السبت 29 مارس 2025 - 23:39
نعيم قاسم: العالم يشهد أن لبنان نفذ اتفاق وقف إطلاق النار لكن إسرائيل لم تنفذ الاتفاق

وكالة الحوزة - أكد الأمين العام لـ"حزب الله" اللبناني نعيم قاسم مساء اليوم السبت، أنه "إذا لم تلتزم إسرائيل وإذا لم تقم الدولة اللبنانية بالنتيجة المطلوبة، فلن يكون أمامنا إلا العودة إلى خيارات أخرى".

وكالة أنباء الحوزة - أكد الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم، في كلمة ألقاها بمناسبة يوم القدس العالمي، أن "هذا اليوم هو يوم من أجل التضامن مع القدس المحتلة، ومن أجل التضامن مع كل المستضعفين في العالم لمواجهة المستكبرين والمحتلين والمتآمرين والطواغيت الذين يحاولون قهر الشعوب. هذا يوم يمتد من فلسطين إلى كل العالم، ولكن نقطته المركزية في فلسطين المحتلة".

وفيما يلي نص كلمته:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق مولانا وحبيبنا وقائدنا أبي ‏القاسم محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين، وصحبه الأبرار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والصالحين إلى قيام يوم ‏الدين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.‏

يوم من أجل التضامن مع كل المستضعفين

هذا اليوم هو يوم القدس العالمي، وهذه الكلمة هي بهذه المناسبة العظيمة التي أعلنها الإمام الخميني قدس الله ‏روحه الشريفة منذ 46 عامًا في سنة 1979، عندما أعلن الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك يومًا للقدس. ماذا ‏قال؟ قال قدس سره: "يوم القدس يوم عالمي، لا يختص بالقدس وحدها، وإنما هو يوم مواجهة المستضعفين ‏للمستكبرين، يوم مواجهة الشعوب الرازحة تحت نير الظلم الأمريكي وغير الأمريكي والقوى العظمى". ‏
إذاً، هذا اليوم هو يوم من أجل التضامن مع القدس المحتلة، ومن أجل التضامن مع كل المستضعفين في العالم ‏لمواجهة المستكبرين والمحتلين والمتآمرين والطواغيت الذين يحاولون قهر الشعوب. هذا يوم يمتد من فلسطين ‏إلى كل العالم، ولكن نقطته المركزية في فلسطين المحتلة.‏
إمامنا الخامنئي دام ظله قال: "القضية الفلسطينية بالنسبة لنا في الجمهورية الإسلامية ليست قضية تكتيك، ولا ‏هي حتى استراتيجية سياسية، إنما هي قضية عقيدية قلبية وإيمانية". هذا يُبيّن الأبعاد التي تأخذها قضية القدس ‏ويوم القدس. هنا من المهم جدًا أن نفهم أثر هذا اليوم في تاريخ منطقتنا، وفيما حصل خلال 46 سنة. لو أجرينا ‏مقارنة بين سنة 1979 قبل إعلان يوم القدس وبعد إعلان يوم القدس إلى يومنا هذا في سنة 2025، سنجد أن ‏تحولات كثيرة حصلت لمصلحة التحرير. كانت إيران الإسلام قبل ذلك هي إيران الشاه، كانت داعمة أساسية ‏لإسرائيل، وكانت شرطيًا للخليج وفزاعة للجميع بالتعاون مع الكيان الإسرائيلي. انقلبت، تحولت السفارة إلى سفارة ‏فلسطين، ولم يعد لهذه القوة الكبيرة الموجودة في منطقة الخليج أي دعم للكيان الإسرائيلي. وبدأت المقاومة ‏ودعم المقاومة بكل الإمكانات، إلى أن وجدنا أن التغيرات حصلت بشكل واضح.‏

