۶ اردیبهشت ۱۴۰۳ |۱۶ شوال ۱۴۴۵ | Apr 25, 2024
الامام موسى الصدر

وكالة الحوزة ـ قرأ الكاتب المسيحي، الأستاذ سليمان الكتاني كتابه "فاطمة الزهراء (ع) وتر في غمد" علی الإمام موسى الصدر فکتب الإمام هذه المقدمة التي تناول فيها شتى زوايا حياة السيدة الزهراء عليها السلام، و قد اشترک الکتاب في مسابقة في النجف الأشرف و نال الجائزة الأولی بتاریخ 22 سبتمبر 1968.

وكالة أنباء الحوزة ـ قرأ الكاتب المسيحي، الأستاذ سليمان الكتاني كتابه "فاطمة الزهراء (ع) وتر في غمد"  علی  الإمام موسى الصدر فکتب الإمام هذه المقدمة التي تناول فيها شتى زوايا حياة السيدة الزهراء عليها السلام، و قد اشترک الکتاب في مسابقة في النجف الأشرف و نال الجائزة الأولی بتاریخ 22 سبتمبر 1968. وفيما يلي الحلقة الأولى من التعليق: 

فاطمة الزهراء عليها السلام:
إن الله ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها. فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني ومن أحبها فقد أحبني. فاطمة قلبي وروحي التي بين جنبي. فاطمة سيدة نساء العالمين.
هذه الشهادات وأمثالها تواترت في كتب الحديث والسيرة عن رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم، الذي لا ينطق عن الهوى ولا يتأثر بنسب أو سبب ولا تأخذه في الله لومة لائم.
مواقف من نبي الإسلام الذي ذاب في دعوته، وكان للناس فيه أسوة فأصبحت خفقات قلبه ونظرات عينه ولمسات يده وخطوات سعيه وإشعاعات فكره، قوله وفعله وتقريره، وجوده كله أصبح تعاليم الدين وأحكام الله ومصابيح الهداية وسبل النجاة.
أوسمة من خاتم الرسل على صدر فاطمة الزهراء، وتزداد تألقًا كلما مرّ الزمن وكلما تطورت المجتمعات وكلما لاحظنا المبدأ الأساس في الإسلام في كلامه لها: "يا فاطمة إعملي لنفسك فإني لا أغني عنك من الله شيئًا".
فاطمة الزهراء هذه مثال المرأة التي يريدها الله، قطعة من الإسلام المجسد في محمد، وقدوة في حياتها للمرأة المسلمة وللإنسان المؤمن في كل زمان ومكان.
إن معرفة فاطمة فصل من كتاب الرسالة الإلهية، ودراسة حياتها محاولة لفقه الإسلام وذخيرة قيّمة للإنسان المعاصر.

