الأحد ٥ يناير ٢٠٢٥ - ١٤:١٨
مقال | الحشد الشعبي هو الخيار العقلاني لحماية الأمن الوطني

وكالة الحوزة - تبرز أهمية الحشد الشعبي كقوة دفاعية أساسية في العراق، حيث ترفض المرجعية الدينية في النجف الأشرف، برئاسة آية الله السيد علي السيستاني، أي مقترح لحل هذه القوات. تأسس الحشد الشعبي لمواجهة تهديدات تنظيم داعش الإرهابي، ونجح في دحر هذه العصابات. في هذا السياق، يتطلب الاحتياط العقلي والشرعي تعزيز الدفاع الوطني من خلال دعم الحشد الشعبي، الذي يمثل رمزًا للوحدة الوطنية والقدرة على التصدي للتحديات الأمنية.

وكالة أنباء الحوزة - (نقلا عن وكالة الاجتهاد في خبرها الخاص) رفضت المرجعية الدينية في النجف الأشرف بحق مقترح حل الحشد الشعبي، وقد صرح كل من رئيس الوزراء الحالي السيد السوداني والسابق السيد نوري المالكي برفض أي حديث عن حل الحشد الشعبي.

تأسس الحشد الشعبي، وهو قوة دفاع شعبية، بتدبير حكيم من الشهيد القائد قاسم سليماني، وذلك في وقت اجتاحت فيه عصابات داعش الإرهابية العراق، وقد تمكن الحشد من دحر هذه العصابات الشريرة. ورغم ذلك، لا تزال المنطقة تعيش حالة من عدم الاستقرار، خاصة وأن سوريا قد سقطت تحت سيطرة إرهابيي تحرير الشام، مما يهدد بامتداد الإرهاب إلى العراق والحدود الغربية لإيران. لذا، فإن موقف المرجعية الدينية في النجف والحكومة العراقية يمثل موقفاً منطقياً وحكيماً.

لا يهدف هذا المقال إلى مدح هذا الموقف، فصوابه واضح وجلي، بل الهدف هو تسليط الضوء على حماقة من يدعون إلى حل هذه القوة الشعبية لا سيما في ظل هذه الأوضاع المتوترة التي يتربص فيها العدو بأي خطأ حسابي من قبل المسؤولين والحكام والأحزاب السياسية لشن هجوم دموي.

من الواضح تمامًا أن قرار حل قوات الدفاع الشعبي هو قرار متهور وغير منطقي، يشبه تمامًا قطع يد الشخص الذي يتعرض لهجوم مسلح، وهو عمل لا يوصف إلا بأنه حماقة وسفه. فكيف يقبل البعض أن يكونوا ساذجين إلى هذا الحد حيال أفعال العدو، وهم في الوقت نفسه يتخذون كل الاحتياطات لحماية منازلهم وأموالهم؟ كيف لا يفهمون أن الوحدة الوطنية هي السلاح الأقوى في مواجهة الأعداء؟

كيف يمكن لشخص أن يكون سذاجاً وبسيطاً إلى هذا الحد في مواجهة عدوان الأعداء على أمته، وفي نفس الوقت يكون حذراً للغاية في أموره الخاصة؟ كيف يقفل منزله بأقفال متعددة ويجهزه بأنظمة أمنية متطورة، ويتصدق ويتضرع عند السفر، وهو في الوقت نفسه لا يدرك خطورة الأعداء على وطنه؟ لماذا يسعى البعض جاهدًا لتأمين منازلهم وحمايتها بكل الوسائل المتاحة، بينما يبدون تهاونًا مفرطًا تجاه حماية حدود بلادهم وتأمينها؟ بل إن بعضهم يقدم اقتراحات حمقاء بـِتفكيك أنظمة الدفاع والقوات المسلحة لبلدهم. كيف لا يدركون أن جميع التيارات والأحزاب السياسية والوطنية، في مواجهة العدوان، يجب أن تتجاوز خلافاتها وتتوحد صفوفها لمواجهة العدو، وأن تسعى إلى تجهيز وتسليح القوات المسلحة والشعبية بشكل أكبر؟

من الواضح أن الدفاع عن الوطن يتوافق تمامًا مع حكمة التحوط التي تدعو إليها العقل السليم. ولذلك، يمكن اعتبار الآية الكريمة “وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ” من الأحكام الإمضائية للشارع المقدس والحكيم. ذلك لأن الحكمة السياسية للعقل تدعو الإنسان إلى هذا الحكم. ووفقًا لهذه الآية الكريمة، فإن الله سبحانه وتعالى يحث على أخذ الحيطة والحذر. والآية مطلقة، ولم تقيد الحكم بظروف أو أعداء معينين.

وبالتالي، فإن طرح أفكار تضعف من قدرة الأمة على الدفاع عن نفسها أمام أعداء مسلحين يعد أمرًا غير عقلاني وغير شرعي. فحماية الأمن الوطني هي أولوية قصوى، ولا يمكن التنازل عنها حتى في سياق المفاوضات. والمبدأ الأساسي في أي مفاوضات هو تحقيق أقصى قدر من المصالح مع الحفاظ على أمن الوطن.

الكاتب: حجة الإسلام والمسلمين داود مهدوي زادكان

المصدر: الاجتهاد

سمات

تعليقك

You are replying to: .
captcha