المقاومة الفلسطينية متجذّرة

اليوم نحن أمام مقاومة فلسطينية متجذرة في داخل هذا الشعب، مقاومة مسلحة تريد أن تحرّر من البحر إلى ‏النهر. هذه المقاومة كانت موجودة بنسبة ما في فترة من الزمن منذ الاحتلال، ولكن حصل تطور كبير وتغيّر كبير ‏ودعم كبير جعلها تتقدم إلى الأمام للتمكن من صناعة طوفان الأقصى الذي حوَّل القضية الفلسطينية من قضية ‏كادت أن تكون في الزوايا إلى قضية على المستوى العالمي.‏
في لبنان، أصبحنا قوة مهمة كمقاومة في مواجهة العدو الإسرائيلي.‏
اليمن، إضافة نوعية لمصلحة مواجهة الكيان الإسرائيلي.‏
العراق، قدرة مهمة في مواجهة الغطرسة الأمريكية الإسرائيلية.‏
إذاً، هذه الشعوب في المنطقة، إضافة إلى المقاومات فيها، وإضافة إلى شعوب عديدة في منطقتنا وفي العالم، ‏تضامنت سياسيًا وإعلاميًا وثقافيًا وبالدعم المالي. كل هذا هو متغير حقيقي في القضية الفلسطينية.‏
اليوم لم يعد بالإمكان العودة إلى الوراء، نحن أمام تحول كبير سيؤدي آثاره بشكل مباشر.‏

"اسرائيل" غدّة سرطانية توسّعية

ثانيًا، إسرائيل غدة سرطانية توسّعية بيد الاستكبار الأمريكي. 75 سنة من التوسع داخل فلسطين وخارج فلسطين، ‏وكل ذلك بسبب الأهداف الإسرائيلية التوسعية، وكانت عندما تتراجع في مكان، فإنما تتراجع لأنها تواجه ضغطًا، ‏تواجه مقاومة، تواجه رفضًا. حتى مستوطنات الضفة الغربية تأكلها واحدة تلو الأخرى بشكل تريد من خلاله ‏السيطرة على الضفة الغربية أيضًا. يعني لا يوجد شيء اسمه أراضي 67 بالنسبة للكيان الإسرائيلي، لا يوجد شيء ‏اسمه فلسطين بالنسبة لهذا الكيان.‏
كل هؤلاء الشهداء الذين قدّموا وضحوا، زاد عددهم عن 51,000 شهيد وشهيدة من الرجال والنساء والأطفال ‏والمقاومين والمجاهدين والشعب الفلسطيني، مع الجرحى والأسرى، وكل هذه العذابات، كانت من أجل وضع حدّ ‏لهذا الكيان الإسرائيلي. هذا الشعب الفلسطيني لا يمكن أن يُهزم، فهو صاحب حق، ونحن موعودون في كتاب الله ‏تعالى: " فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا".‏
هذا إيماننا بأن النصر في نهاية المطاف لهذا الشعب الفلسطيني صاحب الحق بهذه الأرض.‏

مصلحتنا في تحرير لبنان وحمايته

ثالثًا، ما هو موقفنا كحزب الله؟
نحن نؤمن بأن هذه القضية الفلسطينية هي قضية حق، وهناك أربعة عناوين تجعلنا نتمسك بهذا الحق وبهذه ‏القضية:‏
العنوان الأول، نحن نؤمن بتحرير المقدسات، والمسجد الأقصى هو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين: ‏‏"سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ ‏السَّمِيعُ الْبَصِيرُ".‏
العنوان الثاني، نحن نؤمن بالحق. هؤلاء الجماعة لديهم حق، ويجب أن ننصر الحق. عندما يكون العالم منقسمًا ‏إلى قسمين، قسم مع الإيمان وقسم مع الكفر، أو قسم مع الحق وقسم مع الباطل، فعلينا أن نكون مع الحق.‏
العنوان الثالث: نحن نلتزم بالأمر الشرعي لقيادتنا المتمثلة بالإمام الخامنئي دام ظله، على نهج الإمام الخميني قدس ‏سره، وهذا الأمر الشرعي يتجاوز الحدود ويتجاوز الجغرافيا ويتجاوز كل الاعتبارات. هذا إيمان، هذا دين، هذا التزام.‏
العنوان الرابع، نحن نعتبر أن مصلحتنا في لبنان هي في نصرة المستضعفين في منطقتنا وفي نصرة فلسطين، وهذا ‏يرتد خيرًا على فلسطين وعلى لبنان وعلى كل المنطقة. وبالتالي، نحن مستفيدون، ولنا مصلحة في مواكبة هذا الحق.‏
لذا، نعلن بوضوح، على العهد يا قدس، دائمًا على العهد يا قدس، مهما بلغت التضحيات، ومهما كانت الصعوبات، ‏ومهما كانت التعقيدات.‏
لدينا إيمان بالمساهمة في تحرير فلسطين، ولدينا مصلحة في تحرير لبنان وحمايته في هذه المرحلة التاريخية ‏الحساسة. لقد اجتمع لدينا الإيمان والمصلحة. ‏

