۲۹ اسفند ۱۴۰۲ |۹ رمضان ۱۴۴۵ | Mar 19, 2024
رمز الخبر: 360440
١٦ مايو ٢٠٢٠ - ١٥:٥٧
لیلة القدر سورة القدر

وكالة الحوزة - إن الهدف من ليلة القدر أن یعرف الإنسان في مثل هذه اللیلة میزات شخصیته ویتعرف علی شاكلة وجوده.

وكالة أنباء الحوزة - كتب مؤسس دار القرآن للعلامة طباطبائي بقم المقدسة مرتضی نجفي قدسي مقالة قصيرة، تناول خلالها منجزات هذه الليلة المباركة، والمقالة كالتالي:

بسم الله الرحمن الرحيم

(إنّا أنْزَلناهُ في لَیلَةِ القَدْرِ. وَ مَا أدراكَ مَا لَیلَةُ القَدرِ. لَیلَةُ القَدرِ خَیرٌ مِن ألفِ شهر...) (القدر/1-3)

ما هيَ لیلةُ القدر؟

لیلة القدر، إنها من القضایا والمباحث الهامّة في حیاة الإنسان، والهدف منها أن یعرف الإنسان في مثل هذه اللیلة میزات شخصیته ویتعرف علی شاكلة وجوده.

القدر لفظاً بمعنی التقدیر والقیاس والكمیّة والمقدار والمقاس والمدی والمعیار.  ولكن لایقتصر معنی القدر بهذه الألفاظ البسیطة وحسب وإنما القدر هنا بمعنی اقبال الإنسان علی الأعمال العبادیة، إضافة إلی تدبره وتفكره حول ما ینجزه هو وأن یعلم مكانته في الكون ویعرف نفسه.

قال الإمام امیرالمؤمنین علی بن أبي طالب علیه السلام بشأن لیلة القدر وقیمة الانسان: «إنّة لیس لأنفسكم ثمن إلا الجنّة، فلا تبیعوها إلّا بها» فقیمة روح الإنسان غالیة ممتازة لایمكن وضع حدّ لها بهذه البساطة ، واذا عرف الإنسان قدر نفسه یَعلَمَ أن الله هو أحسن مشترله كما نقرأ في سورة التوبة، الآیة 111: (إنَّ اللهَ اشْتَرَی من المُؤمِنینَ أَنْفُسَهُم وأموالَهُم بِأنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ...) (التوبة/111)

إنَّ ما قاله الإمام علي علیه السّلام هو في الحقیقة تفسیر لهذه الآیة التي قرأناه آنفاً، أي إذا كان الإنسان مؤمنا فلن یبیع نفسه بثمن بخس ویدري أنه لا أحد یعرف قیمته إلا الله، فالله هو الذي یشتری نفس الإنسان بالجنَّة وهی أغلی وأعلی وأفضل تقدیر للإنسان، فَلِمَ یراجع الإنسان غیر الله بینما الله هو المشتري؟! لو صالَحَ الإنسان ربَّه وعاهده أن یطیعه ولایعصیه لكان الله خیر مشتر لنفسه ویشتریها بالجنَّة ولا یضیعها ولایفضحها ولایخزیها. إذن هذه البركات هي من آثار التدبر والتفكر في لیلة القدر، بحیث لایسمح الإنسان لنفسه أن یفقد هذه الفرصة الثمینة، بل ینتفع منها لترمیم روحه كي یُقدّر الله علیه أمره لعام واحد علی الأقل.

نزول القرآن في لیلة القدر

أتمَّ الله تعالی فضله وعنایاته في لیلة القدر بحق الإنسان فأنزل القرآن تكریما للإنسان وضمانا لسعادته. هكذا یقول الامام الخمینی (رض) في أهمیة نزول القرآن في لیلة القدر: «حدث في شهر رمضان المبارك أمرهام جدا لانستطیع أن نُدرك مدی أهمیته بسهولة أبدا، ألا وهو نزول القرآن الكریم علی قلب رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم في لیلة القدر.»

كان الأمام الخمینی الراحل یستفید من بركات هذا الشهر الفضیل بحیث كان یُمضي أوقاته بالدعاء والذكر وتلاوة القرآن وإنجاز الأعمال العبادیة الخاصة لهذا الشهر لكي یُعد نفسه للیلة القدر وإدراك شأنها وعظمتها.

