۲۹ فروردین ۱۴۰۳ |۸ شوال ۱۴۴۵ | Apr 17, 2024
الدكتور حسن جوني عضو منظَّمة الحقوقيّين الديمقراطيّين العالميّين واللّبنانيّين

وكالة الحوزة: صرح عضو منظَّمة الحقوقيّين الديمقراطيّين العالميّين واللّبنانيّين ان 33 دولة من أصل 48 في مجلس حقوق الإنسان أدانت ما تقوم به البحرين بحقّ شعبه.

وكالة أنباء الحوزة: يتحدَّث عضو منظَّمة الحقوقيّين الديمقراطيّين العالميّين واللّبنانيّين، الأستاذ في القانون الدّوليّ، الدكتور حسن جوني، عن الوضع في البحرين بكثيرٍ من الغصَّة والحرقة، فهو المطَّلع عن كثبٍ على حجم الخروقات والانتهاكات القانونيَّة الَّتي قامت بها السّلطات البحرينيّة منذ العام 2011 ولغاية اليوم، دون أدنى مراعاة للدّستور البحرينيّ، ولا حتّى للأعراف والقوانين والمواثيق الدّوليّة المتعلّقة بحقوق الإنسان.

في هذه المقابلة مع الخبير في القانون الدَّوليّ، قراءة لما يجري في البحرين من وجهة نظر قانونيَّة حقوقيَّة.

احتكار السّلطة

يؤكِّد الدكتور جوني أنَّ الإشكاليّة الكبرى تكمن في طبيعة النّظام الملكيّ في البحرين الَّذي يقوم على إقصاء عددٍ كبيرٍ من المواطنين ومنعهم من القيام بأدوار، ولو محدَّدة، في السّلطة، مشيراً إلى أنَّ الأزمة الّتي تعيشها البحرين اليوم هي نتيجة استخدام الشَّعب البحرينيّ حقّاً من حقوق الإنسان، وهو حقّ التَّظاهر والتّحرّك السّلميّ.

ويعود جوني إلى العام 2011 وبداية التّحركات في البحرين بعد الانتخابات البرلمانيّة، حين رفضت السّلطة البحرينيّة التّجاوب مع مطالب الشَّعب بطوائفه واتجاهاته كافَّة، ولجأت إلى استخدام القوّة المباشرة ضدّه. ويوضح: "المعارضة البحرينيّة كانت واضحة منذ اللحظة الأولى، ورفعت شعار السّلميّة في تحركاتها الشّعبيّة، ولم تدعُ أبداً إلى التّمرّد أو الشّغب أو الإخلال بالنّظام. في المقابل، عمدت السّلطة البحرينيّة إلى استخدام القوّة، وهاجمت ساحة اللّؤلؤة مكان تجمّع المتظاهرين، واقتلعت اللّؤلؤة ذاتها، ونتج من هذا الهجوم قتلى وجرحى واعتقال للممرّضين والممرّضات وإطلاق النّار من قبل الشّرطة على المواطنين العزّل".

ويتوقّف جوني عند ما قامت به السّلطات البحرينيّة الّتي استعانت بالقوّات السّعوديَّة كقوّة خارجيّة لقمع شعبها، على الرّغم من عدم وجود حرب أهليَّة، أو نزاع عسكريّ، ولا حتى أعمال إرهابيّة، معتبراً ذلك سابقةً في العالم، إذ تستعين دولة بقوّات دولة أخرى من أجل قمع تظاهرات سلميّة، وقد ساندت القوّات السّعوديّة القوّات البحرينيّة لاقتلاع اعتصام وقتل مواطنين وجرح آخرين واعتقال عدد آخر، وهذا أمر خطير جدّاً.