"اسرائيل" عدوّ توسعيّ

قدم حزب الله مساندة مهمة لفلسطين الأبية المحتلة، وللشعب الفلسطيني، ولغزة. هذا الدعم الذي قدمه حزب ‏الله تجلّى في أعلى مراتبه بشهادة سيد شهداء الأمة، السيد حسن نصر الله، رضوان الله تعالى عليه، كتعبير أصيل ‏وثابت وحقيقي، بأننا مع فلسطين ومع القدس. فليكن معلومًا، لبنان ضمن لائحة الضم للكيان الغاصب، على ‏الأقل على مستوى جنوب لبنان، استيطانًا وتوطينًا. على مستوى الاستيطان جنوب لبنان، ولدينا التجربة التي ‏كانت موجودة بعد سنة 1982، جماعة سعد حداد ولحد، الذين كانوا يؤسسون منطقة تسمى "منطقة جنوب ‏لبنان الحر"، على قاعدة أن تكون جزءًا مفصولًا عن لبنان، من أجل أن تكون جزءًا لا يتجزأ من الكيان الإسرائيلي. ‏هذه التجربة موجودة، هذه تدل على الأهداف الإسرائيلية المباشرة، وهذا الهدف لا يزال موجودًا. ‏

إذًا، إسرائيل تريد أن تحتل، وتريد أن تأخذ من الأرض. وعلى كل حال، الزيارات التي قاموا بها لما يسمونه ‏‏"الصالحين" عندهم في منطقة الجنوب، في حولا وفي شمع، هذا كله من الدلائل على أنهم يبتغون التوسع. ألم ‏نسأل أنفسنا لماذا في سنة 1982 لم يخرجوا من لبنان إلا بالمقاومة بعد ثمانية عشر عامًا؟ مع وجود قرارات دولية ‏ومع وجود ضغوطات؟ لماذا؟ لأنهم يريدون الاحتلال ويريدون أن يتحكّموا بمصير لبنان، حتى يكون لديهم القدرة ‏على جعله مكانًا للتوطين، كجزء لا يتجزأ من تهجير الفلسطينيين من أرضهم إلى البلاد العربية المحيطة.‏

نحن واضحون في موقفنا، إسرائيل عدو توسعي، لن يكون لديها حدّ، وستتجاوز كل الحدود دائمًا. ومقاومتنا هي ردّ ‏فعل دفاعي، وحقٌّ مشروع، ويجب أن تستمر هذه المقاومة. نعم، المقاومة لا يمكنها أن تمنع الاعتداء بمعنى ‏الاعتداء، لكنها يمكنها أن تحبطه ويمكنها أن تمنعه من تحقيق أهدافه، وهذا ما حصل. لأن البعض يتساءل: إذا ‏كنتم تقولون إن المقاومة تريد إسقاط هذا العدو، لكن رأينا كيف أن هذا العدو استطاع في مرحلة من المراحل أن ‏يحتل جزءًا إضافيًا من الأرض. نقول: أتظنون أنّ هذه الاختلاف في القوة بيننا وبين العدو لن يكون له حساب؟ ‏بالتأكيد له حساب. لكن العبرة أين؟ هل استطاع هذا العدو أن يُحقّق الأهداف التي يريدها بهذه القوة مع التمايز ‏والتفاوت الكبير بقوة المقاومة التي لا تُقاس بقوة العدو؟ نقول: النتيجة لا، لم يستطع أن يُحقّق أهدافه، وهذا هو ‏الانتصار بالنسبة إلينا، أن تستمر المقاومة، ألا يتمكن العدو من تحقيق أهدافه، وهذا أمر مهم. لقد منعناه من ‏تحقيق أهدافه، ومع الزمن، ضربة بعد ضربة، مواجهة بعد مواجهة، استمرارية للمقاومة، نصل إلى نقطة مُعيّنة ‏تُسقط هذا الاحتلال إن شاء الله.‏

