وكالة أنباء الحوزة -
الكثير من سياسيي العالم المعتبرين وعلماء الاجتماع المعتبرين في العالم يعتقدون أن قوة أمريكا الناعمة قد خارت، وهي نحو الزوال. فما هي القوة الناعمة؟ القوة الناعمة هي أن تستطيع حكومة ما إقناع الأطراف الأخرى بإرادتها ورأيها وعقيدتها. هذه القوة لدى أمريكا اليوم آيلة نحو الضعف التام ونحو التهرؤ الكامل. وفي المجالات المختلفة، وفي زمن حكومة أوباما أيضاً كان الوضع على هذا النحو، ولكن في زمن هذا السيد (ترامب) الذي تجري معارضته بشكل واضح في كل المجالات؛ حيث تتم معارضته في العالم في معظم المجالات التي يتخذ فيها القرارات. ليس فقط المعارضة الشعبية التي لو تقرّر أن يجروا استبياناً واستفتاءً للناس ويسألوا الناس في كل بلد فسوف يدلون بآراء سلبية [حوله]، وحتى الحكومات التي تجامل أمريكا راحت تخالفها. الصين تعارض، وأوروبا تعارض، وروسيا تعارض، والهند تعارض، وإفريقيا تعارض، وأمريكا اللاتينية تعارض. القوة الناعمة لأمريكا متجهة نحو الأفول والضمور والسقوط. وهذا ليس بالشيء الذي أقوله أنا، بل هو من الآراء التي يطرحها علماء الاجتماع المُهمين في العالم اليوم.
ليست أمريكا فقط من تسير قدرتها المعنوية وقوتها الناعمة نحو الأفول بل حتى الليبرالية الديمقراطية التي تُعدُّ الركن الأساسي للحضارة الغربية [هي الأخرى تسير نحو الأفول]، هؤلاء أسقطوا سمعة الليبرالية الديمقراطية ولا زالوا يسقطونها. قبل سنين من الآن قال أحد علماء الاجتماع المهمين في العالم إن وضع أمريكا الحالي هو نهاية تكامل التاريخ الإنساني، ولا يمكن الصعود والارتقاء إلى أكثر من هذا. هذا الشخص نفسه سحب كلامه الآن وراح يقول لا، ويتمنى شيئاً آخر، يقول لا. وقد لا يقول بصراحة إنني أخطأت لكنه يطرح الآن كلاماً آخر، على الضدِّ تماماً من الكلام الذي كان كان يقوله يومذاك. حسنٌ، هذا هو وضع أمريكا [اليوم]. طبعاً بالنسبة لليبرالية الديمقراطية سبق أن أشرت مراراً لهذا المعنى، وهو أن الليبرالية الديمقراطية جلبت التعاسة للشعوب الغربية التي تقوم أركان وأسس حكوماتها وأنظمتها الاجتماعية على الليبرالية الديمقراطية. الليبرالية الديمقراطية السائدة في الغرب اليوم جعلتهم هم أنفسهم تعساء بائسين، فالفوارق الاجتماعية، وانعدام العدالة الاجتماعية، وانهيار العائلة، والفساد الأخلاقي الشامل المتفشي، والحالات الفردية المتطرفة الشديدة، جلبت الشقاء لهم هم أنفسهم، وقد جاء هذا السيد الآن، الرئيس الأمريكي الحالي العجيب الغريب الذي راح يبيع كل شيء ويُسقط ما تبقى من سمعة أمريكا والليبرالية الديمقراطية. حسناً، هذا فيما يتعلق بقوة أمريكا الناعمة.
