وكالة أنباء الحوزة - في خضم حركة الاحتجاج ضد خطة فك الارتباط عن غزة عام 2005، ألقى رئيس المدرسة الدينيّة (يوسف لا يزال حيًّا) في يتسهار، الحاخام يتسحاق غينزبورغ، عظة بالقرب من الكنيست، وسبق له أنْ نشر مقالاً بعنوان (باركوا هذا الرجل)، تكريمًا لباروخ غولدشتاين، مرتكب مذبحة الحرم الإبراهيميّ في سنة 1994، والتي أدت إلى مقتل 29 فلسطينيًا، الذي كان في قيد الاعتقال الإداريّ، وفق مقالٍ للأستاذيْن الجامعيين شاي حزكاني وتامير شوريك، والذي نُشِر بصحيفة (هآرتس) العبريّة.
وتابعا: “بعد اغتيال رابين، كتب أيضًا كتابًا أجاز فيه قتل النساء والأطفال من غير اليهود. والعظة المعروفة اليوم باسم (حان الوقت لكسر الجوزة) سعت لترسيخ فكرة التفوق اليهوديّ في أرض إسرائيل، وإعداد الأجواء للقتل الجماعيّ للفلسطينيين والتطهير العرقيّ الكامل في البلد. واليوم، على مشارف استكمال نجاح خطة الحاخام، من المفيد العودة إلى النظر في نياته”، على حدّ تعبيرهما.
وأردفا: “وُلد غينزبورغ بأمريكا عام 1944، والمجموعة الأكثر تقديرًا له هي الميليشيات المسلحة التي يُطلق عليها اسم (شبان التلال)، وهي المسؤولة عن المذابح الأسبوعيّة وأعمال القتل في الضفة الغربية، ويعتقد غينزبورغ، أنّه لا يحق للفلسطينيين الحصول على وضع (مقيمٍ أجنبيٍّ)، وأنّ وجودهم في أيّ أرضٍ من أراضي إسرائيل هو كفر”.
وأوضحا: “شبّهت العظة إسرائيل بجوزةٍ مؤلفةٍ من 4 قشور: الثمرة وترمز إلى شعب إسرائيل، أمّا القشور، فهي دولة إسرائيل العلمانيّة ومؤسساتها، وفي رأي الحاخام، كان شعب إسرائيل، في بداية الطريق، بحاجةٍ إلى هذه القشور لكي ينمو ويتطور. لكنّه اليوم، يرى أنّ هذه القشور تحولت إلى عنصرٍ يعيق تطوُّر شعب إسرائيل في أرضه، لذلك، يجب كسر هذه القشور وتحطيمها من أجل قدوم المسيح المنتظر. هناك 3 قشور، وسائل الإعلام والمنظومة القضائية وأجهزة الدولة، وهو يعتبرها نجسة ويجب تحطيمها، أمّا الجيش الذي يشكل القشرة الرابعة، فيمكن إصلاحه، لكن يجب إحراق القيم الأخلاقيّة التي تفشّت فيه”.
ولفتا إلى أنّه “بالنسبة لغينزبورغ، منذ سنة 2005، لم يعد المقصود أفكارًا نظريّةً، بل رؤيا واضحة يجب على أتباعه العمل في ضوئها. لكن الخطة كانت بحاجة إلى الفرصة المناسبة، وهذه الفرصة سنحت في 7 أكتوبر. كتب غينزبورغ في نشرته الإخبارية (نيفلاوت)، بعد أسابيع على “المذبحة”: “إنّ وحشية العماليق التي تتجلّى في أعمالهم تتطلّب منا التمسّك بمبدأ (اقضِ على ذِكر العماليق تحت السماء – إبادة كاملة). أمّا التضحية بالمخطوفين من خلال المعارضة الشديدة للصفقة، فكان ثمنًا معقولاً يمكن دفعه في سبيل ما يسميه الحاخام النصر المطلق”.
وأكّدا أنّه “من أجل معرفة مدى جاذبية اللغة المروعة التي يستخدمها غينزبورغ، في نظر الإسرائيليين اليهود من مختلف طبقات الشعب، أجري استطلاعٌ، بناءً على طلبٍ من جامعة بنسلفانيا، وشمل 1500 شخص يشكلون نموذجًا يمثل السكان اليهود في إسرائيل، وأعرب 82 بالمائة من الذين شملهم الاستطلاع عن تأييدهم للتهجير القسريّ لسكان قطاع غزة، وأيّد 56 بالمائة التهجير القسريّ لفلسطينيي الداخل”.
وتابعا: “هناك دليل آخر على الانتصار الكبير الذي حققه غينزبورغ يمكن رؤيته في التبنّي واسع النطاق للمواقف المؤيدة للتطهير الإثني والإبادة الجماعية من طرف الجمهور العلمانيّ الذي فشل في تقديم بديل من الصهيونية المسيانية، إذ يؤيد أكثر من 69 بالمائة من العلمانيين التهجير القسري لسكان غزة، و31 بالمائة منهم يعتبرون إبادة سكان أريحا سابقة يجب على الجيش تبنّيها.”
وقالا أيضًا: “أمّا الإنجاز الاستثنائي للحاخام غينزبورغ بشأن كسر القشور، فحقّقه حتى بين أنصاره غير المباشرين. الإعلام العبريّ، القشرة الأولى، كان في حالة تعبئةٍ دائمةٍ، لكنّه حافظ على شيءٍ من الاحترافية. وفي الفترة الأخيرة، تخلّت إسرائيل عن هذا المظهر. ومنذ “المجزرة” في غلاف غزة، تخلّى العديد من الصحافيين عن التغطية النقديّة، وانضم بعضهم إلى الدعوات المحمومة إلى الانتقام والطرد والإبادة.”
وشدّدّا في مقالهما، الذي نقلته إلى العربيّة (مؤسسة الدراسات الفلسطينيّة)، على أنّ البعض يرون “أنّ الصدمة والقلق اللذين أصابا المجتمع الإسرائيليّ في أعقاب أحداث 7 أكتوبر، هما التفسير الوحيد لهذا التصعيد. لكن يبدو كأنّ “المجزرة” لم تكن سوى المحرك الذي حرّر شياطين تغذّت وتربّت على مدى عقود في الإعلام، وفي المنظومة القضائيّة، وفي التعليم”.
وبحسبهما “الصهيونية، إلى جانب كونها حركةٍ قوميّةٍ، هي أيضًا حركة مستوطنين مهاجرين، تسعى لإزاحة السكان المحليين. ودائمًا ما تواجه مجتمعات المستوطنين المهاجرين مقاومة عنيفة ووحشية من الجماعات الأصلية، التي ترفض انتزاعها من أرضها”.
وخلُصا إلى القول إنّ “الطموح لتحقيق أمنٍ مطلقٍ ودائمٍ قد يؤدي إلى خطة عملية تهدف إلى إزالة السكان المعارضين، ولذلك، فإنّ كلّ مشروعٍ استيطانيٍّ يحمل في طيّاته إمكانات للتطهير العرقيّ والإبادة الجماعيّة”، طبقًا لأقوالهما.
المصدر: رأي اليوم
تعليقك