الخميس 9 فبراير 2017 - 20:37
الثورة الإسلامية في ايران وقيمها الثقافية

وكالة الحوزة ـ يوافق يوم الحادي عشر من فبراير – شباط 1979 م الذكرى المباركة لانتصار الجمهورية الإسلامية الإيرانية بقيادة الإمام الخميني (قدس سره) الرشيدة، وبهذه المناسبة نسلط الضوء على بعض قيمها الثقافية.

وكالة أنباء الحوزة ـ كان للثورة الإسلامية في ايران التي إنتصرت يوم الحادي عشر من فبراير – شباط من العام الميلادي ألف وتسعمئة وتسعة وسبعين والمتطلعة لأهداف سياسية وإجتماعية، بصفة خاصة عين على حضارة الإسلام ورؤيته العالمية. فبالرغم من كل محاولات المتغطرسين وخاصة متغطرسي الغرب التي كانت ترمي أبداً لتشويه صورة هذه الثورة وتوحي بأنها عدائية وضد الثقافة إلا أن زعامتها الحكيمة والمحنكة ما انفكت تؤكد ما لهذه الثورة الإسلامية من مفاهيم فذة وقواسم مشتركة مع العالم وما تنفرد به أيضاً في ما في الدنيا من مدارس وتيارات فكرية وأديان شتى.

إن مفهوم تصدير الثورة من وجهة نظر الإمام الخميني قدس سره الشريف؛ نقل قيمها ومثلها المعنوية والربانية لسكان المعمورة بما تيسر من الإمكانات ووسائل الإعلام مثل:الدعوة وتبيين المفاهيم والمعارف الإسلامية في العالم وكذا الثقافة والحضارة الإيرانية –الإسلامية، والإعداد لما يناسب حوار الحضارات والثقافات، وتعزيز وحدة الأمة الإسلامية وإحياء ثقافة أهل البيت عليهم السلام، وإشاعة اللغة الفارسية وآدابها.

الثورة الإسلامية وتصدير القيم الثقافية

أعقب إنتصار الثورة الإسلامية في ايران في بهمن سبعة وخمسين تطورات كبيرة في المنطقة والعالم والمزيد من التأثيرات العالمية المذهلة.
الثورة وقد أطاحت بايمانها ومعتقداتها الإسلامية وشعار لاشرقية لا غربية نظام الإستبداد الشاهنشاهي لتقيم بدلاً عنه الحكم الجمهوري الإسلامي في هذا البلد.
كان للثورة الإسلامية باعتبارها أحد أهم وأعظم أحداث القرن العشرين، الكثير من البركات والنتائج الباهرة في ايران والعالم.
المفكر الفرنسي المسلم روجية جارودي يصفها في أحد مقالاته:
"إن الثورة الإسلامية التي تزعمها الإمام الخميني (ره) لا تشبه حقا أياً من الثورات السابقة التي قامت لتغيير النظم السياسية، وكذلك الثورات الإجتماعية التي شهدها العالم تعبيراً عن نقمة الفقراء وسخطهم على الأغنياء وأفرغت جام غضبها على رؤوس المستعمرين والغاصبين. لكن الثورة الإسلامية الإيرانية هي الاخرى كانت تحظى بكل هذه الدوافع والمسببات.
كان لهذه الثورة إلى جانب ما تقدم معان جديدة ... فانها لم تطح بحكومة سياسية وإجتماعية وإستعمارية فحسب وانما اطاحت كذلك بحضارة ورؤية عالمية مميزة كانت قد تحدّت الدين".
وقد كان للثورة الإسلامية هذه بالغ الأثر في توعية مسلمي العالم وإحياء المعتقدات الدينية.
ففي العصر الذي كاد يشهد طمس عزة الإسلام وسحقها من قبل المستعمرين وأعداء الإسلام وكارت تنسى فيه القيم ومثل هذا الدين المبين ويعفو عليها الزمن، قامت الثورة الإسلامية بزعامة الإمام الخميني رضوان الله تعالى عليه في ايران لتهدي ملايين مسلمي العالم ثقافة الإسلام وحضارته الأصيلة وتعيد إلى نفوسهم بارقة أمل إيذاناً بولادة جديدة للإسلام وإعادة ما للعالم الإسلامي من مجد تليد وعظمة عريقة.
عن خصوصيات هذه الثورة وضرورة الإبلاغ والإعلان عن قيمها، يقول قائد الثورة الإسلامية:"كان للثورة اتجاهان: الأول، محاربة الإستبداد الداخلي والحكومة الفاسدة العميلة التي دمرت الشعب والوطن، إنقاذ الوطن والشعب، وتربية الشعب تربية إسلامية. الإتجاه الثاني، مخاطبة الدنيا والبشرية. وهذا ما جذب الدنيا إليه.
وإلا فإن المفكر الفلاني الأوروبي أو الغربي أو الافريقي أو الأمريكي اللاتيني الذي يطري الإمام والثورة والنظام الإسلامي والحركة الجماهيرية لم يعرف شيئاً عن الحكومة لانه ليس داخل بلادنا.
انها رسالة الاسلام الإنسانية العالمية التي تحث الشخص الفلاني على هذا الإطراء. الجانب الثاني هو في غاية الأهمية، علينا إمكانية بيانه."

