السبت 8 مارس 2025 - 20:08
قائد الثورة: المفاوضات بالنسبة إلى الحكومات المتغطرسة وسيلة لطرح مطالب جديدة لن تُلبّى بالتأكيد

وكالة الحوزة - قال قائد الثورة الإسلامية، الإمام الخامنئي: إنّ إصرار بعض الدول المتغطرسة على التفاوض، ليس لمعالجة القضايا، بل للسيطرة وفرض ما يريدون، وطرح مطالب جديدة، وهذه المطالب لن تُلبّيها إيران قطعًا.

وكالة أنباء الحوزة - تحدّث قائد الثورة الإسلامية، الإمام الخامنئي، عصر اليوم (السبت) 8/3/2025، في لقائه مع رؤساء السلطات الثلاث وجمع من مسؤولي الجمهورية الإسلامية، واصفًا شهر رمضان المبارك بأنه «شهر الذكر»، والقرآنَ بأنه «كتاب الذكر». وأضاف سماحته: «الذكر يقابله الغفلة والنسيان، ومن بين أنواع الغفلة، يعدّ نسيان الذات ونسيان الله من أشدّها ضررًا، بل لا يمكن تعويضهما.»

وأشار الإمام الخامنئي إلى آيات من القرآن تتحدث عن تبعات نسيان الله، قائلًا: «إذا نسي الإنسان الله، فإنّ الله ينساه أيضًا؛ أي يُخرجه من دائرة رحمته وهدايته، ويتركه مخذولًا ومتروكًا لنفسه دون اكتراث.»

وفي معرض تبيينه الأبعاد الاجتماعية الخطِرة لنسيان الذات، مستندًا إلى آية من سورة التوبة، قال سماحته: «إذا عملنا في نظام الجمهورية الإسلامية كما عمل المسؤولون في نظام الطاغوت من قبل، نكون قد ارتكبنا جرمًا كبيرًا ومثيرًا للقلق، يجلب أضرارًا جسيمة.»

كما أثنى قائد الثورة الإسلامية على الكلمة الطيبة والمفيدة التي ألقاها رئيس الجمهورية، معتبرًا دافعه وإحساسه العالي بالمسؤولية أمرًا قيّمًا. وتابع قائلًا: «إنّ تأكيد السيد بزشكيان على الثقة بالله والقدرة على إنجاز الأعمال الكبرى، هو أمر فعّال للغاية.»

وأعرب قائد الثورة الإسلامية عن سروره بنشاط وزارة الخارجية، ومع تأكيده ضرورة توسيع التعاون مع دول الجوار وسائر الدول، قال سماحته: «تُصرّ بعض الحكومات والشخصيات المتغطرسة في الخارج على التفاوض، في حين لا يكون هدفها معالجة القضايا، بل تسعى إلى فرض إرادتها وشروطها. فإن قَبِلَ الطرف المقابل، فبه، وإن لم يقبل، يثيروا الجلبة ويتّهموه بترك المفاوضات.»

وأضاف الإمام الخامنئي: «لا تقتصر قضيتهم على الملف النووي فحسب، بل يُعدّ التفاوض بالنسبة إليهم وسيلة لطرح مطالب جديدة، تشمل القدرات الدفاعية والدولية للبلاد، وفرض توقعات مثل "لا تفعلوا كذا، ولا تلتقوا بفلان، يجب ألّا تتجاوز صواريخكم مدى معينًا!" وهذه المطالب لن تقبل بها إيران أبدًا، ولن تتحقق.»

ورأى سماحته أن تكرار الحديث عن «التفاوض» من قِبل الطرف المقابل يهدف إلى ممارسة الضغط على الرأي العام، قائلًا: «يريدون إثارة الشكوك لدى الرأي العام بشأن سبب امتناعنا عن التفاوض بالرغم من إعلانهم عن جاهزيتهم لذلك، في حين أنّ هدفهم ليس التفاوض، بل التحكم والإملاء.»

كما أشار قائد الثورة الإسلامية إلى بيان الدول الأوروبية الثلاث الذي يدّعي عدم وفاء إيران بالتزاماتها النووية في «الاتفاق النووي»، وتابع قائلًا: «يجب أن يُسألوا: هل وفّيتم أنتم بتعهداتكم في الاتفاق النووي؟! منذ اليوم الأول لم يفوا هم بتعهداتهم، وبعد انسحاب أمريكا من الاتفاق، وبالرغم من الوعود التي قطعوها لتعويض ذلك، نكثوا بوعدهم مرتين.»

