الثلاثاء 9 سبتمبر 2025 - 14:45
آية اللّه العظمى مكارم الشيرازيّ: يجب على علماء الإسلام أن يقفوا بحزمٍ ويقظةٍ لمنع الاختلافات والانقسامات بين المسلمين

وكالة الحوزة - في رسالةٍ إلى المشاركين في "المؤتمر الدولي الـ39 للوحدة الإسلاميّة" بطهران، دعا المرجع الدّيني آية الله العظمى مكارم الشيرازي، علماء العالم الإسلامي إلى توحيد الصفوف واليقظة التامة في مواجهة محاولات تفكيك وحدة المسلمين، مؤكدًا أنّ وقفتهم الحازمة هي الضامن الرئيس لدرء مخاطر التفرقة والانقسام.

وكالة أنباء الحوزة - وجّه المرجع الديني آية اللّه العظمى مكارم الشيرازي رسالةً إلى ضيوف المؤتمر الدوليّ الـ39 للوحدة الإسلاميّة، دعاهم فيها إلى ألّا يكتفوا بمجرد الحديث عن الوحدة، بل أن يقدّموا حلولاً عمليةً راسخةً من أجل تحقيقها على أرض الواقع.

وجاء في نص الرسالة:

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الحمد للّه ربّ العالمين، والصلاة على نبيّه رحمة للخلق أجمعين، وعلى آله الطاهرين وأصحابه المنتجبين.

﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾

تابع أيضاً:

شاهد.. طهران تحتضن المؤتمر الـ 39 للوحدة الإسلامية

في مستهلّ كلامي، أرى من الواجب أن أتقدّم بأحرّ التهاني والتبريكات إلى جميع المسلمين، خاصّةً أنتم أيّها الضيوف الكرام، بمناسبة المولد المبارك لنبيّ الرحمة محمّد المصطفى (صلّى الله عليه وآله)، كما أتوجّه بالشكر والتقدير لجميع المنظّمين والمشاركين في هذا المؤتمر الجليل، راجيًا أن يكون خطوةً فعّالةً في سبيل تحقيق التقارب والوحدة بين المسلمين.

لقد أشار اللّه تعالى في هذه الآية الكريمة إلى وظائف النبيّ الجليلة أوّلًا، ثم وصف أتباعه بأنّهم أولئك الّذين ينصرونه بإيمانهم باللّه وينالون الفلاح باتّباعهم النور الذي أُنزل معه. وهذه الصفات هي ذاتها المبادئ التي ينبغي أن تتّخذها الأمّة الإسلاميّة نهجًا لحياتها، فإذا ما اجتمع المسلمون حول هذا المحور، ورسّخوا إيمانهم، ونصروا نبيّهم بكلّ ما يملكون، واتّخذوا الإسلام والقرآن الكريم قدوةً لحياتهم، تقاربت قلوبهم واجتمعت كلمتهم.

وأنتم، أيّها الأعزّاء، تعلمون أنّ مفتاح حلّ مشاكل العالم الإسلامي يكمن في الوحدة القائمة على القواسم المشتركة. وإن كانت هناك اختلافات في بعض القضايا بين الفرق الإسلاميّة، إلّا أنّ التأكيد على المبادئ الأساسيّة والالتزام بالأهداف المشتركة يشكّلان سدًّا منيعًا أمام مؤامرات التفرقة. فيجب على العلماء أن يقفوا بحزمٍ ويقظةٍ لمنع الاختلافات والانقسامات بين المسلمين. واليوم، تحتاج الأمّة الإسلاميّة، أكثر من أيّ وقت مضى، إلى العودة إلى أصلها الأصيل، وهو الوحدة، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾.

لقد مرّ أكثر من عامين على الهجوم الغاشم على أحد أهمّ معاقل العالم الإسلامي، بيت المقدس الشريف، وما رافقه من إراقة دماء إخواننا وأخواتنا المسلمين في غزّة، مما شكّل اختبارًا صعبًا للعالم الإسلامي، وخاصّةً لعلمائه.

اقرأ أيضاً:

بزشكيان: لا نعادي أي بلد إسلامي ونتمسك بوحدة الأمة الإسلامية

ولقد اجتاح الجوع والعطش والحصار هذه المنطقة بأسرها وكلّ يومٍ نشهد أمام أعيننا، بل وأعين العالم كلّه، الأطفال يُغمى عليهم والأمهات تخور قواهنّ، فيما تستمرّ همجيّة الكيان الصهيونيّ بلا هوادةٍ. وهنا، لم تعد هذه القضيّة قضيّة أمّةٍ مضطهدةٍ فحسب، بل أصبحت اختبارًا للضمير الإنسانيّ.

وعليه، فإنّ مسؤوليّتكم العظمى، أيّها الأعزّة، في هذا المؤتمر، ألّا تكتفوا بمجرد الحديث عن الوحدة، بل أن تقدّموا حلولاً عمليّةً راسخةً من أجل تحقيقها على أرض الواقع، بما في ذلك تعزيز التعاون الثقافيّ والعلميّ، وتشكيل جبهة إعلاميّة مشتركة في مواجهة الحرب النفسيّة التي يشنّها الأعداء، وتقديم الدعم الحقيقيّ للشعب الفلسطينيّ، والتصدّي للمخطّطات الانفصاليّة الّتي يسعى إليها الاستكبار العالميّ.

وختاماً فإنّي آمل أن يتّخذ هذا المؤتمر خطواتٍ مفيدةً في تحقيق المزيد من الوحدة بين أبناء الأمّة الإسلاميّة ورفعة الإسلام والمسلمين؛ ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾.

والسلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته

مدينة قم المقدّسة - ناصر مكارم الشيرازي

يُذكر أنّ أعمال المؤتمر الدولي الـ39 للوحدة الإسلاميّة قد بدأت صباح الإثنين (8 سبتمبر 2025 م) في قاعة المؤتمرات الدوليّة بعاصمة الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة طهران، تحت شعار «نبيّ الرحمة ووحدة الأمّة» وتستمرّ ثلاثة أيامٍ حتّى الأربعاء (10 سبتمبر 2025 م)، وذلك برعاية المجمع العالميّ للتقريب بين المذاهب الإسلاميّة، وبمشاركة المئات من الشخصيات الإسلاميّة والسياسيّة والثقافيّة من إيران وخارجها.

لمراجعة الرسالة باللغة الفارسية يرجى الضغط هنا.

المحرر: أمين فتحي

المصدر: وكالة أنباء الحوزة

سمات

تعليقك

You are replying to: .
captcha