المقاومة هي التضحيات التي تُعبّد الطريق أمام النتيجة العظيمة، ونحن موعودون إن شاء الله من الله تعالى: "لَٰكِنِ ‏الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ ۚ وَأُولَٰئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ".‏
رابعًا، انظروا إلى أهداف العدو بوضوح، هناك ثلاثة أهداف رسمها في المنطقة، وخاصة في لبنان:‏
الهدف الأول: التوسع.‏
الهدف الثاني: إنهاء المقاومة.‏
الهدف الثالث: التحكم بمستقبل لبنان.‏
كل ذلك في إطار التوحش والعدوان، وبدعم من الطغيان الأمريكي المتوحش أيضًا. نحن واجهنا هذه الأهداف.‏
استطعنا أن نوقف إسرائيل عند حدّها. استطعنا أن نمنعها من أن تتقدم على الحدود لفترة من الزمن أثناء معركة ‏‏"أولي البأس". استطعنا أن نتوصّل إلى وقف إطلاق النار من خلال الدولة اللبنانية. هذا يعني أنّ هناك قدرة معينة ‏استطاعت أن تمنع إسرائيل من تحقيق الأهداف، فذهبت إسرائيل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، ونحن وافقنا مع ‏الدولة اللبنانية.‏

مسؤولية الدولة اللبنانية إنهاء الاحتلال

منذ عقد اتفاق وقف إطلاق النار غير المباشر مع الدولة اللبنانية، أصبحت المسؤولية عند الدولة اللبنانية. ‏مسؤوليتها أن تُنهي الاحتلال. مسؤوليتها أن توقف العدوان. مسؤوليتها أن تضغط على الدول الكبرى التي رعت. ‏مسؤوليتها أن تفتش عن الأساليب المناسبة والطرق المناسبة لإنهاء الاحتلال. مسؤوليتها أن تخرج عن الدائرة ‏الدبلوماسية في لحظة معينة من أجل مواجهة هذا الاحتلال. على كل حال، هذه مسؤولية الدولة اللبنانية الآن. ‏
نحن كحزب الله التزمنا، التزمنا بالاتفاق بشكل كامل، لم يكن لدينا تواجد مسلح في جنوب نهر الليطاني، ولكن ‏إسرائيل لم تنسحب من كامل الأرض اللبنانية، وبقيت محتلة لنقاط، وإسرائيل تخترق وتعتدي في كل يوم، سواء ‏على الأفراد أو على الممتلكات أو على المناطق، سواء في الجنوب أو في البقاع أو في كل مناطق لبنان، وهذه كلها ‏سُميت في فترة معينة خروقات، لكن بعد ذلك لم تعد خروقات، لأنها عدوان تجاوز كل حدّ. ‏
كل التبريرات الإسرائيلية لا معنى لها، وكل شروط العدوان التي يتحدث عنها لا معنى له. هنا يوجد اتفاق، فلينفذ ‏الاتفاق كما نفذ لبنان الاتفاق. كل العالم يشهد أنّ لبنان نفّذ الاتفاق، لبنان مع مقاومته نفّذوا الاتفاق، لكن إسرائيل ‏هي التي لم تُنفّذ الاتفاق.‏
الآن يقولون إنهم يريدون أن يدخلوا إلى مسارات سياسية، لا يمكن أن نقبل بالتطبيع، ولا يمكن أن نقبل بهذه ‏المسارات السياسية التي تُحاول إسرائيل من خلالها أن تأخذ مكاسب تتجاوز بها الاتفاق وضوابط الاتفاق وما ‏حشرها فيه هذا الاتفاق لتحصل بالسلم على ما لم تحصل عليه بالحرب، هذا أمر غير ممكن. الحمد لله، أركان ‏الدولة اللبنانية، الرؤساء الثلاثة، كلهم الآن في مسار رفض هذا المسار التطبيعي.‏