وأقول إن القوة الصلدة لأمريكا أيضاً تضعضعت بشدة. القوة الصلدة أي القوة العسكرية والقوة الاقتصادية، هذه هي القوى الصلدة. العسكرتارية الأمريكية، نعم، لدى أمريكا أدوات ومعدات عسكرية، بيد أنَّ القوى الإنسانية العسكرية الأمريكية مكتئبة بشدة وحائرة وتائهة ومترددة. ولذلك نراهم في الكثير من البلدان التي يتواجدون فيها ولكي يستطيعوا تمرير مقاصدهم وتحقيقها، يستخدمون منظمات إجرامية مثل بلاك ووتر وما شاكل؛ أي أنَّ الجندي الأمريكي غير قادر على تنفيذ الخطة الأمريكية. هذه هي طاقاتهم الإنسانية، وكذا الحال بالنسبة لاقتصادهم. فيما يتعلق بالاقتصاد الأمريكي أمريكا اليوم مدينة بمقدار خمسة عشر تريليون دولار، ... وعجز الميزانية الأمريكية قرابة ثمانمائة مليار دولار. عجز الميزانية في هذه السنة الجارية. هذا في الواقع تخلُّف اقتصادي. وهم يغطون على كل هذا بالبهارج والأضواء والشعارات والكلام المعسول والظواهر الملونة، لكن هذا هو الواقع في أمريكا. هذا عن القوة الصلدة. إذن، أمريكا آيلة إلى الأفول. ليعلم الجميع هذا. حتى الذين يبدون الاستعداد بدعم من أمريكا للعمل على نسيان قضية فلسطين بالكامل في هذه المنطقة، ليعلموا هم أيضاً أن أمريكا آيلة إلى الزوال. الحيُّ هو شعوب المنطقة، الحيُّ هو الحقائق القائمة في هذه المنطقة. أمريكا سائرة نحو الأفول حتى في منطقتها ناهيك عن هذه المنطقة.
~ الإمام الخامنئي 3/11/2018
القوة الاستكبارية لأمريكا وقوة الكيان الصهيوني المثيرة للفتن والخبيثة، والتي تدنّى مستواها وانخفض منذ أربعين عاماً وإلى اليوم. هذا ما ينبغي أن نأخذه في حساباتنا. يجب أن ندخل في حساباتنا الأحداث والتحوّلات التي جرت وتجرى في الواقع السياسي الأمريكي أو الوضع الاجتماعي والاقتصادي الأمريكي. وهذا ما يقوله بعض الأمريكيّين أيضاً: «الأفول على طريقة الأرضة»، هذا ما يقوله كاتب أمريكي. يقول حول أفول الاقتدار الأمريكي إنّه «أفول كأفول الشيء الذي تأكله الأرضة » أي إن أمريكا تتآكل من الداخل مثل ما تفعل الأرضة ـ هذا ما تقوله المؤسسات الأمريكية نفسها ـ وهذا هو وضعهم من الناحية الاقتصادية ومن الناحية الاجتماعية ومن الناحية السياسية. وهناك إحصائيات واضحة بشأن وضع القدرة الاقتصاديّة لأمريكا وتأثير أمريكا في الاقتصاد العالمي الذي هبط في العقود الأخيرة بشكل مذهل، والإحصائيات موجودة ... وقد أفل اقتدار أمريكا في الجانب السياسي أيضاً.
أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، أقولها لكم: لو لم يكن لأفول أمريكا سياسياً سوى دليل واحد ـ سوف أذكره الآن ـ لكفى، والدليل هو انتخاب شخص بصفات السيد دونالد ترامب في أمريكا. هذا الانتخاب نفسه دليل على الأفول السياسي لأمريكا. مصير أكثر من ثلاثمائة مليون من السكان بيد شخص يمتلك هذه الصفات والخصائص دليل على الأفول السياسي لأمريكا. الشخص الذي يوجد في داخل أمريكا نفسها كلّ هذا الكلام حول توازنه النفسي والفكري والأخلاقي، عندما يصبح رئيساً لبلد فهذا دليل على أفول ذلك البلد، سياسيّاً وأخلاقيّاً. لطالما دعم هؤلاء جرائم الكيان الصهيوني ومذابحه ودافعوا عنها. ودعموا جرائم عدد من الدول في اليمن والمذابح التي يرتكبونها ضدّ الشعب اليمني البريء. إنّهم يدعمون الجريمة، فهل هناك سقوط أخلاقي أسوأ من هذا؟
~الإمام الخامنئي 4/6/2019