انتهاكات القوانين والمواثيق الدَّوليَّة

يفنّد الدكتور جوني جملة الممارسات الّتي قامت بها السّلطات البحرينيّة على مدى السّنوات الأربع الماضية، والّتي شكّلت انتهاكاً صارخاً للقوانين والمواثيق الدّوليّة، وبخاصَّة أنّ ما جرى ويجري في البحرين، لجهة الاعتقال ونزع الجنسيّة والتّعذيب والحرمان من حقّ التّظاهر وحرية التّعبير، يندرج وفق القانون الدّوليّ لحقوق الإنسان في خانة الجرائم والانتهاكات الموصوفة لحقوق الإنسان، وهذه الجرائم تتنوَّع من الاعتقال السّياسيّ، نزع الجنسيَّة، التّعذيب، منع حقّ التّظاهر، منع حريَّة التعبير، وغيرها من الجرائم الّتي نعرض بعضاً منها:

·الاعتقال السّياسيّ:

يعتبر الاعتقال السّياسيّ الّتي تقوم بها السّلطات البحرينيّة خرقاً للمادّة 9 من العهد الدَّوليّ المتعلّق بالحقوق السياسيّة والمدنيّة للعام 1966، وللمادَّة 6 من الاتفاقيّة الأفريقيَّة لحقوق الإنسان، فضلاً عن المادّة 7 من الاتفاقيّة الأميركيّة، إلى جانب خرق المادّة 5 من الاتفاقيّة الأوروبيّة لحقوق الإنسان.

هناك إجماع في كلِّ هذه المواثيق الدّوليّة على أنَّ الاعتقال السّياسيّ هو توقيف شخص أو حجز حريّته بدون قرارٍ قضائيّ، بسبب معارضة النِّظام في الرأي أو المعتقد أو الانتماء السّياسيّ، أو بسبب تعاطفه أو مساندته لهؤلاء، أو بسبب مبادئه السياسيَّة ودفاعه عن الحريّات.

إنَّ أكثريَّة المعتقلين في البحرين هم معتقلون لهذه الأسباب، على الرّغم من أنَّ محكمة العدل الدّوليّة أقرَّت في العام 1980 من خلال قرار شهير أصدرته، "أنَّ حرمان الأشخاص ظلماً من حريّتهم يعتبر منافياً لمبادئ الإنسانيَّة ومبادئ الأمم المتحدة والإعلان العالميّ لحقوق الإنسان، وتحديداً المادّة 3 منه، الّتي تنصّ على الحقّ في الحياة والحريّة والأمان"، ويأتي اعتقال الشّيخ علي السّلمان الّذي يعتبر من رموز المقاومة البحرينيّة بسبب آرائه ومعتقداته.

·سجناء الرّأي والمدافعين عن حقوق الإنسان

لم يقتصر الاعتقال في البحرين على الاعتقال السّياسيّ، بل طاول أصحاب الرأي والمدافعين عن حقوق الإنسان، فنحن اليوم أمام سجناء رأي وسجناء حقوقيّين، من أبرزهم السيّد ربيع رجب، رئيس منظَّمة حقوق الإنسان في البحرين، والَّذي تعاد محاكمته أكثر من مرّة.

وقد تجرّأت السّلطات البحرينيّة واعتقلت الحقوقيّين المدافعين عن حقوق الإنسان، في انتهاك واضح لإعلان الجمعيَّة العامّة للأمم المتّحدة الصَّادر في العام 1998، والَّذي يتحدَّث عن مسؤوليّة المدافعين عن حقوق الإنسان ومتوجّباتهم، فأين العالم اليوم من هذه الانتهاكات الخطيرة لهذا الإعلان المتعلّق بحماية الأشخاص؟ وبخاصّة أنّ كلّ هذه الاعتقالات تندرج في إطار الاعتقالات التّعسّفية الّتي لا تستند إلى دليل، بل هي استنسابيَّة في الدّرجة الأولى.

·حقّ الشّعوب في تقرير مصيرها

إنَّ ما يجري في البحرين اليوم ليس فقط انتهاكاً لحقوق الإنسان، بل هو انتهاكٌ صارخ للقانون الدَّولي العامّ، وانتهاكٌ لحقّ الشّعوب في تقرير مصيرها. نحن لا ندافع عن حقّ أشخاص، ولكن عن حقّ شعبٍ في تقرير مصيره، عن حريّة الأحزاب، وحريّة المعتقد واحترام الرأي، وحقّ الشّعب في الحماية من الاعتقال التعسّفيّ والتّعذيب الجسديّ والنّفسيّ.

·نزع الجنسيَّة

هذا الموضوع خطير جدّاً، لأنّ الجنسيَّة كالاسم، لا يمكن نزعها باعتبارها حقّاً أساسيّاً من حقوق الإنسان الّذي ينصّ عليه الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان والعهد الدَّوليّ المتعلّق بالحقوق المدنيّة والسياسيّة 1966.

