الثلاثاء 28 أكتوبر 2025 - 12:06
التعايش الكاذب في البحرين.. منع إقامة صلاة الجمعة بالدراز يفضح السلطات

وكالة الحوزة - كرّست السلطات البحرينية قرارها بمنع إقامة صلاة الجمعة في مسجد الإمام الصادق (ع) بالدراز لأسبوعها الـ 55 على التوالي، مما يدحض الادعاءات الرسمية بالحرية الدينية ويكشف أزمة حقوقية عميقة تستهدف طائفة محددة.

وكالة أنباء الحوزة - في لقائه مع بابا الفاتيكان ليو الرابع عشر في 29 أيلول/سبتمبر 2025، أكد ولي العهد رئيس مجلس الوزراء سلمان بن حمد أن المساجد والكنائس والمعابد التي تجتمع على أرض البحرين تمثّل رمزًا حيًا للسلام والوئام وحرية ممارسة الشعائر، وتجسّد روح الانفتاح والحوار بين الحضارات والثقافات التي تميّز المجتمع البحريني.

كلامٌ جميل وإيجابي ومثالي في حضرة الفاتيكان. هكذا تحدّث ولي العهد وهكذا أراد أن يظهر من روما: حمامة سلام ومسؤولٌ ينشر المحبّة. طبعًا ما صدر عنه ينسجم تمامًا مع الزيارة التي لا يمكن أن تخرج عن إطار تلميع صورة النظام أمام الغرب ومرجعياته الروحية والإنسانية.

هو استغلالٌ إذًا للموقعية والحيثية الدينية التي تمثّلها الفاتيكان لكلّ مسيحيي العالم. ومنها، يُطلق خطابًا إيجابيًا لا يخدش أحدًا، بنظره، ويمرّ مرور الكرام كما يظنّ، وكأنّ تحريفًا للواقع لم يكن.

هذا هو الحال عند قراءة موقف ولي العهد عن الانفتاح والتعايش وحرية ممارسة الشعائر في البحرين. الكثير من النكات يمكن إطلاقها تعليقًا على هذا الكلام الذي يكرّره تارةً الملك حمد بن عيسى، وتارةً رئيس الوزراء.

النفاق هي أكثر الصفات التي تنطبق على خطاب السلطة حين يتعلّق الأمر بالحرية الدينية في البحرين. حديث سلمان بن حمد عن هذه النقطة بالتحديد تزامن مع مرور سنة بالتمام والكمال على منع الدولة وأجهزتها الأمنية والقمعية للصلاة المركزية الأكبر في المملكة، في جامع الإمام الصادق (ع) في الدراز.

قرّرت الدولة - بعد استئناف إقامة الصلاة في الدراز - في 4 تشرين الأول/أكتوبر 2024 أن تعود إلى حظرها (1) تحت مسمّيات عديدة لا تعرف غيرها: الوضع الأمني. فصار المشهد كالتالي: استنفار أمني كلّ أسبوع ومنع المواطنين من الدخول إلى المسجد الذي يُشكّل رمزية وطنية كبيرة للبحرينيين.

أسباب الحرب على هذه الشعيرة كانت واضحة جدًا: التحدّث في شؤون وشجون الناس وقضايا المُستضعفين والمسلمين، أي العدوان على قطاع غزة وما كان يتعرّض له.

55 صلاة جمعة عُطّلت على التوالي. القرار يعكس حجم الاضطهاد الطائفي وتقييد الحريات الدينية الذي وصلت إليه المملكة. كما يدحض كلّ ما يُساق في دعاية النظام السياسية والإعلامية دائمًا عن كون البحرين بلد الحريات والتعايش والانفتاح.

يتّفق الحقوقيون والناشطون في المجال الإنساني على أن ما تتعرّض له طائفة محدّدة، أي شيعة البحرين، هو انتهاك صارخ لم يعد بإمكان أيّ كان تجاوزه، وبلغ حدًا من الظلم بات السكوتُ عنه مشاركةً فيه.

بحسب هؤلاء، البقاء على قرار تعطيل هذه الصلاة واستهداف المشايخ ورجال الدين من طائفة واحدة، أي الشيعة، هو تعبيرٌ واضح وجليّ عن أن البحرين تمرّ بأزمة حقوقية عميقة.

الحرب على الشعائر أيضًا تدخل في صُلب هذا التضييق وتُكذّب عناوين حرية ممارسة الشعائر المرفوعة دائمًا من جانب السلطة. في المناسبات الإسلامية وخصوصًا تلك المتعلّقة بعاشوراء، تنكبّ أجهزة الأمن على نزع اللافتات وتخريب أجواء الإحياءات في عدد من المناطق. تعاطٍ بوليسي مع من يُمارس عقيدته الدينية بلا أيّ تهديد لوجود الدولة والنظام الحاكم.

وعليه، إمّا أن تتوقّف الدولة عن خطاب التسامح والتعايش والترويج لما لا تُطبّقه حقيقةً، وإمّا أن تذهب فعلًا إلى تنفيذ ما تقول وتُراجع كلّ جرائمها وأخطائها بحقّ التيار الديني وعلمائه في البحرين وجمهوره العريض، ولاسيّما أولئك الذين مُنعوا وتعرّضوا للتهديدات ولوحقوا كي لا يؤمّوا الصلاة في الدراز.

المصدر: مرآة البحرين


(1) النظام البحريني بدأ بمنع الصلاة في الدراز يوم الجمعة 4 أكتوبر/ تشرين الأوّل 2024 على خلفيّة إصرار الشعب على تأبين الشهيد القائد الكبير «السّيد حسن نصر الله» ورفعهم الشعارات الداعمة لجبهات المقاومة الإسلاميّة في لبنان وفلسطين واليمن، والمطالبة بإنهاء التطبيع مع الكيان المحتل، وطرد سفير الاحتلال من البلاد.

هذا وسبق أن منع النظام الخليفيّ إقامة صلاة الجمعة في مسجد الدراز لمدّة 6 سنوات عقب نزع جنسيّة الفقيه القائد آية الله الشيخ عيسى قاسم، «من 22 يوليو/ تموز 2016 إلى 20 مايو/ أيّار 2022» إمعانًا منه في محاربته شعائر الدين والمعتقد.

سمات

تعليقك

You are replying to: .
captcha