۸ تیر ۱۴۰۳ |۲۱ ذیحجهٔ ۱۴۴۵ | Jun 28, 2024
غزه

وكالة الحوزة - في غزة تكُتب أعظم القصص، قصص لا یمكن للأیام أن تمحوها ولا للزمان أن یطویها.

وكالة أنباء الحوزة - في تلك البقعة الصغیرة من الأرض، حيث الصبر يصافح الصمود والتحدي يتحد مع الوجع، تظهر غزة كأيقونة للصمود والشجاعة، هنا؛ تحت زخات الرصاص وبريق الأمل، يتجلى الحب العظيم للتضحية والفداء، بين أزقتها الضيقة وشوارعها المتربة، وحاراتها المدمرة، تُكتب أعظم القصص، قصص لا يمكن للأيام أن تمحوها ولا للزمان أن يطويها.

في غزة.. مجاهد شاب، رأى صديقه يرتقي شهيداً أمام عينيه وهو يشتبك مع العدو الغاصب، والبندقية تُلقى إليه كوصية، لم يتراجع! لم يفكر في الهروب!، بل أقبل عليه وحمل السلاح وأكمل الطريق تحت وابل من الرصاص عليه، وواجه العدو بشجاعة غير عادية، وأيّ شجاعة تلك، حتى التحق بصديقه في لقاء الله، مُفضلًا الشهادة على الانسحاب، مثل هذه الحكايات هي التي تجعل من غزة أسطورة لا تُنسى.

وفي غزة أيضاً، هناك من يتسابقون على الشهادة، يتركون خلفهم كل متاع الدنيا، يتحدون بعضهم البعض لتحمل أعظم المهام، أحدهم استحلف صديقه بالله أن يترك له العبوة الناسفة ليكون هو من يفجرها في آليات العدو، ليفوز بفخر الضربة القاضية، هذا العهد، تلك اللحظة، هي التي تخلد في ذاكرة الأمة كرمز للتفاني والتضحية.

ومجاهد آخر في معركة أخرى ومكان آخر، يصاب وتنزف جراحه، يقف بثبات ويخر ساجداً، معلناً استعداده للقاء الله بروح راضية مطمئنة، تلك السجدة، في تلك اللحظة الفاصلة بين الحياة والموت، تروي لنا عن حب لا مثيل له للقاء الله، حب يتجاوز كل أمور الدنيا.

وهناك قصص كثيرة أعظم لم تسجلها الكاميرات، لكن الله يعلم بها وتُسجل في صحائف مجاهدينا، هناك في الزوايا المظلمة وتحت سماء الليل، تُروى حكايات لا يعرفها إلا من عاشها، أصوات تكبيرات ودموع فرح ممتزجة بآلام الفراق، خطوات صامتة تتقدم نحو العدو بقلوب مفعمة بالإيمان، كل رصاصة أُطلقت وكل جرح نُزف، وكل لحظة وداع لم تُوثقها العدسات، تُسجل بحبر من نور في كتب الشهادة، عند العلي القدير.

تلك الحكايات المخفية، هي الأصدق والأعظم، يرويها ملائكة السماء حين يسجلون أسماء الأبطال في سجلات الخلود، هؤلاء الذين اختاروا لقاء الله على زيف الدنيا، تظل ذكراهم محفورة في القلوب، تتجدد مع كل إشراقة شمس وكل نداء للصلاة.

هؤلاء هم رجال غزة، يتركون خلفهم أمهاتهم، زوجاتهم، وأطفالهم، متطلعين إلى السماء، حاملين أرواحهم على أكفهم، لا يخشون الموت بل يرونه بداية لحياة أبدية في حضرة الرحمن، إنهم يعلّموننا معنى الفداء والتضحية، ويعيدون إلينا الإيمان بأن حب الوطن والتضحية في سبيله هي أسمى القيم التي يمكن للإنسان أن يتحلى بها.

تلك القصص البطولية لأبناء غزة هي منارة للأجيال القادمة، تُعلمنا أن الجنة ثمنها غالي واللقاء بالله يتطلب الشجاعة والتضحية بكل ما هو دنيوي، رجال غزة، بمواقفهم البطولية، ينيرون لنا دروب الحرية، ويثبتون لنا أن الأرواح الطاهرة التي ترفع راية الحق هي التي تصنع التاريخ الحقيقي، فلنستلهم منهم العزيمة والإرادة، ولنظل نتذكر أن في غزة يولد الأبطال الذين يسطرون أعظم الملاحم في صفحات التاريخ المشرق.

كاتبة المقالة: ساجدة أبو عودة

المصدر: الشرق

ارسال التعليق

You are replying to: .