مع المؤلف:
بهذا الإحساس كنت أستمع إلى الأستاذ الجليل والأديب العبقري سليمان الكتاني في صومعته ببلدة بسكنتا على سفح جبل صنين، وهو يتلو كتابه العزيز (فاطمة الزهراء وتر في غمد). كنت أستمع إليه وأرى أمامي لوحات رائعة، تكشف بوضوح جمال ذوقه وروعة فنه.
سِرتُ معه ساعات في دنيا فاطمة الرحبة المشرقة، فأشعر بالسمو والرفعة وأنعم البصر والبصيرة وأعتز بعقلي وقلبي أمام هذا التراث المجيد الموجه.
متعة العمر كانت هذه الساعات، أمام الجمال الإلهي في جلوة فاطمة المنعكسة على فكر وقلب هذا الرجل المرآة الوديع.
وعدت إلى مقدمة الكتاب فسمعته يتابع ويقرأ: "لهذا فسوف أكتب في فاطمة الزهراء متنكرًا قدر الإمكان لحرف الجر هذا يعني حرف "عن" الاداة المستعملة في كتب السير وسأكون متنكرًا للسرد أيضًا، فالريشة التي في أنملي، ليس عليها أن تكون مختبرًا يحلل نسبة الحديد والكبريت في ساق زهرة، أكثر مما لها أن ترسم اللون فيها وتهتز من فوح العبير".
قلت له: وهل خصصت معرضك الفاطمي البديع هذا، بالذين عرفوا فاطمة واطلعوا على حياتها عن طريق كتب السيرة والسرد، ومنعت الذين يريدون أن يطلعوا على سيرتها.
هلا رسمت الطريق للوصول إلى عين الشمس ونبع الحياة، لكي يتمكن مجتمعنا الذي يقرأ الكتاب من تربية المرأة الفاطمية والرجل الفاطمي.
قلت له: إن هذه اللوحات الرائعة سوف تعجب وتجتذب أرواح الناس الحائرة، التي ضاقت بالأبحاث والآراء والتجارب عن المرأة، حتى أصبحت المرأة هي عقدة العقد في المجتمع القديم والحديث؛ وهذا الإعجاب والاجتذاب بدورهما يؤديان إلى البحث والتفتيش عن المواد التي كونت هذه اللوحات، عن الحديد والكبريت، وعن المدخل إلى هذه البيوت التي أذن الله أن تُرفع.
إن الباحثين الجدد في معالم الحضارة الحديثة يسمونها حضارة الجنس، وهذا يكشف عن خطورة عقدة الرأي في المرأة وعن الأخطاء الكبرى التي نعانيها من جراء الخطأ في تجربة الحضارة حول المرأة.
إن آراء الكتّاب وعلماء النفس والمادية المتحكمة في كل شيء وفي المرأة بالذات، قد أظلمت الدروب وأغرقتها في الأهواء فضاع الصواب وعمت الحيرة، وانهارت إنسانية المرأة تحت وطأة التجارب القديمة والحديثة.
إننا نشعر اليوم أكثر من أي وقت مضى بالحاجة إلى سرد موجز لحياة فاطمة الزهراء، لكي نجعلها قائدة ونقتبس من فيض سيرتها في طريق الصلاح والإصلاح.
قلت له هذا كله. فسمعته يقول بصوت واثق وبشعور من أدّى الواجب:
لقد تركت لك هذا الأمر حتى تكتب في مقدمة الكتاب وتؤدي هذه المهمة، فيكتمل العقد ويبلغ الكتاب النصاب.
شعرت بالإحراج الكبير أمام الغاية السامية وأمام الوسيلة أيضًا، فنقلت له كلام المقدس الإمام عبد الحسين شرف الدين في تقريظ له على كتاب: "الإمام علي صوت العدالة الإنسانية"، مخاطبًا مؤلفه الأديب اللامع (أعرني قلمك لكي أقرّظ به كتابك).
هذه كلمات من أضاءت كتبه ورسائله سماء الكتب، وعالم الأبحاث والرسائل، فكيف بقلمي القاصر وببضاعتي المزجاة.
ومع ذلك كله فسوف أستمد من فاطمة الزهراء في هذه المحاولة المتواضعة، وأؤدي الواجب قدر المستطاع سائلًا المولى لي وللقارئ الكريم توفيق الرؤية الصائبة والإقتباس.

المرأة:
الحقيقة أن اكتشاف موقف الإسلام تجاه المرأة في هذا الوقت لا يخلو من بعض الصعوبات، حيث إن هناك آثارًا دينية إسلامية تبدو في بادئ الأمر أنها متفاوتة ومتخالفة، وزادت الصعوبة حينما اختلطت بعض العادات، التي كانت ولا تزال عند بعض الشعوب الإسلامية، اختلطت هذه العادات بالتعاليم الإسلامية الأصيلة فخُيّل للباحث أن جميعها من الإسلام.
وإذا لاحظنا آراء المستشرقين، حتى أصحاب النوايا الحسنة منهم، ودرسنا ما كتبه بعض الكتّاب المسلمين أيضًا، نجد أن هذه الصعوبات الدراسية جعلت الموقف الحقيقي الإسلامي تجاه المرأة غامضًا مجهولًا، حتى إن أكثرهم تبنوا آراء بعيدة عن الحقيقة وبعضهم اعتبر المرأة مظلومة في الإسلام.
والحقيقة أن عند المسلمين نوعين من التراث، فهناك تعاليم دينية مأثورة وعادات موروثة غير واردة في الآثار الدينية ويجب الدقة والاهتمام لفصل أحديهما عن الأخرى. ثم أن الآثار الدينية الإسلامية أيضًا نوعان: قسم يتحدث عن وضع المرأة في مرحلة معينة من التاريخ، والقسم الآخر هو تعاليم أساسية خالدة.
وتوضيحًا لهذا الرأي ألفتُ نظر الباحث إلى مصطلح علماء المنطق وأصول الفقه، حيث يفرقون في كل خبر (وحسب مصطلحهم كل قضية)، بين القضية الحقيقية والقضية الخارجية: حيث إن الأولى تبحث عن الأحكام الثابتة للموضوع أينما وجدت وفي كل زمان ومكان، في حين أن الثانية تنظر إلى الموضوع القائم في زمان صدور الحكم وتبحث عن حالته في ذلك الوقت دون سواه.
ولأجل اكتشاف حقيقة الموقف الإسلامي تجاه المرأة، علينا أن نجعل من الآيات القرانية أساسًا للبحث عن المرأة، وإطارًا لمعرفة التعاليم الحقيقية لا الخارجية بالنسبة للمرأة، وعندئذ فقط نتمكن من فصل العادات عن الأحكام، ومن معرفة الأحكام الثابتة وتمييزها عن الآراء المرحلية.

*المصدر: موقع الإمام موسى الصدر

 

ارسال التعليق

You are replying to: .