تصدير الثورة الإسلامية

ترى أنى وكيف السبيل لاسماع المسلمين والعالم هذا النداء الإنساني؟!
هل لنا أن نبلغ الدنيا ونقمها منطقياً ما للثورة من القيم الثقافية وما يجنب المخاطبين وعشاق الثورة هذه هجمات الأعداء وغزوهم الفكري والثقافي؟!
الإجابة عن هذا السؤال؛ هي تصدير الثورة أذ نمت على أسس فكرية وثقافية لتقوم بدافع الاحساس برسالتها وواجبها الشرعي والإنساني بنشر أفكارها وترويجها؛ أي: تصدير الثورة. فتصدير ألافكار وعقائد قامت من أجلها الثورة الإسلامية، إنما يعني نيل الإستقلال والحرية من منطق الإسلام.
فمن المكتسبات القيمة للثورة في المنطقة والعالم تصدير الثورة الإسلامية.
كم من مرة ركز الإمام الخميني (ره) وكبار مسئولي النظام على هذا الموضوع المهم وكانت لهم آراؤهم الكثيرة ازاء تصدير الثورة الاسلامية.
إلى ذلك قال سماحة الامام (ره): "اننا نصدر تجاربنا للعالم كافة وننقل لمحاربي درب الحق دون أن تكون لنا أي أطماع، نتيجة الصراع ومحاربة الظالمين والصمود أمامهم. المسلم به أن هذه التجارب إنما هي براعم النصر والإستقلال والعمل باحكام الإسلام بالنسبة للشعوب المستعبدة."

مفهوم تصدير الثورة

كان إنتصار الثورة الإسلامية في ايران باكورة تحقق وعد الله بإنقاذ المستضعفين. وهي؛ أي: هذه الثورة أضاءت كالشمعة الوهاجة بانتصارها الدرب لإنقاذ الشعوب من قيود العبودية وأغلال الإستكبار العالمي، وكما قال الشهيد محمد جواد باهنر "إن الثورة الإيرانية منحت الإسلام العزيز حيوة جديدة."
وقال العالم الألماني غيز لا كرانت في الملتقى العالمي حوار الثقافات (حافظ، غوتة وبوشكين): أضحى الإسلام في العقود الأخيرة نموذجاً ومدرسة قوية يدور في ضوئها صراع شديد ضد الماتريالية احياءً للمعنويات."
كان إحياء المجتمعات الإسلامية ونمو المعنويات المتزايد وعي الشعوب المضطهدة في ضوء إنتصار الثورة الإسلامية وراء تشغيل ماكنة الحرب النفسية الغربية لتشوه بمالها من قدرة وطاقة وسبل ووسائل وإمكانات مختلفة وجه الثورة الإسلامية على أمل التشكيك بالقيم الإسلامية في القرن العشرين. فمن مؤامراتهم الإستعمارية تحريف تصدير الثورة والعمل على قلب مفاهيم هذه الثورة الداعية للإسلام... والإيحاء بانها تعني الاعتداء ومهاجمة أراضي الغير والدعوة الى الحرب والإقتتال والعدوان.
عن معنى تصدير الثورة الإسلامية ومفهوم ذلك يقول الإمام الخميني (ره):"عندما نقول نريد تصدير الإسلام ليس بمعنى اننا نستقل الطائرة ولمهاجمة سائر الدول.... لا لم نقل كلاماً كهذا ولا نقدر على ذلك أيضاً. اما ما نقدر عليه تعريف الاسلام كما هو عبر الاذاعة والتليفزيون والصحافة ومن يسافر الى خارج البلاد. فاذا عرف كما هو لأ قره الجميع."
"إن تصدير الثورة لا يعني الإعتداء والحرب والإستحواذ على أراضي الآخرين... إن تصدير الثورة يعني تصدير الخطاب وتصدير رسالة الثورة وتصدير قيم كالإستقلال وعدم التبعية والإكتفاء الذاتي والخصال الانسانية النزيهة والإيمان وشرف الفخر بنصرة المستضعفين و..."