لا يمكن أن نبقى متفرّجين

اليوم، إسرائيل هي في موقع العدوان، هذا العدوان يجب أن يوضع حدًّا له. لقد تجاوزت بأن قصفت الضاحية ‏الجنوبية لأول مرة منذ وقف إطلاق النار، وكذلك اعتدت على مناطق عدة في جنوب لبنان، وارتقى شهداء وجرحى، ‏وهناك أضرار في البنى التحتية وفي الأماكن المختلفة. لا يمكن أن نقبل أن يستمر هذا المنهج. إذا كانت تظن إسرائيل ‏أنها تصنع معادلة جديدة في أن تتذرع بذرائع واهية من أجل أن تقتل وأن تدخل إلى هذه الأماكن المختلفة، وأن ‏تعتدي على الضاحية والبقاع والجنوب، فهذا أمر مرفوض. على الدولة اللبنانية أن تتصدى، ما زال الوقت يسمح ‏بالمعالجة السياسية والدبلوماسية، لكن لا يمكن أن نقبل بأن تكون هناك معادلة تستبيح فيه إسرائيل لبنان وتسرح ‏وتمرح في أي وقت تريد ونحن نتفرج عليها. كل شيء له حدّ، وكل شيء له مجال معين، لا تستخفوا بما نقول، اعلموا ‏أن هذه المقاومة موجودة وحاضرة وملتزمة في هذه المرحلة بالاتفاق، لكن إذا لم تلتزم إسرائيل نهائيًا، ولم تتمكن ‏الدولة اللبنانية من القيام بالنتيجة المطلوبة على المستوى السياسي، فلن يكون أمامنا إلا أن نعود إلى خيارات أخرى ‏لا تنسجم مع الوضع الحالي، ولا تُكرّس المعادلة التي تريدها إسرائيل.‏
لتعلم إسرائيل أنها لن تأخذ بالضغط، ولا من خلال احتلالها للنقاط الخمس، ولا من خلال عدوانها المتكرر، ولا ‏من خلال جرائمها التي تحاول أن تستخدمها أن تُحقّق ما تريد، أبدًا، هذا أمر لا يمكن. مع وجود المقاومة لا يمكن، ‏مع وجود هذا الشعب لا يمكن، مع وجود هذا التماسك الداخلي المهم لا يمكن. لن نسمح لأحد أن يسلبنا حياتنا، ‏وأرضنا، وعزّتنا، وكرامتنا، ووطنيتنا، لن نسمح على الإطلاق. لن نسمح لأحد أن يحرمنا قوتنا وإمكاناتنا في مواجهة ‏هذا العدو.‏
على كل حال، هذه التجربة موجودة أمامكم، انظروا إلى النتائج، لسنا ضعفاء في مواجهة مشاريع أمريكا وإسرائيل. ‏إذا كُنّا صبرنا خلال المرحلة السابقة حتى الآن، فهو صبر الذي يريد أن يعطي الفرصة لحلول تُخفّف من الآلام ‏والضحايا. لكن إذا وصلنا إلى مرحلة يُصبح فيها العمل الإسرائيلي هو القتل والتدمير والاحتلال، فهل نبقى ‏مُتفرّجين؟ لا يمكن أن نبقى متفرجين.‏
على المسؤولين أن يعرفوا أن لكل شيء حدًّا، وأنّ هذا الحد لا نعلم متى يأتي ومتى نُقرّر، أمامكم فرصة من أجل أن ‏تزيدوا من الضغط، فإسرائيل مكشوفة وواضحة، هي تقوم بأعمال إجرامية وهذه الأعمال مرفوضة. ‏
هم يواجهون شعبًا مميزًا، كل العالم رأى عظمة هذا الشعب، رأى عظمة الشعب الفلسطيني، رأى عظمة الشعب ‏اللبناني، رأى عظمة هذه المقاومة.‏
عندما تكون هناك أم فقدت أربعة من أبنائها شهداء، وتقف بكل عزيمة وقوة، وتبدي استعدادها لإعطاء المزيد. ‏عندما تذهب أم إلى الجنوب لتبحث عن بعض آثار ولدها، وتفرح فرحًا كبيرًا عندما تجد بعض آثاره، فما هذا القلب ‏الكبير العظيم؟! وتقول في نفس الوقت إنها مستعدة للمزيد من التضحية، وتفخر بولدها وبعطاءاته وإمكاناته التي ‏قدّمها، وهي مستعدة للمزيد.‏
هذا الشعب الذي خرج يواجه بالصدر العاري. هذه المرأة المحجبة بالعباءة التي وقفت أمام الدبابات الإسرائيلية. ‏هذا الحشد المليوني الذي نافس كل حشود العالم أثناء تشييع السيدين الجليلين، حشد يُعبّر عن معنويات وقوة ‏واستعداد. هذا ليس حشدًا للتعزية العابرة، هذا حشد للولاء، وكان شعاره: "إنّا على العهد". ‏

