، محور الشر الذي تقوده الولايات المتحدة ومحور المقاومة التي تقوده ايران، ولا مكان من الان فصاعدا للوقوف على التل او موقف المتفرج على الصراع الذي لا يبالي بما يجري. لقد انتهى زمن المراوغة في المواقف، فالصراع في المنطقة بات شديد الوضوح وأطرافه مفرزة على نحو حاسم ولا التباس في ذلك، كما ان الهدف بات واضحا جدا وهو الوجود العسكري والامني الاميركي في المنطقة، فهذا الوجود لن يكون آمنا او مستقرا بعد اليوم".
ورأى "ان التشييع المليوني الحاشد وغير المسبوق للشهداء في العراق وفي ايران والحضور الشعبي الواسع في مجالس التأبين في كل من لبنان واليمن وسوريا وغيرها، كان بمثابة استفتاء شعبي واسع على وحدة الهدف وكيفية المواجهة، ورسالة واضحة بأن شعوب المنطقة جاهزة لاي تضحية ومستعدة للمواجهة حتى تحقيق الهدف الكبير".
علماء صور: على المسؤولين فك أسر الوطن
رأى رئيس "لقاء علماء صور ومنطقتها" الشيخ علي ياسين أن "إبقاء البلد بلا حكومة في هذا الظرف الدقيق، عمل غير مسؤول ومستنكر في ظل التطورات في المنطقة"، مطالبا المسؤولين بـ "تحمل مسؤوليتهم وفكر أسر الوطن والإسراع في تأليف الحكومة التي عليها وضع برنامج تنفيذي يمنع الانهيار".
واستنكر "تمادي البعض في المراوغة والمناورة غير مبالين بالتردي الاقتصادي والأزمة الخانقة"، مؤكدا "ضرورة تسهيل مهمة الرئيس المكلف" ومحذرا من "المماطلة الهادفة إلى تحقيق أهداف خاصة لبعض الطامعين".
وهنأ بـ "إطلاق الأسير المقت"، مطالبا "المجتمع الدولي والحكومات العربية بالعمل على إطلاق جميع الأسرى في سجون الاحتلال".
الشيخ شريفة: لتجاوز الخلافات وتشكيل حكومة انقاذية
اعتبر المفتي الشيخ حسن شريفة، في خطبة الجمعة في مسجد الصفا في بيروت،" أن غياب المعالجات للازمة الاقتصادية التي تمر فيها البلاد غير مقبول، والمطلوب أن تقوم حكومة تصريف الاعمال بواجبها خصوصا في هذه الظروف التي تحتاج الى عناية خاصة".
وقال: "لا بد من تجاوز الخلافات والتفاهم على تشكيل حكومة انقاذية تحاكي وجع الناس، في ظل تفاقم الازمات وبعد تفلت سعر صرف الدولار والغلاء الفاحش الذي يحصل في الاسواق، وبدأنا نرى أزمات في الغاز والمازوت اضافة الى الارباكات التي سببتها السياسات المصرفية".
ورأى شريفة " أن الخلاف حول شكل الحكومة لا يعني المواطن الذي يحتاج الى عيش كريم بعيدا من الاذلال، لذلك لم يعد يهمه شكل الحكومة بقدر ما يهمه تشكيلها لتنشله مما هو فيه من واقع معيشي لا يحسد عليه".
وعن التدخل الخارجي، قال: "أميركا ليست قوية حتى لو امتلكت السلاح، بل ان التنازلات لها زادت من جبروتها وعدائيتها لشعوبنا العربية والاسلامية. لذلك ندعو الى عدم تقديم الفرص لها من قبل البعض لتنكل بنا. كما ندعو الى كلمة موحدة عربية واسلامية لمواجهتها واخراجها من منطقتنا".