تصدير القيم الثقافية

في ضوء ما تقدم أعدنا إلى الأذهان أن تصدير الثورة من وجهة نظر الإمام الراحل (ره) وقائد الثورة الإسلامية، تصدير الخطاب ورسالة الثورة ونقل القيم المعنوية والربانية لاسماع العالم لا في ظل العنف والقوة والهجمات العسكرية... بل بوجوب الأخذ بنظر الإعتبار كافة الإمكانات ووسائل إبلاغ محتوى الخطاب، وظروف متطلبات المخاطبين زماناً ومكاناً في مختلف نقاط المعمورة.
إن ثورتنا كانت ثورة ثقافية وحسب الشهيد المظلوم بهشتي "ثورة القيم". وهذه إشارة لبعض واجبات النظام وأهدافه الاستراتيجية بخصوص نقل القيم الثقافية السامية وإبلاغها في الساحة الدولية: إن البعد الأهم والمؤشر للنظام في الدنيا هو كما تقدم البعد الفكري والثقافي... فكما يقول قائد الثورة الإسلامية: "لو تسنى لنا القيام بعمل لائق في المجال الفكري والثقافي لاحبطت كل تهديدات العالم المادية."

الدعوة إلى المعارف الإسلامية في العالم وتبيين مفاهيمها

من أهم رسالات الثورة الإسلامية في الساحة العالمية تعريف المعارف الإسلامية، إحياؤها وتطويرها وتطوير الفكر وتنميته. فما يحاوله أعداء الاسلام ويسعون إليه دائماً وأبداً تشويه وجه الإسلام وقلب الحقائق. وبانتصار الثورة الاسلامية اعيدت الحيوة للدين والديانه في كل ارجاء العالم كما هي الحال بالنسبة للدين والمعنويات فانهم عادوا بدورهم الى المجتمع.
فمن أهداف الثورة الأساس، اصلاح التفكر الديني وابعاد الخرافات واسبوع عن وجه الدين الإسلام واستجابة الدين لمتطلبات المجتمع الفكرية.
إلى ذلك؛ يقول الإمام الخميني (ره):

"علينا تعريف الإسلام في كل ارجاء الدنيا. الإسلام مظلوم الآن في الدنيا وغريب فيها."
"المراد إحياء الإسلام، أحكام الإسلام وأحكامه العالمية والعمل بذلك ويحيا الجميع حيوة مرفهة ويكونوا أحراراً ومستقلين."

وتوكيداً على رعاية الظروف، الوسائل وسبل ابلاغ الخطاب لسائر الدول، يقول قائد الثورة الإسلامية أيضاً: "لتمرير الأعمال وتأثيرها يبنى اليوم في العالم تباعاً النظريات الفكرية، لإخضاع المخاطب المعني بهذا الغزو الفكري، وإقناعه وإركاعه ليتسنى لهم تحقيق غاياتهم بما لهم من الإمكانات المادية والثروات. نحن ومعنا الفكر والمعارف الإسلامية، نحن ومعنا خطاب الثورة الإسلامية، علينا نحن ان نتمكن من إيصال ذلك الى العالم.. علينا نحن ان نتمكن من بيان المفاهيم والمعارف الإسلامية وما يخصنا، طبعاً ان يكون ذلك بلحن وبيان متسمين بالثقافة والتقدمية وبمفردات والفاظ تناسب كل ظروف وزمان.".

* المؤلف: محمد سالار  (تمت الترجمة في موقع اذاعة طهران العربية)

تعليقك

You are replying to: .
captcha