رسائل من عدد من الإخوة المجاهدين

أتدرون؟ خلال الأسابيع الماضية، جاءتني عدة رسائل من عدد من الإخوة المجاهدين، يقولون: نحن مستعدون ‏لأي عمل استشهادي، ونريد الإجازة. فقلت لهم: تمهلوا، أنتم في قلب العمل الاستشهادي، اليوم المواجهة وما ‏يُقدّمه الشباب أمر عظيم جدًا. حتى سمعت بعض الإخوة يقولون: ذهبنا خلال أربعة وستين يومًا في معركة "أولي ‏البأس"، رفاقنا استشهدوا، ونحن لم نستشهد، حزنين لأنهم لم يستشهدوا، لماذا؟ هل لأنهم لا يحبون الحياة؟ بلا ‏يحبون الحياة، لكنهم لا يحبون أن تنتهي حياتهم إلا في أرض المعركة. هؤلاء الجماعة لديهم رؤية استشهادية، ‏لكنني أريد أن أقول لهؤلاء الشباب، دققوا في الآية الكريمة ماذا تقول: "إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم ‏بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ"، أي ليس فقط عندما تُقتل يكون لك مقام عظيم في ‏الجنة، بل أيضًا عندما تَقتُل يكون لك مقام عظيم في الجنة، أي مجرد مشاركتك في المعركة، مجرد وجودك في ‏المعركة، حتى ولو لم تُقتل فيها، فأنت في مصاف ومكانة هؤلاء الشهداء لأنك من المجاهدين في الخطوط الأمامية ‏في الدرجة الأولى.‏
هذا هو الشعب الذي لدينا، من يستطيع هزيمة هذا الشعب؟ من يستطيع مواجهة هذا الشعب؟ قال عنهم النبي ‏صلى الله عليه وآله وسلم، عندما كان يتحدث مع أصحابه: "إن من ورائكم زمان صبر للمتمسك فيه أجر خمسين ‏شهيدًا". قال سيأتي زمن يكون فيه الصابر المتمسك له أجر خمسين شهيدًا. فقالوا: يا رسول الله، خمسين شهيدًا ‏منّا أم منهم؟ فقال: "بل خمسين شهيدًا منكم." أي أنّ مكانة هؤلاء الموجودين اليوم هي مكانة عظيمة.‏

