وكالة أنباء الحوزة - أحيت العشائر العراقية، اليوم الأربعاء، (13 المحرم 1447هـ) مراسم ذكرى دفن الأجساد الطاهرة للإمام الحسين واهل بيته وأصحابه (عليهم السلام) بعد 3 ايام من استشهادهم في واقعة الطف عام 61 للهجرة.
وشهدت كربلاء دخول مواكب عزاء ضخمة نظمتها العشائر العربية تقدمتها عشيرة بني أسد الى المرقدين الطاهرين للإمام الحسين واخيه ابي الفضل العباس عليهما السلام لإحياء الذكرى.
وانطلقت مواكب العزاء من بعد صلاة الظهرين، لإحياء ذكرى دفن الاجساد الطاهرة التي بقيت على الرمضاء في العراء لمدة ثلاثة ايام، وتدفقت جموع النساء من بني أسد ومن التحق بهن من نساء العراق من مختلف المحافظات والنساء الزائرات من العربيات والاجنبيات كالنهر الهادر من الطرق المؤدية الى العتبتين المقدستين الى الصحن الحسيني المقدس، وهن يحملن سلال الخوص التي ملئت ترابا كتقليد لصرخة "الأسديات" اللواتي اطلقن ندائهن لرجال قبيلة بني أسد بضرورة دفن الاجساد الطاهرة، بعد ان انتهت معركة الطف وسبيت نساء الحسين (عليه السلام) ومَعَهُنّ من نساء الاصحاب نحو مدينة الكوفة.
وبعد اكثر من ساعة وعند انتهاء مسيرة النساء نزلت قبيلة بني أسد تتقدم العشائر الاخرى واختلطت الرايات الحسينية بـ"البيارق" العشائرية بهتافات المعزين التي كان صداها يتردد في اركان العتبتين المقدستين الحسينية والعباسية.
وتوالى نزول العشائر وهتافاتها الحزينة على واقعة دفن الاجساد، وكان التنظيم عاليا جداً وانسيابية الحركة سهلت دخول المشاركين في العزاء وانتقالهم الى منطقة ما بين النهرين ومن ثم الدخول الى العتبة العباسية المقدسة.
ويعود إحياء الذكرى الى مجيء الإمام علي بن الحسين السجاد (عليه السلام) من الكوفة في اليوم الثالث عشر من المحرم الحرام لدفن الاجساد الطاهرة لشهداء الطف ولقائه بقبيلة بني أسد التي كانت تروم دفن اجساد الشهداء (عليهم السلام).
قصة دفن الاجساد.. لقاء الامام السجاد (عليه السلام) وبني أسد
ويذكر السيد عبد الرزاق المقرم صاحب كتاب مقتل الامام الحسين (عليه السلام)، (ولمّا أقبل الإمام السجّاد (عليه السلام) وجد بني أسد مجتمعين عند القتلى متحيرين لا يدرون ما يصنعون، ولم يهتدوا إلى معرفتهم، وقد فرق القوم بين رؤوسهم وأبدانهم، وربما يسألون من أهلهم وعشيرتهم!، فأخبرهم (عليه السلام) عمّا جاء إليه من مواراة هذه الجسوم الطاهرة، وأوقفهم على أسمائهم، كما عرّفهم بالهاشميين من الأصحاب فارتفع البكاء والعويل، وسالت الدموع منهم كل مسيل، ونشرت الأسديات الشعور ولطمن الخدود).
ويروي صاحب المقتل ايضا، (ثم مشى الإمام زين العابدين (عليه السلام) إلى جسد أبيه واعتنقه وبكى بكاءً عالياً، وأتى إلى موضع القبر ورفع قليلاً من التراب فبان قبر محفور وضريح مشقوق، فبسط كفّيه تحت ظهره وقال: (بسم الله وفي سبيل الله وعلى ملّة رسول الله، صدق الله ورسوله، ما شاء الله لا حول ولا قوّة إلاّ بالله العظيم)، وأنزله وحده لم يشاركه بنو أسد فيه، وقال لهم: (إنّ معي من يعينني)، ولمّا أقرّه في لحده وضع خدّه على منحره الشريف قائلاً: (طوبى لأرض تضمّنت جسدك الطاهر، فإنّ الدنيا بعدك مظلمة، والآخرة بنورك مشرقة، أمّا الليل فمسهّد، والحزن سرمد، أو يختار الله لأهل بيتك دارك التي فيها أنت مقيم، وعليك منّي السلام يا ابن رسول الله ورحمة الله وبركاته).
وكتب على القبر: (هذا قبر الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، الذي قتلوه عطشاناً غريباً).
ثم مشى إلى عمّه العباس (عليه السلام) فرآه بتلك الحالة التي أدهشت الملائكة بين أطباق السماء، وأبكت الحور في غرف الجنان، ووقع عليه يلثم نحره المقدّس قائلاً: (على الدنيا بعدك العفا يا قمر بني هاشم، وعليك منّي السلام من شهيد محتسب ورحمة الله وبركاته).
وشق له ضريحاً وأنزله وحده كما فعل بأبيه الشهيد، وقال لبني أسد: (إنّ معي من يعينني)! نعم ترك مساغاً لبني أسد بمشاركته في مواراة الشهداء، وعيّن لهم موضعين وأمرهم أن يحفروا حفرتين، ووضع في الأُولى بني هاشم، وفي الثانية الأصحاب وأمّا الحر الرياحي فأبعدته عشيرته إلى حيث مرقده الآن).
وبعدما أكمل الإمام (عليه السلام) دفن الأجساد الطاهرة، عاد إلى الكوفة والتحق بركب السبايا.
اقرأ أيضاً:
تعرف على تاريخ مراسيم عزاء بني أسد (دفن الأجساد الطاهرة) في كربلاء في الثالث عشر من المحرم الحرام
احياء مراسم الدفن
ويقول المؤرخ الكربلائي سعيد زميزم في حديث لوكالة نون الخبرية، ان "تاريخ مواكب العزاء الخاص بيوم الدفن يعود الى مطلع القرن العشرين، إذ بادر السيد جودة علوش حسين المحنه الموسوي، وهو احد اعيان مدينة كربلاء وقبره معروف في المدينة، بالتأسيس لهذه المراسم، حيث قام بجمع العشائر الموجودة في كربلاء للذهاب الى قبر الامام الحسين واخيه العباس (عليهما السلام) على شكل مواكب تتقدمها عشيرة بني اسد".
ويضيف زميزم، "استمرت هذه المراسم حتى عام 1970 حيث بدأ التضييق عليها من قبل النظام البائد، وانتهت بشكل كامل".
وبعد سقوط النظام البائد عام 2003 عادت هذه المواكب لتحيي المراسم يوم 13 من المحرم ولكن بشكل أكبر وبمشاركة جميع العشائر العراقية.
المصدر: وكالة نون
تعليقك