وكالة أنباء الحوزة - قاصم محور شرهم (الاعداء)، او سليماني القدس، هذه بعض الالقاب التي يصف بها السوريون الشهيد قاسم سليماني (1957-2020)، الذي انطلق بعلاقاته في سوريا منذ تصعيد العمليات العسكرية للمقاومة الاسلامية في جنوب لبنان قبل هزيمة الكيان عام 2000، حيث شكل الفريق قاسم سليماني في تلك المرحلة نقطة تحول في علاقة حرس الثورة الاسلامية مع ملفات هامة في المنطقة، ومنها جنوب لبنان وفلسطين، وكانت بوابته هي دمشق، حيث احتضنت العاصمة السورية الشهيد سليماني، ووفرت له ولفريقه الاقامة، ليشكل منها قاعدة انطلاق تتصف بالامان والليونة، لخدمة ملفات كبرى كالقضية الفلسطينية، وهنا تحولت دمشق لقاعة اجتماعات للقيادات الفلسطينية في بداية انتفاضة الاقصى، واذكر جيدا كيف التقى الشهيد قاسم سليماني بالشهيد احمد مهنا احد مؤسسي حركة الجهاد الاسلامي، والامين العام لحزب الله فلسطين، في دمشق، ومازالت ذاكرتي تحتفظ بتعابير وجه الشهيد احمد مهنا وهو يتحدث عن اللقاء مع الحاج قاسم، وكيف كان الفريق سليماني يهتم بأدق التفاصيل، وما لفت انتباهي بحديث الشهيد مهنا ( 1952-2015) ان الجنرال سليماني، من أكثر ضباط حرس الثورة الإيرانية معرفة بجغرافيا فلسطين وحتى خطوطها الديمغرافية والعشائرية، بالاضافة الى انه الحاج المثقف الواعي على مستوى المعرفة السياسية الاستراتيجية ومتابعته الحثيثة والدقيقة، ولا يمكن ان انسى ان احد المعلومات التي تحدث بها الامين العام لحزب الله فلسطين الشهيد احمد مهنا، ان الشهيد السعيد قاسم سليماني، كان يتقن عدة لغات، واستطعت توثيق هذه المعلومة من عدة مصادر وشخصيات قابلوا الحاج قاسم، وهنا لابد ان نذكر ان هذه المرحلة شكلت شراكة بين الحاج قاسم والشهيد عماد مغنية، الذي كان المعلم والاستاذ ونقل تجربة المقاومة الاسلامية في لبنان الى المقاومة الفلسطينية من بوابة دمشق، وصولا الى هزيمة العدو في عام 2006.
من هنا جاء انتقال الشهيد السعيد من بيادر النصر في الجنوب اللبناني الى الشام، هذه المرحلة التي كانت مملوءة عزا والمروية دما حتى كان الفتح والنصر، وكان القاضي على اذناب الامريكيين من داعشيين وامثالهم، والحامل وجع المستضعفين والشهداء في معركة الدفاع المقدس في سوريا، منذ عام 2011، حيث شكلت الحرب المفروضة على سوريا منعطفا حقيقيا لجهاد الحاج قاسم، والذي اتخذ القرار بناءا على دراية كاملة بما يجري في المنطقة وفي سوريا تحديداً، وانطلق في تعزيز دور المستشارين الايرانيين في البلاد، وهو العارف بطبيعة الاتفاقيات العسكرية المبرمة بين البلدين، والتي شكلت قاعدة للتعاون العسكري في وجه الهجمة الارهابية، ونقل التجربة العميقة في تشكيل جيش الدفاع الشعبي، وبدأ يساعد في تشكيل الدفاع الوطني في سوريا كقوة رديفة للجيش السوري، ومن المعارك الحاسمة التي غيرت مسار الحرب على سوريا، نالت حمص النصيب الاهم في تفكير وحركة الحاج قاسم، وهنا نعني معركة القصير الاستراتيجية، منطلقا من فهم عميق لطبيعة المنطقة الجغرافية وأثرها الحساس، وكل من التقى به في تلك المعركة ينقل انه كان يعلم كل العلم ان هذه المنطقة هي التي ستثبت قدرة الدولة السورية على التواصل الجغرافي بين شمال البلاد وجنوبها، وتأمين ظهر المقاومة في لبنان، والانطلاق منها لعملية بناء حصن عسكري حول العاصمة، ومنع وصول المجموعات المسلحة اليها، وفي نهاية عام 2014 عندما بدأت داعش بالدخول لمناطق عدة في سوريا بعد العراق، واشتداد الخطر حول مدينة حلب وتهديد العاصمة من الجنوب، بدأ الشهيد سليماني يتجه نحو حلب، والتي شكل تحريرها الضربة القاسمة لمشروع المجموعات المسلحة والدول الداعمة لها، هناك لم يغادر سليماني الشهيد السواتر، كان يتنقل بين الدشم، يوجه القادة، يتفقد العسكر، يشحذ الهمم، يخطط وينفذ، ويتابع تنسيق العمليات، ليشكل نصر حلب، بداية نهاية المشروع، والانعتاق من الحصار، والخروج الى نور جديد، وبشارة نصر تلو نصر، كان كل العارفين يعلمون انه بعد حلب سيطلق معركة فجر الكبرى والتي وصل فيها للحدود العراقية، هي معركة فجر قاسم سليماني، مهدت لشروق الشمس على اهالي دير الزور المحاصرين، وكسرت الجبروت الأميركي في المنطقة ومن خلفه داعش، لتبدأ عمليات فك الحصار عن مدينة دير الزور وتحرير البوكمال، وهذه المعركة يفرد لها مساحات من الورق لتدوينها.
نعم انه الفريق قاسم سليماني الشهيد، هو من اسقط مع رفاقه الوهم الأمريكي، ومنع أن تكون الولايات المتحدة الامريكية الكذبة، حقيقة، فمن رفع لواء الحق، وساهم كتفا لكتف مع الجيش السوري والحشد الشعبي بأنهاء اكبر تنظيم ارهابي في تاريخ البشرية، وبصحبة الاحرار كان "الجندي" الذي عاش شهيدا حيًا منذ أول نبضة عشق في طهر روحه، وتحوّلت أمنيته بالاستشهاد إلى محطة ينقسم الزمن بين ما قبلها وما بعدها.
حسام زيدان - العالم