شهر رمضان شهر الضیافة الإلهیة فضَیَّفَ نبیه بنزول القرآن فیه لأنه یقول: (شَهُرُ رَمَضانَ الَّذي أُنْزِلَ فیهِ الْقُرآنُ) (البقرة /185)

فالله سبحانه وتعالی في هذه الآیة الشریفة یشیر الی نزول القرآن نفسه قبل أن یشیر إلی مسألة الصّیام فیه، كما یقول فی سورة القدر المباركة: (إنَّا أنْزَلنَاهُ في لَیلَةِ القَدْرِ...) ولیلة القدر في شهر رمضان، ولكن لم یُصًرَّحْ في القرآن أنه نزل في أیّة لیلة من لیالي رمضان؟ فمن خلال الرّوایات والأحادیث تتّضح لنا أنه نزل في لیلة التاسع عشر من رمضان أم في لیلة الحادي والعشرین منه أم في لیلة الثالثة والعشرین؟ فقیل في الأخبار والرّوایات بأن إحدی هذه اللیالي الثلاث هی لیلة القدر ولكن اكثر الروایات عند الشیعة تؤكد علی أنّ لیلة الثالثة والعشرین هي لیلة القدر، وعند أهل السنّة لیلة السابعة والعشرین هي لیلة القدر، وجدیر بالإشاره أن مراسم الإحیاء في تلك اللیلة مستحبة.

نحن في هذا الموجز قلنا: علی الإنسان معرفة نفسه في لیلة القدر وكذلك علیه أن یعرف مكانته عند ربه ثم بعد ذلك یرفع القرآن ویضعه علی رأسه فیسأل الله ما یرید.

نعم، هذه ظروفنا ونحن بین یدي ربّنا في لیلة القدر، فنرفع القرآن ونضعه علی رأسنا ونناشد الله بأسمائه المقدسة التي جاءت في هذا المصحف الشریف ثم نناشده بأولیائه الكرام أن یتوب علینا ویرحمنا ویتفضل علینا ویجعلنا من عتقائه من النّار.

الإلتزام بالقرآن والعترة الطاهرة في لیلة القدر

حَوّل القرآن الكریم تبیین الآیات الشریفة إلی النبي الأعظم صلی الله علیه وآله وسلم، حیث یقول: (و أَنْزَلنَا إلَیكَ الذِّكْرَ لِتُبَیِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إلَیْهِمْ ولَعَلَّهُم یَتَفَكَّرونَ) (النّحل/44)

و لقد فسر النبيّ الأكرم صلی الله علیه وآله وسلم آیات القرآن وبَیَّنها وشرحها للناس بعد أن قرأ علیهم طوال ثلاث وعشرین سنة أثناءَ رِسالته الخطیرة المباركة، وأحال حضرته تبیین الآیات الشریفة إلی الأتمة الطاهرین علیهم السلام كیلا تضلّ الأُمة بعده، ولذلك یقول النبي الأظم صلی الله علیه وآله وسلم في حدیث الثقلین الشهیر: « إنّي تَاركٌ فیكمُ الثَّقَلین كتابَ الله وعِترَتی أهل بیتی ما إن تَمسَّكتم بِهما لَنْ تَضلّوا أبدا ولن یَفتَرِقا حتَّی یَرِدا عليّ الحَوض»[1]

هذا الحدیث الشریف متفق علیه عند الشّیعة والسّنة ونُقل بشكل متواتر بأسناد كِلا الفریقین ویُركّز الحدیثُ الشریفُ فیه علی مكانة القرآن والعترة الطاهرة علیهم السلام.

خلاصة القول، أنَّ لیلة القدر، لیلة العرفان وبالتّالي، هو العرفان الذي یؤدّي إلی عرفان الله تعالی، وفي هذا الصعید قال أمیرالمؤمنین عليّ بن أبي طالب علیه السلام: «مَن عرف نفسه فقد عرف ربّه»[2]

بعد أن عرف العبد ربه، فعلیه أن یطبّق ما جاء في القرآن من الأوامر والنواهی، لأن القرآن كوصفة الهیة تعالج مشاكل البشر، والنّبيّ وأهل بیته علیهم الصلوة والسلام، هم الراسخون في العلم، فیعود التأویل والتفسیر إلیهم، فتُدرَك مدی أهمیة لیلة القَدر عند ذاك أو في وقت أن نكون ملتزمین بعدم ترك القرآن والعترة ولا نجعلها وراءَنا، فلْنتصالَحْ رَبَّنا اللهَ نكن ضیوفا طیبین له، كي تتنزّل علینا ملائكة الله في لیلة القدر باذنِ ربّهم وتسلّموا علینا، (تَنَزَّلُ الْمَلائكَةُ والرُّوح فیها بِإذني رَبِّهِمْ مِن كُلِّ أمْرٍ.  سَلَامٌ هيَ حَتَّی مَطْلَعِ الفَجْرِ)

خادم القرآن: مرتضی نجفي قدسي

المُعَرِّب: محمّد حسن محمّدي


[1]- الكافي، الكليني، ج1، ص 294

[2]- شرح غرر الحكم ودرر الكلم، عبد الواحد بن محمد التمیمی، ص 232

ارسال التعليق

You are replying to: .