نحن شركاء في بناء الدولة

أختم بأمر له علاقة بوضع حزب الله في الداخل اللبناني. حزب الله وحركة أمل أنجزا نقلة نوعية للبنان بانتخاب ‏الرئيس التوافقي وبإكمال عقد الحكومة اللبنانية ومنحها الثقة وبالاندفاع المستمر من أجل بناء الدولة. نحن جزء لا ‏يتجزأ من شراكة وبناء هذه الدولة. حتى أريد أن أذكّركم بتاريخ 20/11/2024، أي قبل وقف إطلاق النار بستة ‏أيام، قلت في إحدى كلماتي، والبعض استغرب، قلت - وهنا أنقل النص -: "ثانيًا، سنقدم مساهمتنا الفعالة لانتخاب ‏رئيس للجمهورية من خلال المجلس النيابي بالطريقة الدستورية. ثالثًا، ستكون خطواتنا السياسية وشؤون الدولة ‏تحت سقف الطائف بالتعاون مع القوى السياسية". البعض تساءل حينها أننا في قلب الحرب، ولا نعرف ما الذي ‏سيحدث بعد ذلك؟ هل سنخرج من الحرب أم لا؟ عندما كُنّا نتحدث عن هذه الأمور أثناء الحرب، كنا نقول: نحن ‏مقاومة، ونحن بُناة الدولة في آنٍ معًا. حتى عندما نكون في عزّ المقاومة، نحن شركاء في بناء الدولة، وهذا يجب أن ‏يعرفه الجميع. لبنان لا ينهض إلا بجميع أبنائه، لا أحد يحاول التذاكي أو وضع العراقيل تحت عنوان أن هذه الفئة ‏نقيّضها وهذه الفئة نضربها وهذه الفئة نزعجها، لا. على هذا الأساس، حتى يستقر لبنان حقيقةً، ونستطيع أن نبني ‏الدولة، يجب القيام بعدة أمور بشكل أساسي:‏
أولًا، يجب أن تنسحب إسرائيل، وأن نكون جميعًا يدًا واحدة لتنسحب إسرائيل من دون قيد أو شرط، ومن دون ‏نقاش بأي موضوع آخر قبل هذا الانسحاب.‏
ثانيًا، يجب أن تبدأ الحكومة بمناقشة موضوع الإعمار دون ربط الإعمار بأي شيء أو أي شرط. من حق الشعب ‏اللبناني على دولته أن تعيد إعمار ما دمّره العدو الإسرائيلي. ألا يكفي أنّه قدّم تضحيات كبيرة من هؤلاء الناس، وأيضًا ‏نتركهم! لا. نعم، نحن كحزب الله سنكون إلى جانب الدولة، في المزيد من الدعم والمساندة.‏
ثالثًا، يجب أن نتابع جميعًا عملية الإنقاذ والإصلاح، ونعمل معًا إن شاء الله تعالى.‏
وهنا أود أن أُمرِّر ملاحظة، بما أننا نتحدث عن الموضوع العام. هناك أحداث حصلت على الحدود اللبنانية السورية، ‏وهناك أحداث تقع داخل سوريا، حيث تُرتكب مجازر بحق العلويين والمسيحيين وآخرين في داخل سوريا، ويحاول ‏بعضهم اتهام حزب الله، سواء في الداخل السوري أو على الحدود. لا علاقة لحزب الله بما يحدث في الداخل ‏السوري على الإطلاق، ولا علاقة لحزب الله بما يحصل من اعتداءات على الحدود اللبنانية السورية، والجيش ‏اللبناني هو المسؤول عن الدفاع عن حدود لبنان على الحدود اللبنانية السورية، وهذه وظيفة الدولة.‏
أختم بقولي: يوم القدس هو يوم نيل مرتبة الشرف، يوم دعم فلسطين، يوم العمل من أجل تحريرها. كل الشرف ‏والعظمة لفلسطين وغزة، للبنان، لإيران، للعراق، لليمن، للشعوب التي دعمت. والسلام عليكم ورحمة الله.‏

السبت 29-03-2025‏
‏28 رمضان 1446 هـ

المصدر: موقع العهد

سمات

تعليقك

You are replying to: .
captcha