إنَّ من أبرز شروط نزع الجنسيّة، أن يحمل الشّخص جنسيّة ثانية، وقد اكتسب الجنسيّة المنوي نزعها اكتساباً، أي أنّها ليست جنسيّته الأساسيّة، وعادةً ما تنزع الجنسيّة ويطرد الشّخص من البلد.

 ويطرح إقدام السّلطات البحرينيّة على نزع الجنسيّة البحرينيَّة من مواطنيها كنوعٍ من أنواع العقاب، إشكاليَّة عدم المساواة بين المواطنين كلّهم، ويعدّ انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان والمعاهدة الأميركيَّة لحقوق الإنسان.

مستقبل الأزمة في البحرين

يؤكِّد د. حسن جوني وجود شبه إجماعٍ اليوم حول ضرورة معالجة الوضع في البحرين ووضع حدٍّ للممارسات التعسفيّة والانتهاكات الخطيرة للمواثيق والمعاهدات الدوليَّة، وبخاصّة في ظلّ المساعي الدّوليّة للضَّغط على السّلطات البحرينيّة، للحدّ من جرائمها بحقّ شعبها، لافتاً إلى آخر هذه الإدانات الصَّادرة عن مجلس حقوق الإنسان الّذي عقد مؤخَّراً، وأدانت خلاله 33 دولة من أصل 48 ما تقوم به مملكة البحرين والسّعوديّة بحقّ الشّعب البحرينيّ، داعيةً إلى تحقيق المساواة بين أبناء البلد الواحد.

ويشدّد جوني على أهميّة العودة إلى ما خرجت به اللّجنة البحرينيّة المستقلّة لتقصّي الحقائق العام 2011، والَّتي ترأّسها السيِّد محمود شريف بسيوني، المعروف بحياديّته وموضوعيَّته، وهو أحد أبرز فُقهاء القانون الجنائيّ الدَّوليّ وقانون حقوق الإنسان الدّوليّ والقانون الإنسانيّ الدّوليّ، مشيراً إلى أنَّ المفارقة تكمن في أنَّ هذه اللّجنة تشكَّلت بإرادة ملكيَّة من أجل التَّحقيق والتقصّي حول الأحداث الّتي شهدتها البحرين، في محاولةٍ لإعادة الاستقرار إلى البلاد.

وقد خلص تقرير بسيوني إلى تأكيد حدوث انتهاكاتٍ خطيرةٍ وجسيمةٍ من قبل السّلطات البحرينيّة بحقّ شعبها، ووعد المسؤولون البحرينيون حينها بتنفيذ التّوصيات، إلا أنها ومع دخولها العام الخامس، لم تنفَّذ.

ويضيف: "المشكلة ليست بوجود المعاهدات أو المواثيق الدّوليّة، لأنّ البحرين انضمَّت إلى الكثير منها، وهي لا تلتزم بتطبيقها أو مراعاتها، نحن اليوم أمام واقعٍ خطير، لأنَّ الشَّعب البحريني بمعظمه يعاني القمع، ولا شكَّ في أنَّ الحقَّ سينتصر. نحن كحقوقيّين لا ندعو إلى الثّورة أو إلى التّغيير العسكريّ، نحن نطالب بتطبيق القانون الدَّوليّ لحقوق الإنسان، وأيضاً بتطبيق كلِّ المواثيق والمعاهدات الدّوليَّة المتعلّقة بحقوق الإنسان وحقّ الشَّعب البحرينيّ بتحديد مصيره السياسيّ".

ويخلص الخبير القانونيّ د. حسن جوني إلى القول إنَّ "الصّراع في البحرين كان من الممكن أن يكون صراعاً حضاريّاً، كما تحاول المعارضة البحرينيَّة أن يكون لهذه اللّحظة، وكان أمام السّلطة في البحرين فرصة لاجتراح الحلول لمطالب شعبها الَّتي لم تتعدَّ المطالبة بتغيير رئاسة الوزراء، وبعض الأمور المرتبطة بتفعيل المشاركة في السّلطة، ووضع حدٍّ للغشّ في الانتخابات، إلا أنَّ هذه السّلطة اختارت أن تحاصر شعبها وتحرمه من أدنى حقوقه الَّتي كفلتها معظم المواثيق والشّرائع الدّوليَّة".
 

ارسال التعليق

You are replying to: .