السبت 31 مايو 2025 - 15:17
إمام جمعة بغداد يؤكد على انتصار المقاومة ويشدد على أهمية الانتخابات القادمة في العراق

وكالة الحوزة - شدد آية الله السيد ياسين الموسوي على هزيمة مشروع "الشرق الأوسط الجديد"، ودعا الشعب العراقي إلى المشاركة الواعية في الانتخابات المقبلة، مؤكداً أن النظام الحالي هو ثمرة تضحيات شعبية حقيقية وليس منّة من القوى الأجنبية.

وكالة أنباء الحوزة - قال آية الله السيد ياسين الموسوي، إمام جمعة بغداد والأستاذ البارز في حوزة النجف الأشرف، إن المنطقة تشهد تغيرات سياسية كبيرة نتيجة الفشل المتكرر لمشروع "الشرق الأوسط الجديد" الذي تبناه رئيس وزراء كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو. وأكد أن تداعيات هذا الفشل انعكست بشكل مباشر على الوضع العراقي، دون الخوض في آثارها على دول الجوار.

وأوضح السيد الموسوي في حديثه أن المشروع الصهيوني الرامي إلى فرض واقع سياسي وأمني جديد في المنطقة قد تلقى ضربات متتالية، أبرزها هزيمته أمام قوى المقاومة في لبنان واليمن وإيران والعراق وسوريا. وأشار إلى أن النظام السوري، الذي كان في مواجهة مباشرة مع إسرائيل، قد تغير وتم استبداله بنظام جديد يخوض حالياً مفاوضات مع الكيان الصهيوني عبر وساطات إقليمية، مثل أذربيجان وتركيا، في إطار ما يُسمى باتفاقيات "السلام" التي تشمل تقسيم سوريا وأدواراً إسرائيلية في المناطق الحدودية.

وأضاف أن نتنياهو لا يزال يصرّ على خوض الحروب رغم الفشل، مستشهداً بما حدث مؤخراً من مفاوضات بين كيان الاحتلال والمقاومة في غزة برعاية أمريكية، مؤكداً أن ما يجري في غزة هو حرب عبثية هدفها الأساسي إبادة الشعب الفلسطيني وتجويعه، في محاولة لإرغام الشعوب على الاستسلام لمشاريع الهيمنة الغربية.

وشدد السيد الموسوي على أن ما يُقدَّم من الإعلام الغربي والعبري على أن الصراع في المنطقة محصور بشخص نتنياهو هو تضليل مقصود، فالمشكلة الحقيقية تكمن في السياسة الأمريكية التي تسعى إلى إبقاء المنطقة مشتعلة وغير مستقرة، بهدف إرهاق شعوبها ودفعها للاستسلام والرضوخ للهيمنة الأمريكية. وأشار إلى أن الشعوب لم تدخل في أي مفاوضات أو تطبيع، على عكس بعض الأنظمة.

ورأى أن الأمريكيين يعلمون أن السلام لن يتحقق مع الأنظمة فقط، بل يتطلب استسلام الشعوب نفسها، ولذلك يسعون لإطالة أمد الحروب لاستنزاف الإرادة الشعبية. وقال: "الاستعمار لا يريد شعوباً حرة، بل يريد شعوباً تبحث عن الطعام والرفاهية فقط، دون مقاومة ودون كرامة".

وأكد السيد الموسوي أن المقاومة هي التي تحفظ الكرامة والسيادة والحرية، وأن المشروع الاستعماري إلى زوال، مذكّراً بتاريخ أهل البيت (عليهم السلام) الذين ضحّوا بأرواحهم من أجل القيم والمبادئ، وقال: "خلق الله للحروب رجالاً، وللراحة رجالاً، والسلام لا يصنعه الخانعون بل الشهداء والمضحّون".

وتابع: "نحن لم نخسر، بل انتصرنا. والمشروع الأمريكي-الصهيوني في المنطقة خاسر، وإن حاولوا تصوير غير ذلك، فالتاريخ شاهد، والميدان يشهد".

وأشار آية الله الموسوي إلى أن العراق يقف اليوم على أعتاب محطة انتخابية مفصلية، مشدداً على أهمية إدراك الأبعاد السياسية الحقيقية لهذه الانتخابات، لا سيما في تحديد مستقبل النظام السياسي القائم منذ عام 2003.

وصرح: أن "النظام الذي تأسس بعد عام 2003 لم يُبنَ بقرار أمريكي، كما يروّج البعض، بل بُني بدماء وتضحيات المعارضة، ولا سيما القوى الإسلامية والعلماء، وعلى رأسهم شهيد المحراب آية الله السيد محمد باقر الحكيم (رضوان الله عليه)، الذي قدّم أكثر من 45 شهيداً من أسرته لأجل الشعب، لا من أجل الحكم أو السلطة."

وأضاف: "كنت على مدى 24 عاماً في قيادة المعارضة، وأعلم جيداً كيف ناضلت القوى الوطنية من أجل بناء نظام سياسي يعبّر عن إرادة الشعب. لا يمكن القبول اليوم بمحاولات التشكيك في شرعية هذا النظام أو تقويضه عبر أية تدخلات خارجية. هذا النظام هو ثمرة تضحياتنا، ودور المرجعية الدينية، وفي مقدّمتها سماحة الإمام السيد السيستاني دام ظله، كان حاسماً في تثبيت أسسه."

وفي حديثه عن الواقع السياسي والإداري الراهن، قال الموسوي: "نحن لا نرضى عن هذا الواقع، وهو مليء بالأخطاء والتجاوزات، سواء في الأداء الحكومي أو النيابي أو القضائي أو الإعلامي. ولكن مشكلتنا ليست مع مؤسسات الدولة، بل مع الأشخاص الذين تسلّقوا المناصب وأساءوا إدارتها. المؤسسات هي جوهر الدولة وروحها، أما الأشخاص الفاسدون فهم لا يمثلونها."

ودعا السيد الموسوي الشعب العراقي إلى عدم الوقوع في فخ اليأس الذي تسعى بعض الجهات الخارجية إلى نشره. وقال: "يريد الأمريكان إيصال الشعب إلى مرحلة الإحباط حتى يقبل بالركوع والخضوع لإرادتهم، وهذا لن يحدث ما دام في العراق من يؤمن بالتغيير ويعمل من أجله."

وتابع: "الانتخابات أداة للتغيير والإصلاح وليست سبباً للتشكيك أو المقاطعة. ينبغي للشعب أن يشارك بوعي، ويختار الصالحين من المرشحين الذين يستطيعون محاربة الفساد وبناء الدولة. هناك نواب شرفاء في البرلمان، لكنهم قلة، ويحتاجون إلى دعم شعبي حقيقي."

وفي ختام حديثه، شدّد السيد الموسوي على ضرورة تحمّل المسؤولية الوطنية والعمل من أجل تطوير البلد، قائلاً: "علينا أن نؤمن أن العراق بلدنا، وأن نعمل من أجله كما نعمل من أجل أبنائنا ومستقبلهم. الفساد لا يبرر الهروب من المسؤولية، بل يدعونا إلى مزيد من الوعي والمشاركة في الإصلاح."

سمات

تعليقك

You are replying to: .
captcha