الشيخ قبلان: أوقفوا لعبة تدمير الدولة والتلاعب بلقمة عيش الناس
اعتبر المفتي الجعفري الممتاز سماحة الشيخ أحمد قبلان "أننا أمام مشهدية غير مسبوقة، وصورة سوداوية عن حاضرنا ومستقبلنا، نراها في ظل هذا الصراع السياسي والطائفي، وهذا الانحدار في الخطاب الوطني الذي يُنذر يوماً بعد يوم بأن الخروج مما نحن فيه من انقسامات وحسابات مصالح، لم يعد سهلاً، بسبب طبقة من النرجسيات السياسية والهيمنات الإقطاعية التي عاثت فساداً في البلد أفقياً وعامودياً، وأوصلته وشعبه إلى حال من الانحدار والفقر، لم يعهدها اللبنانيون حتى في زمن الحرب الأهلية! هذه الطبقة المتعالية والمتعجرفة والمستبدة لا تزال تحاول خداع الناس، وإيهامهم بأنها بريئة من كل التهم، لا بل تصرّ على أنها باب الخلاص، والمنفذ الرئيس لتحقيق الإنقاذ، فيما التجارب والوقائع تؤكّد أن علل لبنان وكلّ مشاكله السياسية والاقتصادية والمالية والطائفية، وكل ما نحن فيه من فساد وبطالة وهدر ونهب أموال وسياسات مصرفية مشبوهة ومتوحشة، لن تتوفر له الحلول، طالما بقيت عقلية أهل السلطة بهذا النهج الاستعلائي والتحاصصي، وعلى هذه الوتيرة من التصرف اللامسؤول واللاوطني، وكأن البلد بحالة ترف، ومعاناة اللبنانيين وصرخاتهم مجرّد حالة عابرة سرعان ما تزول".
وتوجه إلى المسؤولين بالقول: "البلد في خطر كبير، وأنتم تعرفون ذلك جيداً، لكنكم تكابرون وتزايدون وتصمّون آذانكم، وإلاّ ما معنى كل هذا الجدل البيزنطي حول شكل الحكومة، واسم الحكومة، والحصص في الحكومة، والتبعيات في الحكومة لهذا وذاك، ولماذا كل هذه الكولسات في الغرف؟ ولمصلحة من كل هذه التسويفات والمماطلات في ظل ظروف دولية وإقليمية حامية؟ والبلد يتدحرج سقوطاً، ولا من يصرّف أعمال، ولا من يشكّل حكومة، البلد فالت، وأبوابه مشرّعة أمام كل الاحتمالات، وشعبه يئن ويصرخ في الشوارع والساحات، وأمام المصارف، ولم يعد بمقدوره الصبر، فيما هناك من يتعاطى بأمور البلد ومصيره وكأنه مزرعة، وفقراؤه مجرّد أرقام لا روح فيهم، ولا قيمة لهم، وكل ما يطالبون وينادون به من حقوق مشروعة، وكرامة عيش، باتت لا تساوي شيئاً في مقابل أطماع وغايات أهل السلطة وحساباتهم الضيّقة".
وأضاف المفتي قبلان "نحن نرفع الصوت مع صرخات الناس، ونقول للمتبازرين على الحكومة: أوقفوا لعبة تدمير الدولة، والتلاعب بلقمة عيش الناس، وبصحتهم، وبمصيرهم، أوقفوا وحوش المال وتجار الدولار، والاحتكار، وعصابات النهب والصفقات، فلبنان يحتضر، وشعبه في مأساة حقيقية، لا كهرباء ولا ماء ولا دواء ولا محروقات، فإلى متى كل هذا التجبّر، وقلّة الضمير. ألا يدعوكم واجبكم الوطني والأخلاقي والإنساني إلى التخلّي عن أنانياتكم، وإزالة العراقيل والعقد المصطنعة من أمام حكومة مؤهلّة، تحظى بثقة الناس، وتكون قادرة على محاكاة ومعالجة شؤونهم الاجتماعية والمعيشية، وفق برامج واضحة وخطط مدروسة لإطلاق ورشة وطنية شاملة، اقتصادياً وإنمائياً، في إطار سياسة خارجية حكيمة، وخيارات وطنية تحمي لبنان وتحصنّه في وجه كل الأطماع والتحديات، وتعيد لشعبه ألق الاستقرار والازدهار من جديد"!