ولفت الإمام الخامنئي إلى أنّ نكث الأوروبيين بالعهود، وفي الوقت ذاته اتهامهم إيران بانتهاك الاتفاق، يدلّ على شدة وقاحتهم، وأضاف: «لقد تحمّلت الحكومة آنذاك الوضع لمدة عام، ثم تدخّل مجلس الشورى الإسلامي وأصدر قرارًا، ولم يكن هناك خيار سواه، والآن أيضًا، لا يوجد خيار آخر أمامنا سوى مواجهة الكلام المتعجرف والتجبّر.»

وفي جزء آخر من كلمته، أكد سماحته أن «بنية النظام» قائمة على «المبادئ» و«الأهداف القرآنية» ومعايير «الكتاب والسنّة»، وتابع قائلًا: «من هذا المنطلق، لا يمكننا أن نكون تابعين للحضارة الغربية؛ بالطبع، نحن نستفيد من أي ميزة أينما وُجدت، بما في ذلك في الحضارة الغربية، لكن لا يمكننا الارتكاز على أسسها ومعاييرها، لأنها خاطئة وتتناقض مع القيم الإسلامية.»

كما أشار قائد الثورة الإسلامية إلى فضيحة الحضارة الغربية بسبب ممارسة الغربيين للاستعمار ونهبهم ثروات الشعوب، وارتكابهم مجازر ضخمة، وادعاءاتهم الكاذبة بشأن حقوق الإنسان وحقوق المرأة، ومعاييرهم المزدوجة تجاه مختلف القضايا، وأكد قائلًا: «حرية التعبير في الغرب ليست سوى كذبة، فلا يمكن، على سبيل المثال، في الفضاء الافتراضي التابع للغرب ذكر اسم الشهيد سليماني أو السيد حسن نصر الله أو الشهيد هنيّة، أو بعض الشخصيات البارزة الأخرى، ولا يمكن أيضًا الاعتراض على جرائم الصهاينة في فلسطين ولبنان.»

ولفت الإمام الخامنئي إلى أكاذيب الإعلام الغربي بشأن أوضاع إيران، قائلًا: «هل يُذكر في هذه الوسائل الإعلامية شيء عن التقدم العلمي، أو التجمعات الشعبية الحاشدة، أو إنجازات الشعب والنظام الإسلامي، في الوقت الذي يسعون فيه دائمًا إلى تضخيم نقاط الضعف عشرة أضعاف؟!»

واستند سماحته إلى كلام بعض علماء الاجتماع الغربيين، قائلًا: «تتجه الحضارة الغربية يومًا بعد يوم نحو مزيد من الأفول، ولا يجوز لنا أن نتّبعها.»

ورأى قائد الثورة الإسلامية أن تنامي شموخ الشعب يومًا بعد يوم، بالرغم من كلّ الدعايات السلبية التي يروّجها أعداء إيران، يُعدّ حقيقة دامغة، وأنّ الحفاظ على هذا الشموخ مرهون بتحرّك المسؤولين في المسار الصحيح، والتمسّك بالهوية.

وفي جزء آخر من كلمته، تطرّق الإمام الخامنئي إلى المشكلات الاقتصادية المستمرة منذ العقد الماضي حتى الآن، مؤكدًا أن الهدف الأساسي لتهديدات العدو المختلفة، بما فيها التهديدات الأمنية والاستخباراتية، هو التأثير على معيشة الناس، وتابع: «يسعى الأعداء إلى جعل الجمهورية الإسلامية عاجزة عن تأمين معيشة الناس؛ لذلك، فإن قضية المعيشة تُعدّ في غاية الأهمية، ويجب السعي الجاد إلى معالجتها.»

ورأى الإمام الخامنئي أنه لا يمكن إنكار دور الحظر في خلق المشكلات الاقتصادية، وقال: «يُشكّل الحظر عاملًا أساسيًّا في بعض المشكلات، لكنه ليس كل القضية، فهناك تحديات أخرى لا علاقة لها بالحظر.»

وفي كلامه حول بعض التوجهات والإجراءات اللازمة لحل المشكلات الاقتصادية، شدد الإمام الخامنئي على ضرورة الانسجام الداخلي بين الأجهزة، سواء في داخل الحكومة أو تعاون السلطات الثلاث فيما بينها، وأضاف: «الشرط الأول للتقدم في الأمور هو الانسجام، ومن حسن الحظ، نجد انسجامًا جيدًا على المستويات العليا، ويجب أن يمتد هذا الانسجام أيضًا إلى المستويات الأخرى.»

وكان قد سبق كلمة قائد الثورة الإسلامية، تقديم رئيس الجمهورية، الدكتور مسعود بزشكيان، في كلمته شرحًا عن آخر الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في مجالات الاقتصاد، والسياسة الداخلية، والسياسة الخارجية.

المصدر: موقع KHAMENEI.IR الإعلامي

سمات

تعليقك

You are replying to: .
captcha